تزخر اليمن بالكثير من المعالم الأثرية والمواقع التاريخية، وهو ما يكشف الدور المهم الذي لعبته اليمن في مختلف العصور، والمستوى الحضاري والمعماري الذي وصلت إليه عبر الدهور، وكأن اليمن والحضارة سيان أو فرسا رهان، وبلا شك وأنت تطوف في حصون اليمن ومواقعها الأثرية العتيقة سيشدك حصن ظفار داوود الحصن الضارب في صلب التاريخ، ومدينته العامرة بالآثار الحضارية والتي قلَّ أن تجد لها مثيلاً في ربوع اليمن السعيد، وقد كُتِبتْ حوله الكثير من الدراسات، ولفتَ انتباه واهتمام المئات من الباحثين في التاريخ والآثار.
وقبل الحديث عن ظفار داوود سنلقي نظرة سريعة على المعالم والمناطق اليمنية الأخرى التي أطلق عليها اسم ظفار كتمهيد وتهيئة؛ فقد أطلق اسم ظفار على العديد من المناطق اليمنية؛ وهي كالآتي:
وذكر المقحفي في كتابه معجم البلدان[4] منطقتين أخريين يطلق عليهما ظفار أحدُهما قرية في منطقة العذارب بجبل بعدان الشامخ فوق مدينة إب، والأخرى محلٌّ في جبل خضراء من مديرية حبيش بالشمال الغربي من إب أيضاً.
الموقع الجغرافي والتسمية
أما التسمية فيطلق عليه ظفار ذي بين؛ نسبة إلى مدينة "ذي بين" التابعة لمحافظة عمران، وظفار داوود؛ نسبة إلى داوود بن الإمام المنصور بالله، كما يسمى بظفار الظاهر[5].
والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة هو من أطلق عليه اسم ظفار؛ تفاؤلاً بالنصر والظفر، ولقد كانت هذه التسمية موفقة للغاية حتى قيل: أنه ما جهزت منه سرية ولا عسكراً إلا كتب لها الظفر والنصر.
وقد كان يسمى قبل ذلك (أكمة الفتح) أو (أكمة أبي الفتح) نسبة إلى الإمام أبي الفتح الديلمي الذي التجأ إليه في حروبه مع الصليحيين كما سوف يأتي.
أما الموقع الجغرافي فيقع ظفار على جبل شاهق شمال شرق مدينة ريدة، ويبعد عنها (30) كم تقريباً، وهو يطل من الجنوب الغربي على وادي ذيبين، ومن الجنوب على وادي جبار، ومن الجنوب الشرقي على شوابة، ومن الشمال الغربي على وادي ورور[6].
أهمية ظفار
تكمن أهمية ظفار في موقعه الاستراتيجي كونه يقع بين جبال شاهقة تمثل تحصينات طبيعية، بالإضافة إلى وقوعه بين ثلاث قبائل مشهورة وهي مرهبة من الشمال والغرب، وأرحب من الجنوب، وسفيان من الشرق، وهذه القبائل قد تعهدت بحماية ظفار وحماية من يسكن فيه من علماء وأئمة وطلبة علم[7].
ولهذا ظل ظفار لقرون حصناً منيعاً، وملجأ للمجاهدين والمقاومين في مواجهة الحركات الطامعة في اليمن وصدِّ كلِّ غازٍ وقمعِ كل عميل، ابتداءً من الصليحيين ومروراً بالأيوبيين ووصولاً إلى العثمانيين، وهكذا تكاملت الوظيفة الأساسية لظفار في هذه المهمة المقدسة، وهي في الواقع الدافع الأول لبنائه كما سوف نعرف؛ ولهذا فقد جاء في كتب التاريخ أن ما من سرية خرجت من الحصن إلا عادت بالظفر والنصر، وما من غازٍ همَّ بغزو الحصن إلا تجرع الخيبة والهزيمة.
شهد ظفار بعد بنائه تحولاً نوعياً، فلم يعد مجرد حصن يتحصن فيه المجاهدون فقط، بل صار عاصمة الدولة اليمنية يسكنها بعض أئمة اليمن الكرام ويشهر البعض الآخر دعوتهم منها، فلم يعد ظفار مجرد حصن وسور فقد توسع حتى أصبح مدينة كبيرة تضم فيها البنايات العظيمة والأسواق المشهودة والمساجد والمدارس وخزانات المياه إلى غير ذلك من مقتضيات ومتطلبات الحياة المدنية.
ومن الأئمة الذين انطلقت دعواتهم للإمامة من ظفار الإمامُ إبراهيم بن تاج الدين، والإمام على بن محمد، والإمام صلاح الدين بن علي بن محمد، كما اتخذه الإمام المنصور بالله وعدد من القادة عاصمةً لدولتهم.
أما اليوم بعد خراب ظفار بفعل إهمال الدول المتعاقبة، وغارات طائرات العدوان المصري عام 1962م التي تسببت في نزوح سكانه، فقد غابت عنه مظاهر الحياة وتهدمت معظم آثاره، وأصبح أنقاض معلمٍ أثري وبقايا تحفةٍ معمارية جَارَ عليها الزمان وأهملها الإنسان.
تاريخ ظفار
يزعم المقحفي[8] أن ظفار كان به أثار معمارية تعود إلى عهد ما قبل الإسلام، لكنه لم يورد أي دليل تاريخي أو غيره على ذلك، وبالرجوع إلى المصادر التاريخية لم نجد أي ذكر لوجود أي أثر حمير أو سبئي في تلك الشواهق التي أقيم عليها حصن ظفار، بل إن المؤرخ اليمني ابن دعثم في كتابه سيرة الإمام المنصور بالله حرص على ذكر تفاصيل أحداث ومراحل بناء حصن ظفار بمساعي وإشراف الإمام المنصور بالله، ولم يذكر في أثناء ذلك وجود أي آثار معمارية سابقة لذلك، أو أن العمال في بنائهم استفادوا من بقايا أي أثر عمراني، وإن كان ثمة آثار لما غفل عن ذكرها، بل أشار ابن دعثم أن الأحجار كانت تقطع من الجبال بالحديد، وأن بعضها جلب من صنعاء، وهذا ينفي كلام المقحفي ويقطع بما لا يدع مجالاً للشك أن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام أولُ من عمر تلك الحصون وشيدها.
وقد ذكر المقريزي في كتابه درر العقود الفريدة أن الإمام أبا الفتح الديلمي الذي تولى الإمامة في سنة 430هـ قد اختط حصن ظفار[9]، وهو كذلك في مآثر الأبرار للزحيف، لكنهما لم يذكرا أن الإمام أبا الفتح الديلمي قام فيه بأي بناء، وإنما التجأ له في حروبه مع الصليحيين.
سبب بناء ظفار
شهد اليمن في نهاية القرن السادس ومطلع القرن السابع مواجهات عنيفة مع القوات الأيوبية الغازية التي حاولت إخضاع اليمن لسلطانها، في تلك الأثناء كان الأيوبيون قد تمكنوا بعد حملات عدة من السيطرة على صنعاء ومعظم المناطق الواقعة إلى جنوبها، بينما أخفقت تلك القوات الغازية في إخضاع المناطق الشمالية لصنعاء؛ نتيجة المقاومة الشرسة التي قادها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة ومعه قبائل بكيل وحاشد.
كان القائد الأيوبي (وردسار) شديد الحرص على إفشال حركة التحرر التي قادها الإمام المنصور بالله عليه السلام، وإخضاع مناطق شمال صنعاء لسلطان الأيوبيين، فشنَّ حملات عدة على ريدة وخمر وحوث وما جاورها، وفي ظل هذه الحملات كان أبناء تلك المناطق يفرون من قُراهم ومدنهم ويتركونها للنهب والسلب من قبل القوات الغازية، ومن هنا بدأت تتشكل فكرة بناء حصن في تلك المناطق يحمي كتائب المقاومة والجهاد، فكان رأي الإمام المنصور بالله عليه السلام ومعه كبار مشايخ تلك البلاد وعلى رأسهم الشيخ عزوان بن أسعد السريحي[10] أن يكون بناء الحصن على شاهق جبل قريب من ذي بين كان يعرف حينها (بأكمة الفتح)، فتمَّ تشييده، ثم أطلق عليه الإمام اسم ظفار كما تقدم.
بناء ظفار
يعود بناء مدينة ظفار والقلاع والحصون المحيطة بها إلى مطلع القرن السابع الهجري وبالتحديد في سنة ستمائة للهجرة بأمر وإشراف من الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام والذي يعد أحد أعظم أئمة اليمن، وقد شهدت اليمن في عصره نهضة علمية واقتصادية ومعمارية لم تشهد مثيلها في غيره من العصور.
مرَّ بناء مدينة ظفار والحصون المحيطة بها بمراحل عدة، وتم في زمن قياسي مقارنة بضخامة المنجز وإتقانه، فقد كانت حملات الأيوبيين على مناطق شمال صنعاء تحتم على الإمام سرعة إنجاز بناء ظفار، ولذلك فبعد أن أجمع رأي الإمام مع مشايخ الظاهر وعلى رأسهم الشيخ غزوان بن أسعد السريحي على صلاحية تلك الجبال لتكون حصناً منيعاً توجه الإمام في الحال من شوابة إلى مدينة حوث، فأمر بتجهيز الآلات والنفقات الضرورية من طعام وغيره، واستغرقت مدة التجهيز ثمانية أيام[11].
بعدها انتقل الإمام على وجه السرعة إلى ظفار؛ ليباشر العمل ويشرف عليه، وكان الشروع في البناء في يوم الاثنين الموافق العشرين من شوال سنة ستمائة للهجرة، وقد كان خطة العمل أن يكون العلم في مسارين فيقسم العمال إلى فريقين فريق يعمل في بناء السور والآخر في حفر الخندق[12].
ومن أجل الإسراع في الإنجاز عمد المسئولون على المشروع على تقسيم فترات العمل إلى فترتين فترة نهارية تبدأ من الشروق إلى ما بعد الظهر، وفترة مسائية تبدأ من بعد الظهر إلى جزء من الليل.
ما قيل من الأراجيز أثناء العمل
كان الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام حاضراً أثناء العمل في ظفار، وكان يشارك العاملين بنفسه في العمل، وكان حضوره حافزاً للعاملين، وفي سبيل شحذ العزائم كان الإمام عليه السلام ينظم لهم الأراجيز التي تدفعهم إلى العمل وتبث فيهم النشاط، وكان يأمرهم بترديدها في أثناء العمل، ومن تلك الأراجيز:
تمسية لنا مع الغروب تذهب بالأحزان والكروب
وتؤذن الفساق بالهروب رموا بداء غير ذي طبيب
ينصرنا مقلب القلوب على ولاة الظلم والعيوب
ومنها:
لا يستوي من يكسب المكارما ويحمل الأثقال والعظائما
ومن يكون في الحروب نائما
ومنها:
لا يستوي من يركب الصعابا ويضرب الهامات والرقابا
ويفتح الأقفال والأبوابا ومن يكون وعده سرابا
ومن إذا دعا الخنا أجابا
ومن الأراجيز التي أنشأها العمال:
لئن قعدنا والإمام يحفر فذاك منا عمل مخسر
وهكذا مضى البناء يكتمل شيئاً فشيئاً، وكلُّ يوم يكشف عن إنجاز جديد وجهد جبار وعمل دؤوب، ولأننا أمام مدينة جديدة تُعْمَر من الصفر يحيط بها أربعة حصون، وتضم أسواراً، وأسواقاً، وصهاريج مياه، ومساجد، ومساكن؛ وقد استغرق العمل عليها عدة سنوات، وسوف نتحدث بحسب ما لدينا من مصادر في تفاصيل كل عمل وحجمه، وما في سياق الحديث من تفاصيل ما ضم ظفار من آثار معمارية.
ظفار
إن الزائر لظفار يلاحظ أنها تتكون من عدة حصون وقلاع، وفي كل حصن توجد المساجد والأسواق والبنايات الشاهقة والقصور المنيفة والبرك، ويمكننا أن نقسم ظفار على النحو التالي:
مدينة ظفار
مدينة ظفار هي أول مدينة أنشأها الإمام المنصور بالله عليه السلام، وبعد أن أكملها توجَّه عليه السلام إلى عمارة دار الحجر ثم إلى عمارة القاهرة، أما قلعتا القفل وتعز بظفار فلا نعلم متى عمرت.
ومدينة ظفار الباقية اليوم هي عبارة عن جزأين: الأول يقع على جبل ظفار ويوجد به قبر الإمام ومسجده.
والثاني: هو المدينة السفلى وتقع بين حصن القاهرة وحصن دار الحجر، وفيها آثار مسجد كبير متهدم، وبجواره بركتان، وفيها برك أخرى وبعض الآثار، وفي صرح المسجد قبرٌ عليه لوح كتب فيه: هذا قبر السيد الإمام حجة الله على الأنام ينبوع الحكمة رباني هذه الأمة عز الدنيا والدين سيد أهل البيت المطهرين محمد بن أبي القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين بن سعيد بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن يحيى المنصور بالله بن أحمد الناصر لدين الله بن الهادي إلى الحق، توفي قدس الله روحه يوم السبت في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وسبع مائة للهجرة.[13]
وقد أمر الإمام المنصور عليه السلام ببناء مدينة ظفار بين الحصنين بحيث يضمها السور[14]، وقسمها بين من أحب من عشائره وأهل بلاده، فلم تمض ثلاثة أحوال حتى ضاقت بأهلها وصار الواحد من الناس يطلب المكان اليسير إلى الخمسة الأذرع أو الأربعة الأذرع بمال عظيم فلا يجده، وصار فيها سوق عظيم ترده القوافل من نواحي البلاد[15].
قلاع وحصون ظفار
وتحيط بمدينة ظفار أربع قلاع؛ وهي كالتالي:
ـ دار الحجر: وهو قلعة تقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، وقد بني حولها من جهتي الشمال والشرق سور ضخم، وتركت بقية الجهات كونها محصنة طبيعياً فهي من هذه الجهات عبارة عن حيود شاهقة شديدة الانحدار مما يجعل تسلقها وصعودها صعب المنال، وللسور باب من الجهة الشرقية، ومساحة هذه القلعة أكبر من مساحة المدينة.
قال الشرفي: وكان ابتداء عمارة الحجر في سنة إحدى وستمائة وسمَّاه ظفاراً فقَدَّم عِمَارةَ سُوره ومواجله واستقى إليه الماء من الموضع المعروف بالمولدة[16].
ـ القاهرة: وهي قلعة غنية بالآثار العظيمة تقع على أكمة في الجهة الشمالية من مدينة ظفار، وقد ضمها سور كبير وفيه نوب وأبراج دفاعية في جهتي الشرق والشمال، وللسور باب واحد.
وقد كانت بداية العمارة فيها في شهر جماد الآخرة سنة 610هـ، وكان المسؤول عن بنائها الأمير دحروج، قال الشرفي: وأمر الإمام عليه السلام بعمارة الحصن المسمى بالقاهرة، وهي أكمة منيعة مسامتة لظفار في جمادى سنة عشر وستمائة، فتجرد لعمارتها الشيخ دحروج، فجمع القطاع والبناء، فلم تمض إلا أيام إلا وقد أحكم ما يحتاج إليه من تحكيم القطوع والسور والمناهل على أحكم ما يكون وأحسنه وأقواه وأرصنه، وقد قسمها الإمام بين خواصه ووزرائه وبني عمه وغيرهم من المهاجرين والمرابطين لما كثر عددهم وضاقت بهم المنازل حتى حلُّوا في الكهوف كما فعل في الحصن الأول[17] (الحجر).
ـ القفل: هي قمَّة واقعة في الجهة الجنوبية من مدنية ظفار وتطل على وادي بني جبار وشوابة، وهي محصنة من جميع الجهات.
ـ تعز: وهي قلعة تقع في الجهة الغربية من المدينة لها سور ضخم في جهتين، والجهة الثالثة محصنة بوعورتها التي تمنع الصعود إلى القلعة، ومن الجهة الغربية مفتوحة.
قال الأكوع[18]: ويقع (ظفار) في رأس جبل يحيط به من الشمال حصن القاهرة ثم يقع أدنى منه دار الحجر، وتقع المدينة بين دار الحجر والقاهرة وهي خراب، ومن الجنوب القفل، ومن الشرق قضف المنصورة ورأس المدينة، ومن الغرب (تعز) و(الظفة).
أهم الآثار التاريخية
احتوى ظفار على كثير من الآثار التاريخية، ومنها:
السور العظيم
هو سور عظيم قد أحاط بقلعتي القاهرة والحجر وقد أمر الإمامُ المنصور عليه السلام الأميرَ نظام الدين الفضل بن علي بن المظفر العباسي العلوي ببنائه، وذلك سنة ستمائة واثنتي عشرة للهجرة، وقد استعان الأمير المذكور في بناء السور بقبيلتي بكيل وحاشد وسألهم العون في هذا السور فأجابوه[19].
مسجد الإمام المنصور
يعدُّ مسجد الإمام المنصور بالله تحفة معمارية تعكس الفن المعماري الذي وصل إليه الإنسان اليمني في ظل دولة أهل البيت عليهم السلام، وقد كان بناء المسجد سنة 602هـ، بأمر من الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام.
والمسجد عبارة عن بناء مستطيل الشكل يتجه ضلعه الصغير إلى الشمال، وله بابان الأول في الجدار الجنوبي والآخر في الجدار الشرقي، ويتكون من بيت الصلاة ورواق القبلة ورواقين جانبيين، وتشرف تلك الأروقة على صحن شمسي في الوسط وهو بهذا يحاكي نمط العمارة الإسلامية الغالبة في بناء المساجد الكبيرة التي عرفت بها العواصم الإسلامية في ذلك الزمان.
وقد أقيم في منتصف الضلع الجنوبي للصحن الشمسي ضريح أمام البوابة الجنوبية كما أقيم ضريح أخر في الزاوية الجنوبية الشرقية، وهما ضريحان مربعان أقيمت عليهما قبتان وسوف نأتي للحديث عنهما لاحقاً، أما في الجهة الشرقية فتوجد بركة للماء إضافة إلى منارة المسجد المرتفعة والمزخرفة حيث إنها بنيت بالآجر المحروق.
وتعتبر زخارف المسجد آية في الجمال والإبداع، وهي زخارف انتشرت في معظم أجزاء الجدران الداخلية خاصة جدار القبلة والمحراب، وقد نفذت هذه الزخارف بالجص بأشكال زخرفية قوامها تفريعات ووريقات نباتية متداخلة إضافة إلى كتابات بالخط الكوفي تضمنت آيات قرآنية.
وسَقْفُ المسجد وخاصة رواق القبلة كان يحتوي على مصندقات خشبية مزخرفة بألوان مختلفة أجملها لون ماء الذهب، وقد كتبت فيها عدد من الآيات القرآنية، ويظهر جمال المسجد بارتفاع مئذنته الجميلة المزخرفة إضافة إلى القبتين اللتين تعلوان الضريحين.
قال الأكوع: وعمر [أي الإمام المنصور بالله] فيه جامعاً شرع في بنائه لأيام خلت من جمادى الآخرة سنة 602هـ ولم يفرغ من عمل نقوشه وزخارفه إلا سنة 638هـ[20] علي يد أخيه الأمير يحيى بن حمزة كما هو مزبور في جداره.
ويضيف الأكوع قائلاً: ويعتبر هذا الجامعُ الغايةَ القصوى في جمال البناء وروعة الزخارف ودقة النقوش والكتابة بالخط الكوفي المحفور على أخشاب سقفه وعلى جوانبه، والمصبوغ بألوان زاهية ثابتة، ولا شك أن القائمين على عمارته قد اقتبسوا طراز العمارة من عمائر رائعة[21].
وهنا يجدر بنا أن ننوه إلى ما تعرض له جامع ظفار والآثار المعمارية من دمار وخراب بفعل الطائرات المصرية التي ألقت عدداً من الغارات المباشرة التي استهدفته بحسب ما ذكر الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله) والدرسي في (الهجرة المنصورية)، وهذا يأتي في إطار محاولة المصريين لتدمير التراث اليمني، فقد كانت لهم مساع في ذلك منها نهب المخطوطات القديمة والقطع الأثرية من اليمن ونقلها إلى مصر.
بقية مساجد ظفار
إضافة إلى مسجد الإمام المنصور بالله عليه السلام الذي تقدم الكلام عنه، يوجد في مدينة ظفار والحصون والقلاع المحيطة بها عدد من المساجد، منها المسجد الصغير الذي بني بجوار قلعة دار الحجر، ويعود تاريخ بنائه إلى عهد الإمام المنصور بالله عليه السلام، والذي يمتاز بطابع خاص وزخرفة بديعة تشابه زخارف المساجد الأخرى التي بناها الإمام المنصور بالله عليه السلام في مطلع القرن السابع الهجري.
كما يوجد جامع كبير داخل قلعة القاهرة، ويبدو من هيئة بنائه أنه قد هُدِم عدة مرات وأعيد بناؤه بعد كل هدم.
القباب
ضمت مدينةُ ظفار قبتين:
القبة الأولى: هي قبة الإمام المنصور، ويوجد بداخلها ضريح الإمام المنصور بالله تعالى، وتقع في الجهة الجنوبية للجامع، وهي عبارة عن مبنى مربع الشكل، طوله من الخارج 5.85 م تقريباً، وارتفاعه 5.75 م تقريباً، ولها مدخلان: الأول من الجهة الجنوبية والآخر من الجهة الشرقية، وفي الجدار الغربي للقبة يوجد أثر باب ثالث إلا أنه قد سُدَّ بالحجارة، ونَسَقُ بنائها خارجٌ عن نسق عمارة القبة مما يدل على أن الباب سدَّ في وقت متأخر على بناء القبة.
وفي القبة ضريح الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام الذي سوف نفرد له ترجمة في ثنايا هذا المقال.
القبة الثانية: وتقع شرق قبة الإمام المنصور بالله، وهي عبارة عن بناء مربع الشكل طول ضلعه من الخارج 6.10م وبارتفاع يقارب الطول، وفي جدران القبة سطران، كتب في السطر الأسفل: أمر بعمارة هذا المشهد المقدس الأمير سليمان بن إبراهيم بن حمزة بن سليمان، وكتب في السطر العلوي: مما عمر في الدولة النبوية بأمر شمس الدنيا والدين أحمد بن أمير المؤمنين.
وقد ضمت هذه القبة قبرين: قبر الأمير محمد بن الإمام المنصور بالله وقبر أخيه الأمير داوود.
وقد قيل عن هذه القبة: أنها تعتبر أجمل تحفة معمارية في اليمن بزخارفها المنقوشة على جدرانها الداخلية، فقد تشكلت زخارفها من زخارف نباتية وهندسية وكتابات بالخط الكوفي وخط النسخ وخطوط متداخلة[22].
مقبرة الطفة (الظفير):
تعتبر المقابر وخاصة مقابر العلماء أحد مصادر التاريخ، فمن خلال الأضرحة وما زبر عليها من معلومات يستطيع الباحث أن يستخلص عدداً من المعلومات التاريخية إذ عادة يكتب على الضريح اسم المتوفى ونسبه وصفته وتاريخ وفاته ومولده، ومن مجموع ذلك يستخلص طبيعة الحركة العلمية وازدهارها.
ومقبرة الطفة الواقعة في الجهة الجنوبية لمدينة ظفار تعتبر من أهم المقابر في اليمن التي يرقد فيها الكثير من العلماء والفضلاء، وقدر عدد العلماء المجتهدين الذين ضمتهم بالمئات، وهو ما يكشف ازدهار هجرة ظفار ومدرستها العلمية، والدور الذي لعبته خلال العصور في نشر العلم واحتضان المهاجرين والعلماء، وسيأتي ما يدلل على ذلك في تراجم العلماء الملحقة في ذيل هذه المقالة والتي اقتصرنا فيها على أبرز العلماء وقدمناهم كنموذج؛ ليكونوا شاهداً على أن ظفار نافست في العلم والتدريس حتى وصلت في مصاف صنعاء وصعدة وذمار وهنَّ أهم المدن التي اشتهرت بالعلم وقصدها الطلبة من مختلف العالم العربي والإسلامي عبر مراحل التاريخ المختلفة.
قصر المعقلي
تحدثت بعض المصادر التاريخية عن قصر المعقلي، وذكرت أنه أحد أهم الآثار المعمارية في ظفار، وبالرغم من أننا لا نستطيع اليوم تحديد مكانه بالضبط، لكننا لا نشك أنه كان تحفة معمارية بارزة؛ يدل على هذا أن المؤرخين[23] لم يغفلوا عن ذكره وتمجيده وتسجيل انبهارهم بعظمته ودقة عمرانه، ووصفه بأنه منزل عظيم لا يوجد مثله، وأنه من محاسن ما عمر، وقد وصفه الإمام المطهر بقوله:
فما بنت المقاول في (ظفار) ... كما بنت الفواطم في (ظفار)
وينسب قصر المعقلي إلى الإمام الناصر لدين الله صلاح الدين محمد بن الإمام المهدي علي بن محمد، والذي بناه أثناء حكمه لليمن في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، وسماه الإمام الناصر بهذا الاسم مجاراة لقصر المعقلي الذي يعود بناؤه إلى الملك المؤيد الرسولي والواقع في منطقة (ثعبات) في تعز.
صهاريج المياه
في سبيل توفير حياة منعَّمة في مدينة ظفار الجديدة عمد الإمام المنصور بالله عليه السلام إلى بناء عدد من خزانات المياه، منها الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، ومنها المُعدَّة لغير الشرب، ومنها المخصصةُ للشرب فقط، وهي ما عرفت في اليمن (بالسقايات)، والتي تتطلب أن تكون مغطاة للاحتفاظ بنقاء مائها وصلاحيته للشرب، ويجري ماؤها من سطوح العمائر والمباني النظيفة عبر مجاري خاصة بنيت بالحجارة والقضاض حتى لا تلامس المياه الأرض.
وبالرغم من أن الخراب قد طال معظم هذه الخزانات إلا أن الزائر لظفار سيجد آثاراها شاهدة على عظمتها، وستشده بقايا العقود التي تدل على أن تلك الخزانات كانت مسقوفة على عظمها وخاصة البركة الواقعة بين حصن القاهرة ودار الحجر، ومن أشهر البرك التي عمرها الإمام المنصور بالله عليه السلام البركة الكبيرة المعروفة ببركة حداف[24].
قال الدرسي[25]: وقد بنى الإمام عليه السلام عدداً من البرك في أماكن متعددة من الحصن، منها الواسعة التي كانت تكفي الناس من الموسم إلى الموسم، وبعضها كانت تكفي عاماً كاملاً في أوقات الجدب والقحط كالبركة التي بجوار المسجد والبركة التي تحت جبل القاهرة.
المدرسة المنصورية
كان الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام من أئمة العلم والرشاد، وداعية من دعاة الحق، ولهذا فقد أولى العلم اهتماماً بالغاً، وجعل إقامة المدارس العلمية من أولوياته، وأشهر المدارس العلمية التي عمرها عليه السلام مدرسة ظفار التي قصدها طلبة العلوم الشرعية من سائر الأقطار، كما بنى فيها المساكن للعلماء والمتعلمين، ووفر لها مكتبة تضم درر المؤلفات في مختلف الفنون؛ فظلت مدرسة ظفار منارة علمية ومصدر إشعاع فكري قروناً طويلة من الزمن، تخرج منها العلماء والمجتهدون وسكنها الطلبة والراغبون وهاجر إليها مئات الطلاب من مختلف مناطق اليمن.
مكتبة المدرسة المنصورية
عُرِفَ عن الإمام المنصور بالله عليه السلام شغفه بجمع الكتب العلمية والمؤلفات الموسوعية في شتى الفنون، وفي سبيل ذلك فقد أرسل إلى العراق من يقتني له الكتب النادرة شراء واستنساخاً[26]، فجمع ثروة علمية ضخمة من الكتب كوَّن منها مكتبته العلمية التي وَقَفَها على مدرسته العلمية في ظفار.
قال الأكوع: وجمع في هذه المكتبة ثروة علمية عظيمة وكانت خزانته تضم عدداً كبيراً من الكتب في شتى الفنون والمعارف الإسلامية[27].
وقال السيد العلامة إبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله: عمر حصن ظفار وشيده، وعمر مدارس العلم، وجمع في خزائنه من الكتب ما ليس يلقى في سائر الخزائن[28].
وقد تعرضت هذه المكتبة للضياع، حتى قام الإمام يحيى بن محمد حميد الدين عليه السلام بنقل ما تبقى من هذه الخزانة إلى مكتبة الأوقاف التي أسسها في الجامع الكبير بصنعاء والتي بناها سنة 1344هـ/ 1926م[29].
من تولى ظفار
لم نتمكن من معرفة من تولى ظفاراً في جميع الفترات الزمنية الماضية إلا أننا من خلال التتبع للمصادر التي بأيدينا توصلنا إلى الآتي:
ـ الأمير يحيى بن حمزة الحمزي ـ وهو ليس بأخي الإمام[30] ـ وهو أول من ولاه الإمام المنصور بالله ظفاراً، لكنها لم تطل ولايته فسرعان ما عزله الإمام.
ـ الأمير دحروج بن مقبل ولاه الإمام المنصور بالله عقيب ولاية يحيى بن حمزة الحمزي.
ـ الأمير الفضل بن علي بن المظفر العلوي[31] وقد ولاه الإمام بعد دحروج بن مقبل، وقد استمرت ولايته إلى وفاة الإمام المنصور، وهو الذي أمره الإمام قبل وفاته بسنتين في سنة 612هـ ببناء السور العظيم وقد قدمنا الحديث عنه.
ـ الأمير محمد بن الإمام المنصور بالله واستمرت ولايته إلى أن توفي سنة 623هـ[32].
ـ الأمير علي بن الإمام واستمرت ولايته إلى أن توفي سنة 640هـ[33].
ـ الأمير أحمد بن الإمام واستمرت ولايته إلى أن توفي سنه 656هـ[34].
ـ الأمير داوود بن الإمام واستمرت ولايته إلى أن توفي سنة 689هـ[35].
ـ السيد العلامة يحيى بن محمد بن أبي القاسم، ولاه الإمام علي بن محمد حصن ظفار في القرن الثامن الهجري ولم يذكر في مطلع البدور ولا في غيره سنة توليه ومدته لكنه ذكر أنه توفي سنة سبعمائة وأربع وستين للهجرة[36].
ـ إبراهيم بن المهدي بن أحمد جحاف[37] ولاه الإمام شرف الدين ولاية ظفار وجميع أعمال البلاد القبلية واتخذ من ظفار مقراً لإقامته، لم يذكر في مطلع البدور مدة ولايته ولا سنة توليته إلا أنه ذكر أنه توفي في يوم 24 رمضان سنة أربع وأربعين وتسعمائة للهجرة.
ـ السيد بدر الدين محمد بن صالح الغرباني[38] ولاه الإمام القاسم بن محمد بلاد ظفار وذي بين، وكان ذلك تقريباً سنة ثمان وعشرين بعد الألف.
تراجم أهم الشخصيات التي كان لها ارتباط بظفار
الإمام أبو الفتح الديلمي
هو الإمام الناصر بن الحسين بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام؛ المشهور بأبي الفتح الديلمي.
دعا إلى الله سبحانه في بلاد الديلم سنة أربعمائة وثلاثين للهجرة، ثم خرج إلى أرض اليمن، فاستولى على أكثر بلاد مذحج وهمدان وخولان، وانقادت له العرب، وحارب الجنود الظالمة من المتمردة والقرامطة.
وكان له من الفضل والمعرفة ما لم يكن لأحد من أهل عصره، ولم يزل قائماً بأمر الله سبحانه وتعالى حتى أتاه اليقين، وقد فاز بفضل الأئمة السابقين، توفي عليه السلام شهيداً سنة نيف وأربعين أو خمسين وأربعمائة بردمان بأرض مذحج، في الوقعة المشهورة بينه وبين علي بن محمد الصليحي قائد الباطنية، وداعيتهم، واستشهد معه عليه السلام نيف وسبعون من أصحابه سلام الله ورضوانه عليهم، ويسمى موضع الوقعة "نجد الجاح" من بلد رداع بعنس مذحج مخلاف خولان.
وقد قتل أيام علي بن محمد الصليحي هذا سنة (459هـ) الأمير الشهيد حمزة بن أبي هاشم، وقد عجل الله سبحانه انتقام الصليحي آخر تلك السنة فقتله سعيد الأحول شر قتلة، قال الشاعر العثماني في ذلك مخاطباً لسعيد بن نجاح - ورأس الصليحي بين يديه:
يا سيف دولة دين آل محمد .... لا سيف دولة خيبر ويهودها
وافيت يوم السبت تقدم فتية .... تلقى الردى بنحورها وخدودها
ومنها:
ورأيت أعداء الشريعة شرعاً .... صرعى وفوق الرمح رأس عميدها
أوردتها لهب الردى وصَدَرْت في .... ظلي مظلتها وخفق بنودها
يا غزوة لعلي بن محمد .... ما كان أشأم من صدى غِرِّيدها
بكرت مظلته عليه فلم ترح .... إلا على الملك الأجل سعيدها
ما كان أقبح شخصه في ظلها .... ما كان أحسن رأسه في عودها
سود الأراقم قاتلت أُسْد الشرى .... يا رحمتا لأسودها من سودها
وأراد مُلك الأرض قاطبة فلم .... يظفر بغير الباع من ملحودها
أضحى على خلاقها متعظماً .... جهلاً فألصق خده بصعيدها
ولقد أشار الشاعر في هذا البيت إلى ما كان من علي بن محمد الصليحي وما عرف عنه من كفره بالله وادعاء أنه إله مع الله تعالى حتى قال شاعره ذات يوم:
إن علياً والإله اقتسما .... فاستويا القسمة ثم استهما
فلعلي الأرض والله السماء
ومن آثاره [الإمام أبو الفتح الديلمي] الفكرية:
ـ البرهان في تفسير القرآن أربعة أجزاء جمع فيه أنواع العلوم.
ـ الرسالة المبهجة في الرد على الفرقة الضالة المتلجلجة - أراد المطرفية -[39].
الإمام عبدالله بن حمزة
هو الإمام المنصور بالله أبو محمد عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن الإمام النفس الزكية الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أفضل السلام.
كان من عظماء أئمة أهل البيت الذين تشرف التأريخ بهم، وتعطر الكون بعبقهم، وهو من أجلِّ أئمة اليمن علماً وعملاً وشهرة وثراء معرفياً وإنسانياً، ومن أقدر من حكم اليمن، وخضعت له الجنود، ودانت بولائه البلاد، حتى أن دعوته ودولته بلغت الحجاز وينبع والجيل والديلم.
ولد الإمام المنصور بالله عليه السلام في الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمسمائة وواحد وستين بقرية عيشان في ظاهر همدان.
ودعا إلى الله تعالى في سنة خمسمائة وثلاث وثمانين للهجرة، وكانت هذه دعوة احتساب، ثم دعا دعوة عامة في ذي القعدة سنة خمسمائة وثلاث وتسعين من الجوف، ولقد اختبر صلاحه للإمامة أربعمائة عالم، وكانت البيعة العامة من جماهير المسلمين في ربيع الأول سنة خمسمائة وأربع وتسعين للهجرة، وتلقب بالمنصور بالله.
وكانت وفاته يوم الخميس الثاني عشر من محرم سنة ستمائة وأربع عشر للهجرة فدفن في كوكبان، ثم نقل بعد مدة إلى حصن بكر، ثم نقل بعد سنتين وثمانية أشهر إلى ظفار، ومشهده به مشهور مزور.
كان الإمام عبدالله بن حمزة منقطع النظير في كافة العلوم، ولقد آتاه الله قوة الحفظ والنباهة، فقد كان يحفظ خمسين ألف حديث بأسانيدها، وتراثه الفكري شاهد على ذلك.
ولقد منح الله الإمام المنصور بالله أسرار البلاغة والفصاحة شعراً ونثراً، وله ديوان شعر اسماه "مطلع الأنوار" وفيه أرجوزته الشهيرة التي تناول فيها وصف الخيل والتي بلغت أبياتها ما يقارب ستمائة بيت.
ومن أشعاره:
ولولا ثلاث هنَّ من عيشة الفتى .... وجدك لم أحفل متى قام عوَّدي
فمنهن خلط الخيل بالخيل ضحوة .... على عَجَل والبيض بالبيض ترتدي
ومنهن نشر الدين في كل بلدة .... إذا لم يقم بالدين كل مبلدِ
ومنهن تطهير البلاد عن الخنا .... ورَحْضُ أديم الأرض من كل مفسدِ
بذلك أوصاني أبي وبمثله .... أُوَصِّي بنيَّ أوحداً بعد أوحدِ
لقد أثار الحاقدون حول شخصية الإمام المنصور بالله عليه السلام الشائعات الشنيعة، وشنوا عليه حرباً شعواء، تمحورت حول جهاده للمطرفية، وقد قام الإمام عليه السلام ببيان المسوغ الديني في تلك القضايا وشرحها من الناحية الشرعية والفكرية، وقد كان الإمام يردد دائماً ويناشدهم أن ينتهوا عن مواقفهم وعن تمردهم، وخاصة أن ذلك التمرد قد جاء منهم بعد البيعة الصحيحة له بالسمع والطاعة، ثم نكثوا هذه البيعة، ثم حاورهم واستتابهم فأعلنوا التوبة من جديد ثم عادوا إلى نكثهم، وكأنهم المعنيون بقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا).
وما فعله الإمام المنصور بالله عليه السلام مع المطرفية هو ذاته ما فعله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مع الناكثين والقاسطين والمارقين وحجتهما واحدة، فليس لقائد المسلمين أن يترك النظام العام للدولة الإسلامية عرضة للعابثين وأصحاب المشاريع الشخصية ما دام قائماً على كتاب الله عز وجل حاكماً بسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
آثاره الفكرية:
ـ موسوعة الشافي
ـ حديقة الحكمة النبوية شرح الأربعين السيلقية
ـ المهذب
ـ العقد الثمين
ـ رسالة الجوهرة الشفافة وقد ألفها في حال صباه وقت دراسته
ـ شرح الرسالة الناصحة
ـ صفوة الاختيار
ـ الدرة اليتيمة
ـ الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال
ـ الناصحة المشيرة
ـ الإيضاح لعجمة الإفصاح
وغيرها من المؤلفات النافعة وهي كثيرة جداً.
الإمام صلاح الدين محمد بن علي
هو الإمام الناصر لدين الله صلاح الدين محمد بن الإمام المهدي علي بن محمد؛ كان من أوعية العلم وأئمة الهدى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وقد دعا إلى الله تعالى سنة سبعمائة وثلاث وسبعين للهجرة وكان إعلان دعوته من حصن ظفار، ولقد قيل أنه اجتمع بها العلماء[40] حتى قيل: أنه اجتمع بها ألف وثلاثمائة عالم لاختبار صلاحه لتولي أمر المسلمين ومعرفة مدى توافر شروط الإمامة فيه، فوجدوه أهلاً لذلك فبايعوه، واجمع العلماء والصالحون على إمامته وفضله وقدره، ومن أشهر من ناصره ورافقه عابد اليمن وزاهدها الإمام إبراهيم الكينعي، وقال بإمامته السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير وأخوه الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير وقد ألف الأخير كتابين عن سيرة الإمام الناصر.
توسعت رقعة دولة الإمام الناصر فخُطِب له في ينبع والصفراء وحلي وتهامة والشحر، ووصل عدن وغيرها من اليمن الأقصى، ولقد شهدت اليمن في عصره نهضة اقتصادية وعمرانية، وضربت العملة باسمه، وكان ضرب العملة شاهداً على المستوى الاقتصادي الرفيع الذي وصلت إليه البلد.
واستمرت دولته إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وعمره ثلاث وخمسون سنة ومشهده في صنعاء.
محمد بن الإمام المنصور بالله
هو الأمير المقدام محمد بن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، ولد في براقش في الجوف في التاسع من ذي القعدة سنة 592هـ، وقد قام ودعا بالاحتساب بعد وفاة والده الإمام المنصور بالله، من خولان الطيال سنة 614هـ.
قال الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام: الأمير الناصر محمد قام محتسباً، وكان له من رباطة الجأش وثبات القلب عند منازلة الأقران، ومجاولة الفرسان ما هو خليق بمثله، وكان فصيحاً بليغاً مفلقاً، وأخذ في الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله حتى توفاه الله سنة ثلاث وعشرين وستمائة، بعد أن توسل إلى الله إن كان قد قبل عمله أن يقبض روحه، عمره اثنان وثلاثون عاماً[41].
وقد مال إلى جنابه عدد من علماء ذلك العصر منهم: الفقيه العلامة حميد بن أحمد المحلي وابن أبي الفتح الصنعاني وعمران بن الحسن الشتوي.
وله معارك كبيرة في صد الغزاة الأيوبيين والدولة الرسولية، ولقد حقق انتصاراً على الغزاة الأيوبيين في سنة 617هـ.
كان الأمير محمد عليه السلام شاعراً وله قصائد رائعة ومن قصائده المشهورة:
سما لك شوق من حبيبك مُنْصِبُ .... وهمٌّ إذا جَّن الدجى متأوبُ
ومن عجب أن لا يهيج لك الأسى .... ديار تعفيها شمال وهيدبُ
وإني لتعديني إلى العزم همَّةٌ .... وقلبٌ على جمر الغضى[42] يتقلبُ
أنا ابن الذي سَنَّ القِرى والذي به .... لعدنان فرعٌ لا يعاب ومنصبُ
عجبت لمغرور يكلف قومه .... مفاخر عدنان إلى أين يذهبُ
أبونا الذي لم تعرف الخيل غيره .... ولم يكُ شيخ قبله الخيل يركبُ
وأورثنا حسن البيان ولم يكن .... من الناس من قبل ابن هاجر يعربُ
ذوو المجد أبناء الذبيح محلهم .... محل الثريا حين تسمو فتشهبُ
وهم ملأوا حزن البلاد وسهلها .... وضاق بهم شرق وشام ومغربُ
ومنها:
كنانة صفو الصفو والخيرة التي .... تخير منها للنبوة منقبُ
ومنهم رسول الله طابت أرومة .... أقرَّ لها من أحمد الأم والأبُ
قريش همو قوم الرسول توارثوا .... خلافته نعم المواريث تكسبُ
فأكرم بقوم ينزل الوحي فيهمو .... كريم إلى أبياتهم يتصوبُ
لهم من بني إسحاق إرث نبوة .... بمكة والبيت العتيق المحجبُ
إذا افتخروا عدُّوا علياً وجعفراً .... وحمزة منهمْ ليث غاب مجربُ
وآمنة الغراء أم محمدٍ .... وفاطمة الزهراء منهم وزينبُ
ومنها:
وسبطا النبي الطاهران اللذا هما .... هلالان في ظلماء تخبوا وتذهبُ
ومنهم علي بن الحسين ومنهمو .... بنوه وقول الحق أولى وأوجبُ
ويحيى بن زيد والحسين وعمه .... هم القوم أزكى حيث كانوا وأطيبُ
وزيد وعبدالله منهم وقاسم .... أخو الرس والهادي الإمام المقربُ
وحمزة ذو الحدين منهم ومنهمو .... أبونا الذي يسموا إليه التنسبُ
وهي طويلة تزيد على مائة وثمانين بيتاً
وتوفي بحوث سنة 623هـ. ودفن في ظفار في القبة المقابلة لقبة والده الإمام المنصور.
من آثاره[43]:
ـ الدراري المشرقة على فئة النكث والمنافقة
ـ تحفة الإخوان
ـ ذات الفروع في بيوت عدنان وقحطان
الوشاح الكلالي
الفقيه العلامة الوشاح الكلالي، قال العلامة ابن الوزير في تاريخهم: كان إمام عصره في علوم العربية، وكان مقيماً بـ(ظفار)، وله خزانة كتب هنالك، وتصدر لنشر العلم والإفادة.
الحسن بن البقاء
هو الشيخ الإمام حجة الإسلام الحسن بن البقاء بن صالح بن يزيد بن أبي الحيا التهامي، ثم القيسي، قال ابن أبي الرجال: كان آية من آيات الله البينات محققاً في العلوم جميعها، له التفسير والكامل في الفقه، لم ينسج شيء على منواله حافل يتخرج في مجلدات يستدل فيه بالأدلة الناصعة النافعة، ويخرجها من أحاديث آل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - كالعلوم والأمالي المؤيدية والطالبية والسمانية والمجاميع والمسندات لآل محمد - عليهم الصلاة والسلام - وله في الفرائض.
وهو شيخ الشيوخ؛ فقد عُدَّ من تلامذته: الإمام أحمد بن الحسين أبو طير، والأمير الحسين بن محمد، وغيرهما كثير، وقد تولى القضاء للإمام أحمد بن الحسين.
توفي في ظفار وقبر في ساحة القبة المنصورية وكانت وفاته بعد السبعين وستمائة للهجرة.
من آثاره:
ـ التفسير
ـ الكامل في الفقه
ـ الوافي في الفرائض
المرتضى بن سراهنك
السيد العلامة أبو طالب المرتضى بن سراهنك بن محمد الحسيني العلوي، ولد في بلاد الجيل والديلم سنة 559هـ[44] وأخذ العلم هناك ومن مشائخه الشيخ معين الدين أحمد بن زيد الحاجي، وركن الدين فيروز شاه الجيلي، والحسن بن مهدي البيهقي، وأحمد بن زيد الحاجي، وحين بلغته أخبار الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة قدم إلى اليمن للجهاد بين يدي الإمام؛ لكنه وصل بعد وفاة الإمام سنة 614هـ.
حضي المرتضى بن سراهنك باحترام أبناء الإمام المنصور بالله عليه السلام وزوجوه زينب بنت الإمام، وعاش في ظفار لتدريس العلوم فيها، ويعد كتاب نهج البلاغة باكورة ما تلقاه علماء اليمن عنه.
توفي المرتضى بن سراهنك يوم الجمعة أربعة ربيع الآخر سنة 642هـ، فدفن خلف قبة الإمام المنصور بالله من جهة الجنوب على يمين الداخل من الباب الجنوبي للمسجد، وهو أول القبور إلى جهة القبلة[45].
يحيى بن أحمد حنش
الفقيه العلامة يحيى بن أحمد بن حنش، مولده في شهر صفر سنة أربعين وستمائة، وتوفي يوم الاثنين الثالث من شوال سنة سبع وتسعين وستمائة، وقبره في الطفة مقبرة (ظفار) المشهورة، وهو أحد المذاكرين الذين حققوا الفقه ودققوه ولخصوه وهذبوه
من آثاره:
ـ كتاب الجامع في الفقه وصل فيه إلى كتاب الجنائز وعاقه الموت عن إتمامه.
ـ كتاب أسرار الفكر في الرد على الكني وأبي مضر.
محمد بن يحيى حنش
الفقيه العلامة محمد بن يحيى حنش ولد بعد الخمسين وستمائة، وكان من العلماء العظام، سهل الطريقة، لين العريكة، رضي الأخلاق، رحيماً عطوفاً، رؤوفاً، ملازماً لما ندب إليه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من صفة العالم، ولقد وصفه العلماء بالصبر في تدريس طلاب العلوم يكرر الدرس من دون ملل أو تبرم، محباً لرضى تلامذته، كارهاً لما يضيق صدورهم، وكان مائلاً إلى الجمع بين الأصول والفروع، مولعاً بالبحث والتدقيق والإيضاح والتحقيق.
ولقد استمر على التدريس في هجرة ظفار حتى توفي صبح الثلاثاء الخامس من ذي القعدة سنة تسعة عشرة وسبعمائة وقبر إلى جنب قبر أبيه جنوباً بظفار في الضفة، ومبلغ عمره نيف وستين سنة رحمة الله عليه[46].
ومن آثاره:
ـ التمهيد والتيسير لفوائد التحرير
ـ الغياصة في أصول الدين
ـ اليواقيت على اللمع
ـ وشرح التقرير
ـ القاطعة في الرد على الباطنية
- وغيرها من المؤلفات والتعليقات.
يحيى بن محمد بن أبي القاسم
السيد العلامة الكبير يحيى بن محمد بن أبي القاسم ينتهي نسبه إلى الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، وهو صنو السيد العلامة علي بن محمد بن أبي القاسم، قال الزحيف[47]: كان رأساً ذا همة، ولاه الإمام علي بن محمد حصن (ظفار) وبه توفي يوم الجمعة في ربيع الآخر سنة أربع وستين وسبعمائة، وقبره في الظفير أو (الطفة) رأس العقبة بـ(ظفار).
الحسين بن بدر الدين
الإمام الناطق بالحق الصغير الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر، ولد بعد التسعين وخمسمائة، وهو من أعلام أهل البيت العظام ومن أقطاب الدين، وعلمه لا يوصف ومؤلفاته كثيرة جداً؛ وهي تدل على غزارة علمه رضوان الله عليه.
سكن في آخر أيامه بمنطقة رغافة التابعة حالياً لمحافظة صعدة، واستمر على التدريس والتأليف حتى توفاه الله سنة ثلاث ستين وستمائة.
من آثاره:
ـ شفاء الأوام وصل فيه إلى مفسدات النكاح ثم عاقه الموت عن إتمامه، فقام بإتمامه الأمير صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين.
ـ المدخل
ـ والذريعة
ـ التقرير
ـ وينابيع النصيحة
ـ الإرشاد إلى سوري الاعتقاد
ـ الرسالة الحاسمة بالأدلة العاصمة
ـ العقد الثمين في معرفة رب العالمين
ـ وغيرها من المؤلفات
إبراهيم بن المهدي بن أحمد جحاف
السيد العلامة إبراهيم بن المهدي بن أحمد بن يحيى بن قاسم بن يحيى جحاف، عالم وقائد، من أفاضل السادة وأعيانهم، طلب العلم وارتحل له من بلد إلى بلد، وهو أحد أعوان الإمام شرف الدين وقادته الذين كان يعتمد عليهم، فقد صحب السيد إبراهيم الإمامَ شرف الدين قبل الدعوة وبعدها، وهو من أخذ له البيعة من أعيان القبائل، ثم كان يد الإمام الذي يدرأ بها عدوَّه، ويوطد بحنكته وحسن رأيه وسياسته الأمن والاستقرار في أنحاء دولته، ولقد ولاه الإمام الأهنوم حتى استقامت له، ثم بعثه إلى ظفار؛ ليكون والياً عليها مع كافة أعمال البلاد القبلية، ولقد ظل في عمله حتى توفاه الله يوم الأحد أربع وعشرين رمضان سنة أربعٍ وأربعين وتسعمائة.
علي بن أحمد الأكوع
العلامة المجاهد الكبير علي بن أحمد بن الحسين بن المبارك بن إبراهيم الأكوع، وصفه ابن أبي الرجال بعمَّار زمانه وسلمان أوانه، بطانة خالصة لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقول وفعل، ناصر الإمام المنصور بالله، وشاركه في فعله المشكور.
قال العلامة السراجي: كان رضي الله عنه واسع الرواية من الأقطاب الذين تدور عليهم أسانيد كتب الآل عالماً عابداً، ديناً صادق اللهجة، ولم يذكر له تاريخ ميلاد، ولا وفاة.
وقبره رحمه الله في الملاحة بجبل مرهبة عند مسجده، وهو مسجد عظيم على قدر الكعبة المشرفة، وقد أثنى عليه عدد من العلماء لا يمكن حصر كلامهم فيه في هذا المختصر.
ولكن تتميماً للفائدة الدالة على غزارة علمه وفهمه، وقوة باعه أنه جادل رجلاً من زبيد، وقد كان هذا الفقيه يتعرض دائماً للبحث والمناظرة، فلمَّا ناظره العلامة علي الأكوع في مسألة خلق الأفعال قطعه فيها ولم يهم بعدها بمناظرة قط[48].
من آثاره:
ـ الاختيارات المنصورية
عبدالله بن المهلا النيسائي
العلامة الفقيه فخر الدين عبدالله بن المهلا بن سعيد النيسائي الشرفي، ولد في شهر صفر سنة خمسين وتسعمائة في قرية الوعلية في الشرف الأعلى التابع حالياً لمديرية المفتاح محافظة حجة.
وقد طلب العلم وارتحل له إلى البلدان، فقد ارتحل إلى الظفير وأقام بها سبع سنين، ثم ارتحل إلى ظفار فأقام بها ما شاء الله وقرأ بها الفقه والحديث، ثم ارتحل إلى غيرها من المناطق حتى صار من أعلام الشريعة أئمة الدين، وأقطاب العلوم وأساتذتها وشيخ الشيوخ في زمانه وواسطتها، وقد جعل في اللغة والتفسير نظيراً للسعد التفتازاني، ولقد كان أكثر الفضلاء في زمانه عيالاً عليه.
وقد سكن صنعاء ثم انتقل إلى الأهجر التابعة حالياً لمحافظة المحويت، وأقام بها تسع سنين، ومنها انتقل إلى بلاده بمنطقة الشجعة التابعة لمديرية المحابشة وأقام فيها حتى توفاه الله.
ولقد كانت له مكانة رفيعة في نفس الإمام شرف الدين عليه السلام حتى جعله في مقام الاختصاص بمحل الوزارة، ولقد وكل إليه هجرة الوعلية والشجعة وجعل أمرهما وأموالهما إليه وتحت ولايته.
قال الإمام شرف الدين عنه: القاضي العلامة، المحقق الفهامة، واسطة عقد علماء الأمة، وصدر أكابر وزراء الأئمة، الشهير علماً، العظيم فهماً، حسام الملة والدين، قاضي قضاة المسلمين: عبد الله المهلا بن سعيد بن علي بن محمد بن علي النيسائي ثم الشرفي الأنصاري[49].
توفي العلامة عبدالله بن المهلا رضوان الله عليه في ذي الحجة سنة ثمان وعشرين بعد الألف في هجرة الشجعة وقبر بها.
يحيى بن محمد حنش
العلامة الفاضل يحيى بن محمد بن يحيى بن صالح بن محمد حنش، عالم من العلماء الكبار في زمانه، ولد في تاسع عشر من شهر ربيع الأول سنة 966هـ، ونشأ في طلب العلم وارتحل وجدَّ واجتهد وبلغ مبلغاً عظيماً، وزميله في العلم الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، والسيد العلامة أمير الدين بن عبدالله نهشل.
سكن ظفار في آخر عمره وعزم على الإقامة فيها فجاءت أسباب اقتضت انتقاله إلى شهارة فانتقل إليها ولزم التدريس بها والتعليم إلى أن توفاه الله يوم السبت 27 شوال سنة ثماني وعشرين بعد الألف وقبره يماني مسجد الأشراف في الحوطة التي تليه من دون فاصل[50].
المصادر والمراجــع
[1] ابن أبي الرجال، مطلع البدور، ص3/ ج371 ــ اسحاق بن جرير الصنعاني، تاريخ صنعاء، ص175
[2] معجم المقحفي، ص34.
[3] المقحفي، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ص974.
[4] المقحفي، معجم البلدان، ص974.
[5] المقحفي، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ص974/ الظاهر هو مركز إداري من مديرية خمر ويشمل مدينة خمر والقرى المحيطة بها.
[6] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص8 ـ صفحة الفيسبوك لمنتدى أبناء محافظة عمران للثقافة.
[7] الأكوع، هجر العلم، ص1284.
[8] المقحفي، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ص974
[9] جمال الشامي، أئمة اليمن من القرن الثالث الهجري إلى الثامن منتزع من (درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة للمقريزي)،ص26.
[10] كان الشيخ غزوان السريحي أبرز أنصار الإمام المنصور بالله انظر الحدائق الوردية( ج2/ ص263).
[11] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص20.
[12] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص21
[13] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص 10ْ.
[14] سيأتي الحديث عن السور وتاريخ عمارته والمتولي لذلك.
[15] الشرفي، اللالئ المضيئة، ج7/ ص354.
[16] الشرفي ، اللالئ المضيئة، ج7/ ص352. ذكر الشرفي بعد هذا أن الغزاة الأيوبيين أخرجوا جيشاً لمحاصرة ظفار في هذه الأثناء قبل أن يكتمل بناؤه حتى يحولوا بين الإمام واستكمال بناء الحصن إلا أنهم فشلوا في ذلك وعاد جيشهم مدحوراً مهزوماً وواجهوا مقاومة شرسة من قوات الإمام بقيادة الأمير دحروج والذي كان داخل الحصن والقاضي العلامة علي بن أحمد الأكوع الذي أغار من حصن مرمر.
[17] الشرفي، اللالئ المضيئة، ج7/ ص353.
[18] الأكوع، هجر العلم، ص1283.
[19] الشرفي، اللالئ المضيئة، ج7/ ص354 نقلاً عن سيرة الإمام المنصور بالله لابن دعثم.
[20] أي بعد وفاة الإمام المنصور بالله لأنه توفي سنة 614هـ
[21] الأكوع، هجر العلم، ص1284
[22] صفحة فيسبوك لمنتدى أبناء عمران للثقافة.
[23] انظر مطلع البدور، 3/ 322 وغيره.
[24] ابن أبي الرجال، مطلع البدور، ج4/ ص251.
[25] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص46.
[26] الأكوع، هجر العلم، ص1286. وغيره
[27] الأكوع، هجر العلم ومعاقله، ص1286.
[28] إبراهيم بن القاسم، طبقات الزيدية الكبرى، ج2/ ص32.
[29] الأكوع، هجر العلم، ص1286.
[30] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص48.
[31] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص48.
[32] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص48.
[33] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص48.
[34] الدرسي، الهجرة المنصورية ص48.
[35] الدرسي، الهجرة المنصورية ص48.
[36] ابن أبي الرجال، مطلع البدور، ج4/ ص283ـ وغيره.
[37] ابن أبي الرجال، مطلع البدور، ج1/ ص112.
[38] ابن أبي الرجال، مطلع البدور، ج4/ ص286.
[39] المؤيدي، التحف شرح الزلف، ص246.
[40] السراجي، روائع البحوث، ص304.
[41] المؤيدي، .التحف شرح الزلف، ص268ٍ.
[42] في التحف: الغضب لكنه أختل الوزن فكان التصحيح منا.
[43] السراجي، روائع البحوث، ص478.
[44] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص63.
[45] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص63.
[46] إبراهيم بن القاسم، طبقات الزيدية، ج2/ ص519.
[47] الزحيف، مآثر الأبرار، ج3 ص8.
[48] السراجي، روائع البحوث، ص341.
[49] المهلا، .مطمح الآمال، ص229.
[50] الدرسي، الهجرة المنصورية، ص103.
هي مدينة يمنية مشهورة، دخلت التاريخ من أوسع أبوابه؛ فلا يخلو كتابٌ تاريخي لليمن أو معجم من معاجم البلدان، إلا ويكون لمدينة شهارة حيز فيه وسطور بارزة على صفحاته.
موقع مدينة شهارة
تقع على جبل مشهور في بلاد الأهنوم المصنفة ضمن مرتفعات اليمن الشمالية الغربية، وهي تابعة لمحافظة عمران، وتبعد عنها حوالي (90) كم.
وشهارة – طبيعياً- ضمن سلسلة جبلية يُطلق عليها اسم سلسلة جبال الأهنوم، نسبة إلى قبائل الأهنوم التي تسكنها، وتشتمل هذه السلسلة على جبل "شهارة الفيش" وجبل "شهارة الأمير".
ومدينة شهارة هي المركز الإداري لمديرية شهارة، يرتفع الجبل الذي يحملها حوالي (3000) متر عن مستوى سطح البحر، يفصل بين شهارة الفيش وشهارة الأمير جسر حجري متميز، ولذلك كانت تسمى الجبل المشطور، حيث يوجد بينهما شطر، وهوة فاصلة شاهقة، يقول الشاعر:
سقى الجبل "المشطور" جنبي شهارة ... شآبيب جود مصلح غير مفسد
وتبلغ مساحتها في حدود كيلو متر واحد، وعدد سكانها بناء على إحصائيات 2004م ((1850 نسمة.
تاريخ اختطاطها
تضاربت الآراء حول تأريخ اختطاط مدينة شهارة, ففي اللآلئ المضيئة للشرفي أنها حصن شامخ في زمن أسعد الكامل, وأن "أسعد الكامل طلعها في مبتدأ أمره في ثمانين رجلاً، وأن صاحب اليمن في ذلك الزمان حصره عليها، وأنزل في مكان يقال له: (أقر) يسمى بذلك لأنه قال: استقروا هاهنا (ويعرف اليوم بالقابعي)، و أنه -أي أسعد الكامل- نزل عليهم فقتلهم فقال صاحب اليمن: شهَّرنا هذا الجبل شهَّره الله، فسمي شهارة لهذه الرواية" [مفرح بن أحمد, سيرة الأميرين, ص135].
إلا أن آخر مَن خطَّها وحصَّنها هو الأمير ذو الشرفين محمد بن جعفر بن القاسم العياني المتوفى سنة (478هـ) في القرن الخامس الهجري، عندما توجه اليها, والتجأ بها في حربه مع الصليحيين؛ فأحياها، وعمرها، واتخذها مقراً له.
تسميتها
قال المقحفي:" شُهارة بضم الشين المعجمة وقد تفتح: "جبل مشهور في بلاد الأهنوم شمالي حجة، وهو من معاقل اليمن المشهورة". [المقحفي, معجم البلدان والقبائل اليمنية, ص365].
وذكر السيد العلامة في اللآلئ المضيئة [ج6/ ص109] ما معناه: "أنها كانت تسمى معتق, كما كانت تسمى ظفار, وأن صاحب اليمن في زمن أسعد الكامل, حاصرها حين سكنها أسعد الكامل مع ثمانين رجلاً، فقال صاحب اليمن: شهرنا هذا الجبل شهره الله, فسمي شهارة؛ فيرجع سبب تسميتها بشهارة لاشتهارها".
أما مؤلف سيرة ذي الشرفين, فقد أطلق عليها "شهارة الكبيرة"؛ تمييزاً لها عن شهارة الفيش.
سبب تسمية "شهارة الأمير" و"شهارة الفيش"
كانت تسمى مدينة "شهارة" بشهارة الأمير؛ نسبة إلى الأمير "ذي الشرفين" محمد بن جعفر بن القاسم بن علي العياني, والذي اتخذها حصناً منيعاً خاصاً به، في منتصف القرن الخامس الهجري، بعد تعقب الصليحيين له؛ إذ هيأتها لتكون حصناً طبيعتُها الجبلية المرتفعة ذات الانحدارات الشديدة؛ لذلك عندما وجه المكرم "أحمد بن علي الصليحي" قواته لمهاجمة الأمير "ذي الشرفين"، عادت تلك القوات خائبة إلى ثكناتها، واستمر الأمير "ذو الشرفين" في شهارة حتى وفاته بها، في سنة (478هـ)، فنُسبت مدينة شهارة إليه، فسميت "شهارة الأمير".
قال الأكوع في كتابه (هجر العلم): "شُهارة بضم الشين المعجمة ـ كما في (تاج العروس) ـ فقد جاء فيه ما لفظه: شُهارة بالضم حصن عظيم يقال له: شُهارة الفيش, وهو من معاقل الأهنوم، وبفتح الشين وكسرها, كما هو معروف في ألسنة الناس, وتعرف بشهارة الأمير: نسبة إلى الأمير ذي الشرفين ...., وبجوارها من جهة الشرق شهارة الفيش: نسبة إلى القيل ذي فائش".[الأكوع, هجر العلم ومعاقله, ص1058].
وقد يكون سبب تسميتها بشهارة الفيش؛ لأنها لم تُسكن، وكانت المناطق غير الآهلة بالسكان تسمى فيش في العامية.
دورها التاريخي
للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به مدينة شهارة، ولتحصينها, قد أولاها الأمير "ذو الشرفين" رضوان الله عليه اهتماماً كبيراً, واتخذها معقلاً لصد هجمات الصليحيين, فكان لها الدور الرئيسي في تراجعهم إلى صنعاء، إثر الهزيمة التي لحقتهم حول "شهارة" من الأمير "ذي الشرفين" في سنة (462هـ)، فزادت شهرتها وعلا صيتها، وحين استقر الأمير "ذو الشرفين" بها، حث أتباعه وشيعته بالهجرة إليها، فأصبحت منطلقاً لعمليات الأمير السياسية والعسكرية ومركزاً وحاضرة لإمارته الفتيَّة, ثم اتجه الأمير إلى الاهتمام العمراني بها، فكانت له إصلاحات عديدة فيها، مثل الغيل الشرقي ولعله باب الصلال، والغيل الغربي ولعله تحت المحطة، وأيضاً بركة الشرقي، وبركة العنكبوت، وغير ذلك من الإصلاحات, فازدهرت المدينة ازدهاراً علمياً وسياسياً وعمرانياً, حتى بلغ عدد صبيان المكتب (764) صبياً، وبلغ عدد المنازل (511) منزلاً في ذلك العصر, واستمر هذا الدور الإصلاحي في عهد أبنائه.
تعرضت مدينة شهارة للغزو من قبل العثمانيين في غزوهم الأول لليمن, حالها في ذلك حال بقية المدن اليمنية, حتى حررها الإمام المنصور القاسم بن محمد من بين أيديهم في ثورته المباركة ضد الغزاة والمعتدين، واتخذها عاصمة لدولته, ومنطلقاً لطرد الغزاة العثمانيين من بقية المناطق اليمني, فظلت عاصمته حتى وفاته سنة (1029هـ), وبعد وفاته عليه السلام خلفه ولده الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم عليه السلام, والذي اتخذها أيضاً عاصمة ومقراً له؛ لطرد بقية الغزاة، ومواصلة مسيرة أبيه في تحرير كل شبر من أرض اليمن.
لقد أولى الإمام المؤيد بالله الإعمار في دولته اهتماماً كبيراً، فقد اشتهر ببناء المساجد ومدارس العلم, وهذا العصر يعد أزهى عصور مدينة شهارة حضارة وثقافة وعلماً, وهكذا ظلت تمارس هذا الدور المهم، كهجرة علمية وجامعة دراسية تخرج منها الكثير من العلماء, وسكنها العديد من الفضلاء, ولم يخفت عبرَ العصور المتعاقبة دورها, وبقيت منطلقاً للعلم والأئمة والمتعلمين, بالرغم من أنها ظلت بين شد وجذب، فكانت من أهم وأعظم الهجر العلمية تأثيراً وأثراً, ولم تخلُ من العلماء المجتهدين وطلاب العلوم المبرزين.
وفي عصر الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين زاد هذا الدور العلمي والسياسي، حين اتخذها الإمام مقراً ومنطلقاً في مواجهته للغزو العثماني الثاني على اليمن, حين استقدمت القوات الغازية العثمانية قواتاً إضافية من اسطنبول، بعد الهزائم المتلاحقة التي ألحقها بها الأحرار اليمنيون بقيادة الإمام يحيى حميد الدين؛ إذ جاءت القوات بقيادة الباشا "أحمد فيضي" مزودة بأحدث المعدات من مدفعية ثقيلة وأسلحة نارية خفيفة, وما أن وصلت تلك القوات إلى أسفل جبل "شهارة" - بقوة تتألف من (10) طوابير بكامل معداتها- حتى باغتتهم الهزيمة من كل جانب, فقد أعد الإمام يحيى خطة دفاعية فريدة؛ حيث جمع القبائل المجاهدة، فباغت القوات الغازية بقذائف الأحجار الضخمة، بإسقاطها من قمم جبال "شهارة" الجاثمة في الوديان الضيقة, فتلقت القوات الغازية هزيمة نكراء، وفر قائدها وبعض قواته التي سلمت من القتل.
دور مدينة شهارة العلمي والثقافي
لم تخل مدينة شهارة من العلم والتدريس منذ عصر الأمير "ذي الشرفين" إلى اليوم، فقد كان عدد طلاب المكتب في عهد الأمير ذي الشرفين رضوان الله عليه (761) طالب، ولا شك أن تجمع هذا العدد في فترة قصيرة من اتخاذها مقراً له، يدل على نهضة علمية لا يستهان بها.
استمر هذا الدور لمدينة شهارة بعد الأمير ذي الشرفين، فسكنها الفضلاء والعلماء، حتى اتخذها الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد عليه السلام عاصمة له، في القرن الحادي عشر وبالتحديد في سنة(1006هـ)، ومنذ ذلك الحين ظهرت مدينة شهارة في الساحة الإسلامية كواحدة من أهم المدن العلمية الشهيرة, فازدهر فيها العلم، وأصبحت مركزاً علمياً هاماً، يقصدها العلماء ويشد الرحال نحوها الفضلاء, ويأوي إليها الأئمة.
يقول اﻷﻛﻮﻉ ﻓﻲ كتابه (ﻫﺠﺮ اﻟﻌﻠﻢ ومعاقله): "اﺯﺩﻫﺮﺕ ﺷﻬﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﺑﻨﻪ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺇﺧﻮﺗﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻫﻢ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﻟﻄﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭﺕ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻌﺎﻗﻠﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ خزائن اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻨﻔﻴﺴﺔ؛ ﻷﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ اﻟﻄﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء، ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﺑﺤﻜﻢ ﺗﻮاﺭﺙ اﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭاﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻷﺣﺪ ﻏﻴﺮﻫﻢ".[الأكوع, هجر العلم ومعاقلة, ص1059]
لقد أحيا الإمام القاسم شهارة بالعلم, حتى أحصي في ظل دولته من طلبة العلم في شهارة، كما يحكي صاحب النبذة المشيرة [ج2/ ص482] فوق (800) طالب, وابتنى المدارس العلمية والمساكن لهم، وأجرى لهم الأوقاف, وتكفل بجميع مصاريف العلماء والمتعلمين, ووفر لهم كل ما يحتاجونه من الطعام والمال, حتى بلغ به الاهتمام بطلبة العلم, أن جعل لهم مدرسة وجامعاً في وادي أقر المنخفض؛ للدراسة فيه في أيام الشتاء, لشدة البرد في جبل شهارة, وشق لهم مجرى للماء من جبل شهارة؛ كون مياه تلك المنطقة غير صالح للشرب, وهذا الاهتمام هو ما ساعد على ظهور تلك النهضة العلمية الزاخرة.
وبعد وفاة الإمام المنصور بالله تنامى ذلك الدور وخاصة في دولتي ولديه المؤيد والمتوكل, وهكذا حافظت شهارة على ذلك الدور, فنبغ ﻓﻴﻬﺎ المئات من الأئمة ﻭاﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ، وتخرج منها الآلاف من العلماء والفقهاء وطلاب العلوم من جميع أقطار اليمن.
فصارت ﺯﻫﺮﺓ اﻟﻤﺪاﺋﻦ, وعاصمة العواصم, وهجرة العلوم ومأوى الأفئدة, حتى تخرج منها كبار الأعلام, ومشائخ الإسلام, أمثال ﺃﻭﻻﺩ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺃﺣﻔﺎﺩﻩ، ﻭﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭﻱ، ﻭاﻟﻌﻼﻣﺔ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﺸﺮﻓﻲ، ﻭاﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺸﺮﻓﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﻔﺴﻴﺮ (اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ)، ﻭالعشرات ﻏﻴﺮﻫﻢ.
المعالم العمرانية في المدينة
مما يلاحظ في الصفة العمرانية لهذه المدينة أن عمارتها فوق سراديب وأخاديد وتجويفات تم طمرها تدريجياً، وتعتبر من الأشياء العجيبة.
انعكست مكانة "شهارة" التاريخية على نشاطها المعماري, فشهدت نهضة معمارية وحضارية ظلت شاهدةً على عراقتها, سواء في عهد الأمير ذي الشرفين وأولاده, أو في عهد الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد وأولاده, ومن أهم معالمها المعمارية:
سور المدينة - الأبواب العسكرية المحكمة ـ ونوب المراقبة - المساجد - الحارات بما تحوي من التنسيق العمراني - الجامع الكبير ومرافقه - القباب البيضاء - القصور الكبيرة والعمارات الشاهقة ومخازنها المحكمة - السدود والبرك الكبيرة والتي يلفتك إليها أماكن بنائها والتخطيط الإبداعي فيها وكيفية وصول الماء إليها - الأضرحة والمشاهد - الجسر الحجري - والمقابر الواسعة - والمدرجات والطرق المتقنة – وغير ذلك.
التحصينات
تميزت مدينة شهارة بتحصيناتها الطبيعية، فهي عبارة عن مدينة تقع على جبل شاهق شديد الانحدار, مما أهَّلها لأن تكون مكاناً استراتيجياً في مواجهة الأعداء, وقد استفاد الأئمة عليهم السلام من هذا التحصين في مواجهة الغزو العثماني, كما تقدم في لجوء الإمام القاسم عليه السلام إليها, وكذا الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين سلام الله عليه.
فقد جعل للمدينة ثمانية أبواب محكمة، وعدد من النوب المرفقة بها، بالإضافة إلى أماكن حراسة ونحو ذلك، ولا يمكن لأحد أن يدخلها من غير تلك الأبواب؛ إذ من المستحيل على أي أحد ولو كان خبيراً في التسلق أن يجد مدخلاً غيرها.
وقد صُممت الأبواب في أماكن ضيقة ومرتفعة ومناسبة، مما سهل لمن في المدينة التحكم بها والسيطرة عليها.
الطرق والمداخل
من جملة الاهتمامات الكبيرة بالمدينة تمهيد طرقها وتسهيلها؛ لوصول الجمال والجماعات والناس إليها ونحو ذلك، فقد عبدت الطرق إلى المدينة وداخلها, وحددت حسب الحاجة والأهمية.
فهناك طريقان يصلان بك إلى شهارة، قام ببنائهما الأمير ذو الشرفين في منتصف القرن الخامس الهجري, أحدهما من جهة الغرب والآخر من جهة الجنوب.
ثم أنشأ الإمام القاسم بن محمد عليه السلام طريقاً آخر يصل بشهارة الفيش, وقام أيضاً برص عدد من الطرق، وأقام عدداً من الأبواب للمدينة, وقد استكمل بناءها ولده الإمام المؤيد بالله بعد وفاة والده, وبذلك تكونت شبكة طرق محكمة بين الجبال، لكل طريق باب ولكل باب اسم, وهي كالتالي:
باب الفتوح وسمي مؤخراً بباب النحر: ويقع في الجهة الجنوبية للمدينة, وإليه تنفذ الطريق التي أنشأها الأمير ذو الشرفين في الجهة الجنوبية بعد منتصف القرن الخامس.
وباب النصر: ويقع في الجهة الغربية للمدينة, وهو منفذ الطريق الجنوبية التي بناها الأمير ذو الشرفين, وجددها الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد, وهذا الباب قد هدم بسبب أن طريق السيارات مر منه.
وباب شهارة الفيش: يقع في الجهة الشرقية للمدينة, ويربط بين شهارة الفيش وشهارة الأمير، وهو طريق مرصوف بالحجارة.
وباب الصلال: ويسمى باب السرو, ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية.
بالإضافة إلى ذلك: باب السويد, وباب الجسر, وباب الحرم وباب بيت لقمان.
السدود والبرك
ومن اللافت في تخطيط المدينة، أنهم لاحظوا عند تخطيطها وبنائها حاجة الناس الماسة للمياه، فأخذوا في عين الاعتبار استغلال مياه الأمطار, فقاموا بعمارة سدود كبيرة وبرك واسعة, تستوعب كميات من المياه تكفي سكان المدينة لعدة سنوات, ومعظم هذه البرك لها ما يقارب (1000) عام من حين بنائها, فقد بناها ذو الشرفين كما تقدم, وبعضها (400) عام أي إلى عصر الإمام القاسم بن محمد, وجعلوا المدينة عبارة عن صبابات وسواقي تصب في تلك البرك, فإذا امتلأت البركة الأولى, يتحول الماء عبر منافذ ومجاري خاصة إلى بركة أخرى وهكذا.
قد صممت تلك البرك والسدود بإتقان عجيب, واختيرت ووزعت أمكنتها بعناية, فقد احتوت المدينة مع صغر مساحتها على أكثر من (17) سداً وبركة بين كبيرة ومتوسطة, منها: بركة الطوف, والاحسني, والشرقي الأسفل, والأعلى, والعنكبوت, وسد الجامع, والسبع, وسد النحر, وبركة باب النصر, والخارجية, والمحطة, والصلال, وأبو طالب, والشحنة, وبركة الشفاء وغيرها.
و من تلك المجاري المائية ما أنشأه الإمام القاسم عليه السلام أسفل مدينة شهارة, وجعله ممتداً من بئر في أسفل مدينة شهارة إلى وادي أقر (القابعي حالياً) في مسافة طولها أكثر من (3) كم, في عرض الجبل, وكان الغرض من هذا المجرى المائي أن طلاب المدارس العلمية في شهارة في فصل الشتاء ولشدة البرد, كانوا ينزلون إلى جامع أقر الذي بناه الإمام القاسم لطلبة العلم, ولكون ماء وادي أقر غير صالح للشرب فقد أنشأ الإمام القاسم هذا المجرى، وللأسف الشديد فإن هذا المجرى التاريخي قد هدم بسبب توسعة الطريق للسيارات.
حارات المدينة
ورغم أن مساحة مدينة شهارة ضيقة، لكنها خُططت على شكل حارات, فبلغت حاراتها ((16 حارة تقريباً، وكل حارة بها مسجد، وساحة، وبركة، ومقبرة، ونحو ذلك.
قصور شهارة
لقد ضمت مدينة شهارة عدد من القصور الكبيرة والمباني العالية التي تتميز بتصميمات فريدة, ونسبة المباني العالية والقصور العظيمة في المدينة أضعاف المباني العادية؛ فهناك أكثر من (100) بناية وقصر, وقد تهدمت بعضها أثناء الغزو المصري لليمن عام (1962م)، بفعل المدافع المصرية وقنابل النابالا التي كانت تضرب على المدن اليمنية ومنها مدينة شهارة, وبعضها تهدم بفعل الإهمال والهَجر.
ومن القصور المشهورة في المدينة:
دار سعدان
حصن الناصرة
دار العقبة
الغرباني
إن تلك المباني شاهدة على تطور البناء والهندسة المعمارية لدى الإنسان اليمني في تلك الحقب, فقد جعلت هذه البنايات منقوشة الأبواب, واسعة الجدران الخارجية, ومصبوبة بالقضاض، أما الجدران الداخلية - خاصة جدران المجالس- فهي مزينة ومنقوشة بحيث تشكل لوحة فنية رائعة، بالإضافة إلى أن أغلب الدرج مرصوفة بالأحجار ومصبوبة بالقضاض، ومازالت أغلب تلك المباني شامخة عالية صامدة، مع أن أغلبها لها عدة قرون، وأيضاً فإن من يزور المدينة يندهش لذلك الارتفاع والتصميم والإبداع في تلك المباني.
جسر شهارة التأريخي
يعتبر جسر شهارة لوحة فنية رائعة في الإبداع والتصميم, فهو يربط بين شهارة الأمير وشهارة الفيش، بعد أن انفصلا بهوة طبيعية سحيقة, ولهذا أطلق على شهارة كما تقدم الجبل المشطور, ولقد كانت الطريق بينهما تتطلب الكثير من الوقت والجهد؛ إذ يلجأ المواطنون إلى النزول إلى أسفل الأخدود الفاصل بين الجبلين، ثم الصعود إلى الجبل الآخر, مما جعل نقل البضائع والمواشي بين الشهارتين صعبة للغاية؛ لصعوبة الطرق الفاصل بينهما.
يصف مؤلف سيرة الأمير ذي الشرفين "شهارة" في القرن الخامس الهجري، فيقول: "ﺟﺒﻞ ﺷﺎﻣﺦ، ﻭﻣﻌﻘﻞ ﺑﺎﺫﺥ، ﻣﺰﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺟﺒﺎﻝ، ﻣﺮﻛﻮﺯ ﺑﻴﻦ ﺷﻨﺎﺧﻴﺐ ﻃﻴﺎﻝ ﺃﺻﻠﻬﻦ ﻭاﺣﺪ، ﺭﺅﻭﺳﻬﻦ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﺓ، ﻭﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺎﻁ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻻ ﻳﺘﻬﻴﺄ ﻟﻪ ﺣﺼﺮ ﻭﻻ ﻳﺨﺸﻰ ﻓﻴﻪ ﻗﻬﺮ.
ﻭﻫﻮ ﺟﺒﻼﻥ ﻓﻠﻴﻘﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻟﻜﻞ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﺒﺎﺏ، ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﺮﻕ ﺑﻌﻴﺪ اﻟﻐﻮﺭ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻭﻣﻘﺪاﺭ ﻗﺎﺏ اﻟﻘﻮﺱ ﻓﻲ اﻟﻄﻮﻝ ﻭاﻟﻌﺮﺽ، ﻳﺘﻨﺎﺟﻰ اﻟﺮﺟﻼﻥ ﺑﺨﻔﻲ اﻷﺻﻮاﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﺎﻥ ﻣﻦ اﻷﺳﺮاﺭ ﻭاﻟﺤﺎﺟﺎﺕ، ﺗﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻪ اﻟﺸﻤﺲ ﻭﻫﻲ ﺗﺪﺭﺝ ﻓﻮﻕ اﻟﺴﺤﺎﺏ، ﻭﺗﺮﻯ اﻟﺒﺮﻕ ﻭاﻟﺮﻋﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻪ ﻭﻓﻲ اﻷﻭﺩﻳﺔ ﻭاﻟﺸﻌﺎﺏ ، ﺫاﻫﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻔﺎﺭﻗﻪ اﻟﻐﻴﻢ ﻭاﻟﻐﻤﺎﻡ، ﻭﺇﺫا ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﺃﺳﺎﺳﻪ ﻭﺃﻭﻗﺪﺕ اﻟﻨﻴﺮاﻥ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻪ اﺧﺘﻠﻄﺖ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻮﻫﻮﻡ ﻓﻼ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻴﺎﺭ ﻭاﻟﻨﺠﻮﻡ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻴﺖ ﺷﻬﺎﺭﺓ ﺇﻻ ﻻﺷﺘﻬﺎﺭﻫﺎ".
ظل تسهيل طرق التواصل بين أبناء الشهارتين هاجساً شاغلاً لأذهان الأئمة الذين حكموا تلك المناطق, فنقرأ في التأريخ كيف أن ذلك الهاجس كان يؤرق الأمير ذي الشرفين وابنه عمدة الإسلام, وازداد ذلك الهاجس في عصر الإمام القاسم عليه السلام وولده الإمام المؤيد بالله، فقد ذكرت كتب السير دور كل منهم في شق وتعبيد الطريق بين الشهارتين وتسهيلها، حتى أن الإمام المؤيد عليه السلام كان في آخر أيامه يخرج ويبيت في كهف خارج مدينة شهارة؛ لينظر عمارة الحصن وتسهيل المدرج.
ومن هنا جاءت الحاجة إلى تشييد هذا الجسر التاريخي الذي يعد تحفة فنية ومعمارية نادرة.
تاريخ بناء الجسر
أما تاريخ بناء الجسر فقد بني في عام (1323هـ)/(1905م) في عهد الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين رضوان الله عليه.
وتعتبر الهندسة المعمارية للجسر واحدة من أهم سماته، فقد أقيم على أخدود شديد الانحدار - يفصل بين جبلي شهارة الفيش وشهارة الأمير- يبلغ ارتفاعه من أسفله إلى أعلى قمة الجبل حوالي (200م)، أقيم هذا الجسر على ارتفاع (50م) من أسفل الأخدود، في منطقة يبلغ مسافتها (20م)، ونتيجة للارتفاع البالغ (50م) من قاع الأخدود، فقد بنيت في الأسفل عدة جسور ونوب ـ أبراج ـ تم الاعتماد عليها في إقامة هذا الجسر؛ إذ كانت تستخدم لنقل الأحجار ومواد البناء إلى أعلى المنطقة التي اختيرت لإقامة الجسر والتي مُهدت قبل البدء بالبناء عليها؛ لأن صخورهـا ملساء، بعد ذلك أقيم جسما الجسر على الجبل الشرقي وعلى الجبل الغربي، فبلغ ارتفاع كل منهما (10م)، وبالاستناد على ذلكما الجسمين تم عمل عقد الجسر الذي ربط بين الجسمين؛ ليصل بعدها طول الطريق بين الجبلين إلى (20م) وعرضها (3م)، ولا زالت آثار الجسور التحتية التي استخدمت لنقل مواد البناء إلى الأعلى قائمة، أما النوب فقد تهدمت.
هذا وقد أقيمت على جسم الجبل الغربي طريق حجرية مرصوفة تبدأ من بداية الجسر إلى الأعلى؛ ونتيجة للانحدار الشديد للصخور، فقد اضطر المعماريون إلى بناء عقود؛ لتقوم عليها عمارة الطريق المرصوفة، وتعتبر الطريق المرصوفة والجسر تحفة معمارية رائعة وعملاً هندسياً عظيماً، إلى جانب أهميته في تسهيل حركة التنقل بين الجبلين.
المعالم الدينية في مدينة شهارة:
توزعت المعالم الدينية في مدينة شهارة بين المساجد، والقباب، والمدارس العلمية، والأضرحة.
المساجد
من أهم المساجد الموجودة في المدينة:
الجامع المقدس
وهو من أهم الأمكنة؛ إذ كان له الدور الكبير في تخرج المئات من الأئمة والعلماء المجتهدين.
وموضعه: اختار الإمام المنصور القاسم لبناء المسجد مكاناً كان أهل شهارة يحطون فيه ثمرة الزبيب, و ﻛﺎﻥ اﻻﺑﺘﺪاء ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻓﻲ (4) ﻣﺤﺮﻡ ﺳﻨﺔ (1015هـ)، وانتهى بناؤه في سنة (1025هـ).
ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺳﻴﺮﺓ الامام اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ: "ﺃﻣﺮ الإﻣﺎﻡ ﺑﺎﺑﺘﺪاء ﻋﻤﺎﺭﺗﻪ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺮﺗﻪ ﺇﻻ ﺧﻤﺴﺔ ﻛﺒﺎﺭ (ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺩﺭﻫﻢ ﺇﺳﻼﻣﻴﺎً) ﻓﺤﺼﻞ اﻹﻣﺪاﺩ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻜﺜﺮﺓ اﻟﻨﺬﻭﺭ، ﻭﺳﺎﻕ ﻣﻌﻈﻢ ﺣﺠﺎﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ اﻟﺒﺎﺏ".[الجرموزي, النبذة المشيرة, ج2/ ص219].
ثم زاد فيه الإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم في الجهة الشمالية؛ إذ بنى فيها رواق القبلة، وذلك في سنة (1074هـ).
مكونات الجامع:
يتكون الجامع من بيت الصلاة (رواق القبلة), ورواقين جانبين والرواق الجنوبي وصحن مكشوف في الوسط، وهناك ـ أيضاً ـ في جنوب الجامع فناء مكشوف يطل على بركة كبيرة منحوتة في صخر الجبل، وهي بركة الجامع المجعولة للوضوء بعدة حمامات متراصة وعلى مسافة عدة أمتار, والجامع يحتوي علي ((48 دعامة و(8) أبواب, ويتسع لأكثر من (1000) مصلي.
ويحيط بالجامع من جهة الشرق والغرب عشرات المنازل العامرة، والتي كانت سكناً لطلاب العلم والمهاجرين الوافدين إلى المدينة لتلقي العلوم, حيث كانت مدينة شهارة واحدة من هجر العلم الرائدة في اليمن، وكانت لا تقل أهمية عن صعدة وصنعاء وذمار وزبيد.
وتم عمل سد ماء (بركة) شرق الجامع، غير بركة الجامع، وهي مسقوف عليه فلا يظهر إلا بابها وفتحتان على السقف للاضاءة، وهي تعرف بالسقاية, وهي مخصصة للشرب؛ حيث كانت الأولى مخصصة للوضوء.
القباب الثلاث
ومما يرفق بالجامع المقدس، ويعد من معالم المدينة المتميزة، القباب الثلاث البيضاء، والتي تميزت بالفن المعماري الأصيل، والهندسة البديعة، والنقوش الفريدة، والخطوط المختلفة.
إن منظر القباب الجمالي - علاوة على المعنى الديني، والمكانة الروحية - قد زاد المدينة جمالاً ورونقاً.
*القبة الاولى
وتقع شرقي الجامع مباشرة، بينهما مسافة القامة كطول الرجل، وبها باب يقابله باب من أبواب الجامع، وقد ضمت هذه القبة:
قبر اﻹﻣﺎﻡ اﻷﻋﻈﻢ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ بالله اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺮﺷﻴﺪ، ﻧﺴﺒﻪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ الإمام اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ.
ﻭالذي وﻟﺪ ﻓﻲ (12) ﺻﻔﺮ ﺳﻨﺔ (966ﻫـ) ﻓﻲ مدينة اﻟﺸﺎﻫﻞ، ﻭﻛﻔﻠﺘﻪ ﻋﻤﺘﻪ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮﺓ ﺃﻡ اﻟﻐﻴﺚ ﺑﻨﺖ ﻋﻠﻲ، وكانت تسكن اﻟﺮﻏﻴﻞ ﻏﺮﺑﻲ ﻣﺴﻮﺭ، ﻓﺄﺗﻢ ﻗﺮاءﺓ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻨﺪﻫﺎ، وﻧﺸﺄ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﻗﻮﺓ اﻟﻘﻠﺐ ﻭاﻟﺒﻄﺶ، وطلب العلم والتعلم حتى بلغ في العلم مبلغاً عظيماً.
ﻭﻛﺎﻥ اﺑﺘﺪﺃ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ ﻗﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺻﻔﺮ ﺳﻨﺔ (1006هـ), ﻭﻭﻓﺎﺗﻪ (12) ﺭﺑﻴﻊ ﺃﻭﻝ ﺳﻨﺔ (1026هـ).
*القبة الثانية
وتقع شرق القبة الأولى، وتمتاز عن القبة الأولى أنها أكثر إتقانا من الناحية المعمارية, وأبدع هندسة, وأجمل نقوشاً، وأكبر حجماً, وبينها وبين القبة الأولى ستة أمتار، وقبر بها:
اﻹﻣﺎﻡ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ عليه السلام, ﻭﻟﺪ ﺑﺸﻌﺒﺎﻥ ﺳﻨﺔ (990ﻫـ) ﻓﻲ ﺟﺒﻞ ﺳﻴﺮاﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺩاﻭﺩ.
ﺃﻣﻪ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﻨﺖ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻐﺮﺑﺎﻧﻲ اﻟﻌﻴﺎﻧﻲ, ﺑﺎﻳﻌﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﻭاﻟﺪﻩ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺭﺑﻴﻊ ﺳﻨﺔ (1029هـ), ﺗﻮﻓﻲ عليه السلام ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﺳﻨﺔ (1054ﻫـ) ﺑﺸﻬﺎﺭﺓ.
اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ [1080هـ - 1131هـ]
اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ.
*القبة الثالثة
وهي قبة واقعة بين القبتين، وقد حوت ثلاثة من العلماء الأفاضل:
الحسين ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺆﻳﺪ […. - 1084ﻫـ]
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ [1044- 1099هـ]
أخوه السيد إبراهيم بن الحسين.
وحول الجامع إلى جهة الشرق وإلي جهة الغرب العديد من قبور الصالحين والشهداء والعلماء والأفاضل.
مساجد شهارة
تحوي مدينة شهارة أكثر من (15) مسجداً، موزعة بشكل تنظيمي، ومصممة تصميماً معمارياً فريداً، ومزينة بأجمل النقوش والخطوط العربية، وقد بنيت أغلبها قبل (400) عام, بناها الامام القاسم وأبناؤه عليهم السلام، إلا أن المساجد التي بناها الإمام المؤيد عليه السلام تميزت بأنها تضم بابين للمسجد، باب للداخل وباب للصرح والمتوضأ، بتنسيق إبداعي فريد.
وللأسف الشديد قد تعرض أحد تلك المساجد الأثرية المباركة للهدم؛ بذريعة التوسعة قبل (15) سنة تقريباً، وكان في صرح هذا المسجد - المسمى سابقاً "مسجد الميدان" ومؤخراً "مسجد صبح"- قبران لعظيمين من عظماء المدينة, فتم إخراجهما من قبريهما ونقلهما إلى المقبرة المجاورة بذريعة التوسعة.
وتلك المساجد هي: مسجد باب النصر، مسجد الناصرة، مسجد النافر، مسجد باب النحر، مسجد الصلال، مسجد المحطة، مسجد الحافة، مسجد الميدان، مسجد الغرباني، مسجد دارة العقبة، مسجد سدالة، مسجد الشرقي،بالإضاقة إلى ثلاثة مساجد بشهارة الفيشز
وهناك مسجدان بنيا حديثاً، الأول منهما في الشرقي، وهو ملاصق لمسجد صبح، وللأسف فقد هجر مسجد صبح وأهمل، والثاني مسجد صغير عمل داخل حوش السجن الأثري بالمدينة للمساجين.
أهم الشخصيات التي حوتها المدينة:
لقد ظلت مدينة شهارة لعقود من الزمان حاضرة الإسلام ومدرسة العلوم, وقد وفد إليها وتخرج منها الكثير الطيب من العلماء والأئمة الذين انتشروا في الآفاق, وأسسوا المدارس وتخرج على أيديهم الآلف من العلماء, وهي تضاهي في ذلك كبار جامعات العالم الإسلامي.
ولقد ضمت مراقد الكثير من الأئمة والعلماء والفضلاء، وقد تقدم في ذكر القباب الضريحية بعض من منهم, وهنا سنورد بعضاً من أئمة الدين ومشاهير العلم المقبورين في مدينة شهارة:
اﻷﻣﻴﺮ "ﺫﻭ اﻟﺸﺮﻓﻴﻦ" ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻴﺎﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم, وقد تقدم الحديث عنه كثيراً.
الامام الهادي الحسن بن القاسم بن المؤيد عليه السلام.
اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭﻱ, ﻣﻮﻟﺪﻩ ﺳﻨﺔ (1007ﻫـ)، وﻭﻓﺎﺗﻪ ﺳﻨﺔ (1079هـ)، ﻭﻗﺒﺮﻩ ﺟﻮاﺭ ﻗﺒﺔ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ.
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺮﺷﻴﺪ "اﺑﻦ ﻋﻢ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ"، ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻋﺎﻣﻼً ﻓﺎﺿﻼً، ﺃﺟﺎﺯه اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻭﻣﺸﺎﻓﻬﺔ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭاﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ, ﺗﻮﻓﻲ ﺑﺸﻬﺎﺭﺓ ﺳﻨﺔ (1022هـ)، ﻗﺒﺮﻩ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺓ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ.
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺘﻘﻲ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ بن عامر "ولد المتقدم ذكره" ﻣﻮﻟﺪﻩ ﺑﺸﻮاﻝ ﺳﻨﺔ (1018ﻫـ)، وﻭﻓﺎﺗﻪ ﺑﺸﻬﺎﺭﺓ ﺳﻨﺔ (1056هـ)، ﻭﺩﻓﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮﺓ اﻟﺘﻲ ﻋﻨﺪ ﻗﺒﺔ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﺠﻮاﺭ ﻭاﻟﺪﻩ.
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﻌﺒﺎﻟﻲ, ﻫﻮ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﻧﺼﺎﺭ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭفاته ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﺟﺐ ﺳﻨﺔ (1084هـ).
ﺭﺃﺱ اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، اﻟﺬﻱ ﺳﻘﻂ ﺷﻬﻴﺪاً ﺑﺎﻟﺸﻘﺎﺕ، ﻏﺮﺑﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻌﺪﺓ، ﻣﻊ ﺯﻫﺎء (200) ﺷﻬﻴﺪ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻭﺣﺰ اﻟﺘﺮﻙ ﺭﺃﺳﻪ، ﻭﺧﻠﺴﻮا ﺟﻠﺪﺓ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺃﺭﺳﻠﻮﻩ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻌﺎء ﻣﻜﺚ ﺑﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻨﺘﻴﻦ، ﺛﻢ ﺣﻤﻞ اﻟﺮﺃﺱ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﺎء ﺇﻟﻰ ﺷﻬﺎﺭﺓ، ﻓﺪﻓﻦ اﻟﺮﺃﺱ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻗﺒﺮ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﻌﺒﺎﻟﻲ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا, ﺃﻣﺎ ﺟﺜﺔ اﻷﻣﻴﺮ ﻋﻠﻲ، ﻓﺪﻓﻨﺖ ﺑﻮاﺩﻱ ﻋﻼﻑ ﻏﺮﺑﻲ ﺻﻌﺪﺓ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﺔ.
اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺷﺮﻑ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﻌﻔﺎﺭﻱ ﺑﻠﺪاً اﻟﺸﻬﺎﺭﻱ ﻣﺴﻜﻨﺎً, ﻣﻮﻟﺪﻩ ﺳﻨﺔ (1041هـ)، ﺗﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻭﻣﻬﺪﻱ ﺑﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻌﻔﺎﺭﻱ، ﻭﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺣﺎﻛﻢ ﺷﻬﺎﺭﺓ، ﻭﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭﻱ، ﻭﺃﺻﻮﻝ اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ اﻟﻤﺤﺒﺸﻲ، ﻭﺗﻔﻘﻪ ﻫﺬا ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺧﺎﺗﻤﺔ ﺷﻴﻮﺧﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﻣﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ: ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻭاﻟﺤﺴﻦ ﻭاﻟﺤﺴﻴﻦ اﺑﻨﺎ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ، ﻭاﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ، ﻭﻭاﻟﺪﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ, قال عنه ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺎﺕ: "ﻛﺎﻥ ﺁﻳﺔ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻫﺪﻯ ﻭﻋﻠﻤﺎً ﻭﻓﻄﺎﻧﺔ ﻭﺫﻛﺎء ﻭﻓﻬﻤﺎً, ﺩﻗﻴﻖ اﻟﻨﻈﺮ ﺟﻠﻴﻞ اﻟﺨﻄﺮ ﺣﺎﻓﻈﺎً ﻣﺤﻘﻘﺎً ﻭﻣﺒﺮﺯاً ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺪﻗﻘﺎً، اﻣﺘﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎء، ﻭﺗﻌﻔﻒ ﻣﻦ اﻷﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﺫا ﺛﺮﻭﺓ ﻭﻣﺎﻝ ﻃﻴﻦ ﻳﺒﺎﺷﺮﻩ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻛﺜﺮ اﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﺮﻙ اﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺷﻬﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﺪﺓ ﻣﺮﺿﻪ, ﻭﻓﺎﺗﻪ:(3)ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺳﻨﺔ (1115هـ)، ﻭﺩﻓﻦ ـ رضوان الله عليه ـ ﻓﻲ ﺻﺮﺡ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺮﺓ اﻟﺪاﺧﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ اﻟﺼﺮﺡ.
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺷﺮﻑ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻜﺤﻼﻧﻲ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺗﺎﺝ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ اﻟﻤﺤﺘﺴﺐ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺤﺘﺴﺐ اﻹﻣﺎﻡ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﻫﺎﺷﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺰﻛﻴﺔ, ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮ اﻟﻈﻔﻴﺮﻱ، ﻭﺃﺧﺬ ﻋﻨﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﺸﺮﻓﻲ، ﻭﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭﻱ، ﻭﺷﺎﺭﻛﻬﻤﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ، ﻛﺎﻥ ﺇﻣﺎﻡ اﻟﺰاﻫﺪﻳﻦ ﻭﻗﺪﻭﺓ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ, ﺗﻮﻓﻲ ﺑﺬﻱ اﻟﻘﻌﺪﺓ ﺳﻨﺔ (1028ﻫـ), ﻭﺩﻓﻦ ﺑﻤﺸﻬﺪ اﻷﻣﻴﺮ ﺫﻱ اﻟﺸﺮﻓﻴﻦ ﺃﻳﻤﻦ اﻟﺒﺎﺏ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﺼﻞ، وﻋﻤﺮﻩ ﻧﺤﻮ ﻣﻦ (80)عاماً.
اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺷﺮﻑ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻧﻬﺸﻞ اﻟﻤﺤﺒﺸﻲ, ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ, ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ, ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺳﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭاﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻔﺎﺭﻱ، ﻭﻛﺎﻥ ﺧﺎﺻﺎً ﺑﺎﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻭﻛﺘﺐ ﻟﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺯﻳﺮاً ﻟﻪ، ﺛﻢ ﻟﻮﻟﺪﻩ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ, ﻭﻟﻪ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺃﺟﻼء ﻣﻨﻬﻢ: ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻖ اﻟﻤﺨﻼﻓﻲ، ﻭﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻈﻔﻴﺮﻱ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﺤﺴﻨﻲ، ﻭاﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ, ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻣﺤﻘﻘﺎً ﻋﺎﻣﻼً ﻣﺘﻮاﺿﻌﺎً، ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺻﻴﺎً للإمام اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ، ﻭﻧﻔﺬ ﻭﺻﺎﻳﺎﻩ، ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺿﻮﺭاﻥ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻬﺎﺭﺓ ﻭﺑﻬﺎ ﺳﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ (1098ﻫـ), ﻭﻗﺒﺮﻩ ﻓﻲ اﻟﺼﺮﺡ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻊ ﺷﻬﺎﺭﺓ.
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﻋﺪﻻﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻧﺴﺒﻪ ﺇﻟﻰ اﻹﻣﺎﻡ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ، اﺷﺘﻬﺮ ـ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ـ ﺑﻮﺯاﺭﺓ ﻭﻣﻨﺎﺻﺮﺓ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ.
ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻧﺰﻫﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﺰﺑﺎﺭﺓ: "ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻣﺒﺮﺯاً ﻭﺭﻋﺎً ﺯاﻫﺪاً ﺣﻘﻖ ﻭﺩﻗﻖ ﻭﺃﻓﺎﺩ ﻭاﺳﺘﻔﺎﺩ، ﻭﻛﺎﻥ ﺣﺎﻭﻳﺎً ﻟﺨﺼﺎﻝ اﻟﻜﻤﺎﻝ ﺟﻮﺩاً ﻭﺷﻬﺎﻣﺔ ﻭﻣﺠﺪاً ﻭﺭﻳﺎﺳﺔ ﻭﻓﺨﺎﻣﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﺑﺪﻋﻮﺓ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺑﺠﺪ ﻭاﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻭﺟﺎﻫﺪ ﻣﻌﻪ ﻭﺻﺒﺮ ﻭﺻﺎﺑﺮ، ﺛﻢ ﺃﺳﺮ، ﻭاﻋﺘﻘﻞ بشهارة، ﻭﺑﻘﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﺘﻘﻼً ﻣﺪﺭﺳﺎً، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﺭﺟﺐ ﺳﻨﺔ (1329هـ)".
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻔﺎﺿﻞ ﻟﻄﻒ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﺮﺗﻀﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻬﺎﺩﻭﻱ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺴﺤﻠﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳن.
اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﻦ ﺟﺤﺎﻑ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ.
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺣﻨﺶ اﻟﻈﻔﺎﺭﻱ، ﻣﻮﻟﺪﻩ: ﻓﻲ (966هـ), وقد ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭاﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﻨﻮﻥ، ﻗﺮﺃ ﻣﻊ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮﺥ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻈﻤﺎً ﻋﻨﺪ اﻹﻣﺎﻡ، ﺗﻮﻓﻲ: ﻓﻲ ﺷﻬﺎﺭﺓ اﻟﻤﺤﺮﻭﺳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺷﻮاﻝ سنة (1028هـ), ﻭﻗﺒﺮﻩ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻤﻴﺪاﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻗﺒﺮ ﺣﻲ اﻟﺴﻴﺪاﻟﻌﻼﻣﺔ ﺟﻤﺎﻝ اﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺒﺎﻟﻲ.
اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ الزاهد ﺻﻼﺡ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺴﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﻬﻨﻰ ﺑﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻧﺠﻢ ﺁﻝ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ, ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ (9) ﺭﺟﺐ ﺳﻨﺔ (1048هـ), ﻭﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ذي الشرفين حرسها اﻟﻠﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻀﻼء اﻟﻌﺘﺮﺓ ﻭﺃﺋﻤﺘﻬﺎ، ﻋﻠﻤﺎً ﻭﻋﻤﻼً ﻭﺟﻬﺎﺩاً ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻋﺎﺿﺪ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻛﺎﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ اﻟﻔﺘﻴﺎ ﻭاﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺮﺳﺎﺋﻞ، ﻭﻣﻤﺎ ﺃﻭﺻﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻩ ﺭﺿﻮاﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ:
"ﻟﻤﺎ ﻋﺪﻣﺖ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﻟﻘﻰ ﺑﻬﺎ .... ﺭﺑﻲ ﺗﻘﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﻟﻴﻢ ﻋﻘﺎﺑﻬﺎ
ﺻﻴﺮﺕ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺳﻴﻠﺔ .... ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻬﺎ ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻬﺎ ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻬﺎ".
اﻟﺴﻴﺪ العلامة اﻟﻤﺠﺎﻫﺪ، ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺻﻠﻮاﺕ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﺒﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ, ﺗﻮﻓﻲ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﺨﻤﻴﺲ (5) ﺭﺟﺐ ﺳﻨﺔ (1019هـ)، ﻭﻗﺒﺮﻩ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻤﻴﺪاﻥ.
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷﺟﻞ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﻬﺒﻞ، ﺗﻮﻓﻲ يوم (24) ﺷﻮاﻝ ﺳﻨﺔ (1038هـ), ﻭﻗﺒﺮﻩ بالسرار.
العالمة الشاعرة زينب الشهارية.
المصادر/
النبذة المشيرة في جمل من عيون السيرة
هجر العلم ومعاقله في اليمن
التحف شرح الزلف
بهجة الزمن
مطلع البدور ومجمع البحور
طبقات الزيدية الكبرى
التراث اليمني في المكتبات الخاصة
تمهيد
الجامع الكبير هو أول جامع إسلامي عُمِرَ في اليمن, وثالث جامع عُمِرَ على وجه البسيطة بعد البعثة النبوية, فقد بني بعد مسجد قبا والمسجد النبوي, ويحظى الجامع الكبير بمكانة عليَّة، ويحتل أهمية بالغة في الموروث الإسلامي والمعماري والحضاري, يزيده قدراً وأهمية أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله هو من أمر ببنائه وحدد قبلته, ولم يقتصر دوره ـ في مراحل التاريخ ـ على الدور العبادي فقط, بل كان جامعة إسلامية ومدرسة علمية, تخرج منها كبار الأئمة والعلماء, وآلاف الحفاظ والقراء, ولقد استطاع الجامع الكبير بما يتمتع به من مؤهلات حضارية وفنية ودينية أن يسجل حضوره القوي والمتميز, حتى بات لزاماً على أي كاتب أو مؤرخ يريد الحديث عن صنعاء ـ مع ما فيها من مظاهر الحضارة والآثار الضاربة في أعماق التاريخ ـ أن يطوف عليه؛ ليعطيه حظه من يراعه، ولا يستطيع أن يتجاهله.
أسماء الجامع
تعددت في المصادر التاريخية الأسماء التي أطلقت على الجامع الكبير, فقد أطلق عليه:
مسجد الجماعة, والمسجد الجامع, ومسجد صنعاء, والمسجد النبوي الصنعاني, وجامع صنعاء الكبير المقدس, ومسجد الجامع الكبير, ومسجد الجامع, والجامع الكبير.
الموقع والمساحة
حدد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الساحة التي يبنى عليها الجامع الكبير كما رواه ابن هشام في السيرة: "أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر ببناء جامع صنعاء بين الحجر الململم وبين غمدان", والحجر الململم هو الحجر المغروز في الصرح الغربي للجامع وقصر غمدان هو القصر المعروف الواقع في الجهة الشرقية, وهذه المساحة واقعة في النصف الجنوبي لمدينة صنعاء، والذي كان يسمى تاريخياً "القطيع", وهو يتوسط المدينة الأثرية والأقدم من بين المدن اليمنية صنعاء حاضرة التاريخ وربيبة الحضارة, وتبلغ مساحة الكتلة الخارجية للجامع 65م ×77م وارتفاع الجناحين الشرقي والغربي 10م بينما ارتفاع الجناحين الشمالي والجنوبي7م تقريباً. [الحداد, مسجد صنعاء, ص43].
وصف الجامع الكبير
الجامع الكبير عبارة عن كتلة مكعبة الشكل، مربعة المساحة، استخدم في بنائها أحجار الحبش الأسود، التي كما قيل أخذت من أطلال قصر غمدان, ولا يوجد للجامع الكبير أي نوافذ تطل على الخارج, يعرف التخطيط الذي صمم به الجامع "بالتخطيط الإيواني" والذي يقوم على وجود مساحة مفتوحة في وسط الجامع تعرف بالصحن الداخلي أو الصوح الشماسي، ومساحة الصحن الداخلي للجامع الكبير تقدر بـ 38.5م × 39م و يحيط به من الجهات الأربع أجنحة الجامع (الأروقة), وفيها 19 فتحة من جهة القبلة والشرق والغرب تنفذ إلى الشماسي, وهي عبارة عن فتحات واسعة على شكل عقود مبنية على أسطوانات (دعائم), جعلت المسافة بين كل أسطوانتين 3.5م .
أروقة الجامع
يحيط بالصوح الشماسي للجامع أربعة أروقة (أجنحة):
الرواق القبلي وتقدر أبعاده بحوالي (61م × 19.5م).
والرواق الجنوبي ويقدر (60م × 15م)، وأما الرواق الغربي فيقدر (39.75م × 11م) والرواق الشرقي (11م × 41.5م).
خشب السقف
سقف الجامع يتكون من قطع خشبية مصندقة، ذات زخارف فنية وإسلامية بديعة نفذت بطريقة الحفر البارز والغائر، ويوجد تحت السقف المنحوت حزام خشبي محفورة عليه بالخط الكوفي البسيط والمورق آيات القرآن الكريم وغيرها من العبارات.
والسقف من خشب الساج، وكان يعتقد أن عمر هذا الخشب يرجع إلى عصر بني يعفر, غير أن هذا الاعتقاد السائد يفنده ما توصلت إليه التجارب المخبرية؛ حيث أخذت عينات من خشب الجامع وارسلت إلى المعامل في إيطاليا، فتبين أن سقف الجامع هو من خشب الساج, وأنه حين سقف به الجامع لم يكن جديداً بل كان عمره يتراوح بين (250 ـ 450) سنة, كما ذكر الباحث الحداد في كتابه "مسجد صنعاء", ثم خلص الحداد إلى أن الأخشاب التي سقف بها الجامع أخذت من مباني تهدمت، ورجح أن تكون من كنيسة القليس وقصر غمدان، اللذين هُدما أثناء الغزو الحبشي الثاني لليمن بين عامي (753م ـ 775م).
ومن الملاحظ أن خشب سقف الجناح الشرقي للجامع يختلف عن خشب سقف بقية الأجنحة من حيث الجودة والزخارف، وهو ما يرجح أن يكون الجناح الشرقي عمر في وقت متأخر عن بناء بقية الأجنحة، وأنه كان في عصر أسعد بن يعفر.
أسطوانات الجامع
ويبلغ عدد الأسطوانات "الدعائم" في الجامع الكبير (180) أسطوانة تتوزع على الشكل التالي:
(75) في المقدم، و(30) في الجناح الشرقي، و30)) في الجناح الغربي، و((45 في المؤخر.
أبواب الجامع
للجامع الكبير (13) باباً موزعة على الشكل التالي:
ثلاثة في الجهة الشمالية، اثنان منسدان، أحدهما يستخدم من الداخل خزانة للمصاحف يوم الجمعة والأخر يستخدم خزانة يومية بينهما باب ثالث يعرف بـ"الباب القبلي"، والذي يفتح لدخول الخليفة أو الوالي أو الرئيس عندما يحضر لصلاة الجمعة, ويقع هذا الباب عن يمين المحراب, وهو كما يذكر المؤرخ الحجري من الأبواب الأثرية الحميرية قيل: إنه من أبواب قصر غمدان، وفيه صفائح فولاذية متقنة الصنعة، ومن ضمنها لوحان مكتوبان بالمسند الحميري.
وباب وحيد في الجهة الجنوبية يطلق عليه "الباب العدني".
وخمسة أبواب من الجهة الشرقية، وهي: "الباب المنسد" والذي يستخدم من الداخل كخزانة للكتب، وهو من الجنوب، يليه "باب الدحاح" وبعده مباشرة "الباب الأوسط" و"الباب المفتوح" و"باب الرعد".
وأربعة أبواب من الجهة الغربية، وهي من الجنوب على التوالي "باب المطاهير" و"الباب الطويل" و"باب الكرع" و"باب الكشك", وبعض هذه الأبواب مفتوح باستمرار، وبعضها لا يفتح إلا في المناسبات الدينية كالجمعة ورمضان ونحوهما.
المنارتان
للجامع الكبير منارتان:
الشرقية، وتقع في الركن الجنوبي الشرقي من الصوح الداخلي، ويبلغ ارتفاعها 35.8)م)، وهي عبارة عن أربعة أجزاء:
الجزء الأسفل، وهو مربع الشكل يبلغ ارتفاعه (13.65م)، وينتهي بالدوار الأسفل.
والجزء الأوسط، وهو أسطواني الشكل، ويبلغ ارتفاعه (11م)، وينتهي بالدوار الأعلى.
والجزء الأعلى، وهو مضلع سداسي الشكل، يبلغ ارتفاعه (8.15م).
والقبلة يبلغ ارتفاعها نحو 2.90)م).
الغربية، وتقع في الركن الجنوبي الغربي من المقصورة الغربية, ويبلغ ارتفاعها (36م)، وهي أربعة أجزاء:
الجزء الأسفل، وهو مربع الشكل يبلغ ارتفاعه (13.65م)، وينتهي بالدوار الأسفل.
الجزء الأوسط، وهو أسطواني الشكل، ويبلغ ارتفاعه (8.61م)، وينتهي بالدوار الأعلى.
الجزء الأعلى، وهو مضلع سداسي الشكل ارتفاعه (7م).
القبلة يبلغ ارتفاعها نحو (2م).
مكتبة الجامع الكبير
مكتبة الجامع الكبير تعد من أعظم المكاتب الإسلامية من حيث احتواءها على نفائس الكتب العلمية وأشهر المخطوطات القيمة.
التراث الفكري اليمني غني بالكتب النافعة والمؤلفات الجليلة, ولقد ضمت مكتبتا الجامع الكبير - الشرقية والغربية - نفائس المؤلفات، وجليل الموسوعات في مختلف العلوم والفنون، ويقدر عدد المخطوطات الموجودة في المكتبتين بأكثر من 10 آلاف مخطوطة، كما ذكر ذلك الأكوع في كتابه "مصاحف صنعاء", وتتميز مكتبة الجامع الكبير بـ:
احتوائها على أندر المخطوطات العالمية، كـ"مصحف الإمام علي" الذي كتب في زمن الصحابة كما يعتقد بعض الباحثين.
وكتاب "ديوان ذي الرمة"، والذي كتب في القرن الثالث من الهجرة, والجزء الرابع والثامن من "كتاب سيبويه".
احتوائها على مخطوطات كتبت بخط مؤلفيها، كالقسم الآخير من كتاب "العقد الفاخر الحسن" للمؤرخ الخزرجي, وكتابي "الإيجاز" و"الانتصار" للإمام يحيى بن حمزة، وبعض أجزاء "فتح الباري" لابن حجر، وغير ذلك من المخطوطات التي كتبت بخط مؤلفيها.
احتوائها على مؤلفات لا توجد في أي مكتبات العالم, وهي نسخة كتاب "المغني" للقاضي عبدالجبار.
احتوائها على مخطوطات محجوبة بماء الذهب، ككتاب "القاموس" للفيروز أبادي, وكتاب "الإسعاف في شرح شواهد الكشاف" للشيخ خضر بن عطا الله.
القبور
ضم الجامع الكبير عدداً من القبور، وهي على النحو التالي:
1- قبر النبي حنظلة بن صفوان، وهو ملاصق للجدار الشمالي للمئذنة الغربية.
2- قبران أحدهما للشريف "محمد" بن موسى، ويصل نسبه إلى العباس بن علي بن أبي طالب، ونقل من خط القاضي العلامة يحيى بن إسماعيل الجُباري المتوفي سنة (1102هـ) أنه قبر الشريف الحسن بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
والأخر لشريف من ذرية الحسن بن علي، ويقع القبران بجوار الجدار الغربي للمئذنة الشرقية.
3- قبة العوسجة، وتقع هذه القبة في الركن الغربي الجنوبي للجامع، قال الدرسي في دليل الزائر: "وفيه قبة كانت قديماً يطلق عليها (العوسجة) وقد ادخلت في الجامع الكبير، ولكن للأسف الشديد كثير من الناس لا يعلمون البتة أن هناك قبور أئمة، والسبب في ذلك هو إغلاق القبة، وبتعبير أوضح سد أبوابها ونوافذها حتى لا يعلم من فيها، وهي في الطريق الداخل إلى الجامع من جهة المطاهير على جهة اليمين".
وقد ضمت القبة قبوراً لعدد من الأئمة والعلماء، وهم:
- الإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى المتوفي (728هـ).
يعد الإمام المهدي من أئمة الزيدية الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؛ حيث قام بالإمامة في سنة (701هـ)، ولقد ملك اليمن ومكن الله له فيها، فامتدت دولته إلى شمالها وجنوبها حتى عدن وأبين, ولقد أقام العدل والحق، وتعتبر دولته من غرر الدول التي حكمت اليمن، حتى عده الإمام مجد الدين المؤيدي سلام الله عليه ممن جدد الله بهم الدين.
ترك الإمام المهدي عدداً من المؤلفات النافعة، منها: "المنهاج الجلي شرح مجموع الإمام زيد بن علي"، وهو في أربعة مجلدات، و"عقود العقيان في الناسخ والمنسوخ من القرآن"، ويحوي من علوم التفسير فرائد ثمينة، وله في العربية "الكواكب الدرية شرح الأبيات البدرية"، وله "مجموع المهدي".
توفي الإمام المهدي عليه السلام في 22 ذي الحجة من سنة 728هـ، وعمره 70 سنة.
- الإمام المطهر بن المهدي المتوفي سنة (802هـ).
قال في التحف شرح الزلف في ترجمته: "الإمام الواثق بالله المطهر بن الإمام المهدي محمد بن المطهر، كان من علماء العترة الزكية، وهو صاحب الأبيات الفخرية التي مستهلها:
لا يستزلك أقوام بأقوال
ملفقات حَرِيات بإبطال
لا ترتضي غير آل المصطفى وزراً
فالآل حقاً وغير الآل كالآل
فآية الود والتطهير أنزلتا
فيهم كما قد رووا من غير إشكال
وهل أتى قد أتى فيهم فما لهم
من الخلائق من ند وأشكال
وهم سفينة نوح كل من حملت
أنجته من أَزْل أهواء وأهوال
والمصطفى قال إن العلم في عقبي
فاطلبه ثم وخل الناصب القالي
وكان في أيام المؤيد بالله يحيى بن حمزة، وتخلى عن الإمامة في عصر الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد.
وفاته: سنة اثنتين وثمانمائة عن تسع وتسعين سنة، وله الرسالة المشهورة المتضمنة لأنواع العلوم المسماة: بـ"الدر المنظوم".
- يحيى بن الحسين بن يحيى صاحب "الياقوته" المتوفي سنة (729هـ).
قال في ترجمته في كتاب مطلع البدور: "السيد العماد حافظ الشريعة يحيى بن الحسين بن يحيى بن علي بن الحسين وله الياقوتة، والجوهرة، وكتاب في الفقه يسمى اللباب، توفي وعمره نيف وستون".
- محمد بن إدريس الحمزي صاحب "غلة الصادي" المتوفي سنة (714هـ).
جاء في ترجمته في مطلع البدور: "أبو القاسم محمد بن إدريس بن علي بن عبد الله بن الحسن بن حمزة بن سليمان، كان شمساً مضيئة الأنوار، وعلماً من أعلام العترة الأطهار.
صنف في التفسير كتباً، أحدها (التيسير)، والآخر (الإكسير الإبريز في تفسير القرآن العزيز)، وله (التحرير)، وله (الحسام المرهف تفسير غريب المصحف)، وله (الدرة المضية في الآيات المنسوخة الفقهية)، وله في الفقه (شفاء غلة الصادي في فقه الهادي)، وله (النور الممطور في فقه المنصور)، وله (الذخرة الزاخرة في مناقب العترة الطاهرة)، وله شرح على (اللمع)، وله في التفسير أيضاً (المنهج القويم في تفسير القرآن الكريم)، ثم فرغ منه في عام أربع وثلاثين وسبعمائة بقرية (بيت بوس)".
الجامع الكبير مراحل البناء وتاريخ العمارة
يرجع بناء الجامع الكبير إلى صدر الإسلام، وبالتحديد في السنة السادسة للهجرة النبوية, ومن ذلك الحين حتى يومنا هذا تعاقبت على الجامع الكبير الزيادات والاصلاحات والأحداث, وتناولته أيدي الزمان هدماً وتعميراً, وكان في كلها شامة العلم ومنارة العبادة, عاش في ظله الفضلاء, ونبغ من سوحه العلماء, وتخرج من مدرسته الأئمة.
أول من بناه
مع الاتفاق على أن بناء الجامع الكبير بصنعاء كان في السنة السادسة للهجرة بأمر من الرسول صلوات الله عليه وعلى آله, إلا أن المؤرخين اختلفوا حول الشخصية التي قامت ببنائه, وقد أوردوا أربع شخصيات، وهي: (وبر بن الأحنس الأنصاري, وفروة بن مسيك المرادي, وأبان بن سعيد بن العاص, والمهاجر بن أمية المخزومي شقيق أم المؤمنين أم سلمة), ومن الملاحظ أن هؤلاء الصحابة تعاقبوا على ولاية صنعاء في عهد النبي, ويرجح بعض الباحثين أن يكون وبر بن الأخنس الأنصاري هو من قام ببنائه, وقد أورد المؤرخ الحجري في كتابه مساجد صنعاء كلام المؤرخ العلامة أحمد بن عبدالله الرازي في كتابه تأريخ صنعاء: "إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر وبر بن الأحنس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء والياً عليها فقال له ادعهم إلى الإيمان فإن أطاعوا لك به فاشرع لهم الصلاة فإن أطاعوا لك بها فأمر ببناء المسجد في بستان باذان ما بين الصخرة الململمة إلى غمدان، قيل إن الصخرة المشار إليها هي الموجودة الان في الصوح الغربي في أصل أساس الجدار الغربي من الجامع".[الحجري, مساجد صنعاء, ص27].
التوسيع الأول للجامع الكبير
يذكر الرازي في كتابه (تاريخ مدينة صنعاء, ص136): "ولما أفضت الخلافة إلى الوليد بن عبدالملك بن مروان الأموي في آخر المائة الأولى من الهجرة النبوية، كتب الوليد لأيوب بن يحيى الثقفي بالولاية على صنعاء واليمن، وأمره أن يزيد في الجامع الكبير ويبنيه بناء جيداً محكماً، فبناه أيوب بن يحيى وزاد فيه من نحو قبلته الأولى إلى موضع قبلته اليوم، وحضر وهب بن منبه ذلك، وقال لهم إن أردتم أن تنصبوا قبلته فاستقبلوا به ضين (الجبل المشهور شمال صنعاء)"[الحداد, مسجد صنعاء, ص139].
التوسيع الثاني للجامع الكبير
يذكر المؤرخون أن الجامع الكبير مر بإصلاحات وتوسيع في عهد العباسيين, وبعض المؤرخين يرجعون تلك الاصلاحات إلى والي صنعاء عمر بن عبد المجيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب, وهو أول من ولي صنعاء لبني العباس، ويذكرون أنه أول من بوب أبواب الجامع الكبير, قال السيد العلامة المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي في تأريخه إن الأمير علي بن الربيع أحد من تولى لبني العباس جدد عمارة الجامع الكبير في سنة 136هـ" [الحجري, مساجد صنعاء, ص29].
ويوجد في جدار مكتبة الجامع الكبير لوح من البلق حفر عليه بالخط الكوفي ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم, لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون, أمر المهدي عبدالله أمير المؤمنين أكرمه الله بإصلاح المساجد وعمارتها على يد الأمير علي بن الربيع أصلحه الله في سنة ستة وثلاثين ومائة أعظم الله أجر المهدي وقبل عمله".
والخليفة المهدي العباسي خلافته بعد خلافة السفاح، فعلى ذلك يكون الجامع الكبير قد مر في بداية العصر العباسي بعمليتي اصلاح، في عهد السفاح بمساعي عامله عمر بن عبدالمجيد، وفي عهد المهدي بواسطة عامله علي بن الربيع.
عمارة الجامع في زمن بني يعفر
تعرضت صنعاء لسيل عظيم في سنة 265هـ، وقيل قبل ذلك, عرف بسيل "يعمد" فدمر جزءاً كبيراً من مدينة صنعاء بما في ذلك جامعها الكبير, حتى بلغ عدد الدور التي تخربت 1200 دار, كما نقله الحداد عن ابن جرير الصنعاني في كتابه تأريخ صنعاء.
ويذكر المؤرخون أن الأمير اليعفري محمد بن يعفر الحوالي قام في سنة 265هـ بإعادة بناء الجامع الكبير بعد أن خربه سيل "يعمد"، وقد بناه على ما هو عليه اليوم بهذه السقوف المتقنة والصنعة المحكمة، وقد جعل جميع أخشابه التي في السقف سواء في الجانب القبلي أو العدني أو الغربي من الساج.
ويذكر المؤرخ الحبيشي أن جملة ما أنفقه بنو يعفر في بناء الجامع الكبير 350000 دينار يعفري, والدينار اليعفري كان يساوي في ذلك الوقت ثلاثة دنانير ملكية. [الحداد, مسجد صنعاء, ص43].
عمارة الجناح الشرقي
يَذكرُ الحجري في كتابه [مساجد صنعاء, ص31] نقلاً عن المؤرخ يحيى بن الحسين في تاريخه (أنباء الزمن) أنَّ الملكة أروى بنت أحمد سنة (525هـ / 1130م) قامت بزيادة الجناح الشرقي للجامع الكبير, لكن المؤرخ ابن أبي الرجال ذكر في كتابه مطلع البدور في ترجمة إبراهيم بن محمد ما نصه: " ونسب هذا العلامة يلتقي بنسب أسعد بن أبي يعفر الذي عمر مجنب (جامع صنعاء الشرقي) في سنة نيف وستين ومائتين" [ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج1/ ص94].
وهذا يخالف ما ذكره الحجري عن صاحب أنباء الزمن, وهو ما أكده الحداد نقلاً عن المؤرخ السياغي في كتابه معالم الآثار اليمنية.
ويؤيد ما جاء في كلام صاحب مطلع البدور ما ذكره الباحث الحداد نقلاً لكلام المؤرخ والرحالة المسعودي في كتابه "مروج الذهب" ما نصه: "دخلت صنعاء في حدود ثلاث وثمانين ومائتين يعني من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام فرأيت الشريف يحيى بن الحسين يعني الهادي إلى الحق صاحب صعدة واليمن, قاعداً على رأس غمدان وعنده ابن يعفر, وهو يأمره وينهاه, والحجارة تنقل من غمدان لعمارة الجامع"[الحداد, مسجد صنعاء, ص43].
والمراد بابن يعفر في كلام المسعودي الملك اليعفري أسعد بن يعفر, وكلام المسعودي والذي يحكي فيه مشاهداته يدل على أن أسعد بن يعفر قام بإصلاحات في سنة 283هـ في الجامع الكبير, وأن الذي أشرف على تلك الإصلاحات الإمام الهادي يحيى بن الحسين سلام الله عليه, وهو يؤيد ما جاء في مطلع البدور, لكن التاريخ الذي أورده في مطلع البدور وهو سنة مائتين ونيف وستين يخالف التاريخ الذي ذكره المسعودي من أن ذلك كان في سنة 283هـ, وكلام المسعودي أدق وأصح للآتي:
أولاً: يحكي المسعودي عن مشاهداته, بينما صاحب مطلع البدور المتوفي سنة 1092هـ ينقل عن كتب التاريخ أو من محفوظات الشيوخ.
ثانياً: أسعد بن يعفر إنما تولى ملك بني يعفر عام 279هـ, بينما في سنوات الستين بعد المائتين كان المتولي لملك بني يعفر محمد بن يعفر.
ثالثاً: يكاد يجمع المؤرخون أن محمد بن يعفر قام بعمارة الجامع الكبير في سنة 263هـ وهي السنة التي ذكر صاحب مطلع البدور أن أسعد بن يعفر قام فيها بعمارة الجامع الكبير.
وهنا يجب أن ننبه أنه ربما ذهب البعض إلى أن الجناح الشرقي من عمارة بني يعفر لكنه يرد ذلك إلى الملك اليعفري محمد بن يعفر, لكن رواية المسعودي تدل على أن أسعد بن يعفر هو من قام بعمارته, وعلى الرغم من أن هذا البعض لا يستند في كلامه على حقائق تاريخية وإنما استنتاجات، فهناك قرينة تدل على صحة كلام المسعودي، وهي أن الزخارف الموجودة في سقف الجناح الشرقي تختلف عن الموجودة في الأجنحة الأخرى التي اتفق المؤرخون على أن محمد بن يعفر أو ولده إبراهيم هما من قاما بعمارتها، وهو ما يؤكد صحة الرأي الذي يقول أن أسعد بن يعفر هو من عمر الجناح الشرقي.
عمارة المنارتين الغربية والشرقية
في جدار المنارة الغربية للجامع الكبير يوجد لوح حجري أبيض، في الجهة الشرقية منها، كتب عليه بالخط العربي أن الأمير وردسار بن بنامي الشاكاني أحد قواد الأيوبين، والذين حكموا صنعاء قد قام في سنة 603هـ، بإصلاح المنارة الغربية للجامع, كما ذكر ذلك الحجري في كتابه [مساجد صنعاء, ص31].
كما أن الأمير نفسه قام بإصلاح المنارة الشرقية, واستناداً لما أورده الباحث الحداد نقلاً عن القاضي العرشاني المتوفي (626هـ) في كتابه الاختصاص، والذي كان شاهد عيان؛ إذ كان قاضي صنعاء، أن وردسار الشاكاني هو من قام بإصلاح المنارتين الشرقية والغربية بعد أن كانتا تهدمتا.[الحداد, مسجد صنعاء, ص157]
ويستنتج الحداد استناداً إلى كلام العرشاني أن الانتهاء من بناء المنارة الشرقية في 7 صفر603هـ, بينما كان الفراغ من بناء المنارة الغربية في 16 رمضان من نفس العام.
ويذكر المؤرخ الحجري في كتابه "مساجد صنعاء" أنه حصل خلل في المنارة الشرقية في أول القرن 14 الهجري، فقام بإصلاحها والي الأوقاف القاضي حسين بن علي العمري من أموال الحاج محمد بن علي صبره؛ إذ أوصى بثلث ماله في المحاسن.
تجديد المطاهير والبركة
يذكر المؤرخ الحجري أن الإمام الناصر صلاح الدين محمد ابن الإمام المهدي علي بن محمد المتوفى سنة 739هـ, قام بتجديد عمارة المطاهير والبركة على ما هي عليه في وقت المؤلف أي حوالي سنة 1358مـ.
بناء منبر الجامع
في سنة 984هـ أمرَ الوزير مراد باشا ببناء منبر للجامع ونحت اسمه على المنبر فوق بابه على أصله إلا أن وضعه كما يذكر القاضي الحجري كان حائلاً دون إكمال الصف الأول, فأمر الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين سنة 1338هـ بإصلاحه وتعديله, ويذكر الحداد أن المنبر الحالي صنع في سنة 1410هـ.
عمارة الصوح الواسط (الشماسي)
في عهد الوزير العثماني سنان باشا حدثت عدة إصلاحات للجامع الكبير، منها رصف صرح الجامع المعروف بالشماسي بالحجر الحبش على ما هو عليه, وكان ذلك في مطلع القرن الحادي عشر الهجري، وقد اختلف في أي سنة، فقيل: سنة 1012هـ، وقيل: 1016هـ.
كما قام الوزير المذكور ببناء القبة الواقعة في وسط الصرح، والتي يطلق عليها "قبة الصليط"، وهي تتكون من طابقين، الأعلى للمصاحف، والأسفل للزيت والصليط الذي يستخدم في إضاءة المسجد.
ويذكر المؤرخ الحجري أن الجدار المحيط بالصوح من محاسن الحاج أحمد عطا في سنة 1326هـ.
عمارة المنازل
عرفت مدارس اليمن العلمية بالمنازل التي تعتبر سكناً لطلبة العلم، ولما كان الجامع الكبير يعتبر كجامعة علمية تحظى بإقبال كبيرة من طلبة العلم، فقد بنيت حوله منازل في سنة 1250هـ، أمر بعمارتها المهدي عبدالله بن المتوكل, وتقع في جهة الغرب للجامع وعددها 50 غرفة.
كما قام المهدي المذكور بتوسعة الساحة الواقعة أمام باب القبلة.
المكتبة الشرقية
في سنة 1355هـ أمر الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين ببناء المكتبة الشرقية للجامع، لحفظ نفائس الكتب الموقوفة على الجامع, وكانت الكتب توضع قبل بناء المكتبة في خزانة داخل الجدار الشرقي لمؤخر الجامع تعرف "بخزانة الوزير".
كما كان للإمام المتوكل عدد من الإصلاحات في الجامع، والتي منها:
* عمارة السقفين الواسطين في الجناحين "الشرقي والغربي" للتخفيف من زحمة الناس يوم الجمعة، وقد عمرا من الأخشاب الجاوية والألواح الهندية, وقد أزيلا في عام 1972م.
* عمارة الدرج من الجنوب الغربي في صوح الجامع إلى سطح المؤخر.
* حفر البئر الغربية للجامع وعمارتها وعمارة سواقيها إلى مطاهير الجامع.
* عمارة سبيل الماء؛ ليغترف منها الناس للشرب.
المكتبة الغربية
في عهد الإمام أحمد حميد الدين، وفي عام 1380هـ بالتحديد أمر الإمام نائبه على صنعاء علي بن علي زبارة ببناء المكتبة الغربية.
وكان للإمام أحمد عدد من الإصلاحات في الجامع، منها:
* في عام 1368هـ أمر الإمام بتوصيل الماء من بئر الحميدي إلى الجامع الكبير عبر أنابيب من الفخار.
* في عام 1370هـ أمر الإمام ناظر الأوقاف قاسم حسين أبو طالب بتجديد عمارة الجزء الشرقي من الجدار الجنوبي للجامع.
* وفي عام 1373هـ أمر الإمام ببناء جدار مقابل للمطاهير بين الدعامتين المواجهتين لباب المطاهير وباب الصوح الغربي, كما قام بعدها بسنة أي عام 1374هـ بترميمات واسعة في سطح الجامع.
* في عام 1380هـ أمر الإمام ببناء توسعة في الساحة الواقعة جنوب الجامع.
الجامع الكبير مدرسة علمية وجامعة عالمية
ظل الجامع الكبير ولا زال مدرسة علمية رائدة، وجامعة عالمية مجددة، تخرج منها الآلاف من الأئمة والعلماء والحفاظ والقراء, وهو لا يقل أهمية عن جامع الأزهر بمصر والزيتونة بالمغرب, ولقد وفد إليه منذ فجر الإسلام العلماء وطلاب العلم من مختلف الأقطار, ويكاد يقطع الباحث أن حلقات العلم والدرس لم تنقطع عنه من يوم الإسلام الأول حتى يومنا هذا.
"وقد كان هذا الجامع من الجوامع العامرة بشيوخ الفقه والتلاميذ من العاصمة وخارجها؛ لأن حول الجامع سوراً من الغرف المكونة من طابقين أو ثلاثة، وذلك لإيواء الطلاب الوافدين من الأرياف".[المدن والآثار الإسلامية في العالم, أحمد الخالدي].
"ومن أهم تلك الجوامع الجامع الكبير بصنعاء الذي يعد مقصداً لجميع طلبة العلم لاحتوائه على منازل عديدة يأوي إليها المهاجرون من طلبة العلم، ولتعدد الحلقات العلمية به لتعدد الأساتذة المدرسين، الذي بلغ عددهم في منتصف فترة حكم الإمام يحيى حوالي ستة عشر شيخاً مدرساً، وبلغ عدد الطلاب الملتحقين بهم قرابة الأربعمائة طالب منتظم [د. زيد علي الفضيل, الحركة الثقافية في اليمن وإنعكاساتها السياسية].
ولقد كانت تدرس في سوح الجامع الكبير كل العلوم, وتقام حلقات الدرس في مختلف الفنون, ومن العلوم التي لم ينقطع الدرس فيها عن الجامع الكبير علم القراءات، وعلم الحديث، والعقيدة، والفقه، والسيرة، وعلم اللغة بأقسامه, وغيرها من العلوم, ولقد كان لعلم القراءات الحظ الأوفى حفظاً وإتقاناً, ولقد احتفظ المشائخ والقراء بهذا العلم وتوارثوه ونقلوه بالإجازة المسندة بالحفاظ إلى زمن الرسول الأكرم, ومن أشهر القراء الذين سكنوا صنعاء منذ بدايات الاسلام أبو خليفة القارئ عبدالله بن خليفة الهمداني المتوفي في القرن الثاني, وعطاء بن مركيوذ, وعبدالله بن مرثد بن يزيد, وطاووس بن كيسان (106هـ), وعبدالله بن صالح بن غسان الكوفي والذي وفد إلى صنعاء وتوفي بها في القرن الثالث الهجري.
وهكذا ظل الجامع الكبير يزخر بعلماء القراءات وحفاظ القرآن الكريم إلى يومنا هذا، والذي يعتبر تعدادهم في هذا المقال نوعاً من المحال؛ لكثرتهم وغزارة أسمائهم عبر التاريخ الاسلامي.
ولم يكن الدور العلمي للجامع الكبير مقتصراً على علم القراءات فقط، بل كان دوره شاملاً لجميع العلوم, وكان التلقي فيه لمختلف الفنون, وعلى هذا النسق حافظ الجامع الكبير على مكانته بين جامعات الدنيا ومؤسسات العالم العلمية.
المراجع/
مسجد صنعاء للأستاذ عبدالرحمن محمد حسين الحداد
مساجد صنعاء عامرها وموفيها للقاضي محمد بن أحمد الحجري
مطلع البدور للقاضي العلامة محمد صالح أبو الرجال
التحف شرح الزلف للمولى العلامة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي
تاريخ صنعاء منذ فجر الإسلام وحتى أواخر القرن الرابع الهجري, للدكتور طارق أبو الوفا محمد
الحركة الثقافية في اليمن وإنعكاساتها السياسية, د. زيد علي الفضيل
الشاهل مديرية من مديريات محافظة حجة، وهي مدينة جبلية تقع في وسط المحافظة، وتضم أربع عزل (جانب اليمن، جانب الشام، الأمرور، مديخة).
وتبلغ مساحتها حوالي 195,70كم2، وارتفاعها 1339متر.
وتُعد مديرية الشاهل إحدى مديريات قضاء الشرفين (الشاهل، المحابشة، المفتاح، كحلان، أفلح الشام، أفلح اليمن، قفل شمر ).
مدينة الشاهل العلمية
كانت مديرية الشاهل مدينة تملؤها الهجر العلمية، ويكثر فيها طلبة العلوم الشرعية، تفوح منها رائحة العلم والعلماء، لتعطر العزل والنواحي، وتضيف إلى المدينة جوَّ الروحانية والإيمان، فكأنها روضة من رياض الجنة، أنعم الله بها على ساكنيها.
وقد بُني فيها الكثير من المساجد التي أصبحت تراثاً يُزين المديرية، ويشهد لها بتأريخها الزاخر بالفضائل، كما بُنيت فيها القبب الناطقة بعظمة أعلامها، التي لا تزال ولن تزال مفخراً لأبناء ساكنيها، كما هي مفخر لأبناء المدينة كلها.
الهجر العلمية في الشاهل
اشتهرت مديرية الشاهل ـ سابقاً ـ بالهجر العلمية التي أقامها مجموعة من العلماء الذين اشتهروا بالعلم والفضل، مثل السيد العلامة علي بن إبراهيم العالم، والسيد العلامة علي بن إبراهيم العابد، والسيد العلامة يحيى بن أحمد الشرفي، وغيرهم الكثير.
فكان لهؤلاء العلماء الدور الكبير في إحياء الشريعة الإسلامية، وتثبيت الطريقة المحمدية، حتى ذاع صيتهم، وانتشرت كراماتهم، فجعلهم الناس مرجعاً لهم، يهتدون بهديهم، ويستظلون في الملمات بظلهم، حتى أقبل العلماء وطلبة العلم إليهم وافدين من شتى مناطق اليمن، ليقرؤوا عليهم، وينالوا قبساً من نورهم، فعظمت الهجر في الشاهل، وازدادت توهجاً إلى توهجها.
هجر الشاهل
ذكر الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله) ثلاث هجر كانت قائمةً بمدينة الشاهل وهي:
1- " هجرة الجاهلي "
هجرة تقع في مديرية الشاهل من الشرف الأسفل من قضاء الشرفين، وأعمال حجة، وهي اليوم مركز الناحية (مركز المديرية).
كان فيها الكثير من العلماء وطلبة العلم القائمين في البلد، والوافدين إليها من غيرها، وكان من أشهر علمائها السيد العلامة علي بن إبراهيم الملقب بـ (العالم)، الذي لا زال يعرف مسجده إلى اليوم باسم (العالم)، وكان للعالم هذا قبة مشهورة بجنب المسجد، وقد تهدم جزء منها بالضرب عليها وعلى المنطقة بالمدفعية من قبل العثمانيين، ثم هدمت وطمست فيما بعد من قبل الوهابية القائمين على المسجد بحُجة التوسعة للمسجد، مع أن التوسعة التي قاموا بها لم تصل إلى محل القبة، فلم تكن التوسعة إلا عذراً ومبرراً لطمس أعلام الإسلام، ومحاولة لتجهيل الناس أن مدينة الشاهل كانت مدينة هجر وعلم.
فخُلط قبر السيد العالم بالقبور المجاورة له بغير تنظيم ولا ترتيب، ولم يعد يُعرف إلا أنه في تلك البقعة.
وأيضاً يوجد بين هذه القبور قبر السيد العلامة علي بن حسن الشرفي، وهو معروف إلى اليوم، وعليه ضريح.
2-" هجرة القويعة "
هجرة تقع في الجانب اليماني من ناحية الشاهل، أسسها هجرةً علي بن الحسين بن علي (العابد)، ولا زالت تعرف اليوم باسم (القويعة).
كانت (القويعة) مزدهرة بالعلم حتى اعتصم بها الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين سنة 1311هـ ضد الجيش العثماني، فقصفها الجيش العثماني حتى تهدم كثير منها فتفرق عنها أهلها إلى أماكن أخرى، وهي اليوم عامرة بالسكان.
ولا زال مسجدها ـ الذي بناه حفيد السيد العابد بجوار قبة جده ـ إلى اليوم دالاً على تلك الهجرة، وبجانبه قبة السيد العلامة علي بن إبراهيم الملقب بـ (العابد)، ومقبور بجانبه حفيده السيد العلامة علي بن الحسين، وهو الذي نقل جثمان جده العابد إلى هذا المسجد بعد قرابة خمسين سنة، وقد كان مدفوناً في عرقة عفار (كحلان عفار)، كما أن بجنب القبة مجموعة من القبور تعود لطلبة العلم والعلماء الذين كانوا مهاجرين في هذه الهجرة.
3-" هجرة الخوقع "
الخوقع ـ وتسمى اليوم (الخواقعة) ـ قرية صغيرة بجوار الجاهلي (مركز مديرية الشاهل) من جهة الشرق، وقد زال عنها اسم (الهجرة).
ورد ذكرها هجرة في (مطلع البدور ومجمع البحور) استطراداً في ترجمة علي بن إبراهيم الملقب بالعالم، وذكر بأنه أخذ عنه أحمد بن الحسين بن علي صاحب (هجرة الخواقعة) من جبل الشاهل.
وبها مسجد معروف باسم (مسجد الخواقعة)، وكان بجنبه قبة هُدمت بسبب التوسعات.
وقد تم ترميم هذا المسجد عدة مرات، آخرها بعد عام 2010م تقريباً، وعند الترميم وجدوا في مقدمة المسجد عظاماً، فأخذوها ودفنوها في مؤخرة المسجد، وجعلوا على القبر تابوتاً خشبياً صغيراً، ويظن أهل المنطقة أنها لصاحب القبة وهو السيد العلامة أحمد بن الحسين بن علي صاحب (هجرة الخوقع)، وهو أحد تلاميذ السيد العلامة علي بن إبراهيم العالم.
أشهر معالم الشاهل
إن أكثر ما يشد انتباه المتنقل في مديرية الشاهل هو ما تمتلكه من معالم ومناطق أثرية و تأريخية ، ففيها - من ذلك - ما يشهد لها بتأريخها الزاخر، وبجمالها المتدفق.
فمن أروع تلك المعالم مساجدها ذات الطابع المعماري القديم، فلا تكاد تتجاوز مسجدا حتى تلمح آخر، وهي ترسم لوحة فنية ممزوجة بالسكينة والروحانية، وبلا شك أنها لن تدعك تمر دون أن تشاهد القبب المجاورة لها، وما ينبعث منها من وقار العلماء، وسمو العظماء.
كما تتميز بالقلاع الأثرية، والعمارة التراثية الرائعة، ومن أشهر هذه المعالم :
1-مسجد (العالم)
يقع في مركز المديرية فيما كان يعرف بالجاهلي، وكان بجواره قبة السيد العلامة علي بن إبراهيم الملقب بـ (العالم)،ولكنها هدمت من قبل القائمين على الأوقاف (الوهابية) بحجة التوسعة للجامع مع أن التوسعة التي قاموا بها لم تصل إلى محل القبة، ولم يعد يعلم اليوم أين موضع قبرالعالم؟ ومن كان بجواره بالتحديد؟
ومن القبور الموجودة في المسجد قبر حفيد (العالم) السيد العلامة أحمد بن الحسين المهدي، وقبر السيد العلامة علي بن الحسن الشرفي (بلدية) وهو معروف إلى الآن، وغيرها من القبور.
يوجد ضريحان على باب المسجد أحدهما للسيد العلامة المهدي بن علي بن صلاح، أحد أجداد (العالم) وكان عليه قبة عظيمة كما يروي الأباء، وكان تأريخ وفاته في العشر الأول من شهر شوال سنة خمس وتسعين وسبعمائة ، كما هو مكتوب في الضريح.
والضريح الثاني للسيد العلامة عبدالله بن صلاح بن إبراهيم بن علي بن محمد بن بن صلاح بن أحمد بن محمد بن القاسم ]يحيى[ بن الأمير داود بن المترجم بن يحي بن عبد الله بن القاسم بن سليمان بن علي بن محمد بن يحي بن علي بن القاسم الحرازي بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي أبي طالب ـ عليه السلام، توفي بعد العشاء في البلد ... ، يوم الأحد خامس وعشرين في شهر رمضان الكريم، سنة ست وخمسين وألف.
ومكتوب على الضريح مجموعة من الأسماء، كما يلي:( وإلى جنبه من جهة القبلة السيد العالم شمس الدين بن إبراهيم بن علي (العالم)، وإلى جنبه السيد الفاضل الحسين بن محمد بن علي (العالم)، وإلى جنبه صنوه السيد أحمد بن محمد بن علي (العالم)، وإلى جنبه السيد الفاضل شمس الدين بن محمد بن علي (العالم)، رحمهم الله أجمعين).
2-مسجد (العابد)
يقع في منطقة القويعة بمديرية الشاهل، وهو أحد ثلاثة مساجد فيها، يقع غربي مسجد (الشرفي)، وبجواره قبة السيد العلامة علي بن إبراهيم الملقب بـ (العابد)، التي فيها قبره وقبر حفيده السيد العلامة علي بن الحسين المتوفى 28 ربيع الأول سنة 1046هـ، وعلى باب القبة من الخارج وفي الجهة الغربية منها مجموعة من قبور الفضلاء، منهم :
محمد بن علي بن شمس الدين الشرفي
نسبه الشريف :
السيد محمد بن علي بن شمس الدين بن محمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-.
مات في 16 ربيع الأول سنة 1046هـ ، وقبره في القويعة عند المشهد.
3-مسجد (الشرفي)
يقع في منطقة القويعة بمديرية الشاهل، وهو أحد ثلاثة مساجد فيها، وهو المسجد الواسط، وبجواره قبة السيد العلامة يحي بن أحمد الشرفي، وبجواره داخل القبة السيد العلامة يحيى بن عبدالله بن محمد بن صلاح بن محمد - الملقب بالشرفي- بن صلاح، وخارج القبة في صرح المسجد مجموعة من قبور الفضلاء والعلماء، وهم:
محمد بن إبراهيم الشهاري
[ .... - 1184هـ ]
نسبه الشريف :
هو السيد محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصغر بن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ (مؤلف تفسير المصابيح) ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-. الحسني، الشهاري.
توفي يوم الخميس خامس رجب الأصب سنة 1184هـ ، وقبره في صرح المسجد جنب باب المشهد الواسط (قبة السيد العلامة يحيى بن أحمد الشرفي). [مشجر أنساب آل الشرفي / مخطوط]
أحمد بن عبدالله الشرفي
نسبه الشريف :
هو السيد أحمد الأصغر بن عبدالله (مؤلف تفسير المصابيح) بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-.
قبره في القويعة في مشهد القبور في المسجد الواسط (وكأن قبره الواسط من الثلاثة القبور). [مشجر أنساب آل الشرفي / مخطوط]
علي بن عبدالله الشرفي
نسبه الشريف :
هو السيد علي بن عبدالله (مؤلف تفسير المصابيح) بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-.
قبره جنب الصومعة في المشهد الواسط. [مشجر أنساب آل الشرفي / مخطوط]
إسماعيل بن عبدالله الشرفي
نسبه الشريف:
هو السيد إسماعيل بن عبدالله (مؤلف تفسير المصابيح) بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-.
مات ولم يعقب أحدا.
وقبره في المشهد في المسجد الواسط أقرب قبر إلى الباب. [مشجر أنساب آل الشرفي / مخطوط]
محمد بن أحمد بن عبدالله الشرفي
نسبه الشريف :
هو السيد محمد بن أحمد الأصغر بن عبدالله (مؤلف تفسير المصابيح) بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-.
قبره رأس الدرج الشرقية مما يلي المسجد في صرح المسجد الواسط. [مشجر أنساب آل الشرفي / مخطوط]
----------------
محمد بن الحسن الشرفي
نسبه الشريف :
هو السيد محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮاﺯﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -عليه السلام-.
توفي يوم الأربعاء الثامن من ربيع الأول سنة 1046هـ ، وقبره في القويعة شرقي مسجد السيد علي بن إبراهيم العابد وقبره اللاصق بقبلة المشهد في المسجد الواسط، مات ولم يعقب أحدا. [مشجر أنساب آل الشرفي / مخطوط]
4-مسجد (الفاضل)
يقع في مركز المديرية، شمال الجاهلي، وفي مؤخرته قبر السيد العلامة محمد بن أحمد بن شرف الدين بن إبراهيم بن علي (العالم)، الملقب بـ (الفاضل).
5-مسجد (شريف الجان)
يقع في منطقة القويعة بمديرية الشاهل، خلف مدرسة الحسين بن علي (ع) الحكومية من جهة الجنوب، وهو أحد مساجد المنطقة الثلاثة، لكنه أصبح اليوم شبه مهجور، وأمام باب المسجد مجموعة من القبور، ولكن لا يعرف أصاحبها، وخارج المسجد ـ غربا ـ توجد قبة السيد العلامة محمد بن صلاح بن أحمد الملقب بـ (الشرفي)، وبجانبه مجموعة من القبور، وكانت القبة قد تهدمت مع مرور الزمن، ولكن بعض بني الشرفي الساكنين في المنطقة قد أعادوا تنظيفها ورفع جدرانها، فجزاهم الله خير الجزاء.
6-مسجد (الخواقعة)
يقع في منطقة الخواقعة التي كانت تسمى بهجرة الخوقع، وقد أعيد ترميم المسجد عدة مرات آخرها في 2010م تقريبا، وكانت فيه قبة السيد العلامة أحمد بن الحسين صاحب هجرة الخواقعة، وهو أحد طلاب العالم، وقد هدمت عند توسعة المسجد قبل المرة الأخيرة، وقد وجدت عظام في مقدمة المسجد عند توسعته في المرة الأخيرة، ودفنت في مؤخرة المسجد، وجعل عليها تابوت خشبي صغير، ويظن أهل القرية أنه لصاحب القبة السيد العلامة أحمد بن الحسين.
كما يوجد في المسجد ضريحان كانا مثبتين في الجدار الشرقي للجامع، أما بعد التوسعة الأخيرة فقد وضعا فوق القبر الذي في المؤخرة، أحد هذين الضريحين للسيد العلامة علي بن إبراهيم الملقب بالعالم، والآخر لجد العالم السيد العلامة علي بن المهدي، ووجود هذين الضريحين في مسجد الخواقعة دليل على يد العبث التي امتدت إلى الأماكن المقدسة؛ لأن المعروف والمشهور بين الأهالي، والمنقول في كتب الأنساب والتراجم أن صاحبي الضريحين مقبوران في مركز المديرية في مسجد العالم ولذلك نسب المسجد إليه.
معالم المدينة
بوابتا المدينة
وأيضا مما اشتهرت به مديرية الشاهل بوابتان تقعان في مركز المديرية، لا زالتا موجودتين إلى الآن، البوابة الجنوبية وتسمى (باب المنقل)، وهي على سوق المنطقة، والبوابة الشمالية، وهي مقابلة لبوابة مسجد الفاضل, والبوابتان دليل على أن المدينة كانت محاطة بسور هدمه الأتراك كما سيأتي.
بركة الشامية
وكذلك بركة كبيرة تسمى (بركة الشامية)، وهي من المعالم الأثرية التي تدل على روعة وإحكام العمارة, وعلى تكافل وتكاتف اليمنيين, وهي وقف يقصدها الكثير من أهل المنطقة وخصوصا أيام الجدب وقلة الأمطار، وقد أعيد ترميمها عدة مرات، وبنيت بجانبها بركة صغيرة (منشة)، وعملت حنفيات خارجها ليسهل تناول الماء منها.
الشاهل في مواجهة الغزاة
أعلام مدينة الشاهل
1-السيد العلامة علي بن إبراهيم الشرفي (العالم)
[930 هـ ـ 1006هـ ]
نسبه الشريف:
علي بن إبراهيم بن علي بن المهدي بن صلاح بن علي بن أحمد بن الإمام محمد بن جعفر بن الحسين بن فليتة بن علي بن الحسين بن أبي البركات بن الحسين بن يحي بن علي بن القاسم بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ الحسني القاسمي، الملقب بالعالم، الشرفي، اليمني السيد، العالم، الفاضل.
مولده في (هجرة الجاهلي) من الشاهل، يوم الخميس الثالث عشر من شهر صفر سنة ثلاثين وتسعمائة من الهجرة، ونشأ بها، ورباه عمه السيد صلاح بن علي بن المهدي، ثم ارتحل إلى صنعاء لطلب العلم وأقام مدة حتى فتح الله عليه بمعرفة تامة في فقه أهل البيت عليهم السلام ثم رجع إلى بلده، ووفد إليه جماعة من علماء صعدة وبعض بني عقبة، فأفادوا السيد علماً إلى علمه.
وفيه يقول الشاعر:
يا حـبــذا الفـاضـل بـين الورى
وحـبــذا العـالـم فـي الجـاهـلي
وكان السيد العالم من أشياع الإمام المطهر بن شرف الدين وأعوانه، فلما توفي قام محتسباً حتى دعا إلى نفسه الحسن بن علي بن داود بالإمامة فآزره، ووقف معه في حروبه مع القوات, فلما دعا الإمام القاسم بن محمد عليه السلام إلى نفسه بالإمامة كان من أعوانه وأتباعه.
أولاده عليه السلام:
له من الأولاد ثلاثة وهم: محمد و إبراهيم ولهما عقب، وأحمد مات ولا عقب له.
مشائخه عليه السلام:
وكان من أشهر مشائخ السيد العالم العلامة محمد بن عبد الله بن راوع، فمما سمع عليه الأزهار وشرحه لابن مفتاح، والتذكرة، ومفتاح الفرائض، وشرح الناظري.
وكذلك السيد العلامة علي بن إبراهيم الملقب بـ (العابد) كان أحد مشائخه.
بعض من تخرج على يديه:
وقد تخرج على يديه جماعة من أهل الفضل والعلم، كالسيد الهادي بن الحسن، وصلاح بن يونس، والسيد أحمد بن الحسين صاحب هجرة الخوقع، وغيرهم من الفقهاء.
وهو شيخ الإمام القاسم بن محمد ـ عليه السلام ـ ؛ وكان السيد العالم ممن أشار على الإمام القاسم ـ عليه السلام ـ بالقيام.
قال في النبذة المشيرة:
" وكان ممن أشار عليه (يعني الإمام القاسم) بالقيام السيد الفاضل العالم العابد الزاهد علي بن إبراهيم صاحب الشاهل المعروف بالعالم فإنه حرص في دعوته وبالغ في نصرته وجاهد معه، وجمع قبائل حجور وناشر وشمر وغيرهم، وتحرك بهم حين ظهرت دعوة الإمام في قارة، وكان الإمام عليه السلام قد أسر إليه حين توجه إلى بلاد بني سنحان بذلك. "
قال فيه صاحب "مطلع البدور ومجمع البحور" :
(السيد العلامة الفاضل، علي بن إبراهيم المعروف بالعالم الشرفي ـرحمه الله تعالى ـ هو أحد السادة المعروفين بالفضل، الموسومين بالخير، وكان السيد العالم، والسيد العابد، فرسي رهان في الفضائل، وذكرهما ملأ الآفاق، وكان السيد العابد قد رأى في النوم أنه نزل بالمسلمين خطب عينه في الرؤيا لم يحضرني ما هو، فهرب الناس، ونجا هو بنفسه معهم، وأما السيد العالم، فاشتغل بإطلاع الناس من مواضع الهلكة إلى النجاة، فعرض الرؤية عليه، فقال: كذلك، أنت مشغول بنفسك، وأنا مشغول بالمسلمين).
وفاته عليه السلام :
توفي السيد العلامة علي بن إبراهيم العالم رحمه الله في شهر ربيع الآخر سنة 1006هـ، بعد ظهور دعوة الإمام القاسم بن محمد عليه السلام، واستجاب الله دعاءه ألا يميته إلا بعد ظهور قائم أهل البيت عليهم السلام، ودفن في مسجد العالم من بلاد الشاهل، وكان عليه قبة وبداخلها إلى جنبه قبور كثيرة، ولكن أيدي السوء قد امتدت إليها، فأزالتها بحجة التوسعة للمسجد التي لم تصل أساسا إلى محل القبة، ولم يكن الغرض من ذلك إلا طمس هوية أهل البيت عليهم السلام ومعالمهم؛ لكي لا يبقى لهم أثر، ولا يسمع لهم ذكر، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره.
وقد ترجم للسيد العالم حفيده السيد العلامة شمس الدين، قرة عين الأفضلين، أحمد بن الحسين بن إبراهيم بن علي العالم رحمه الله، ترجمة كاملة فاصلة لفظها:
ذكر طرف من أحوال السيد العلامة جمال الدين علي بن إبراهيم بن علي العالم الشرفي القاسمين، أما نسبه الشريف، فهو علي بن إبراهيم بن علي بن المهدي بن صلاح بن علي بن أحمد بن الإمام محمد بن جعفر ـ ومحمد بن جعفر هذا هو المقبور في (جبل حرام) من (الشرف) مشهور ومزور وعليه قبة عظيمة ـ بن الجسين بن فليتة بن علي بن الحسين بن أبي البركات بن الحسين [بن أبي البركات] بن الحسين بن يحي بن علي بن القاسم بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ سلام الله عليه ورضوانه ـ مولده ـ عليه السلام ـ في يوم الخميس ثالث عشر من شهر صفر سنة ثلاثين وتسعمائة سنة، ونشأ ببلده بهجرة (الجاهلي) من (الشاهل)، ورباه عمه السيد العلامة الأفضل صلاح الدين صلاح بن علي بن المهدي، وكان هذا السيد صلاح بن علي من أعيان أعوان الإمام المتوكل على الله شرف الدين بن شمس الدين ـ عليهم السلام ـ وتولى القضاء بجهات (الشرف) والأوقاف للإمام ـ عليه السلام ـ ثم ارتحل السيد علي بن إبراهيم المذكور إلى (صنعاء) لطلب العلم، واقام مدة حتى فتح الله عليه بمعرفة تامة في قواعد فقه أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ثم رجع الى بلده، وقد كادت تضعف دولة الإمام شرف الدين ـ عليه السلام ـ فحصل على كثير من علماء (صعدة) ما أوجب الهجرة من اوطانهم من تغلب أهل الجور، فوفد الى السيد علي بن إبراهيم جماعة من اعيان أهل التقوى والعلم من بعض أهل (علاف) وبعض بني عقبة، فأفادوا السيد المذكور علما الى علمه، وكان ـ أعاد الله من بركته ـ موردا للطالبين، وكعبة للمسترشدين، وشحاكا للملحدين، وأبا برا للضعفاء والمساكين، وتخرج على يديه جماعة من أهل الفضل والعلم والعمل، منهم السيد العلامة الهادي بن الحسن من (هجرة بني أسد)، ومنهم السيد رأس العباد، وعين الزهاد، وخاتمة أهل التقوى واليقين، شمس بن صلاح بن يونس، صاحب (هجرة أسلم ناشر)، من أولاد الإمام المتوكل على الله المظلل بالغمام المطهر بن يحيى ـ أعاد الله من بركاته ـ ومنهم السيد العلامة أحمد بن الحسين بن علي، صاحب هجرة (الخواقعة) من جبل (الشاهل)، تولى القضاء للإمام المنصور بالله القاسم بن محمد ـ أعاد الله من بركاته ـ وغيرهم من الفقهاء من أهل هجرة (الشرف) وغيرها، ودرس في (شرح ابن مفتاح) على (الأزهار) و(التذكرة) و(البيان) مدة مديدة، ولما مات السيد الأجل المجاهد المطهر بن الإمام شرف الدين ـ رحمة الله ـ ظهر بجهة (الشرف) من أنواع المنكرات ما لا يقدر قدره، وذلك سنة ثمانين وتسعمائة، فوصل قبائل تلك الجهات الى السيدين، العالم المذكور ـ أعاد الله من بركاته والسيد العابد العالم علي بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ يستغيثون بهما في دفع ما حصل من الظلم والجور، فلم يجدا عذرا عند الله في الترك، ومن أعظم الأسباب في قيامهما أن مرجان شاوش متولي تلك الجهة من أعمال غوث الدين بن المطهر بن الإمام شرف الدين ـ رحمه الله ـ تظاهر بفعل المنكرات، وعسف وأفرط في ظلمه، فاجتمع من قبائل (الشرف) الى السيدين، قدر خمسمائة مقاتل، فقصد إلى (المحابشة) بمن اجتمع إليها إلى موضع يقال له (جبل الفائش)، وطلع مقدماتهم إلى حصن (القاهرة) من (المحابشة)، فلقيهم مرجان شاوش بمحطة من الجند، فناوشهم القتال، فقتل من القبائل خمسة رجال، ثم انهزم القبائل، ولم يثبت منهم أحد، وغدر أهل (المحابشة) بما قد تعاهدوا عليه من القيام بالأمر بالمعروف، ومعاونة السيدين، ثم قصد مرجان المذكور قبيلة (الأمرور)، فقتل منهم عشرين رجلاً، فهاجر السيد العلامة علي بن إبراهيم العابد ـ رحمه الله ـ إلى (عفار) للقراءة والإقراء، وأما السيد علي بن إ براهيم العالم ـ رحمه الله ـ فلم يزل يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدرس العلوم بهجرته، ثم هاجر بأهله وأولاده إلى حجور (الإسلوم)، ووصل إلى السيد غوث الدين بن المطهر إلى قفل (مدوم)، فوضع له موضوعاً في الإستمرارعلى حالته من التدريس واحترام جانبه، ومن يلوذ به، حتى دعا الإمام الناصر لدين الله الحسن بن علي بن داود ـ عليهم السلام ـ فقام بها في تلك الجهة الشرقية، ولما أُسر الإمام الحسن ـ عادت بركته ـ أحذ السيد علي بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ في معاونة الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد على القيام بالإمامة، وجمع له من أموال فضلات الوقف والزكوات ونذورا كثيرة، وحشد له من بلده أهل السلاح قدر ستين رجلاً، وكان الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد ـ أعاد الله من بركته ـ ممن أخذ عنه العلم، قرأ عليه (الأزهار)، وعاونه على طلب العلم من صغره، وكان كثير تلاوة القرآن والعبادة، وله كرامات مشهورة في حياته، وبعد وفاته، مات ـ رحمه الله ـ في شهر ربيع الآخر سنة ستة بعد الأف بعد ظهور دعوة الإمام المنصور بالله القاسم بن محمدـ أعاد الله من بركاته ـ واستجاب الله دعاءه ألا يميته إلا بعد ظهور قائم أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وقبر بـ(هجرة الجاهلي)، وعليه مشهد مزور، وخلف ولدين،
السيد العلامة الأوحد بدر الدين محمد بن علي بن إبراهيم، وكان عالماً نبيلاً مدرساً للفقه والفرائض، وهو شخ علامة الآل إمام العلوم الحسين بن المنصور بالله القاسم بن محمد في فن الفرائض، وتولى القضاء للإمام المنصور بالله ـ عليه السلام ـ في الجهات الشرقية، فأرسله ـ عليه السلام ـ إلى عبدالرحيم بن عبدالرحمن بن المطهر في الصلح الأول، وتم على يديه، واستمر على حاله من الإشتغال بأمور المسلمين وتدريس العلم، إلى أن اختار الله له ما عنده من الإنتقال إلى دار القرار سنة اثنتين وثلاثين وألف سنة تقريباً، وعقبه في هجرة ( الجاهلي) من (الشاهل) ـ وقت رقم هذه سنة إحدى وثمانين ـ حول ثلاثين رجلاً منهم العلماء العاملين كالسيد العلامة الفقيه المدرس شمس الدين أحمد بن صلاح بن محمد بن علي بن إبراهيم، أخذ العلم عن حافظ علوم الآل الطاهرين علامة اليمن السيد الإمام محمد بن عز الدين المفتي ـ رحمه الله ـ بمدينة (صنعاء)، ثم رجع إلى بلدة (الهجر) بعد أن أقام بصنعاء سبع سنين، فأخذ عنه جماعة من الطلبة علم الفقه بتحقيق قواعده، واستمر على ذلك إلى وقتنا هذا، وولي القضاء بجهة (الشرف الأسفل)، مع مكارم الأخلاق، وإكرام للوافد ـ أطال الله في طاعته عمره ـ
والولد الآخر من ولدي السيد علي بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ هو السيد صارم الدين إبراهيم بن علي بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ مات مهاجراً بمدينة (حوث) سنة اثنتي عشرة وألف، وله العقب الأطيب الأكثر، خلف ستة أولاد، منهم السيد العلامة شرف الدين بن إبراهيم، وهو أكبر أولاده، وكان من أعيان أهل البيت علماً، وعملاً، وسعة صدر، وتولى القضاء للإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم ـ أعاد الله من بركاته ـ بعد وفاة عمه محمد بن علي، واستمر عليه إلى أن مات سنة أربع وتسعين وألف وعمره ستة وثمانون سنة، وخلف أربعة عشر ولداً، ومنهم السيد العلامة المحقق في الأصول والفروع ضياء الدين شمس الدين بن إبراهيم بن علي العالم، كان من العباد الجامعين بين فضيلتي العلم والجهاد، ولم يتول شيئاً من الأعمال إلى أن اختار الله له الإنتقال إلى دار القرار سنة أربع وخمسين عاماً، وعمره أربع وستون سنة، وللسيد إبراهيم أربعة أولاد غير هذين، وهم السيد محمد بن إبراهيم والسيد العابد شمس الدين أحمد بن إبراهيم، والسيد صلاح بن إبراهيم، والسيد الحسين بن إبراهيم، وكل منهم خلف جماعة من الأولاد عدة ذكورهم ـ في تاريخ رقم هذه الأحرف ـ خمسة وسبعون ما بين كهل وشاب وصغير، ولم يخل الله سبحانه أولادهم من التمسك بالعلم، وسلوك طريق سلفهم الطاهرين ـ رحمهم الله تعالى ـ .
كتبه ولد ولده الفقير إلى الله أحمد بن الحسين بن إبراهيم بن العالم، لطف الله به. انتهى.
وقد تُرجم للسيد علي بن إبراهيم العالم في الكثير من الكتب مثل: (الطبقات الكبرى)، (مطلع البدور ومجمع البحور)، (النبذة المشيرة)، (هجر العلم ومعاقله).).
2-السيد العلامة علي بن إبراهيم (العابد)
[ ..... ـ 983هـ ]
نسبه الشريف :
هو علي بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد بن محمد بن القاسم بن الأمير داود بن المترجم بن يحي بن عبد الله بن القاسم بن سليمان بن علي بن محمد بن يحي بن علي بن القاسم الحرازي بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ الحسني، القاسمي، الشرفي، المعروف: بالعابد.
أولاده عليه السلام
خلف السيد (العابد) ولدين، السيد الحسين بن علي، والسيد الحسن بن علي، والحسين بن علي هذا أعقب خمسة أولاد، وأما الحسن فلم يعقب إلا ولداً واحداً اسمه عبد الله انتقل من بلده إلى (ضوران) للملازمة عند سيف الإسلام الحسن بن علي بن أمير المؤمنين القاسم بن محمد ـ عليه السلام ـ ومات ولم يعقب أحدا.
مشائخه
ومن أشهر مشائخه الفقيه عبد الله بن علي راوع (في صنعاء)، بالإضافة إلى بعض علماء بيت الفقيه.
تلاميذه
أما تلاميذه فمن أشهرهم السيد العلامة علي بن إبراهيم العالم.
سيرته وكراماته :
السيد العلامة الزاهد، بقية الأبدال، علي بن إبراهيم العابد ـ قدس الله روحه ـ هو صاحب الكرامات والمقامات السامية في العبادة والزهد، ارتحل لطلب العلم في الجهات النائية، وأخذ القرآن على بعض علماء بيت الفقيه ابن عجيل بتهامة، وأقام فيه مدة لقراءة القراءات السبع والعربية، وشارك السيد علي بن إبراهيم العالم في كل فضيلة، أقاما في صنعاء لقراءة الفقه، وكان شيخهما الفقيه عبد الله بن علي راوع.
وقد قام هذا العابد هو والعالم بالإحتساب كما ورد في بعض تراجمهما.
ومن عجائب السيد العلامة العابد أنه كان يتسوق الأسواق لا لحاجة دنيوية، بل ليصلي في كل مسجد على الطريق، وليدعو بالمأثورات، وهو (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير)، وهذا مشهور من حاله.
وله كرامات، منها قضية الأسد المذكورة، رُوي أنه عام حجه انقطع عن القافلة، فلقيه أسد يتنصنص له بلسانه، ويعسل بذنبه، كالشاكي عليه، ويتألى أن دموعه سائلة، فسار معه والأسد يتقدمه، فإذا أبطأ السيد ـ رحمه الله ـ انتظره الأسد حتى بلغ الأجمة، وإذا هنالك لبوة في يدها شظية قد شاكتها، وورمت يدها، فوثب الأسد علي ظهر اللبوة ليحفظها حتى يتمكن السيد من إخراج الشظية، وأخذ السيد شفرة حادة مرهفة كانت معه، وشق يدها، واستخرج الصديد، ثم استخرج الشظية، وعزم، وصحبه الأسد حتى ألحقه بالقافلة.
اشتغل بأنواع الطاعات، واستفاد عليه خلق كثير، وكانت له هيبة أهل التقوى، وجلالة في القلوب، واستمر في آخر عمره بالتدريس بهجرة (كحلان تاج الدين)، غلب عليه اسم العابد؛ لكثرة عبادته، واعتزاله الناس، وتلاوة القرآن بتأدية لم يسمع في وقته أحسن منه بترتيل وتأمل للمعاني، وكان من أعيان العلماء، له في كل فن مشاركة حسنة.
وفاته عليه السلام
توفي السيد العابد ـ أعاد الله من بركاته ـ ببلاد (عفار) في (صيرة) بألم الطاعون في سنة ثلاثة وثمانين وتسعمائة، وأوصى أن يقبر بجوار القاضي العلامة عبد الله بن زيد العنسي ـ رحمه الله ـ عند بركة رحبة يماني (كحلان)، فحاول أهل كحلان إنفاذ وصيته، فتحزب بنو موهب وقبائل عفار ومنعوهم من ذلك، وقبر بـ(عرقة عفار) في مشهد السيد داود بن محمد بعد أن كادت الفتنة تثور بين القبائل لولا حضور الوالي، وهو السيد عبد الله بن علي بن الإمام المطهر بن محمد الحبري، وبقي في عفار إلى ثاني عشر في شهر شوال سنة ثلاثة وثلاثين وألف، ونقله ولد ولده ـ في هذا التأريخ ـ ليلاً إلى (هجرة القويعة)، وكان لا زال جثة بلحمها إلا أن به ضمور كما هو معروف عند أهل الشاهل، وعمرت عليه بها قبة عظيمة، وعمر حفيده المذكور عنها جامعاً كبيراً، وصارت من أحسن هجر (الشرف)، ولا زال الجامع والقبة موجدان إلى اليوم، وقد دفن حفيد العابد المذكور جنب جده في نفس القبة.
3-السيد العلامة أحمد بن الحسين المهدي (الشرفي)
[ 1040هـ ـ 1103هـ ]
نسبه الشريف :
هو أحمد بن الحسين بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن علي بن بن المهدي بن صلاح بن علي بن أحمد بن الإمام محمد بن جعفر بن الحسين بن فليته بن علي بن الحسين بن أبي البركات بن الحسين بن يحي بن علي بن يحي بن القاسم بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، السيد العلامة أبي محمد يعرف جده بالعالم الشرفي اليمني.
مولده ووفاته :
ولد سنة ألف وأربعين للهجرة تقريباً، كان سيدا، عالما، محققا، عاملا، وتوفي ثالث القعدة ليلة الجمعة سنة ألف ومائة وثلاثة من الهجرة عن ثلاثة وستين سنة، وقبره في المشهد المعروف بمشهد جده العالم.
مشائخه
قرأ على أيدي مجموعة من العلماء أشهرهم :
1ـ السيد العلامة يحي بن أحمد الشرفي.
2ـ القاضي أحمد بن صالح العنسي.
3ـ الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم.
4ـ القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال.
5ـ سلطان اليمن محمد بن الحسن (وله منه إجازة عامة).
6ـ السيد أحمد بن صلاح الشرفي.
7ـ القاضي ناصر بن عبد الحفيظ (في القراءات).
وأخذ عنه جماعة منهم:
1ـ ولداه محمد ويحي.
2ـ السيد حسين بن محمد بن صلاح.
3ـ السيد إسماعيل بن الحسن.
وغيره الكثير.
إجازة القاضي ناصر بن عبد الحفيظ
قال القاضي ناصر عبد الحفيظ في إجازته له ما لفظه :
( نعم وقد سمع علي القرآن الكريم من فاتحته إلى خاتمته السيد العالم أحمد بن الحسين بن إبراهيم مشاركاً له في ذلك من سورة طه السيد العالم صفي الدين أحمد بن عبد الله صلاح لقالون بوجه المد وسكون ميم الجمع وراجعاً في بقية قواعده وبحثاً عن وجو ورش وفوائده، وبلغا أيضاً جمعاً لهما إلى قوله تعالى:{يا أيها الناس اعبدوا ربكم} [البقرة:21]
وسمعا هذه النسخة، وأجزت لهما أن يرويا عني ذلك وأمرتهما وجميع إخواني المؤمنين بإصلاح الخلل والدعاء بالتوفيق). وكان السماع على المذكور سنة ستين وألف.
4-السيد العلامة محمد بن أحمد الملقب بـ(الفاضل)
نسبه الشريف :
هو السيد العلامة محمد بن أحمد بن شرف الدين بن إبراهيم بن علي (العالم) بن إبراهيم بن علي بن المهدي بن صلاح بن علي بن أحمد بن الإمام محمد بن جعفر بن الحسين بن فليتة بن علي بن الحسين بن أبي البركات بن الحسين بن يحي بن علي بن القاسم بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ الحسني القاسمي، الملقب بـ(الفاضل).
أولاده :
له أربعة أولاد وهم علي والحسن والحسين وأحمد.
وله مسجد سُمِّي بِلَقَبِه (الفاضل) لا زال قائماً عامراً إلى يومنا هذا في مركز المديرية، وقد قُبر السيد محمد بن أحمد هذا فيه، وقبره معروفٌ مزور وهو في مؤخرة المسجد، وقد حاول بعض المتأثرين بالفكر الوهابية في ذلك الوقت تخريبه وإزالته ولكن أهل المنطقة منعوهم وأعادوا بناء ما خرِب منه.
5-السيد العلامة أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﺸﺮﻓﻲ
[ 975 - 1055ﻫـ]
نسبه الشريف
هو اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺰاﻫﺪ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ اﻷﻣﻴﺮ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮازﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ الرسي بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - ﺳﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ -، المعروف بالشرفي.
مولده:
ﻭﻟﺪ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻭﺗﺴﻌﻤﺎﺋﺔ، ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻣﻦ ﻫﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻫﺠﺮﺓ ﻟﻠﻘﺮاءﺓ ﺣﺘﻰ ﺃﺩﺭﻙ ﻋﻠﻮﻡ اﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻓﺎﺳﺘﻔﺎﺩ ﻭﺃﻓﺎﺩ .
نبذة عنه
ﻛﺎﻥ اﻟﺴﻴﺪ أحمد الشرفي ﻋﺎﻟﻤﺎ، ﻋﺎﺑﺪا، ﺯاﻫﺪا، ﺧﺎﺗﻤﺔ اﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻓﺼﻴﺤﺎ، ﺑﻠﻴﻐﺎ، ﻣﻄﻠﻌﺎ، ﺫﻛﻴﺎ، ﺁﻣﺮا ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻧﺎﻫﻴﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، ﺟﻠﻴﻞ اﻟﻤﻘﺪاﺭ ﻓﻲ ﺻﺪﻭﺭ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭاﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺗﻮﻟﻰ ﻟﻪ، ﺛﻢ ﺻﺤﺐ ﻭﻟﺪﻩ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻭاﺋﻞ اﻟﺪﻋﻮﺓ، ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻤﺮﺓ ﺑﻔﺘﺢ اﻟﻤﻴﻢ ﻭﺳﻜﻮﻥ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ﻭﻓﺘﺢ اﻟﻤﻴﻢ اﻵﺧﺮﺓ ﺛﻢ ﻣﻬﻤﻠﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﻫﻨﻮﻡ ﺑﻜﺴﺮ اﻟﻬﺎء ﻭﺳﻜﻮﻥ اﻟﻨﻮﻥ ﻭﻓﺘﺢ اﻟﻮاﻭ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩا ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺎﻟﻨﺬﻭﺭ ﻭاﻟﺘﺒﺮﻙ ﻭاﻷﺩﻋﻴﺔ ﻭﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻼﺕ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﻭاﻟﻮﺭﻉ ﺑﻤﺤﻞ ﻋﻈﻴﻢ، ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭاﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻭاﻟﻬﺠﺮﺓ ﻭاﻟﻔﺮاﺭ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻔﺘﺮﺓ ﻋﻦ ﺩاﺭ اﻟﻔﺴﺎﺩ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻠﺤﻖ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻭﻭﺭﻋﻪ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻗﺪﻣﺎء اﻵﻝ، ﻭﺷﻬﺮﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ﺗﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺷﺮﺡ ﺣﺎﻟﻪ، ﻗﺮﺃ ﻓﻨﻮﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﻭﻗﺖ اﻟﻔﺘﺮاﺕ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻣﻦ ﻫﺠﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻫﺠﺮﺓ، ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻣﻮاﺿﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻴﺎ ﻭاﻟﺘﺪﺭﻳﺲ، ﻭاﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، ﺣﺘﻰ توفاه الله.
مصنفاته:
1-ﺷﺮﺡ اﻷﺳﺎﺱ اﻟﻜﺒﻴﺮ.
2-ﺷﺮﺣﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮ.صار عليه المعتمد في اليمن.
3-ﺷﺮﺡ اﻷﺯﻫﺎﺭ المسمى "ﺿﻴﺎء ﺫﻭﻱ اﻷﺑﺼﺎﺭ" أربعة مجلدات.
4-ﺷﺮﺡ (اﻟﺒﺴﺎﻣﺔ) ﺑﺸﺮﺡ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻳﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻣﺠﻠﺪات ﻛﺒﺎﺭ، ﻭﺗﻤﻢ اﻟﺒﺴﺎﻣﺔ ﺃﻳﻀﺎ.
وله الكثير من الرسائل.
تلامذته
ﻭﻟﻪ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺃﺟﻼء، ﻛﺎﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺻﻨﻮﻩ اﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻭﺻﻨﻮﻫﻤﺎ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻟﻘﻤﺎﻥ، ﻭاﻟﺴﻴﺪ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ اﻟﻬﺪﻯ اﻟﺠﺤﺎﻓﻲ، ﻭاﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ، ﻭاﻟﻘﺎﺿﻲ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻤﺮﻱ، ﻭﻭﻟﺪﻩ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺴﻴﺪ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺩﺭﻳﺐ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ.
إجازة الإمام القاسم(ع):
ﻭﺧﺎﺗﻤﺔ ﺷﻴﻮﺧﻪ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ـ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ـ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺆﻟﻔﻪ (اﻷﺳﺎﺱ) ﻭﺃﺟﺎﺯﻩ ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻤﺎﻉ ﻓﻘﺎﻝ ـ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ـ ﻣﺎ ﻟﻔﻈﻪ: ﺃﺟﺰﺕ ﻟﻜﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺴﻤﻮﻋﺎﺗﻲ، ﻭﻣﺎ ﺻﺢ ﻟﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻹﺟﺎﺯﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺧﺒﺎﺭ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭاﻟﻜﺘﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻭاﻷﺻﻮﻟﻴﺔ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ (ﻃﺮﻕ اﻟﻌﻠﻢ)، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﺟﺰﺕ ﻟﻚ ﻛﺘﺒﻲ (اﻷﺳﺎﺱ) ﻭ(اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ) ﻭ(اﻹﺭﺷﺎﺩ) ﻭ(اﻟﺠﻮاﺏ اﻟﻤﺨﺘﺎﺭ)، ﻭ(ﻛﺘﺎﺏ ﺗﺤﻔﺔ اﻟﺮاﻏﺐ) ﻓﻲ اﻟﻨﺤﻮ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻧﺸﺘﺮﻁ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻻ اﻟﺘﺤﺮﻱ ﻓﻲ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻔﻆ ﻟﺌﻼ ﻳﻘﻊ ﺗﺼﺤﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﺮﻭاﻳﺔ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻭﻟﻲ ﺇﻋﺎﻧﺘﻜﻢ، اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻠﻔﻈﻪ.
شعره:
ﻭﻟﻪ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻮﻩ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺘﻘﻲ اﻟﺮاﺋﺲ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺮﻓﻲ - ﻧﻔﻊ اﻟﻠﻪ ﺑﺒﺮﻛﺎﺗﻪ - ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺤﺴﻦ ﻧﺰﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺮﻑ، ﻭﺗﺰﻭﺝ ﻓﻴﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺼﺪﺩﻩ، ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻮﻉ:
ﺃﻳﺎ ﺻﺎﺡ ﻛﻢ ﺑﻴﻦ اﻣﺮﺉ ﺫﻱ ﺷﻬﺎﻣﺔ ... ﻟـﻪ ﻫﻤﻢ ﺗﻌﻠـﻮ ﻋﻠـﻰ اﻟﻜﻮﻛﺐ اﻟﻌﺎﻟﻲ
ﻋﺸﻴـﻖ ﺟﻨﻴــﺎﺕ اﻟﻤﻌــﺎﻟﻲ ﻣﺘﻴــﻢ ... ﺑﺄﺑﻜـﺎﺭﻫـﺎ ﺻﺐ ﺑﻬﺎ ﻏﻴـﺮ ﻣﻜﺴـﺎﻝ
ﻳـﺮﻯ ﺣﻠـﻖ اﻟﺘـﺪﺭﻳـﺲ ﺟﻨـﺔ ﺭﻭﺣـﻪ ... ﻳﻘﻄﻒ ﻣـﻦ ﺣﺎﻓﺎﺗﻬﺎ اﻟﺜﻤـﺮ اﻟﺤـﺎﻟﻲ
ﻳﺤﻜـﻢ ﻋﻘــﻼ ﻗـﺪ ﺃﻧــﺎﺭ ﻋﻠـﻰ ﻫـﻮﻯ ... ﺧـﺬﻭﻝ ﻏــﺮﻭﺭ ﻟﻠﻤﻄﻴﻌﻴـﻦ ﻗﺘــﺎﻝ
ﻭﺁﺧـﺮ ﺃﻋﺸـﺎﻩ اﻣـﺮﺅ اﻟﻘﻴﺲ ﺇﺫ ﻋﺸﺎ ... ﺑﻌﺸﻖ ﻫـﻮﻯ ﻧﻔـﺲ ﻟﺮﺑـﺎﺕ ﺃﺣﺠـﺎﻝ
ﻓﻘــﺎﻝ: ﻳﻤﻴــﻦ اﻟﻠــﻪ ﺃﺑـﺮﺡ ﻗــﺎﻋﺪا ... ﻭﻟﻮ ﻗﻄﻌﻮا ﺭﺃﺳﻲ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺃﻭﺻﺎﻟﻲ
ﻭﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺗﻤﺎﻡ اﻟﺒﺴﺎﻣﺔ ﻗﺼﻴﺪﺓ اﻟﺴﻴﺪ اﻹﻣﺎﻡ ﺻﺎﺭﻡ اﻟﺪﻳﻦ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺪﻋﻮﺓ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ - ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ - ﻭﻭﻟﺪﻩ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ،.قال في مطلعها:
ﺛﻢ اﺑﺘـﺪا اﻟـﺪﻋـﻮﺓ اﻟﻐـﺮاء ﻣـﻦ ﻗﻤـﺮ ...ﺇﻣﺎﻣﻨـﺎ اﻟﻘـﺎﺳﻢ اﻟﻤﻨﺼـﻮﺭ ﻓـﻲ ﺻﻔـﺮ
ﻣـﻦ ﻗــﺎﻡ ﻟﻠــﻪ ﻻ ﻳﻠـﻮﻱ ﻋﻠـﻰ ﺃﺣـﺪ ... ﻭﺑــﺎﻉ ﻣﻬﺠﺘـﻪ ﻣـﻦ ﺭﺑــﻪ ﻓﺒــﺮﻱ
ﻭاﻷﺭﺽ ﺗﺮﻓﺾ ﺑﺎﻟﻔﺠﺎﺭ ﻗﺪ ﻣﻠﺌﺖ ... ﺑﺎﻟﻈﻠـﻢ ﻭاﻟﺠــﻮﺭ ﻭاﻟﻌـﺪﻭاﻥ ﻭاﻟﻨﻜــﺮ
ﻭﻛــﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻧﺸــــﺮ اﻟﺤـﻖ ﺭاﻳﺘـﻪ ... ﻣـﻦ ﻗــﺎﺭﺓ ﻭﺑـﺪا ﻧــﻮﺭ ﻟــﺬﻱ ﺑﺼـﺮ
ﻓﺴـﻞ ﺳﻴﻔـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻷﺗـﺮاﻙ ﻗــﺎﻃﺒـﺔ ... ﻭﺻﺐ ﻋـﺰﻣﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﻔﺠــﺎﺭ ﻛﺎﻟﻘـﺪﺭ
ﻭﻛــﺎﻥ ﻣﻨـﻪ ﻋﻠﻴـﻬﻢ ﻛـﻞ ﻣﻠﺤﻤـﺔ ... ﻳﺸﻴﺐ ﻣﻦ ﻫﻮﻟﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﺼﻐﺮ
ﺣﻜـﺖ ﻭﻗــﺎﺋﻊ ﺻﻔﻴـﻦ اﻟﺘـﻲ ﺳﻠﻔـﺖ ... ﻭاﻟﻨﻬـﺮﻭاﻥ ﻓﻜـﻢ ﻳـﻮﻡ ﺣﻤﻰ ﻭﻋـﺮي
وفاته عليه السلام
توفي السيد العلامة أحمد بن محمد الشرفي ﻓﻲ ﺛﻠﺚ الليل اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻟﻴﻠﺔ اﻷﺭﺑﻌﺎء اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭاﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺫﻱ القعدة ﻋﺎﻡ ﺧﻤﺴﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻭﺃﻟﻒ ﺑﻤﻌﻤﺮﺓ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ ﻫﻨﻮﻡ، ﻭﻗﺒﺮﻩ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻣﺰﻭﺭ، ﻭﻣﻮﻟﺪﻩ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻭﺗﺴﻌﻤﺎﺋﺔ.
6-السيد العلامة يحي بن أحمد الشرفي
[ .... ـ 1089هـ / .... ـ 1676هـ ]
نسبه الشريف
هو يحي بن أحمد بن محمد بن صلاح بن محمد بن صلاح بن أحمد بن محمد بن القاسم بن يحي بن الأمير داود المترجم بن يحي بن عبد الله بن القاسم بن سليمان بن علي بن محمد بن يحي بن علي بن القاسم بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، القاسمي، الشرفي.
مشائخه
درس السيد يحي بن أحمد الشرفي علي يد أبيه الحافظ في أكثر الفنون، كما قرأ على الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم عليه السلام، وقرأ في الصرف وغيره على القاضي ناصر بن عبد الحفيظ المهلا، وسمع عليه القراءات السبع أيضاً، ثم أجازه إجازة عامة مشتملة على جميع الفنون.
تلامذته
وله تلامذة أجلاء منهم: السيد محمد بن عقيل التهامي، والقاضي محمد بن ناصر بن المهلا، وولده السيد جمال الدين علي بن يحي.
سيرته
كان السيد العلامة عماد الدين يحي بن أحمد الشرفي، من عيون العترة علما وعملا، بلغ في العلم غاية من التحقيق، وجمع منه ما يقرب من درجة أبيه، وكان له ذكاء وفطنة وورع وكرم وزهادة، أرسله الإمام المتوكل إلى مكة للإقراء بها، فأقام بها أياما درس بها في (الغيث) و(الأساس) و(الفصول اللؤلؤية).
وكان مسكنه أولاً في بلد أبيه في هجرة معمرة، وكان رحلة للعلماء والمتعلمين، ملاذا للطالبين، يقري الضيف، ويلقاهم بخلق كريم، ويخدمهم بنفسه، وكان أويس زمانه في الورع لا يعتني بأمر المعاش ولا اللباس، ولا يفترش إلا الخشن من الفراش، ويحمل حاجة بيته بنفسه تواضعاً، ولا يأكل إلا مع ضيف، ومع هذا فلا يفتر لسانه عن ذكر الله إلا لتدريس أو تأليف أو صلاة.
وكان قد أقام في هجرة (الشجعة) مدة أحذ فيها شطرا صالحا من العلوم على والد العلامة ناصر بن عبد الحفيظ المهلا هو وصنوه السيد الجليل: القاسم بن أحمد رحمه الله، ثم أقام مدة أخرى وأخذ على بقية المحققين العلامة ناصر عبد الحفيظ المهلا علوم القرآن جميعها وحقق فيعا تحقيقا عظيما، ولاه الإمام المتوكل غليه السام في آخر مدته أعمال الوقف في الجهة الشرفية، وقام بأعمال التدريس وإحياء الهجر أتم قيام.
وله رحلة أخرى للقراءة في علوم القرآن على والد العلامة ناصر عبد الحفيظ إلى هجرة (الوعلية) وبينها وبين هجرة (الشجعة) قدر ميل، كانا يأخذان في أول الخريف في هجرة (الشجعة) مدة، ويأخذان في (الوعلية) مدة آخر الخريف.
شعره عليه السلام
وللسيد يحي بن أحمد الشرفي في الشعر القصائد الجيدة، والهاجس الفذ، فمن شعره إلى شيخه العلامة ناصر بن عبد الحفيظ المهلا يعاتبه على التأخر في طلوعه إلى (الوعلية):
أحبـابنا ما لهـذا الهجــر مـن سبب وما الذي أوجب الإعراض وا عجبا
يمضي الزمـان ولا نحضى بقربكم علـى الجوار وكـون الجـار ذا قربـى
يـوم الثلاثـاء ويوم الأربعاء مضت ثم يوم الخميس وما إن جاء منك نبـا
وفـي العـروبة ظللنــا نـاظرين بـأن يبـدو لنـا وجهــك الميمـون فاحتجبـا
وليس شيء على المشتاق أصعب من بُعــد الـلقـــاء إذا مشتـاقه قربـا
أعيـذك اللـه يا سـبط الأكـارم أن يكـــون ودك للأحبــاب مضطربـا
هذا وإنـي أدري بـأن قصــدك لي وأنت مع ذاك شيخي عكس ما وجبا
لكنــه لـم يكـن منـي لحقـكم جهـل ولكــن عذري عنـك ما عزبـا
وأشار رحمه الله إلى عذر منعه من الوصول إلى شيخه في خلال هذه الأيام التي تأخر عن الطلوع فيها.
وكم للسيد قدس الله روحه إلى شيخه ناصر عبد الحفيظ من محاسن النثر والنظم، كالقصيدة التي أولها:
يا راقيــا فـي المعـالي أرفـع الـرتب وروضــة العــلم والتعليــم والأدب
وحائـزا من خلال المجد ما قصرت عنــه خطـا كـل ذي فضــل بـلا تعب
وناشئــا مـن ذرى العليــاء إذ ثبتت لــــه الوراثـة فيهـــا عــن أب فأب
وطيبــا ظهـرت أعراقــــه فـزكت والفــرع مهمـا تطب أعراقـــه يطب
ومنها:
وفـارس النــظم من يسمع مقـاطعه يقـــل لســمط اللآلـي عنــده احتجـب
ومعـدن العـلم مهمـا ظـل مختبئـا فـي مجلس خــف بالطـلاب والكتــب
أبـدى دقـائق عــلم قـد أحـاط بهـا يظــل سـامعهــا حيـــران مـن عجــب
ومـا عجيب أتـى من مثلـه عجبـا وهو الذي قد ساد من قد شاخ وهو صبي
وكم أعـد ولـن تحصـى خصائصه وقـد غـدت مثـل فيـض العـارض السكب
وما أقــول وقـد صـارت محــاسنه فـي الخــافقيـن مسيــر السبعـة الشـهب
وهي طويلة من مختار الشعر ومحاسنه.
وله قدس الله روحه إلى ولد شيخه القاضي العلامة الحسن بن ناصر ما يروق الناظرين من النظم النظيم، ويثير الدر الوسيم، والمراجعات في جميع العلوم.
آخر حياته
ثم ارتحل أخر مدته إلى القويعة، من مخاليف الشرف الأعلى فدرس بها وأحيا فيها العلم حتى توفاه الله سنة تسع وثمانين وألف، وقبره بها مشهور مزور.
وكان في آخر مدته قد فترت المذاكرات في جميع اهجر الشرفية، وأهملت بالكلية؛ وسبب ذلك تتابع الشدة واجراد، فكان السيد رحمه الله كثير التأسف على الأحياء فيها، وعلى عدم مطابقة قصد الواقف بصرف منافع كل هجرة في المساجد الموقوف عليها، وتحرج مما وقع من نقل الحقوق عن مواضعها، ويصرح بأنه مخالف للشريعة المطهرة أعزها الله، خصوصا مع كثرة مقررات من عين منافع الوقف يؤخذ قبل الإحياء والتدريس، وفيها مخالفة قصد الواقف؛ ومطابقة قصده واجب شرعاً، فإنا لو فرضنا الواقف حياً وسألنا عما يستغرق من منافع وقفه في هذه المقررات وتأثيرها على عمارة المساجد الحقيقية والدينية لنفر عن ذلك، ولعل هذا منكر يأباه كل مؤمن بالله ورسوله.
8-شريف الجان
[.... - 1067هـ ]
هو السيد العلامة أحمد الشرفي.
كان من أشهر مشائخه الإمام القاسم بن محمد عليه السلام، حيث أخذ عنه العلم عندما كان الإمام في الشرف، أو خلال ملازمته له.
ولهذا السيد مسجد مشهور - في مديرية الشاهل - يُعرف باسم (مسجد شريف الجان)، لا يزال إلى الآن في ميدان القويعة.
قيل أنه كان يرى الجن ويسمع كلامهم ويستعملهم، ولذلك سمي (شريف الجن).
توفي السيد أحمد الشرفي بعد أن وفد على الإمام الحسن بضوران سنة 1069هـ ، ودفن بها.
9-السيد العلامة علي بن الحسن الشرفي (بلَدية)
[ 1338هـ ـ 1428هـ ]
نسبه الشريف:
هو السيد العلامة علي بن الحسن بن محمد بن يحي بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن عبدالله بن صلاح بن إبراهيم بن علي بن محمد بن صلاح بن أحمد بن محمد بن القاسم بن الأمير داود بن المترجم بن يحي بن عبد الله بن القاسم بن سليمان بن علي بن محمد بن يحي بن علي بن القاسم الحرازي بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ الحسني، الشرفي.
نبذة عنه
السيد العلامة علي بن الحسن بن محمد بن يحي الشرفي ولد في مديرية الشاهل في الخامس عشر من شهر شعبان سنة 1338هـ ، وكان عالما معروفا محققا في الفقه فروعه وأصوله وفي علوم العربية، وله مشاركة جيدة في علم الحديث مع معرفة بالأدب والتأريخ، عامل بالكتاب والسنة.
حياته
كان السيد علي بن الحسن مدرسا في مديرية المحابشة لفترة، ثم قام بالتدريس في المدرسة العلمية في صنعاء بعد أن دَرَس بها، كما كلفه الإمام يحي حميد الدين سنة 1363هـ بالتدريس في هجرة (بيت السيد) في بني حشيش، ثم كُلف بالذهاب إلى شهارة للتدريس بها، وتولى إدارة مدرستها العلمية وبقي فيها إلى سنة 1381هـ ثم عاد إلى سابق عمله من التدريس بالمحابشة، وظل على تلك الحال إلى جانب عمله كناظر لأوقاف الشرفين والإرشاد إلى أن توفاه الله.
وفاته
توفي السيد علي بن الحسن سنة 1428هـ بعد حياة مليئة بالإرشاد، وخدمة الناس بالفتوى وحل الإشكالات، ودفن في مديرية الشاهل في الجامع المعروف باسم (العالم)، وقبره ـ إلى اليوم ـ معروف مزور.
10-اﻟﺴﻴﺪ العلامة ﺃﺣﻤﺪ اﻟﺸﺮﻓﻲ
[ …- ﻧﺤﻮ 1090ﻫـ]
نسبه الشريف
ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ، ﻭﺑﻘﻴﺔ ﻧﺴﺒﻪ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ اﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﺸﺮﻓﻲ.
ﻫﻮ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ، اﻟﺸﺮﻓﻲ اﻟﺤﺎﻛﻢ، ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ، ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ، ﻣﺤﻘﻘﺎ، ﻣﺪﺭﺳﺎ، ﻓﻘﻴﻬﺎ، ﻣﺤﻘﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪﻩ، ﻭﺗﻮﻟﻰ اﻟﻘﻀﺎء ﺑﺠﻬﺔ اﻟﺸﺮﻑ اﻷﺳﻔﻞ ﻣﻊ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺃﺧﻼﻕ ﻭﺇﻛﺮاﻡ ﻟﻠﻮاﻓﺪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻀﺎء ﻭﻣﻼﺯﻣﺔ اﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻋﺸﺮ اﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﻭﺃﻟﻒ.
ﺃﺧﺬ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﺼﻨﻌﺎء، ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻳﻘﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻮﻡ ﺁﻝ ﻣﺤﻤﺪ ـ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ـ.
ﻭﺃﺧﺬ ﻋﻨﻪ: ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﻢ: اﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﺸﺮﻓﻲ، ﻭاﻟﺴﻴﺪ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺮﻓﻲ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷﺧﻴﺎﺭ.
11-السيد العلامة اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺮﻓﻲ
[ … -1102ﻫـ]
اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ(اﻟﻌﺎﻟﻢ) اﻟﺸﺮﻓﻲ، اﻟﺴﻴﺪ ﺷﺮﻑ اﻟﺪﻳﻦ.
ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻼﺡ اﻟﺸﺮﻓﻲ، ﻭﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﺪﻩ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ، ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻛﺎﻥ ﺳﻴﺪا، ﻋﺎﻟﻤﺎ، ﻓﺎﺿﻼ، ﺯاﻫﺪا، ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﻩ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﻴﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺭﺱ ﻭاﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﻲ بالجاهلي ﺳﻨﺔ اﺛﻨﺘﻴﻦ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﻭﺃﻟﻒ.
21-السيد العلامة إبراهيم بن الحسن الشرفي
نسبه الشريف:
هو السيد العلامة إبراهيم بن الحسن بن محمد بن صلاح بن محمد بن صلاح بن أحمد بن محمد بن القاسم بن الأمير داود بن المترجم بن يحي بن عبد الله بن القاسم بن سليمان بن علي بن محمد بن يحي بن علي بن القاسم الحرازي بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي أبي طالب ـ عليه السلام ـ الحسني، القاسمي، الشرفي.
نبذة عنه
كان السيد العلامة إبراهيم بن الحسن علامة له تأليفات اختصر فيها فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأهل البيت عليهم السلام، اختصرها من محاسن الأزهار وشرح الأزهارالمسمى (شفاء صدور الناس) ومن غيرها، وله تأليف في إثبات إسلام أبي طالب بن عبد المطلب أوسع فيه النقل والإحتجاج والروايات.
وقبره كما يحكي صاحب مشجر أنساب آل الشرفي في جيدعان ولعله المقبور في المشهد المعروف لدى العامة إلى الآن بمشهد القاسمي, وفي هذا المشهد يوجد قبران آخران.
هي مدينة عامرة, ضاربة بجذورها في عمق التاريخ, بارزة بجلالها في مختلف العصور, وهي جامعة الزيدية، ومدرسة من مدارس الإسلام؛ إذ كانت وما زالت من أقدم الهجر العلمية وأشهرها, وأوسعها مساحةً، وأطولها عمراً, قد تخرج منها الآلف من العلماء عبر العصور وفي مختلف الأزمنة.
الموقع
وتقع مدينة حوث في الشمال من صنعاء، وتبعد عنها (119)كم، وهي تتبع إدارياً محافظة عمران, وتبعد عنها حوالي (81)كم, ويبلغ عدد سكانها 6421 حسب التعداد السكاني لعام 2004م.
نسبة التسمية
سميت "حوث" بهذا الاسم نسبة إلى حوث بن السبع بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد، وعُرِف أهله بالحوثان وسكنوا الكوفة.
قال نشوان الحميري في كتابه شمس العلوم: "حوث بلد باليمن، سُمي بساكنه حوث بن السبيع من همدان من ولده الحوثان بالكوفة، وبحوث كان مقام نشوان بن سعيد مصنف هذا الكتاب".
وأنشد:
بشاطئ حوث من ديار بني حربي لقلبي أشجـــــــــــــان معذبــة قلبي" [الأكوع, هجر العلم, ج1/ ص491]
حوث قديماً
قال العلامة القاسم السراجي: "اشتهر أن مدينة "حوث" كانت تنقسم إلى قريتين:
1.قرية بني حرب: وهم بنو حرب بن وادعة، ويسكنون جهة الجنوب وفي جبل عجمر ـ وبه آثار قديمة ـ، وخراب الرصاص، ويسكنون بجبل رميض أيضاً، وقد ذكر ذلك الهمداني في صفة جزيرة العرب، وإليهم بِرْكَة المصكعة الواقعة في الجهة الغربية بحوث.
2.قرية بني سلامة, ويقال: بنو سلمة، وإليهم اشتهر نسبة مسجد بني سلمة كما ذكره بعض المؤرخين، وكانوا يسكنون جهة الشمال، ويظهر ما يدل على سكناها، وقدمها، وإليهم بركة المخابيز، وما بجوارها، وكانت تدور الحروب بينهما كما قيل.
ويقال: إن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بنى مسجد الصومعة بين القريتين، وهذا يدل على استمرار القبيلتين بها قروناً كثيرة.
ومن سكانها بنو ربيعة، وكانت تسمى بديار بني ربيعة، كما ذكر ذلك الهمداني وغيره، وسكنها بنو حرام أيضاً، ذكر ذلك الهمداني والجندي".[السراجي, روائع البحوث, ج1/ ص61]
مكانتها التاريخية
لقد احتلَّت مدينة حوث مكانة تاريخية كبيرة، فكراً، وثقافة، وسياسة، وأدباً، وفضلاً، فهي من المدن العلمية العظيمة، والهجر القديمة، والمدارس الشهيرة، ودورها العلمي السياسي معلوم في المدن اليمنية.
قال المؤرخ الكبير محمد بن محمد زبارة رحمه الله: "حُوث - بضم الحاء المهملة وبالواو الساكنة والثاء المثلثة- المعروفة ببلاد حاشد على مسافة ثلاثة أيام من صنعاء".
وقال المقحفي: "حوث - بضم فسكون- مدينة كبيرة ما بين خَمِر جنوباً وحَرْف سفيان شمالاً".[المقحفي, معج البلدان اليمنية, ج1/ ص527]
قال عنها القاضي إسماعيل الأكوع: "هجرة عامرة في العصيمات، إحدى بطون قبيلة حاشد الأربع، وتقع في منتصف الطريق بين صعدة شمالاً وصنعاء جنوباً"[الأكوع, هجر العلم, ج1/ ص491]
وتعتبر مدينة حوث من المدن العتيقة، التي ظهر تاريخها في القدم، حتى قيل: إن وجودها كمدينة سميت بهذا الاسم من قبل الإسلام، قال المقحفي: "ويرجع تاريخ مدينة حوث إلى عصور زمنية سحيقة تصل إلى ما قبل التاريخ الهجري, يؤكد على ذلك: الشواهد والمآثر المعمارية والنقوش والنحوت المنتشرة في نواحي المدينة وفي قمم الجبال المطلة عليها, ومنها: جبل "رميض" وجبل "عجمر" وفي سفح الأخير تقع خرائب مدينة حوث القديمة"[المقحفي, معجم البلدان اليمنية,ج1/ ص528].
وقد ذكر الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة في كتابه الشافي [ج4/ ص230]: "أن النبي بَعَثَ إلى الظاهر وحوث بعامل، وهو الصحابي عامر بن شهر الهمداني", بينما يتحدث البعض عن قدوم الإمام علي عليه السلام إليها وأنه بنى فيها مسجد الشجرة, يقول العلامة القاسم السراجي: "لنقف الآن مع رواية نسمعها عن الآباء، وقد تناقلها الآباء عن الأجداد، سماعاً إلى يومنا هذا، ولم أقف على من دونها، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لما خرج إلى اليمن، وصل إلى هذه البلدة المباركة أعني مدينة حوث، فجلس تحت شجرة وأخبر ببناء مسجد جامع للناس لا ينقطع منه العالم والمتعلم إلى يوم القيامة، وقد بُني هذا الجامع المقدس، وسمي بجامع الشجرة"[السراجي, روائع البحوث, ج1/ ص36].
ومما يدل على أن مدينة حوث ترتبط بعصر النبوة, أن الحارث الأعور الهمداني صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يُنسب إلى هذه المدينة, قال الهمداني: "فمن حوث الحارث الأعور بن عبد الله بن كعب بن أسد بن يخلد بن يعمر بن عمرو بن الحارث بن يمجد بن يخلد بن حوث، الفقيه صاحب علي وراويته"[الهمداني, الإكليل, ص8].
ويثبت لنا التاريخ بأن الحوثان الذين سكنوا الكوفة هم من حوث, قال الهمداني: "فأولد السبع السبيع بطن وحوثاً وهو عبد الله بطن وهم الحوثان"[الهمداني, الإكليل، ص8], قال نشوان الحميري عند ذكره لحوث: "ومن ولده الحوثان بالكوفة".
ولهذه المكانة التأريخية فقد لعبت مدينة حوث أدواراً على مستوى الساحة اليمنية
الدور السياسي
كان لمدينة حوث عبر مراحل التاريخ دور مهم، وأثر في الحياة السياسية, فكان لها ولأبنائها مشاركة في صنع القرار السياسي, تكشف عن ذلك عدد من الوقائع منها: أن عدداً من الأئمة سكنوا حوث في فترات زمنية, واتخذوها منطلقاً لتأمين البلاد وفرض الاستقرار, فيذكر المؤرخون أن الإمام الهادي عليه السلام قدم حوث واتخذها مركزاً ومنطلقاً لبث الأمن وتوطيد الاستقرار, وفي سنة (305هـ) دخلها ولده الإمام الناصر واستقر بها, وكذلك الإمام يوسف الداعي بن يحيى بن أحمد بن الإمام الهادي, والذي بنا بها داراً وأسكن أولاده بها بعد سنة (368هـ).
واستمرت بعدها مدينة حوث على ذلك، من دون أن تغب عن الواجهة السياسية, ففي بدايات القرن السادس الهجري, ولد بالقرب من مدينة حوث الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان وسكنها، والذي تولى الإمامة سنة (532هـ)، "ثم بسط نفوذه في أنحاء اليمن، ووحد أقطارها, وخُطِب له في بلاد الحجاز ينبع وخيبر, وانقادت لحكمه الجيل والديلم".[المؤيدي, التحف, ج1/ ص258].
وبعد وفاة الإمام المتوكل على الله استمر هذا الدور، فقصدها الإمام المنصور عبد الله بن حمزة، واستقر بها سنة (596هـ) كاملة وأشهراً في سنة (597هـ)، ثم قصدها في سنة (599هـ)، واتخذها مركزاً له؛ لتفقد أحوال البلاد, فقصده إليها الأمير المؤيد السليماني "صاحب أبو عريش"، ثم استقر بها الإمام المنصور في سنة (600هـ)، ومنها وزع عماله على بعض مناطق اليمن "كتهامة" و"سفيان".
وبسبب هذا الدور الذي لعبته مدينة حوث، فقد تعرضت في تلك الفترة للخراب ثلاث مرات، في سنة (600هـ), وفي (605هـ) وفي (615هـ).
وفي بداية القرن السابع اتخذها الإمام المهدي أحمد من الحسين أبي طير سكناً له, وذلك في سنة (653هـ) واستمر بها سنة كاملة, وفي سنة (656هـ) انطلقت منها ثورة معارضة ضد الإمام المهدي بقيادة داود بن الإمام المنصور, وبغض النظر عن موقفنا من تلك الثورة ومن أهدافها, فإننا في صدد الحديث عن دورها السياسي, ولا شك أن المدن التي تستطيع أن تقود الثورات تعتبر من المناطق المؤثرة سياسياً على الساحة.
وفي مطلع القرن الثامن, وبالتحديد في سنة (701هـ)، انعقدت البيعة فيها للإمام محمد بن المطهر, والذي بسط نفوذ دولته على معظم مناطق اليمن "الشمال والجنوب"، فقد "افتتح عدن وتلك المناطق".[المؤيدي, التحف, ج1/ ص288]
وفي ثورة الإمام القاسم بن محمد، في مطلع القرن الحادي عشر، اتخذ الإمام من جبل رميض المطل على مدينة حوث منطلقاً لجهاد الغزاة الأتراك.
وهكذا كان لحوث وأهلها دوراً سياسياً بارزاً, في مختلف العصور، كسائر المناطق اليمنية, وإن كان ذلك الدور يتغير بين مدٍّ وجزر, فمرة يلمع ومرة يخفت, وبقي هنا أن ننوه على وجه آخر من أوجه الأدوار السياسية, وهو ما يعرف في فكر أهل البيت عليهم السلام بالاحتساب, وهو وجه آخر من أوجه الولاية وإدارة شؤون البلاد, تخول صاحبها بعض الولاية في إدارة البلاد، من إزالة المنكرات، ونفي الفواحش، ومحاربة الفساد الديني والأخلاق, وقد شهدت مدينة حوث هذا الولاية, ففي القرن الثاني عشر الهجري, قام بالاحتساب السيد المحتسب يحيى بن محمد الحوثي المعروف بالعروبا, والذي توفي سنة (1152هـ), ثم قام بالاحتساب بعده تلميذه السيد المحتسب أحمد بن قاسم عشيش.
الدور العلمي
ظلت مدينة حوث هجرة علمية، وجامعة لتدريس العلوم الشرعية عبر عصور الاسلام, فهي من أقدم الهجر العلمية، وأوسعها وأشهرها وأطولها عمراً, ولم تخلُ على مر العصور من الدرس والتدريس, فقامت فيها عدد من المدارس العلمية العريقة, وسكنها عدد من أقطاب العلوم وأئمة الاجتهاد, فقد سكنها الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان, ودرَّس فيها وأخذ عنه العلم مشاهير الإسلام في ذلك الزمان, أمثال حميد بن أحمد القرشي, وفي تلك الأيام وفد إلى اليمن من أرض العراق العلامة الكبير زيد بن الحسن البيهقي, فالتقى به الإمام المتوكل على الله وأجازه, وأن يفد عالم من العراق فهذا يدل على ازدهارٍ الحياة العلمية, كما أنه يعتبر رافداً جديداً من روافد العلم, فقد جاء ومعه كثير من علم أهل العراق، ولا شك أن العلماء اليمنيين وفي طليعتهم الإمام المتوكل على الله قد استفادوا من تلك العلوم.
وممن أخذ عن الإمام المتوكل على الله العلامة المجتهد الحسن بن محمد الرصاص, وأسس مدرسة علمية في حوث كانت واسطة عِقْد الأسانيد في ذلك العصر, ومنهلاً اغترف منه العلماء والأئمة, ولعل أشهر من قرأ في هذه المدرس وتخرج منها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة, والذي واصل النشاط العلمي في مدينة حوث، فبنى فيها مسجده المسمى بالصومعة, وأسس فيها مدرسته العلمية التي عرفت بـ(المدرسة المنصورية)، ولعل هذا العصر من أزهى عصور المدينة علماً ومعرفةً ودرساً وتدريساً, ولقد تخرج من هذه المدرسة كبار العلماء الذين برزوا فيما بعد، كشعلة الأكوع، وحُمَيد الشهيد، وفي تلك المرحلة تلقى الإمام المطهر بن يحيى العلوم في مدينة حوث، وأخذ عن علمائها كالفقيه العلامة إبراهيم بن علي الأكوع.
وفي نهاية القرن السابع الهجري التحق بمدرسة حوث الإمام محمد بن المطهر, والذي بويع له بعد أن ظهر فضله وكراماته بالإمامة من هذه المدرسة، في مطلع القرن الثامن الهجري كما تقدم.
وفي هذه الفترة كان أشهر من أخذ العلم في مدينة حوث ودرَّسه الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة، والتي بلغت شهرته الأفاق، وبلغت صفحات مؤلفاته كعدد أيام عمره.
ومن الأسر العلمية العريقة التي نشرت العلم في مدينة حوث، وكان لها فضل عظيم في النهضة العلمية والثقافية في هذه المدينة، أسرة بيت الرصاص، وهم مِن أقدم الأسر العلمية العريقة في هذه المدينة, ولقد حافظوا طيلة تلك الفترة على هذا الموروث العلمي الأصيل.
لقد أسس الإمام يحيى بن حمزة في مدينة حوث مدرسة علمية متكاملة الأركان, ثم خلفه أبناؤه في إحياء هذه المدرسة، وقاموا بنفقات المتعلمين والمهاجرين والعلماء والمدرسين، حتى أصبحت مدينة حوث في عهدهم شَامَةً علمية بارزة في أرض اليمن، لا توازيها مدينة في جميع الأصقاع اليمنية, وإن شئت قل: بل في العالم الإسلامي.
واستمر الدور العلمي والثقافي للمدينة في القرنين التاسع والعاشر, وإن بدا أنه قلَّ شيئاً يسيراً فلم يقلّ حقيقةً في الحركة العلمية، وإنما في المصادر التاريخية التي تتوفر اليوم عن القرن العاشر، ويرجع السبب كما يذكره العلامة القاسم السراجي في [روائع البحوث, ج1/ ص54]:
قلة المراجع التي بأيدينا عن ذلك العصر، وقلة من ذكر مما بأيدينا.
لذهاب الأضرحة كاملة بسبب السيول، فلم يبق ولا ضريح واحد.
لكنها برزت في هذين القرنين شخصيات علمية كبيرة، ولها ثقلها في الحياة العلمية والسياسية، ومن أبرز تلك الشخصيات العلامة الحجة شيخ العترة أمير الدين بن عبدالله بن نهشل, وهو في درجة علمية عالية، فهو شيخ الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد, وكان عليه مدار الإجازات العلمية في ذلك العصر.
إن الدور العلمي لهذه المدينة قد طغى أي دور آخر، حتى أن المؤرخين في تناولهم لهذه المدينة يغفلون الحديث عن أي دور آخر للمدينة غير الدور العلمي, قال المؤرخ عبدالكريم الإرياني: "هجرة حوث من أقدم الهجر وأشهرها، تعتبر من أهم مدارس العلم الزيدية" [السراجي, روائع البحوث, ج1/ ص62].
ويقول القاضي محمد بن أحمد الحجري: "بلدة حوث من البلدان العامرة بالعلم والعلماء".[السراجي, روائع البحوث, ج1/ ص65].
قال المقحفي: " ترجع شهرتها إلى كونها من مراكز العلم البارزة سابقاً، والتي كان يطلق عليها مصطلح الهجرة، وقد أنجبت الكثير من العلماء والأدباء"[المقحفي, معجم البلدان اليمنية, ج1/ ص528].
وقال القاضي إسماعيل الأكوع: "هجرة عامرة في العصيمات ...... وهي من أقدم الهجر وأشهرها، فقد استمرت قروناً كثيرة، وهي مزدهرة بالعلم والعلماء"[الأكوع, هجر العلم, ج1/ ص491].
أشهر معالمها
المساجد
ضمت مدينة حوث عدداً من المساجد الأثرية القديمة, بعضها يرجع إلى عصر النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم, وبعضها إلى القرن السابع الهجري، وبعضها بعد ذلك وإلى الوقت الحاضر, ومن هذه المساجد:
جامع الشجرة
الجامع الكبير أو جامع الشجرة، يعتبر من أقدم مساجد حوث العامرة؛ ولم نستطع معرفة تحديد تاريخ بنائه إلا أن المؤكد أن بنائه كان قبل القرن السابع الهجري إذ تفيد المصادر التاريخية أن الإمام يحيى بن حمزة عليه السلام أمر في سنة (735) أمر بتجديد بنائه, فقام ولده عبدالله بذلك, لكنه لم يكمله, فأكمله صنوه محمد.
ومن ذلك الزمان إلى وقتنا الحاضر مرَّ ببعض الزيادات، ففي سنة (1203هـ) زيد فيه في الجهة الغربية الجنوبية, والجهة الشمالية, وفي سنة (1259هـ) زيدت الجهة الشرقية الجنوبية, وفي سنة (1287هـ) بنيت المئذنة, وآخر زيادة فيه كانت في سنة (1426هـ).
ويعتبر جامع الشجرة من مدارس العلم التاريخية التي تخرج منها الكثير من الأئمة والفضلاء, منذ الإمام المنصور بالله إلى وقتنا الحاضر.
مسجد الصومعة
وهذا المسجد يسمى عند المؤرخين والمحدثين بالمدرسة المنصورية، ويعود بناؤه إلى سنة (600هـ)، قام ببنائه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة كما تقدم.
ولقد ضم هذا المسجد مدرسة علمية ظلت مناراً للعلماء والمتعلمين, ولعل من أشهر الساعين والمدرسين في هذه المدرسة الشيخ العلامة علي بن حميد القرشي المتوفى سنة (640هـ).
قال المقحفي: "جامع الصومعة الذي ما يزال قائماً وهو مبني بالياجور، وله تصميم وطراز متميز في النقوش والزخرفة، وكان في الجامع مدرسة علم قديمة هي المدرسة المنصورية، تلقى منها الإمام عبدالله بن حمزة تعليمه على يد العلامة القاضـي الحسن الرصاص، وذلك في أواخر القرن السادس الهجري"[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص526].
وقد تعقب العلامة السراجي قول المقحفي، فقال: " قلت: والمدرسة العلمية التي تلقى الإمام عبدالله تعليمه فيها إنما هي في جامع الشجرة، والله أعلم".
ثم قال: "ويمتاز المسجد بالنقوش وبقوة السبك وبراعة التصميم على محرابها وجوانبها، ولها سقف متميز مجوَّف وبجواره من جهة الجنوب بركة صغيـرة، وبها قـبـر الولي العلامة الحسين بن حمزة صنو الإمام يـحيى بن حمزة عليه السلام, وفيها قـبـر العلامة الأزرقي، وقد جددت وأصلحت ولذلك طمس قـبـر الأزرقي، وأزيل بعض المآثر التي فيها، هذا وقد ذكر الأكوع أنه يوجد تاريخ بناءها في أحد أحجار المسجد في الجهة الجنوبية والله أعلم".[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص526].
المسجد الأعلى
بني هذا المسجد في القرن الحادي عشر الهجري, بناه القاضي العلامة علي بن صلاح بن محمد الرصاص، المتوفى في سنة (1089هـ), والذي قبر بجوار المسجد.
قال العلامة السراجي: "ويسمى هذا المسجد بمسجد المشائخ، ويمتاز ببناء معماري جميل، وبجواره بركة واسعة وفيها تـخــطيط هندسي، وتقع الـبـركة في الجهة الجنوبية للمسجد".[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص528]
مسجد العشيش
بناه السيد الصالح حسين بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبدالله عشيش الصويتي، كان بناؤه في سنة (1122هـ).
قال العلامة السراجي: "ويمتاز المسجد بالنقوش والزخرفة وكتابة الآيات القرآنية، وعلى جداره وعلى المحراب، والسارية أيضاً، وبجواره بركة واسعة تقع في الجنوب الشـرقي للمسجد وبها مطاهيـر، وفي المسجد قـبـر السيد العلامة الإمام محمد بن علي عشيش المتوفى سنة (1032هـ)، وبجواره شمالاً قـبـر السيد العلامة المحتسب أحمد بن القاسم عشيش المتوفى سنة (1161هـ)، ويقع خارج السور الذي على المسجد من جهة الشـرق قـبـر السيد العلامة زيد بن علي بن عبدالله عشيش"[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص529].
المسجد القبلي
يعود بناء هذا المسجد إلى القرن الحادي عشر الهجري, بناه السيد المجاهد عبدالله بن أميـر الدين بن عبدالله بن نهشل المتوفى سنة (1077هـ).
قال العلامة السراجي: "ويمتاز أيضاً أن بجواره بركة عظيمة بناها باني المسجد، فيها تصميم هندسي وبناء معماري، وتمتاز مطاهيـر هذه الـبـركة بالسعة دون سائر المساجد الأخرى."[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص530].
ويوجد بجوار المسجد من جهة الغرب قـبـر السيد العلامة زيد بن يـحيى الحوثي وولده العلامة أحمد، ويقع بجوار المسجد من جهة الجنوب قـبـر السيد المجاهد عبدالله بن أميـر الدين وولده وحفيده.
مسجد الخراب
يقول العلامة السراجي: "ولعله مسجد بني سلمة كما يذكره المؤرخون، وهو مسجد قديم اهتم به الأئمة والعلماء في مدينة حوث...، وإنما سمي بمسجد الخراب؛ لأنه قد تهدم ثم أُعيد بناؤه، ويقع شمال مدينة حوث، وغرب بريكة المخابيز، ويُسمى الآن بمسجد المصبانة".[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص530]
القباب
1- قبة الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد
عمر هذه القبة السيد محمد بن الإمام المحسن بن أحمد سنة (1297هـ), وتقع بجوار الجامع الكبير بحوث, وداخلها نقوش محزمة, وبها قبران، الأول للإمام المحسن بن أحمد، والثاني للإمام المنصور بالله محمد بن يحيى حميدالدين, وعلى القبرين تابوت فيه آيات قرآنية وقصائد منحوتة.
2- قبة السيد الحسين بن علي
وتقع جنوب بركة الذويد، وفيها قبر السيد شرف الإسلام الحسين بن علي بن عبدالله بن محمد بن الإمام يـحيى بن حمزة.
3- قبة الأعضب
تقع شمال مسجد العشيش وفيها قبر السيد الشهيد محمد بن علي الأعضب, وموضع القبة كان منزلاً للسيد محمد بن علي عشيش, وقد استشهد العلامة الأعضب في كمين نصبه الغزاة الأتراك, وكان المستهدف هو السيد القائد محمد بن علي عشيش, فلما خرج الأعضب للتدريس في مدرسة الإمام يحيى بن حمزة, ظنه الأتراك محمد بن علي عشيش, فرموا عليه فأصابوه فاستشهد عليه السلام, فقام محمد بن علي عشيش بدفن الشهيد الأعضب في منزله؛ ليتعاهده وليتذكره للأخذ بثأره, ثم بنيت عليه هذه القبة.
4- قبة العامري
تقع بجوار بيت الأشقص، وفيها قبر السيد العلامة عبدالله بن الشهيد عامر بن علي.
المقابر
كانت مدينة حوث ولا زالت سكناً للكثيـرين، ولذلك نجد اتساعاً في مقابرها، كما نجد مدافن لقبور كثيـرة، ففيها مقابر تُعدُّ من أشهر المقابر في اليمن؛ لما فيها من علماء وفضلاء، ولمساحتها الواسعة، وكثرة قبورها.
وهذا هو حصرها:
1- العِشَـرة
بالعين المكسورة وفتح الشين، تعتبر هذه المقـبـرة أكـبـر مقابر مدينة حوث، وهي مقـبـرة مشهورة في المقابر اليمنية؛ وذلك لقدمها ولمن حوت من العلماء والفضلاء.
فالمقابر المشهورة في اليمن بالفضلاء والنبلاء ثلاث مقابر:
1- مقـبـرة خزيمة بصنعاء
2- مقـبـرة العوسجة بصعدة
3- مقـبـرة العشـرة بحوث
فهي ثالثة المقابر اليمنية شهرة؛ إذ فيها من العلماء والأولياء والأتقياء الكثيـر الكثيـر منذ القرون الأولى وحتى القرن الحادي عشـر وتمتاز بمساحة واسعة جداً امتداداً من الجهة اليمانية الغربية بحوث وتمتد شمالاً إلى مقـبـرة عكارة -الآتي ذكرها- مع أن السيول النازلة من الوادي الذي هو فرع لأحد مصبَات وادي خبش بالجوف قد أخذت الكثيـر منها، ولا زال يؤثر فيها، و للإهمال من قبل الأوقاف فإن السيول أثرت على القبور حتى ظهرت الجثث واللحود ، وتـحـتوي على أكثر من ثمانين ألف قـبـر سواء الداثر منها وغيـر الداثر، والكبار والصغار، والذكور والإناث، تقديـراً وتقريباً، مع أن نسبتها إلى اسم المكان الذي تقع فيها، وكل المقابر التي سنذكرها فهي بأسماء أماكنها.
2- مروانة
وهي مقـبـرة معروفة تـحـتـل الجزء اليماني الشـرقي من العشـــرة، وبجوارها نزوان شمالاً، وفيها بعض أولاد الإمام يـحيى بن حمزة، وأكثر أحفادهم وأولادهم، ويظهر في الجهة الشـرقية بها قـبـر القاضـي علي بن محمد النجري، وفيها وفيات القرن الثامن الهجري والتاسع.
3ـ عُكَارة
بضم العين وفتح الكاف وتـحـتل مكاناً واسعاً وهي واقعة شمال العشـرة بـيـنهما فاصل بأرضية وطريق وتمتد جنوباً إلى الطريق المارة صنعاء صعدة ذهاباً وإياباً، وإلى قرب سوق مدينة حوث، وربما أن الطريق هي التي فصلت المقـبـرة وأتلفت بعض القبور، وفيها قـبـر العلامة علي بن صلاح بن محمد، وقـبـر ولده العلامة محمد بن علي السـراجي، الحوثي وولده علي بن محمد السراجي وولده أحمد بن علي السراجي ، وقـبـر الشهيد الهادي بن أبي الرجال وغيـرهم، وفيها قبور القرن الحادي عشـر والثاني عشرالهجري.
4- المصكعة
الواقعة بجوار بِرْكَة المصكعة، وقد أصبحت داثرة، وفيها قـبـر القاضـي محمد بن القاسم الأكوع، ولعل القبور التي كانت بها منذ أزمان قديمة وحتى بداية القرن السابع الهجري، وقد وقعت بتلك الأماكن حروبٌ كثيـرة، والله أعلم.
5- جربة معمَّر
وهي مقـبـرة تقع في الجهة الغربية الشمالية بحوث، بجوارها جنوباً محطة الكهرباء، ومن جهة الشمال مقـبـرة المغبرة، ومن الغرب الوادي الذي يصل بوادي خبش، وتحوي هذه المقبرة العديد من الفضلاء والعلماء والأعيان، كالسيد العلامة محمد بن أحمد السـراجي، والسيد العلامة الحجة الحسن بن الحسين ساري، وولده العلامة علي بن الحسن، وبجوارهما من الجنوب العلامة القاسم بن محمد السـراجي، وفيها قـبـر السيد العلامة الحسين بن محمد الديدي، وبعض أولاد المحسن بن أحمد، والسيد العلامة الزاهد يـحيى بن محمد بن إسحاق أبو علي، وهي مقـبـرة تضم وفيات القرن الثالث عشر والرابع عشر للهجرة.
6- المغبَّرة
وهي المقـبـرة وتـحدها من الجنوب مقـبـرة جربة معمَّر، ومن الشمال مدرستي الثانوية والأساسية، وفيها الكثيـر من الفضلاء، أمثال السيد العلامة الشهيـر القاسم بن أحمد زيد الحوثي وأولاده، وفيها قـبـر العلامة الحجة الحسن بن القاسم السـراجي، وهو في الجهة الجنوبية الشـرقية، وتـحـتوي على قبور الفضلاء منذ القرن الرابع عشـر الهجري والقرن الخامس عشـر الهجري وإلى الآن، وجهتها الجنوبية أوقفها السيد العلامة علي بن حسين عشيش، وهو أول من قـبـر فيها.
7- أم يوسف
وهي مقـبـرة تقع في الجهة الغربية من الوادي الذي بحوث، والذي هو أحد فروع وادي خبش، فهو يـحد المقبرة من جهة الشـرق، ومن الغرب (المديد) لبيت زيد، وشمالاً مالُ بيت الكبيـر، وجنوباً الطريق المارة بين صنعاء وصعدة ذهاباً وإياباً.
وهذه المقـبـرة تنقسم إلى قسمين: القسم الجنوبي لبيت الكبيـر، والقسم الشمالي للقضاة بيت الرصاص، وفيها فضلاء وأعيان السادة والقضاة، كالسيد العلامة الزاهد زيد بن علي الكبيـر، والوالد الفاضل حسن بن محسن الكبيـر، جدَّ آل الكبيـر، وغيـرهما، وفيها قـبـر القاضـي العلامة الكبيـر عبدالله بن يـحيى البدري، وأولاده وأحفاده والذي منهم القاضـي العلامة المجتهد المطلق محمد بن علي البدري، وفيها قـبـر العلامة المجتهد شيخ المشائخ محسن بن مرشد السعودي المغدفي.
8- مقـبـرة المخابيز
وهي بجوار بركة المخابيز، وقد أصبحت داثرة، ولعلها قديمة وكانت مقـبـرة لبني سلامة، ولا تزال بها قبور ظاهرة في جهة الجنوب الشـرقي، وهو قـبـر القاضـي العلامة أحمد بن محمد بن قاسم الأكوع المعروف بشعلة، وفيها قـبـر القاضـي محمد الطامي، ويقول البعض أن قـبـر محمد بن نشوان بها، وهو غيـر صحيـح إذ لم يقـبـر بحوث.
أشهر علمائها
1- نشوان بن سعيد الحميري [… - 573هـ]
القاضي العلامة المؤرخ نشوان بن سعيد بن أبي حمير بن عبيد بن القاسم بن عبد الرحمن الحميري, كان عالماً لغوياً وتاريخياً من علماء اليمن، الذي غطت شهرتهم الآفاق, نشأ بحوث وأخذ العلوم عن مشائخها, وقد عُدَّ من علماء الزيدية, ولم تُعرف له مخالفة لهم إلا قوله أن "أهل البيت" هم المسلمون باختلاف أعراقهم؛ وهذا نتيجة تعصبه لأسرته القحطانية, قال في الطبقات: "قال بعض أولاده: والمشهور أنه كان يختار أقوال الهادي على سائر فقهاء الإسلام، ويحكم بها بين الخاص والعام، وكان مظهراً لمذهبه في أشعاره وكتبه، ولم يقع بينه وبين أحد من أهل عصره جفاءٌ سوى الأشعار التي قالها هو والشرفاء."[إبراهيم بن القاسم, طبقات الزيدية الكبرى, ج3/ ص61]
وهناك أبيات شعرية لنشوان تكشف عن رجوعه عن مخالفته تلك والتي منها:
ولَوُدُّ سائر أهل بيت محمد
وودادهم فرض عليَّ ومغنمُ
قومٌ أدين بدينهم وبحكمهم
ونصوصِهم أُفتي الخصومَ وأحكمُ
وأنا المُحِبُّ ابنُ المُحِبِّ وإن وشى
واشٍ ورَجَّمَ بالظنون مُرَجِّمُ
ومن شعره:
وذكرتُ آلَ محمدٍ وودادُهم
فرضٌ علينا في الكتاب مؤكَّدُ
وأنا المناضل ضدكم عن دينكم
والله يشهد و البرية تشهدُ
لا أستعيض بدين زيدٍ غيرَه
ليس النُّحَاسُ به يُقاسُ العسجدُ
توفي نشوانُ سنة (573هـ)، وقد خَلَّفَ تراثاً فكرياً وتاريخياً زاخراً، مثل: (أحكام صنعاء وزبيد), (الحور العين), (شمس العلوم).
2- الحسن بن محمد الرصاص [546هـ ـ 584هـ]
العلامة الكبير الحسن بن محمد الرصاص, مفخرة الزمن، وتاج أهل اليمن, ولد سنة (546هـ), ونشأ بحوث وتتلمذ على يد القاضي العلامة جعفر بن عبدالسلام, تخرج على يديه الكثير الطيب من العلماء والفضلاء, ومن أشهر تلامذته الإمام المنصور عبدالله بن حمزة عليه السلام, كان الرصاص عالماً مبرزاً ومحققاً متميزاً وآية من آيات الله الظاهرة, حتى قيل فيه: أنه أجلُّ أهل اليمن قدراً, ألَّف قبل أن يبلغ (20) سنة, وقيل وعمره (14) عاماً, وله من المؤلفات: التبيان والتفصيل وغيرها, توفي سنة (584هـ) وعمره قد ناهز (38), ودفن في هجرة سناع القريبة من صنعاء بجانب مشهد شيخه القاضي جعفر بن عبدالسلام.
3- حُمَيد بن أحمد القرشي [… - 621هـ]
الشيخ العلامة المحدث حُمَيد بن أحمد بن جعفر القرشي, ويقال له محمد بن أحمد, عالم فاضل، وأحد أعلام القرن السادس الهجري, قرأ على الإمام المتوكل أحمد بن سليمان والقاضي العلامة جعفر بن عبدالسلام, ومن مؤلفاته: مختصر تفسير الحاكم الجشمي, ومختصر التلخيص, توفي سنة (621هـ)، وقبره بمدينة حوث في مقبرة العشرة.
4- أحمد بن الحسن بن محمد الرصاص [ ..... ـ 621هـ]
الشيخ العلامة أحمد بن الحسن بن محمد الرصاص, نشأ في مدينة حوث وأخذ عن والده وعن أبي القاسم الثبت, ومن أشهر طلبته الشهيد حُمَيد المحلي, ومن مؤلفاته مصباح العلوم وكتاب في فضائل الإمام علي وغيرها, توفي سنة (621هـ) ودفن في مسجد بني سلمة بمدينة حوث.
5- الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة [561هـ - 614هـ]
الإمام الأجل المنصور بالله عبدالله بن حمزة, ولد سنة (561هـ)، أخذ العلم عن آبائه وعن العلامة الحسن الرصاص وعلي بن أحمد الأكوع وغيرهم, كان كثير التردد على حوث, وفيها تلقى العلم, حتى بلغ مبلغاً في العلم قيل عنه أن لن يأتيَ مثله, حتى قيل أنه يحفظ 50 ألف حديث بأسانيدها, قام داعياً إلى الله مجاهداً فلول الأيوبيين الغزاة سنة (594هـ), وقاد حروباً عظيمة وكان شجاعاً مقداماً دانت له الأصقاع, وسلَّمَ بإمامته الجيل والديلم وأصبهان, ولقد خافه مَلِكُ العباسيين وأغلق أبواب بغداد 7 أيام, ومن أشهر مؤلفاته: (الشافي) وهو موسوعة علمية عظيمة قلَّ أن أُلِّفَ مثلُه, وهو يدل على أنه الأحق بقول الشاعر:
عليمٌ رَسَت للعلم في أرض صدره جبالٌ جبالُ الأرضِ في جنبها قُفُّ
توفي عليه السلام سنة (614هـ)، وعمره (52) سنة, وقبره في حصن "ظفار" الأثري الذي عَمَرَه.
6- علي بن أحمد الأكوع
القاضي العلامة علي بن أحمد بن الحسين بن مبارك بن إبراهيم الأكوع, عاش في القرن السابع, وسكن حوث, لقد كان عالماً فاضلاً فقيهاً مخلصاً محباً لآل البيت, قرأ على الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة وقرأ عليه الإمام المنصور, ومن مشائخه الشهيد حُمَيد المحلي, أما تلامذته فكُثُر, ومنهم أحمد بن محمد الأكوع المعروف بشعلة, اشتغل بمذهب إمامه المنصور بالله وخَرَّجَه, وأَلَّف كتاباً في ذلك سماه "الاختيارات المنصورية" بلغ فيه إلى الكفارة, شارك في حروب الإمام المنصور وكان من أعظم مناصريه, قبره رحمه الله في الملاحة بجبل مرهبة عند مسجده.
7- أحمد بن محمد الأكوع [...... ـ 640هـ]
العلامة الحافظ أحمد بن محمد بن القاسم الأكوع الحميري المشهور بشعلة, نشأ في مدينة حوث، وقرأ على العلامة حميد القرشي, والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وغيرهم من المشائخ, ومن تلاميذه: الإمام المهدي أحمد بن الحسين أبو طير, والهادي بن المقتدر بن تاج الدين, كان عالماً فاضلاً مسنداً ومن شيوخ الأئمة الكبار, توفي بعد سنة (640هـ) ودفن في مدينة حوث بموضع المخابيز.
8- عبدالله بن الإمام يحيى بن حمزة [.... ـ 788هـ]
السيد العابد العالم عبدالله بن الإمام يحيى بن حمزة, كان عالماً عابداً على درجة عظيمة في العلم والعبادة والجهاد, من أشهر أساتذته والده, استوفى شروط الإمامة, والتي هي في الفكر الإسلامي الشروط التي يجب أن تتوفر في المتولي لشؤون المسلمين, وكانت لا تتوفر إلا في الخُلَّص من الناس، السابقين علماً وفضلاً وورعاً وشجاعة وصلاحاً, عاش السيد العلامة بمدينة حوث أكثر أيامه, وكان إماماً للفتوى وللصلاة, آيةً في العبادة والذِّكْر, ومن مآثره في مدينة حوث عمارة مسجد الشجرة بأمر من والده عليه السلام, انتقل إلى صنعاء بأمر من الإمام الناصر صلاح بن علي, وتولى جهاد الباطنية في وقعات عدة, وهكذا خلد أيامه في العلم والجهاد والعبادة إلى أن توفاه الله سنة (788هـ) في صنعاء، ودفن في مسجد الفليحي، وبنى عليه صاحب المسجد قبة.
9- علي بن محمد بن هُطَيل [… - 812هـ]
العلامة علي بن محمد بن هطيل، سيبويه اليمن ومفخرة اليمنيين, أتقن النحو إتقاناً عجيباً، وألَّف فيه شرحاً على (الطاهرية), وشرحاً على (مفصل) للزمخشري وغيرها, نشأ ابن هطيل وتعلم في مدينة حوث, وأخذ العلم عن مشائخها, منهم العلامة إبراهيم بن عطية النجراني في علم العربية وغيره, ومن أشهر تلامذته الإمام علي بن صلاح الدين، وقد قيل أن ابن هطيل ألَّف كتابه "شرح الطاهرية" له.
انتقل ابن هطيل من مدينة حوث، وسكن عيان، ومات بصنعاء سنة (812هـ).
10- علي بن محمد بن أبي القاسم النجري [.... ـ 844هـ]
القاضي العلامة علي بن محمد بن أبي القاسم النجري, لازم الإمام المهدي مؤلف الأزهار، فسمع منه كتاب الأزهار، وألف عليه شرحاً، كما ألَّف مؤلفات أُخَر, كان عالماً متفنناً ومحققاً، وهو من العلماء الأعلام, توفي في حوث سنة (844هـ), وقُبِر بها في مقبرة المروانة.
11- عبد الله بن محمد بن أبي القاسم النجري [825هـ ـ 877هـ]
القاضي العلامة الرحالة عبد الله بن محمد بن أبي القاسم النجري, ولد سنة (825هـ) بمدينة حوث وبها نشأ وترعرع، وقرأ على أيدي علمائها، كوالده والإمام المطهر بن محمد الحمزي, رحل إلى مصر وغيرها من البلدان والتقى شيوخها وأخذ عنهم, ثم عاد إلى اليمن وجلب معه مؤلفات العلماء، وهو أول من أدخل كتاب مغني اللبيب إلى اليمن, له العديد من المؤلفات، منها (شافي العليل), توفي سنة (877هـ) ودفن بقرية القابل.
12- أمير الدين بن عبد الله بن نهشل [… -1029 هـ]
السيد العلامة أمير الدين بن عبد الله بن نهشل بن المطهر بن أحمد بن عبد الله بن عزالدين بن محمد بن إبراهيم بن الإمام المظلل بالغمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى، ينتهي نسبه إلى الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين, كان عالماً كبيراً وإماماً شهيراً في جميع العلوم, وشيخاً للأمة, وتاجاً للعلماء, وواسطة عقد الأسانيد, تخرج على يديه العلماء والأئمة, ومن أشهر تلامذته الإمام القاسم بن محمد, وولده الإمام المؤيد بالله, وكان له خَطٌّ فائق حصل بخطه عدد من الكتب, تولى حجة للإمام الحسن بن علي بن داوود, وباشر بنفسه عمليات مواجهة الغزاة العثمانيين؛ ولهذا تعرض حصنه في حجة للخراب, فانتقل إلى حوث, واستمر المولى العلامة في مناهضة الغزاة، وبها تعرض منزله للإحراق من قبل الأتراك, توفي بحوث سنة (1029هـ) , وقُبر بحوث في جامع الشجرة عند البِرْكَة.
13- محمد بن علي عشيش [.... ـ 1034هـ]
السيد العلامة الكبير محمد بن علي بن عبدالله عشيش, كان من جلساء الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد وأعوانه وأعوان أولاده, سكن حوث, وكانت له يد طولى في جهاد الغزو التركي, وله مشاركة في العلوم، وهو من أُوْلِي الاجتهاد، ومن رجال الاجازات، ومن أشهر من أَخَذ عنه الإجازةَ العلامة الكبير أحمد بن سعدالدين المسوري, توفي بحوث سنة (1034هـ) ودفن بها في مسجد العشيش.
14- الحسن بن محمد بن حسن الشرعي
السيد العلامة الحسن بن محمد بن حسن الشرعي, وهو أول من تلقب بالشرعي, وإليه تنسب هذه الأسرة, كان متولي القضاء في حوث من قبل الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم, اشتهر بحنكة القضائية ولذا سمي بالشرعي, لم يذكر له تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته لكنه عاش في القرن الحادي عشر الهجري.
15- يحيى بن محمد المعروف بالعروبا [1107هـ ـ 1152هـ ]
العلامة المحتسب يحيى بن محمد بن علي بن صلاح المعروف بالعروبا, ولد بحوث سنة (1107هـ) ونشأ بها وتتلمذ على يد علماء عصره, ومن أشهر مشائخه العلامة محمد بن إسماعيل الأمير, أقام بحوث مدرساً ومعلماً، وقام بأمر الاحتساب آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر, (والاحتساب في الفكر الإسلامي نوع من الولاية تخول صاحبها أموراً اجتماعية أقل مما تخوله ولاية الإمامة), ولقد قام هذا العلامة مقاوماً للظالمين والمعتدين, وقد عُرِف بصرامته وعدم مداهنته للملوك والسلاطين, فهو صاحب شجاعة واسبسال, توفي في سنة (1152هـ)، وقد حكى العلامة السراجي أنه توفي مسموماً, فقد قام بتسميمه أحد الجبابرة الذين ضيق عليهم العروبا الخناق وطردهم وشردهم وقيد قواهم.[السراجي, روائع البحوث, ج2/ ص641].
16- أحمد بن قاسم عشيش
السيد العلامة المحتسب أحمد بن قاسم بن محمد بن علي عشيش, وهو من قام بالاحتساب خلفاً لشيخه يحيى بن محمد العروبا, قال في وفاته العلامة السراجي: " لعل وفاته في منتصف القرن الثاني عشر تقريباً" [السراجي, روائع البحوث, ج1/ ص97].
17- الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد [ ... ـ 1295هـ]
الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد بن محمد، وينتهي نسبه إلى الإمام الهادي إلي الحق يحيى بن الحسين, كان إماماً عالماً مجتهداً مجاهداً, قرأ العلم في شهارة ثم هاجر إلى صنعاء وكحلان, حتى صار من أقطاب العلم وأساطين السياسة.
قام بأمر الأمة سنة (1271هـ) مجاهداً للغزو التركي, وعُرِف بالحِنْكة والسياسة والصبر والحلم، وكان فيه من حسن الأخلاق ما يبهر كما قال المؤرخ الجنداري, ولقد قاد جماهير المجاهدين، وحمل راية الدفاع عن اليمن في وجه الغزاة الأتراك، حتى توفي سنة (1295هـ)، وهو مقبور في القبة الواقعة جوار مسجد الشجرة بمدينة حوث.
18- محمد بن إسماعيل عشيش [ ... ـ 1296هـ]
السيد العلامة الحافظ محمد بن إسماعيل بن يحيى عشيش, عالم فاضل وإمام وقور, نشأ بمدينة حوث, وتخرج على يديه العلماء والأئمة كالإمام شرف الدين والإمام المنصور والقاضي الجنداري, انتقل إلى صنعاء وعكف على التعليم والتدريس, وكفَّ بصره في آخر عمره، فعكف على تلاوة القرآن.
كان هذا العلامة من أعيان الزمان وبركات الأيام, وكانت له مواقف مناهضة للغزو التركي؛ ولذا تعرض للحبس سنة (1294هـ) من قبل المشير مصطفى باشا التركي مع مجموعة من العلماء, حاول المواطنون في صنعاء منع الغزاة من حبسه واعترضوا على ذلك, فنُقِل إلى سجن الحديدة واستمر في الاعتقال حتى توفاه الله شهيداً في سجن الأتراك سنة (1296هـ), ولقد خلف عدداً من المؤلفات، منها: (ذيل البسامة)، (وذيل منظومة الأسماء الحسنى).
19- الإمام الهادي شرف الدين بن محمد عشيش [1245هـ ـ 1307هـ]
الإمام الهادي شرف الدين بن محمد بن عبد الرحمن بن حسن عشيش, ولد سنة (1245هـ)، ونشأ في مدينة حوث، وتلقى العلوم على أيدي علماء عصر, فكان في جميع فنون العلم إماماً أوحداً, قام بأمر الأمة بعد وفاة الإمام المحسن سنة (1296هـ), وقاد مواجهة مسلحة ضد الغزو العثماني؛ توفي سنة (1307هـ) ودفن في الأهنوم.
20- الامام المنصور بالله محمد بن يحيى حميد الدين [1250هـ ـ 1322هـ]
محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى حميد الدين, ولد بصنعاء سنة (1250هـ), وأخذ العلم عن والده وعن الإمام المحسن بن أحمد وغيرهم من علماء عصرهم, حتى صار من علماء العصر وأئمة الدهر, كان من أعوان الإمام المحسن حتى توفي, فقام بأمر الجهاد وواجب الدفاع عن اليمن في وجه الغزاة الترك سنة (1307هـ)، وهكذا ظل مدافعاً ومجاهداً حتى توفاه الله سنة (1322هـ)، ودفن في قبة المتوكل المحسن بحوث.
21- الحسن بن الحسين ساري [1250هـ ـ 1335هـ]
السيد الإمام العلامة الحسن بن الحسين بن عبد الرب ساري, مولده بحوث سنة (1250هـ), من كبار العلماء, كان عالماً جهبذاً متضلعاً في أنواع العلوم, أخذ العلم عن الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد, وغيره من العلماء حتى برع في العلوم، ثم عكف على التدريس بمدينة حوث, وصَلُح ببركته وعلمه الكثيرون, توفي سنة (1335هـ), وله عدد من المؤلفات، منها: (شرح التلخيص)، (رسالة في علم القوافي والعروض)، وغيرها.
22- محمد بن علي البدري [1343هـ ـ 1420هـ]
هو الإمام العلامة المجتهد محمد بن علي بن عبد الله بن يحيى البدري، ولد سنة (1343هـ), ونشأ بمدينة حوث وأخذ العلم عن والده وعن غيره من العلماء, وتولى الخطابة بمدينة حوث في جامع الشجرة والإفتاء، وقام بالتدريس للعلوم, حتى توفي سنة (1420هـ) بمدينة حوث ودفن بها.
23- الحسن بن محمد ساري [1344هـ ـ 1417هـ]
العلامة الجليل الحسن بن محمد بن علي بن الحسن ساري, ولد سنة (1344هـ) بمدينة حوث, وفيها نشأ وتلقى العلوم على أيدي كبار العلماء فيها، منهم: محمد بن علي البدري, وقام بالتدريس في جامع الشجرة بحوث، فقرأ عليه وأخذ منه العلم الكثيرون, وكان عظيم الإفادة غزير الفوائد, انتقل إلى صعدة وتولى القضاء بها وعُيِّن عضواً في المحكمة العليا بصعدة, حتى توفاه الله تعالى سنة (1417هـ).
24- الحسن بن القاسم السراجي [1348هـ ـ 1420هـ]
السيد العلامة الحسن بن القاسم بن أحمد السراجي, ولد بمدينة حوث سنة (1348هـ)، وبها نشأ وترعرع وطلب العلم على أيدي علمائها، حتى أصبح من علمائها الكبار, فاشتغل بالتدريس والاصلاح بين الناس, والإفتاء لهم, حتى توفي سنة (1420هـ).
25- عمرو بن علي العنسي
القاضي العلامة عمرو بن علي بن سعد العنسي, قاضي القضاة وصدر العلماء والحكام, تولى القضاء للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بمدينة حوث, هاجر في بادئ أمره من بلاده عنس وصحب الإمام المنصور, فآثر الإمامَ على عودته إلى بلده, لم يُذكر تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته.
26- أحمد بن جابر الكينعي [.... ـ 1110هـ]
العالم الفاضل أحمد بن جابر الكينعي, عالم فاضل قرأ على الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، والحسين بن المؤيد، وحسين بن ناصر العنسي, سكن شهارة ثم انتقل إلى حوث للتدريس فيها حتى توفاه الله سنة 1110)هـ)، وقبره بجوب مشهور, من مؤلفاته (غاية التحقيق شرح الأزهار).
27- أحمد بن يحيى بن أحمد الأعضب [ .... ـ 1267هـ]
السيد العلامة أحمد بن يحيى بن أحمد ساري الأعضب, كان عالماً زاهداً مؤرخاً نسابة, تولى القضاء بحوث إلى أن توفي سنة (1267هـ), وله مؤلفات, منها: (التوضيح والبيان لما في السنة والقرآن), (الدر المبثوث في أنساب السادة والشيعة بحوث).
28- الحسين بن محمد الديدي الأعضب [... ـ 1334هـ]
السيد العلامة الحسين بن محمد الديدي الأعضب, هاجر إلى ذمار لطلب العلم وظل بها (30) سنة, ثم عاد إلى حوث للتدريس وكان عالماً متضلعاً في فنون العلوم, ومن أشهر مشائخه: قاسم بن أحمد زيد الحوثي، والإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي, توفي سنة (1334هـ).
29- عباس بن أحمد الحسني الصنعاني [1304هـ ـ 1376هـ]
السيد العلامة العباس بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الصنعاني, ولد بصنعاء سنة (1304هـ)، هاجر إلى حوث وطلب العلم بها، ومن أشهر مشائخه بها: محسن بن مرشد المغدفي، والحسين بن محمد الديدي الأعضب, ثم هاجر إلى الأهنوم وأخذ العلم عن مشائخها كالجنداري، ولطف شاكر، وغيرهم، وقرأ في مكة المكرمة, وله مؤلفات عدة من أشهرها تتمة الروض النضير, توفاه الله سنة (1376هـ).
30- حسين بن محمد بن قاسم زيد الحوثي [1289هـ ـ 1362هـ]
السيد العلامة المجاهد حسين بن محمد بن قاسم زيد الحوثي, ولد سنة (1289هـ) بمدينة حوث وبها نشأ وعن علمائها أخذ, وقد عده الإمام مجدالدين المؤيدي من تلامذة الإمام المهدي محمد بن القاسم, بلغ في العلم مبلغاً جليلاً, وكان قائداً مجاهداً تولى قيادة الجيش للإمام يحيى حميد الدين في عدة معارك, في تهامة والجوف والبيضاء وغيرها, وبعد مسيرة الجهاد والعلم التي هي أفضل المسيرات وأجل الأعمال, توفاه الله تعالى بمدينة حوث سنة (1362هـ).
31- علي بن محمد أبو علي [1334هـ ـ 1420هـ]
العلامة المجتهد علي بن محمد بن حسن أبو علي, مولده بحوث سنة (1334هـ), تلقى العلوم بمدرسة الإمام يحيى بن حمزة بحوث, واستفاد منه الكثير من علماء العصر, توفي بحوث سنة (1420هـ).
المصادر/
روائع البحوث
الإكليل
مطلع البدور
هجر العلم
معجم البلدان اليمنية
طبقات الزيدية
البدر الطالع