.
 
07-19-2018
الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام

نسبه الشريف
الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
أمه: أم الحسن بنت الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن.
مولده
ولد بالمدينة المنورة سنة (245هـ)، وحمل إلى جده القاسم -عليه السلام-، فوضعه في حجره المبارك، وعوَّذه ودعا له، ثم قال لابنه: ما سميته؟ قال: يحيى. وقد كان للحسين أخ لأبيه وأمه يسمى يحيى توفي قبل ذلك، فبكى القاسم -عليه السلام- حين ذكره، فقال: والله هو يحيى صاحب اليمن.
أولاده عليه السلام
محمد المرتضى، وأحمد الناصر، وفاطمة، وزينب، وأمهم فاطمة بنت الحسن بن القاسم بن إبراهيم، والحسن، أمه صنعانية.
بعض ما ورد فيه
روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:((يخرج في هذا النهج - وأشار بيده إلى اليمن- رجل من ولدي اسمه يحيى الهادي، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يحي به الله الحق ويميت به الباطل)).]الزحيف، مآثر الأبرار ج1/ص[379
عن علي -عليه السلام- أنه قال: (يا أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، أيها الناس إنا أحلم الناس صغاراً، وأعلمهم كباراً، أيها الناس، إن الله تعالى بنا فتح، وبنا ختم. أيها الناس، ما تمر فتنة إلا وأنا أعرف سائقها وناعقها، ثم ذكر فتنة بين الثمانين ومائتين، قال: فيخرج رجل من عترتي اسمه اسم نبي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يميز بين الحق والباطل، ويؤلف الله بين قلوب المؤمنين على يديه كما تتألف قزع الخريف، انتظروه في الأربع والثمانين ومائتين في أول سنة واردة وأخرى صادرة).
عن علي بن سليمان أنَّه قال: حضرنا إملاء الناصر الحسن بن علي عليه السلام في مصلى آمل فجرى ذكر يحيى بن الحسين عليه السلام، فقال: بعض أهل الرأي ـ وأكثر ظني أنَّه أبو عبد اللّه محمد بن عمرو الفقيه ـ: كان واللّه فقيهاً. قال: فضحك الناصر، وقال: كان ذاك من أئمة الهدى!!


شهادات تأريخيه
الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح البخاري، حيث فسر بهم الخبر النبوي المروي في البخاري وغيره، وهو: ((لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان))، فأفاد أنه صدق الحديث ببقاء الأمر في قريش باليمن من المائة الثالثة في طائفة من بني الحسن، قال: ولا يتولى الإمامة فيهم إلا من يكون عالماً متحرياً للعدل.
 إلى قوله: والذي في صعدة (ويقصد الإمام الهادي) وغيرها من اليمن، لا شك في كونه قرشياً؛ لأنه من ذرية الحسن بن علي.[ابن حجر, فتح الباري, ج13/ ص117]
وقال العلامة يحيى بن أبي بكر العامري في الرياض المستطابة: "وكان جاء إلى اليمن وقد عم بها مذهب القرامطة والباطنية، فجاهدهم جهاداً شديداً، وجرى له معهم نيف وثمانون وقعة لم ينهزم في شيء منها، وكان له علم واسع، وشجاعة مفرطة". [المؤيدي, التحف, ص194]
وقال نشوان الحميري في كتاب [الحور العين, ص196]: "وأول من دعا باليمن إلى مذهب الزيدية ونشر مذهب أئمتهم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولقبه الهادي إلى الحق".
وقال ابن حزم صاحب المحلى: "وليحيى هذا الملقب بالهادي رأي في أحكام الفقه قد رأيته لم يبعد فيه عن الجماعة كل البعد.. إلى آخره".
قال المؤرخ أحمد بن محمد القرطبي: "وكان قدوم الهادي يحيى بن الحسين إلى صعدة لستة خلت من صفر سنة أربع وثمانين ومائتي سنة, وكان بين خولان فتنة عظيمة فأصلح بينهم واتفقت كلمتهم, فملكوه بلاد خولان, وساروا معه إلى اليمن حتى ملكها"
وقال المحدث الذهبي: "وتسمي بالهادي أبي الحسن, وملك نجران وتلك النواحي وخطب له بأمير المؤمنين وكان حسن السيرة".[الذهبي, تأريخ الإسلام, ج22/ ص321]
وقال العلامة محمد أبو زهرة: "عكف على الفقه يدرسه من كل نواحيه ومن كل مصادره وقام هادياً مرشداً يدعو إلى الله سبحانه إلى صراط مستقيم, فكان مرجعاً في الدين من كل الطوائف الإسلامية, والأمصار المختلفة يسألونه ويستفتونه وهو يرد عليهم برسائل قيمة أُثرت عنه يدافع فيها عن القرآن والسنة, ويبين الحق الذي يرد زيغ الزائغين". 
وقال العلامة محمد أبو زهرة: "وقد سار الهادي في حكم البلاد اليمنية على سنة العدل مما جعل الأهلين يرون فيه مظهراً لحكم الإسلام ومصدراً لعهد الخلفاء الراشدين الأولين". [أبو زهرة, الإمام زيد, ص515]
وقال أحمد صبحي ـ أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الإسكندريةـ: "ولم يكن في حربه يتبع هارباً ولا يجهز على جريح وإن طلب المهزومون الأمان أمنهم ورد إليهم أسلابهم وكان يتشدد على عسكره ألا يدخلوا الزرع ولا يستحلوا لأنفسهم شيئاً من ثمار المزارعين وحينما أغتصب بعض جنده في (أثافت) شيئاً من الخوخ غضب وثار واحتجب عنهم وهم بتركهم وقال لا يحل لي أن أحارب بمثل هؤلاء ولا أكون كالمصباح يحرق نفسه ويضيء لغيره, والله ما هي إلا سيرة محمد أو النار".[صبحي, علم الكلام ـ الزيديةـ ص114]
وقال محمد عمارة: وإلى جانب الثراء الفكري الذي نلمسه عن الإمام يحيى من الكتب والرسائل التي بقيت لنا من آثاره الفكرية, فلقد كان رجل سيف وشجاعة وقتال ..... ولقد كانت مقدرته الحربية تمتاز بجوانبها العملية إذ كان يشارك بنفسه في المعارك والقتال.[عمارة, رسائل العدل والتوحيد, ج2/ ص19]
أخلاقه وشمائله
لقد كان الإمام الهادي يتمثل أخلاق رسول الله ويسير في الناس بسيرته, يكشف مؤلف سيرته عن جانب من جوانب أخلاق الإمام الهادي فيقول: "كان- الإمام الهادي عليه السلام- إذا خرج من منزله لصلاة, أو لغيرها, سلم على جميع من يمر به من شريف أو دني أو فقير أو غني أو عبد أو صبي, وبذلك جاء الأثر عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام...... قال الراوي: ورأيته يعود المريض حتى رأيته قد عاد بعض خدم أصحابه".

علمه وفضله
روى ولده المرتضى أنه -عليه السلام-، بلغ من العلم مبلغاً يختار ويصنف وله سبع عشرة سنة.
هذا يدل على علم مبكر واجتهاد عظيم منذ صغره, فقد تلقى الإمام الهادي العلوم على يد أبيه وعمه محمد بن القاسم, حتى بلغ ذلك المبلغ من العلم في سن مبكرة, وللحديث عن علمه وسعته يخرجنا إلى التطويل, ويكفي من يريد أن يعرف ويستفيد عن علم الإمام الهادي أن يراجع مؤلفاته التي تكشف عن عالم مجتهد حوى العلوم واتقنها وتبحر فيها. 

مؤلفاته
كانت مؤلفاته تنضح بالعلم والرصانة, وله شروط في قبول الأحاديث تفوق شروط بقية أصحاب الصحاح, ولقيمتها العلمية حظيت بانتشار واسع وقبول بين علماء الإسلام قاطبة حتى شهدوا لها بذلك, قال ابن حزم صاحب المحلى: "وليحيى هذا الملقب بالهادي رأي في أحكام الفقه قد رأيته لم يبعد فيه عن الجماعة كل البعد.. إلى آخره".
ويقول صاحب كتاب موسوعة الأعلام: "يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن ابراهيم (طباطبا) بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب إمام من أئمة الزيدية كتب في الفقه وغيره كتبا قيمة منها كتاب الأحكام على نمط كتاب الموطأ للإمام مالك حيث يذكر اجتهاداته ووجوهها ويربط أكثر المسائل بالأدلة وقلده في اجتهاده كثير من أهل اليمن".[موسوعة الأعلام, ج2/ ص82]
ومع اشتغال الإمام الهادي عليه السلام بالجهاد وترتيب الوضع الداخلي لليمن بعد أن مزقتها الحروب والفتن, إلا أنه ترك لنا تراثاً علمياً عظيماً, سطر مسائله وهو على ظهر الخير كما جاء في الرواية "كان عليه السلام لا يتمكن من إملاء مسألة إلا وهو على ظهر فرسه في أغلب الأوقات", ومن أهم تلك المؤلفات: 
(الأحكام في الحلال والحرام) وكتاب (المنتخب) و(الفنون) وكتاب(القياس) و كتاب (التوحيد) وكتاب(المسترشد) وكتاب(الرد على أهل الزيغ) وكتاب(الإرادة والمشيئة) وكتاب(الرد على ابن الحنفية في الكلام على الجبرية) وكتاب(بوار القرامطة) وكتاب (أصول الدين) وكتاب (الإمامة) و(إثبات النبوة والوصية) وكتاب (الرد على الإمامية) وكتاب(البالغ المدرك) وكتاب(تفسير خطايا الأنبياء) وكتاب(الرد على ابن جرير) وكتاب(تفسير ستة أجزاء) و(معاني القرآن) سبعة أجزاء، وكتاب (الفوائد) جزآن، وغير ذلك من الكتب.

الهادي عالم موسوعي
لم يكن علم الإمام الهادي عليه السلام مقتصراً على معرفة أقوال أهل البيت, بل كان عالماً بأقوال علماء الإسلام قاطبة, وهنا يكفي أن نورد شهادة أحد علماء المذاهب الأخرى في وقته، والذي كان يظن أنه أعلم أصحابه بمذهبهم, حتى ورد على الإمام الهادي فإذا هو أعلم منه بمذهبه "روى السيد أبو طالب عن علي بن العباس الحسني: أنه سمع أبا بكر بن يعقوب عالم أهل الري وحافظهم حين ورد عليه اليمن، يقول: قد ضل فكري في هذا الرجل يعني الهادي فإني كنت لا أعترف لأحد بمثل حفظي لأصول أصحابنا، وأنا الآن إلى جنبه جذع بينا [أنا] أجاريه في الفقه وأحكي عن أصحابنا قولاً، فيقول: ليس هذا- يا أبا بكر- قولكم، فأرادده فيخرج إليَّ المسألة من كتبنا على ما حكى وادعى، فقد صرت إذا ادعى شيئاً عنَّا أو عن غيرنا لا أطلب منه أثراً"]الزحيف، مآثر الأبرار, ج1/ص[387

سرعة البديهة
وكما كان الهادي عليه السلام عالماً موسوعياً كما تقدم, فقد آتاه الله سرعة البديهة, واستحضار الجواب المقنع والملزم, قال الإمام المنصور: "إنه لما افتتح صنعاء وافق علماء المجبرة فأرادوا مراجعته، فقالوا: ما تقول يا سيدنا في المعاصي؟ فقال: ومن العاصي؟ فبقوا متحيرين في الفكر إن قالوا: العاصي الباري كفروا، وإن قالوا: العاصي [من] المخلوقين وافقوا كلام الهادي-عليه السلام-، فلما لم يجدوا جواباً دخلوا في مذهبه".

زهده وورعه
الورع والزهد من الصفات اللازمة للحاكم العادل, ولقد كان إمامنا الهادي عليه السلام من أورع وأزهد من رعف بهم الزمان, وهناك حكايات كثيرة رواها الأتباع وشهد بها الخصوم, سنورد منها بعض النماذج الدالة على ذلك:
روى مصنف سيرته عمن سمع الهادي يقول: "والله الذي لا إله إلا هو ما أكلت مما جبيت من اليمن شيئاً، ولا شربت منه الماء"، وروى عمن سمعه يقول: "إلا من شيء جئت به من الحجاز".
وروي عن ابنه محمد أنه قال: "وجهت غلاماً لي إلى [أبي] يحيى بن الحسين أطلب منه قرطاساً أكتب فيه كتاباً، فقال يحيى: القرطاس لا يحل له، فدفع إلى الغلام ورقة قطن".
وروى مصنف سيرته، عن عبيد الله بن حبيب وكان يقوم للهادي بأمره قال: "قال لي يحيى بن الحسين-عليه السلام-: اشترِ لي تبناً أعلفه دوابي، قال: فقلت له: ليس نجد إلا تبن الأعشار، فقال: لا تشترِ لنا منه شيئاً وأنت تقدر على غيره".
قال عبيد الله: "فلم أجد غيره، فأمرت بعض الغلمان ممن يقوم على الخيل يأخذ منه كيلاً معروفاً حتى نشتري ونرد ما أخذنا، فعلم يحيى بن الحسين، فوجه إلى عبيد الله فكلمه بكلام غليظ، فقال [له] عبيد الله: أنا آخذ منه كيلاً معروفاً حتى نرد مكانه، فقال: لست أريد منه شيئاً، مالنا وللعشر خذوا هذا التبن، فاعزلوه حتى يعلفه من يحل له، ولم يعلف منه خيله تلك الليلة شيئاً، وأمر أن يطرح للخيل قصب بلا تبن ليلتين، ثم قال: اللهم، إني أشهدك أني قد أخرجت هذا من عنقي، وجعلته في أعناقهم".
وروي "أنه صاح بغلام له، فسأله عن خرقة؟ فقال له الغلام: قد رقَّعتها فقال للغلام: أخرجها إليَّ، فأخرجها من بين ثياب يحيى بن الحسين -عليه السلام-، وقال له: ويلك!! أنت قليل دين تضع خرقة من الأعشار بين ثيابي!"
ودخل يوماً وقد تطهرَّ للصلاة، فأخذ خرقة فمسح بها وجهه، ثم قال: "إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون هذه الخرقة من العشر"، فذكرت له ذلك، فقال: "ما يحل لنا أن نمسح به وجوهنا، ولا أن نستظل به من الشمس".

عبادته 
كان الإمام الهادي عليه السلام صوَّاماً قوَّاماً، يصوم أكثر أيامه، ويحيى أكثر لياليه تهجداً وصلاة, فروى السيد أبو طالب "عن سليم، وكان يخدم الهادي في داره قال: كنت أتبعه- حين يأخذ الناس فرشهم- في أكثر الليالي بالمصباح إلى بيت صغير في داره كان يأوي إليه، فإذا دخله صرفني فأنصرف، فهجس [ليلة بقلبي أني] أحتبس [على باب البيت] أنظر ما يصنع، قال: فسهر -عليه السلام- ركوعاً وسجوداً وكنت أسمع وقع دموعه ونشيجاً في حلقه، فلما كان الصبح قمت، فسمع حسي، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال: سليم، ما عجل بك في غير حينك؟
قلت: ما برحت البارحة جعلت فداك، قال: فرأيته اشتد عليه ذلك، وحرج عليَّ [على] أن لا أحدِّث به في حياته أحداً، فما حدَّث به سليم إلا بعد وفاة الهادي -عليه السلام".

خصائصه
القوة الجسدية
لقد وهب الله الإمام الهادي قوة جسدية أشبه ما تكون بقوة جده علي بن أبي طالب, وقد حكى المؤرخون في ذلك شواهد كثيرة حتى أضحت هذه صفة ملازمة له, ومن ذلك:
أنه كان في حال صباه يدخل السوق، فيقول: ما طعامكم [هذا]؟ فيقولون: حنطة؛ فيدخل يده في الوعاء، فيأخذ منه في كفه ويطحنه بيده، ثم يخرجه فيقول: هذا دقيق.
وكان يأخذ الدينار فيؤثر في سكته بأصبعه ويمحوها.
وكان وهو غلام صغير بالمدينة وكان طبيب نصراني يختلف إلى أبيه الحسين على حمار له يعالجه من مرض أصابه، فنزل عن الحمار يوماً وتركه على الباب، فأخذ يحيى الحمار وأصعده[إلى] السطح، فلما خرج الطبيب لم يجد الحمار، فقيل له: صعد به يحيى السطح، فسأله أن ينزله- فمن المثل السائر: إنما ينزل الحمار من صعد به-، فأنزله وقد دميت بنانه، فبلغ ذلك أباه فزجره، لأنه خاف عليه أن ترميه العيون.
ويحكون من قوته أنه كان يأخذ قوائم البعير المسن القوي، فلا يقدر البعير على النهوض.
كما يروى أنه ضرب رجلاً في باب مِيْنَاس (في إحدى المعارك) فحذف السيف من بين رجليه (أي أنه ضربه في رأسه وأخرج السيف من بين رجليه)، فلما نظر إليه ابن حميد (وكأنه قائد العدو) قال: استروا ضربة هذا العلوي، فوالله لئن رآها الناس لا تناصروا.
وطعن -عليه السلام- رجلاً فأمرقه، وانكسر الرمح.
وبرز له رجل ذات يوم في بعض حروبه، فرفع الرجل يده بالسيف ليضربه، فأهوى عليه بيده فقبض بها على يد الرجل على مقبض السيف، فهشم أصابعه.

شجاعته وجهاده
مما عاين الناس من شجاعته وإقدامه في المعارك نطق أحد الشعراء في عصره فقال:
لو كان سيفك قبل سجدة آدم.... قد كان جُرّد ما عصى إبليس
ويكفي شاهداً على شجاعته واستبساله في الجهاد في سبيل الله أن أوقع بالباطنية نيفاً وسبعين وقعة حضر فيها القتال بنفسه, ومع المتمردين والعصاة (73) وقعة, وهذا العدد من المعارك, ليست كل معاركه التي خاضها, والتي إذا وزعتها على أيام دولته ومدة حكمه الذي استمر قرابة (15) سنة, يتبين لك أنه في أقل التقادير كان يخوض (10) معارك في كل عام ما يعني أن معظم أيامه كانت جهاداً في سبيل الله, ودفاعاً عن دينه.
وكان في كل معركة يخوضها يظهر شجاعة منقطعة النظير, فلم يكن يرضى لنفسه أن يكون في خيمة القيادة وإدارة المعركة, بل كان يقاتل بيده ويضرب بسيفه, بل كان القائد الذي ينشر المعنويات بين جنوده, ويدفعهم إلى الثبات والتضحية, وفي الوقت ذاته كانت ضرباته تقذف الرعب والخوف في قلوب أعدائه, روى مصنَّف سيرته: "أنه كان في بعض أيامه مع بني الحارث، وانتقوا من خيلهم ما يدنو من أربعين فارساً مدججة في السلاح، وأمروهم أن لا يقاتلوا ويقفوا، حتى إذا رأوا الهادي -عليه السلام- حملوا عليه، فبلغ الهادي خبرهم فلم يعبأ بهم، ولما رآهم قصدهم بنفسه، وحمل عليهم فما وقف له منهم فارس واحد، وأدرك منهم فارساً فطعنه، وألقاه هو وفرسه في أراكة، وانهزم القوم وعطف عسكره، وقتل من القوم بيده جماعة كثيرة لم يثبت عددها هو ولا غيره، غير أنه كسر ثلاثة رماح، وضرب بسيفه حتى امتلأ قائم سيفه علقاً، ولصقت أنامله على قائم سيفه بالدم".
ومن فرط شجاعته -عليه السلام- "أنه قال لأصحابه - في بعض أيام حربه لعلي بن الفضل القرمطي- قد لزمنا الفرض في قتال هذا الرجل، فجبن أصاحبه عن قتالهم واعتذروا بقلة عددهم، وكثرة عدد أولئك، وكان المقاتلة من أصحابه ألف رجل، فقال: أنتم ألف، وأنا أقوم مقام ألف، وأكفي كفايتهم، فقال له أبو العشائر من أصحابه -وكان يقاتل راجلاً-: ما في الرجال أشجع مني، ولا في الفرسان أشجع منك، فانتخب من الجميع ثلاثمائة وسلحهم سلاح الباقي حتى نبيَّتهم، فإنا لا نفي بهم إلا هكذا، فاستصوب رأيه، فأوقعوا بهم ليلاً وهم ينادون بشعاره -عليه السلام- {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:40] ومنحوه أكتافهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وغنم منهم شيئاً كثيراً".

عدالته وحكومته
مثلت حكومة الإمام الهادي مظهراً من مظاهر العدالة وكانت دولته مثالاً للدولة الرشيدة, القائمة على العدل والإنصاف والمساواة, يقول الدكتور العلامة محمد أبو زهرة ـ وهو عالم مصري معاصرـ وهو يتحدث عن دولة الإمام الهادي وسيرته: "وقد سار الهادي في حكم البلاد اليمنية على سنة العدل مما جعل الأهلين يرون فيه مظهراً لحكم الإسلام ومصدراً لعهد الخلفاء الراشدين الأولين".
لم تكن هذه هي الشهادة الوحيدة التي تشهد للإمام الهادي بالعدالة وحسن السيرة فهذه الذهبي يقول في ترجمته في كتاب تاريخ الإسلام: " وتسمي بالهادي أبي الحسن, وملك نجران وتلك النواحي وخطب له بأمير المؤمنين وكان حسن السيرة".[الذهبي, تأريخ الإسلام, ج22/ ص321]
لم تكن هذه الشهادات عن الهادي عليه السلام مقصورة على علماء متأخرين عنه, فقد شهد له علماء عصره ممن عايشوه, وسنورد شهادة أحد علماء الشافعية في عصره, "روى السيد أبو طالب بإسناده عن أبي الحسين الهمداني وكان رجلاً فقيهاً على مذهب الشافعي، يجمع بين الفقه والتجارة، قال: قصدت اليمن وحملت ما أتجر فيه هناك ابتغاء لرؤية الهادي -عليه السلام- لما كان يتصل بي من أخباره فلما وصلت صعدة قلت لمن لقيت من أهلها: كيف أصل إليه؟ وبم أصل؟ وبمن أتوسل؟ فقيل لي: الأمر أهون مما تقدَّر، ستراه الساعة إذا دخل الجامع للصلاة بالناس، فإنه يصلي بهم الصلوات كلها، فانتظرته حتى خرج للصلاة فصلى بالناس وصليت خلفه.
فلما فرغ من صلاته تأملته فإذا هو قد مشى في المسجد نحو قوم أعِلاء في ناحية منه فعادهم، وتفقد أحوالهم بنفسه، ثم مشى في السوق وأنا أتبعه فغيرَّ شيئاً أنكره، ووعظ قوماً وزجرهم عن بعض المناكير، ثم عاد إلى مجلسه الذي كان يجلس فيه من داره للناس، فتقدمت إليه فسلمت فرحبَّ بي، وأجلسني وسألني عن حالي ومقدمي؟ فعرفته أني تاجر، وأني وردت هذا المكان تبركاً بالنظر إليه، وعرف أني من أهل العلم فأنس بي.
وكان يكرمني إذا دخلت إليه إلى أن قيل لي [في] يوم من الأيام هذا يوم الظلامات وإنه يقعد فيه للنظر بين الناس فحضرت فشاهدت هيبة عظيمة ورأيت الأمراء والقواد والرحالة وقوفاً بين يديه على مراتبهم.
وهو ينظر في القصص ويسمع الظلامات، ويفصل الأمور فكأني شاهدت رجلاً غير من كنت شاهدته، وبهرتني هيبته، فادعى رجل على رجل حقاً فأنكره المدَّعى عليه وسأله البينة، فأتى بها فحلَّف الشهود؛ فعجبت من ذلك.
فلما تفرَّق الناس دنوت منه، وقلت له: أيها الإمام، رأيتك حلَّفت الشهود. فقال : هذا رأي آبائي تحليف الشهود احتياطاً عند التهمة، وما تنكر من هذا، وهو قول طاووس من التابعين، وقد قال الله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا}[المائدة:107].
قال: فاستفدت في تلك الحال منه مذهبه، وقول من قال به من التابعين والدليل عليه، وما كنت قد عرفت شيئاً من ذلك، قال: وأنفذ إليَّ يوماً من الأيام يقول: إن كان في مالك حق زكاة فأخرجه إلينا، فقلت: سمعاً وطاعة من لي بأن أخرج زكاتي إليه.
فلما كان بعد يومين بعث إليَّ واستدعاني، وإذا هو يوم العطاء قد جلس [له] والمال يوزن ويخرج إلى الناس، فقال: أحضرتك لتشهد إخراج زكاتك إلى المستحقين.
فقمت وقلت: الله الله أيها الإمام أتظنني أرتاب بشيء من فعلك؟ فتبسم وقال: ما ذهبت إلى ما ظننت، ولكن أردت أن تشهد إخراج زكاتك.
قال: وقلت له يوماً من الأيام: أول ما رأيتك وأنت تطوف على المرضى في المسجد تعودهم، وتمشي في السوق، فقال: هكذا كان آبائي، كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وأنت إنما عهدت الجبابرة والظلمة".

رعايته للفقراء
حكى صاحب السيرة بعض الصور عن اهتمام الإمام الهادي عليه السلام برعيته من المساكين والفقراء فقال: أنه كان يأمر رجلاً ينادي: أين الفقراء, أين المساكين, أين أبناء السبيل, أين من له حاجة, هل من سائل فيعطى أو من طالب حاجة فتقضى.

رعايته لليتامى
وبهذه السيرة سيرة الرحمة والشفقة كان يتعامل مع اليتامى فيروى في السيرة: "أنه أتي يحيى من الحسين يوماً بصبي صغير يتيم فلم يزل يدنيه حتى أجلسه بين يديه, ومسح رأسه وتكلم فيه بكلام وبكى, ثم أمر للصبي بقميص وسراويل".
وفي السيرة: "ورأيته وقد انصرف من المسجد فقام إليه صبيان صغيران فقالا: يا ابن رسول الله نحن يتامى, فوقف معهما طويلاً يمسح رؤوسهما ويدعو لهما ثم أمر لهما بكسوة ونفقة".

الإنصاف
كانت القرابة والمناصب لا تجد لها مكاناً خارج الإنصاف في دولة الهادي، فكان يعامل الضعيف والقائد بالسواء "فهذه امرأة تشتكي إليه من قائد جيشه "أبو العتاهية" وتصيح على بابه فيأمر بإدخالها إليه, فلما دخلت إليه, قالت: يا أمير المؤمنين أنصفني من أبي العتاهية, فأرسل الهادي إلى أبي العتاهية فأحضره, وقال له: أنصف هذه المرأة, ثم قال الهادي للمرأة: ما تدعين عليه؟ فقالت: لي في يده ضيعة غصبها أبوه, فقال أبو العتاهية للهادي: أوجب علي وعليها ما يجب يا أمير المؤمنين. فقال الهادي للمرأة: هل لك شهود؟ قالت: نعم, فمضت فأحضرت شهوداً فشهدوا عند الهادي لها بالضيعة, فحكم الهادي للمرأة بالضيعة وأمرها بقبضها فقبضتها".

تعامله مع أهل الذمة
لم تكن عدالته مقتصرة على المسلمين فحسب بل كانت حتى على اليهود والنصارى فيقول مؤلف سيرته: "رأيته يوما وقد جاءه يهودي استعدى على رجل فقال لي: أنصفه وانظر فيما بينهم, ثم قال لليهود والنصارى: إذا آذاكم أحد فارجعوا إلي حتى أنصفكم منه".

صرامة مع جيشه
كان الخلفاء والظلمة يتسامحون مع جيوشهم وجنودهم في التعدي على أموال الناس حتى لا ينفض الجند من حولهم, بل كانوا يعمدون إلى أن يغروا القبائل في نصرتهم بإباحتهم لهم في أموال الناس ومزارعهم, لكن الإمام الهادي عليه السلام كان يمثل في دولته سيرة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ولذلك نجده يتعامل بصرامة وحزم مع جنده, ويتابعهم في تنفيذ أوامره بعدم التعدي على أموال المواطنين, فقد جاء في سيرته "أنه كان إذا طاف بعسكره في (نجران) أخذ على العسكر أن لا يدخلوا الزرع ولا يفسدوا على الناس ثمارهم ويشدد عليهم فيه ويقول في الليل لبعض أصحابه: هل رأيت من عرض لشيء من ثمار الناس؟
فيقول: لا.
فيقول: الحمد لله كثيراً".
"ولما أتى (بطنة حجور) تلقاه أهلها بالسمع والطاعة ونزل في موضع بالقرب من القرية فجاءه أهل البلد وعرضوا عليه العلف للدواب فامتنع من ذلك؛ فقالوا: نحن نجعل العسكر في حل منه، فأبى ولم يقبل منهم علفاً ولا غيره".
بل كان يعاتبهم، ويصلح أخطاءهم إما وقع خطأ من هذا القبيل, ويهم بترك اليمن واعتزال الدولة "وأوقع عليه السلام بأهل (أثافت) بعد محاربتهم إياه وهربوا؛ فبلغه أن بعض العسكر أخذوا شيئاً من أثاثهم فغضب واحتجب عنهم وهم باعتزال الأمر وقال: (لا يحل لي أن أقاتل بمثل هؤلاء)، فتابوا وردوا جميع ما أخذوا".
وفي بعض الأحيان يرضى أن يركب الخطر هو وجيشه إشفاقاً بالرعية, مع أن الشرع يسوغ له بعض الأفعال فيمتنع عنها, ومن ذلك أنه " لما كان في (صنعاء) في حرب بني يعفر واحتاج إلى نفقات للعسكر طلب من تجار (صنعاء) قرضاً فامتنعوا، فارتحل ولم يكرههم عليه مع تسويغ الشرع له في مثل تلك الحال للاستعانة بخالص المال تورعاً واحتياطاً".
وبلغ بأن اضطر جنده بعد نفاذ علف الخيول أن يؤكلوها العوسج دون أن يفرض على القبائل أي تكاليف أو غرامات, ويمنع نفسه وجنده حتى من النزول عليهم كضيوف, بل يمتنع عن ضيافتهم.
ولم يكن يحجز جنده عن أموال الناس فقط, بل كان يمنعهم حتى من الإجهاز على الجرحى واللحاق بالفارين من المعركة من العدو، ويتوعد من يقتل منهم حال الفرار نفساً أن يقتله به, وهنا يحكي صاحب السيرة قصة للإمام الهادي وفيها فوائد كثيرة, ونماذج رائعة تبين جلالة إدارة الهادي للدولة حتى في أوقات الحروب مع من يقاتله, قال في السيرة: "فخرج الهادي إلى برط فدخله، وليس له إلا ثلاث طرق وأهله دهمه فوقف العسكر في مكانٍ وتقدم في ثمانية فوارس وستة وعشرين راجلاً، فقال للقوم: بيننا وبينكم كتاب الله، فإن لم تطيعوا فخلوا بيننا وبين الماء، فأبوا ورموهم؛ فحمل عليهم، وقتل ثلاثة، وأسر جماعة، وانهزم القوم، فسلبهم العسكر وهموا بقتلهم، فصاح: من قتل قتيلاً فهو به، فسئل عن ذلك؟ فقال: ليس لهم فئة أي أمير، فطلب القوم الأمان والبيعة، فقبل منهم وجمع عسكره، وقال: السلب لكم حلال، لكن هبوه لي أتألفهم به، وأرجو أن أعوضَّكم به ففعلوا، وأقام ثلاثاً لم ينزل على أحد حتى أكلت خيل عسكره العوسج، حتى أن جملاً لبعض عسكره دخل زرع رجل، فقال: لأخبرنَّ الهادي، فقال صاحبه: ليس لي، فتركه وذهب، فناداه الرجل: خذ جملك".

عدم احتجابه عن الناس
أن تجد إماماً تدين له الأصقاع وتخضع له البلدان, ويبلغ خبره ودولته مشارق الأرض ومغاربها، ثم تجده يخرج بين الناس، ويدخل الأسواق، ويعود المرضى حتى من العبيد، فأنت لا شك في محضر الإمام الهادي عليه السلام, يحكى في سيرته أنه: "كان إذا خرج من منزله لصلاة, أو لغيرها, سلم على جميع من يمر به من شريف أو دني أو فقير أو غني, أو عبد أو صبي, وبذلك جاء الأثر عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام...... قال الراوي: ورأيته يعود المريض حتى رأيته قد عاد بعض خدم أصحابه".
وبهذا الخلق النبوي أحرق المسافات التي وضعها حكام الجور بينهم وبين المحكومين, ومن القصص النادرة في ذلك أن تجد الرعية تستطيع الوصول إليه في وقت متأخر من الليل, قال مصِّنف سيرته: "رأيته ليلة وقد جاء رجل ضعيف في السحر يستعدي على قوم فدقَّ الباب، فقال: من هذا يدقُّ الباب في هذا الوقت؟
فقال له رجل كان على الباب: هذا رجل يستعدي، فقال: أدخله. فاستعدى فوجه معه في ذلك الوقت ثلاثة رجال يحضرون معه خصومه، فقال لي: يا أبا جعفر، الحمد لله الذي خصَّنا بنعمته وجعلنا رحمة على خلقه، هذا رجل يستعدي إلينا في هذا الوقت لو كان واحداً من هؤلاء الظلمة ما دنا إلى بابه في هذا الوقت مشتكٍ ثم قال: ليس الإمام منَّا من احتجب عن الضعيف في وقت حاجة ماسة".
بل أعظم من ذلك أن الإمام الهادي عليه السلام كان يحاول أن يغالب النوم, ويكابد التعب والإرهاق حتى لا يقصر في أداء مهمة الراعي على رعيته, فيروي السيد أبو طالب بإسناده، عن علي بن العباس أنه قال: "كنَّا عنده يوماً وقد حمى النهار وتعالى وهو يخفق رأسه فقمنا، فقال: أدخل وأغفو غفوة، وخرجت لحاجتي، وانصرفت سريعاً إلى المجلس الذي يجلس فيه الناس، فإذا أنا به في ذلك الموضع، فقلت له: في ذلك، فقال: لم أجسر أن أنام ولعل بالباب مظلوماً فيؤاخذني الله بحقه".
وقد كان هذا دأبه في مخالطة الناس في الأسواق "حتى طمع فيه الفسقة فتبايعوا على غيلته فرموه من الصومعة[بسهم] فدخل المسجد وأخطأه السهم.
فلما صلى بالناس واستقر أخبرهم فخرجوا فلقطوا النبل من باب المسجد. فقال: اللهم، إني أملت أن أسير فيهم سيرة الاختلاط، وأن أتولى أمرهم بنفسي ولا %D

محمد حسن النعمي
سلام الله على الإمام الهادي وكتب الله أجركم
00:13 on 2018/13/01
00:13 on 2018/13/01
محمد حسن النعمي
هلا تكرمتم مشكورين في اتمام بقية تراجم الأئمة
00:13 on 2018/13/01
02:06 on 2019/06/05
20:37 on 2019/37/30
12:15 on 2019/15/10
19:26 on 2019/26/14
سبحان الله الناس ضلت بدون امام
من عهد زيد حتى الهادي
والان عبدالملك الحوثي يعتبر علم
اهم شيء عندكم الحروب لانكم لا تستطيعون اإلا العيش في جو حرووب
اجدادكم حكمونا الف سنه ما استقرت فيها اليمن ابدا .!
19:32 on 2019/32/14
11:00 on 2019/00/20
23:32 on 2019/32/29
22:39 on 2019/39/19
04:17 on 2019/17/24
22:20 on 2019/20/02
12:14 on 2019/14/08
00:25 on 2019/25/17
20:57 on 2019/57/24
09:02 on 2019/02/29
20:44 on 2019/44/02
09:08 on 2019/08/07
01:24 on 2019/24/10
16:37 on 2019/37/14
00:29 on 2019/29/18
05:34 on 2019/34/24
14:17 on 2019/17/27
18:35 on 2019/35/01
01:37 on 2019/37/05
12:23 on 2019/23/12
15:33 on 2019/33/18
03:06 on 2019/06/22
10:42 on 2019/42/01
07:53 on 2019/53/07
19:36 on 2019/36/10
08:18 on 2019/18/07
Acheter Viagra 25 Mg quetly <a href=https://xbuycheapcialiss.com/>buy cialis online with prescription</a> geadlydrassy Sinusitis 2000 Mg Keflex
00:46 on 2020/46/10
ب
07:41 on 2020/41/15
محمد ابراهيم
سلام الله على اولياءه الصالحين وعلى الامام الهادي يحي بن الحسين وعلى القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي وعلى علم الهدى سيدي ومولاي السيد عبدالملك الحوثي طيب الله ثراه
09:27 on 2020/27/19
سلام الله على اولياءه الصالحين وعلى الامام الهادي يحي بن الحسين وعلى القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي وعلى علم الهدى سيدي ومولاي السيد عبدالملك الحوثي طيب الله ثراه
09:27 on 2020/27/19
المحب الزيدي
سلام الله على الامام الهادي عليه السلام وعلا اوليا الله الصالحين واهل بيت النبي الطاهرين والحمدلله رب العالمين رزقنا الله بمولانا العلامه محمد عبدالله عوض حفضه الله
03:11 on 2021/11/25
http://vslevitrav.com/ - cheap 80 mg vardenafil hcl
11:47 on 2021/47/12
<a href=http://vsviagrav.com/>viagra online
20:15 on 2021/15/03
محمد المرامي
سلام الله على أعلام الهدى
07:39 on 2021/39/06
محمد المرامي
سلام الله على أعلام الهدى
07:39 on 2021/39/06
محمد المرامي
سلام الله على أعلام الهدى
07:39 on 2021/39/06
محمد المرامي
سلام الله على أعلام الهدى
07:40 on 2021/40/06
محمد المرامي
سلام الله على أعلام الهدى
07:40 on 2021/40/06
محمد المرامي
سلام الله على أعلام الهدى
07:40 on 2021/40/06
محمد المرامي
اعتذر لتكرار الإرسال
07:42 on 2021/42/06
<a href=https://finasterid.cfd>propeciahelp</a> 15, 16 There is a lag in return to higher rates of recurrence in the immediate years after hormonal therapies are stopped eg, 5 years
23:16 on 2024/16/14
20:19 on 2024/19/26
اضافة تعليق
*