¤نسبه¤
هو سيد الوصيين، ويعسوب الدين، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبدالمطلب (شيبة الحمد) بن هاشم (عمرو).
¤والده¤
هو عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمناصر له، والمدافع عنه عبد مناف، المكنى بأبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم.
¤أمه¤
هي فاطمة بنت أسد بن هاشم، أول هاشمية ولدت لهاشمي؛ وهي من السابقات إلى الإسلام، وأول امرأة بايعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله لما دعا النساء إلى البيعة، وهي من رَبَّتْ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال فيها صلى الله عليه وآله وسلم: ((رحم الله أمي فاطمة لقد كانت تؤثرني على ولدها وتحسن التربية)).
ويوم توفيت صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونزل في قبرها واضطجع فيه، وألبسها قميصاً مِن قُمُصِه، وقال: ((أما قميصي فأمان لها يوم القيامة، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع اللّه ذلك عليها))، وقال: ((جزاكِ الله يا أمِّ خيراً قد كنتِ خير أمٍّ)).
إذن فالإمام علي عليه السلام يلتقي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله مِنْ قِبَل الأب عند عبد المطلب، ومن قِبَل الأم عند هاشم.
¤مولده¤
ولد الإمام علي عليه السلام في الكعبة المشرفة؛ وذلك أن أمه فاطمة لما جاءها الطَّلْقُ واشتد بها أمره، لجأت إلى الكعبة تبركاً واعتصاماً بها، فولدته علياً عليه السلام في جوفها؛ وكان مولده عليه السلام في اليوم السابع من أيلول، وفي ذلك أنشد الصاحب بن عباد:
يا مُغْفِل التاريخ من جهله .... وليس معلومٌ كمجهولِ
إنَّ علي بن أبي طالب .... مَوْلِدُهُ سابعُ أيلولِ
¤صفته¤
قال أبو إسحاق السبيعي: أدخلني أبي المسجد يوم الجمعة، فرفعني حتى رأيت علياً شيخ أصلع، ناتي الجبهة، عريض ما بين المنكبين، له لحية قد ملأت صدره، في عينه اطْرِغَاش ـ يعني لِيْناً ـ فقلت لأبي: من هذا يا أبه؟ فقال: علي بن أبي طالب، ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، وخَتَن رسول اللّه، وأخو رسول اللّه، وأمير المؤمنين.
¤أولاده¤
للإمام علي عليه السلام اثنان واربعون ولداً من فاطمة عليها السلام وغيرها، أشهرهم: سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين عليهما السلام، والمُحَسِّن دَرَجَ صغيراً، وزينب الكبرى، وأم كلثوم الكبرى، ومحمد بن الحنفية، والعباس.
وجميع أولاده عليه السلام 20 ابناً و22 بنتاً؛ والعقب لخمسة منهم: الحسن، والحسين عليهما السلام، ومحمد بن الحنفية، والعباس، وعمر.
¤نشأته¤
نشأ الإمام علي عليه السلام في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فحين اشتدت الأزمة في قريش، وأصابها القحط، ذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعمَّاه العباس وحمزة إلى أبي طالب، وكان كثير العيال؛ ليخففوا عنه مؤنة عياله، ويعينوه على كفالة أبنائه، فقال لهم أبو طال: خذوا من شئتم ودعوا لي عقيلاً، وكان شديد الحب لعقيل، فأخذ العباس طالباً، وأخذ حمزة جعفراً، واختص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعلي عليه السلام، وقال لهم: قد اخترتُ مَن اختاره الله لي عليكم عليَّاً.
فكان علي عليه السلام في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتحت عنايته وموضع رحمته منذ أن كان عمره ست سنوات؛ وقد ذكر الإمام علي عليه السلام تلك المرحلة، فقال معرفاً بفضله، محتجاً بقربه ومنزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻣﻮﺿﻌﻲ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮاﺑﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻭاﻟﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺨﺼﻴﺼﺔ ﻭﺿﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﻩ ﻭﺃﻧﺎ ﻭﻟﺪ، ﻳﻀﻤﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﻳﻜﻨﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻓﺮاﺷﻪ، ﻭﻳﻤﺴﻨﻲ ﺟﺴﺪﻩ، ﻭﻳﺸﻤﻨﻲ ﻋﺮﻓﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻤﻀﻎ اﻟﺸﻲء ﺛﻢ ﻳﻠﻘﻤﻨﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﻟﻲ ﻛﺬﺑﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ، ﻭﻻ ﺧﻄﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ، ﻭﻟﻘﺪ ﻗﺮﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻄﻴﻤﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ، ﻳﺴﻠﻚ ﺑﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﻜﺎﺭﻡ، ﻭﻣﺤﺎﺳﻦ ﺃﺧﻼﻕ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ، ﻭﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺒﻌﻪ اﺗﺒﺎﻉ اﻟﻔﺼﻴﻞ ﺃﺛﺮ ﺃﻣﻪ، ﻳﺮﻓﻊ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﻋﻠﻤﺎً، ﻭﻳﺄﻣﺮﻧﻲ ﺑﺎﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻪ، ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺎﻭﺭ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺑﺤﺮاء ﻓﺄﺭاﻩ ﻭﻻ ﻳﺮاﻩ ﻏﻴﺮﻱ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﺖ ﻭاﺣﺪ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ ﻏﻴﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺧﺪﻳﺠﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺛﺎﻟﺜﻬﻤﺎ، ﺃﺭﻯ ﻧﻮﺭ اﻟﻮﺣﻲ ﻭاﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺃﺷﻢ ﺭﻳﺢ اﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﻧﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺣﻴﻦ ﻧﺰﻝ اﻟﻮﺣﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻓﻘﻠﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻫﺬﻩ اﻟﺮﻧﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﺬا اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻳﺲ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ؛ ﺇﻧﻚ ﺗﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﻭﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﺇﻻ ﺃﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﺑﻨﺒﻲ، ﻭﻟﻜﻨﻚ ﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﺇﻧﻚ ﻟﻌﻠﻰ ﺧﻴﺮ).
¤إسلامه¤
بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين، وأسلم الإمام علي عليه السلام يوم الثلاثاء، فكان أول من أسلم، وعمره حينئذ 12 سنة وقيل: 13، وفي ذلك قال عليه السلام:
سبقتُكمُ إلى الإسلام طراً ... صغيراً ما بلغتُ أوان حلمي
وشهد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فقال: ((علي أول الناس إسلاماً، وأقرب الناس رحماً، وأفقه الناس في دين الله، وأضربهم بالسيف، وهو وصيي وخليفتي من بعدي، يصول بيدي، ويضرب بسيفي، وينطق بلساني، ويقضي بحكمي؛ لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا كافر منافق؛ وهو علم الهدى)).
¤زواجه¤
زَوَّجَه رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام في صفر من السنة الثانية للهجرة، وبنى بها في ذي الحجة بعد غزوة بدر بأربعة أشهر، وكان خطبها أبو بكر وعمر، فقال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله:((أنتظر القضاء)).
فلما نزل القضاء جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فاطمة عليها السلام فقال لها: ((إني سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه؛ وقد ذكر من أمرك شيء فما ترين؟ فسكتت)).
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((الله أكبر سكوتها إقرار)).
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:((إنما أنا بشر مثلكم أتزوجكم وأزوجكم إلا فاطمة فإنه نزل تزويجها من السماء))، وقال:((إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي)).
¤بعض من فضائله¤
كثيرة هي تلك الأحاديث والآيات الواردة في فضل علي عليه السلام، فليس لنا أن نجمعها هنا، ولا أن نحيط بها، ولكن نكتفي بذكر عدد من هذه الفضائل تيمناً وتبركاً به عليه السلام؛ فمما جاء فيه:
1- قول الله تعالى:{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}[المائد:55]؛ وبلا شك أنه لم يزكِّ بخاتمه راكعاً غيرُ الإمام علي عليه السلام.
2- قوله تعالى:{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله..}[البقرة:207]؛ ونزلت هذه الآية فيه عليه السلام حين نام على فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عند الهجرة.
3- قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه يوم الغدير، في الجَمْع المشهور:((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه)).
4- وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)).
وهناك الكثير من فضائله عليه السلام مما يطول ذكره.
¤بيعته¤
بويع للإمام علي عليه السلام بالخلافة يوم الجمعة بعد العصر، في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بالمدينة المنورة، وذلك في 18 ذي الحجة سنة 35هـ، وهو اليوم الذي قُتِلَ فيه عثمان بن عفان؛ ولكثرة المبايعين امتدت البيعة إلى يوم السبت، وروي أنها امتدت ثلاثة أيام، وأن ابتداء البيعة كان في حائطٍ لبني مازن.
وكان أول من بايعه عليه السلام: طلحة، ثم الزبير، ثم من حضر من المهاجرين والأنصار والعرب والعجم؛ وكان عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التَّيِّهان هما من يأخذان البيعة على النَّاس.
¤عماله¤
كان كاتبه عليه السلام هو: عبيد اللّه بن أبي رافع، وحاجبه: قنبر مولاه.
وكان عامله على مكة والطائف ونواحيها: قثم بن العباس، وعلى المدينة: أبو أيوب الأنصاري، وعلى اليمن عبيدالله بن العباس.
وعلى مصر: قيس بن سعد، ثم ولَّى محمد بن أبي بكر عليها، ثم ولَّى الأشتر، فسُمَّ وهو في الطريق إليها بحيلة من معاوية، وعلى المدائن: سعيد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد الثقفي.
وعلى البصرة: عثمان بن حنيف قبل وقعة الجَمَل، ثم عبد اللّه بن العباس, وولى أبا الأسود الدؤلي على القضاء بها، وعلى قضاء الكوفة: شريح بن الحارث, وعلى فارس وكرمان ونواحيها: زياد وعلى خراسان: جعدة بن هبيرة، وخالد بن قرة اليربوعي.
¤استشهاده¤
ضربه على رأسه صلوات اللّه عليه أشقى الأولين والآخرين عبدالرحمن بنُ ملجم -لعنه اللّه – وهو يصلي في مسجد الكوفة، حتى ﺧﻀَّﺐ اﻟﺪﻡُ ﺷﻴﺒﺘﻪ، ﻓﻘﺎﻝ عليه السلام: ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻠﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﺰﺕ ﻭﺭﺏ اﻟﻜﻌﺒﺔ؛ وذلك ليلة الجمعة 19 رمضان سنة 40هـ، ثم توفي عليه السلام، وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها بعد ثلاثة أيام، في ليلة 21 رمضان.
فكانت مدة خلافته عليه السلام 4 سنين و9 أشهر وأياماً.
ودُفِن عليه السلام أولاً في الرَّحَبة مما يلي باب كندة، ثم نُقِلَ ليلاً إلى الغَرِيِّ، كما روي عن الحسن بن علي صلوات اللّه عليهما أنَّه قال: " حملناه ليلا ودفناه في الغري "، وقبره مشهور مزور إلى يومنا هذا؛ وعن الإمام زيد بن علي عليهما السلام أنَّه قال لأصحابه ـ وهم يسلكون معه طريق الغَرِيِّ ـ: "أتدرون أين نحن؟ نحن في رياض الجنة نحن في طريق قبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه".
فصلوات الله وسلامه على أمير المؤمنين، ويعسوب الدين علي بن أبي طالب يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا.