نسبها
هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي[1]؛ فيلتقي نسبها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند هاشم.
أولادها
تزوجها أبو طالب بن عبد المطلب رضي الله عنهما، وولدت له ولده كلهم وأول ولدها طالب وبه يكنى أبوه، ثم عقيل وهو أصغر من طالب بعشر سنين، ثم جعفر وهو أصغر من عقيل بعشر سنين، ثم علي وهو أصغر من جعفر بعشر سنين، وجعفر ذو الجناحين وذو الهجرتين الأَولة إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة[2]، وأم هانئ، وجمانة؛ فكانت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها أول هاشمية ولدت لهاشمي[3].
تربيتها للنبي
بعد وفاة عبد المطلب انتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعيش في بيت عمه أبي طالب وزوجته فاطمة بنت أسد رضي الله عنهما، فسخرَّا طاقتهما لرعايته والاهتمام به، وكانت فاطمة بنت أسد من أبر الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى قال فيها صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني كنت يتيماً في حجرها فأحسنت إلي))[4].
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها))[5].
ويكفي دليلاً على ذلك الاهتمام منها رضوان الله عليها ما أخبر عنها صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: رحمك الله يا أمي! كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعينني وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيبا وتطيبيني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة الله الذي يحي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لامي فاطمة بنت اسد ولقنها حجتها ووسع مدخلها بحق نبيك والانبياء الذين من قبل يا ارحم الراحمين))[6].
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((رَحِمَ اللَّهُ أُمِّي فَاطِمَةَ لَقَدْ كَانَتْ تُؤْثِرُنِي عَلَى وَلَدِهَا وَتُحْسِنُ التَّرْبِيَةَ))[7].
إسلامها
أدركت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت ممن سبق إلى الإسلام، فروي عن جعفر بن محمد قال: كانت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب حادية عشرة، يعني في السابقة إلى الإسلام، وكانت بدرية[8]، كما أنها أول امرأة هاجرت إلى المدينة على قدميها[9].
وروى الزبير بن العوام في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}...الآية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعوا النساء إلى البيعة حين نزلت هذه الآية، فكانت فاطمة بنت أسد أول امرأة بايعت[10].
شيء من مناقبها
عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: "كانت فاطمة بنت أسد بن هاشم أول هاشمية ولدت من هاشمي، وكانت بمحل عظيم من الأعيان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"[11]، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكرمها ويعظمها ويدعوها أمي.
وعن علي عليه السلام، قال: "كانت فاطمة بنت محمد تكفيه الداخل وفاطمة بنت أسد تكفيه الخارج" يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم[12].
وروي أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إن الناس يحشرون عراة))، فقالت: وا سوأتاه، فقال لها: ((فإني أسأل الله أن يبعثك كاسية))، وسمعته يذكر ضغطة القبر، فقالت: واضعفاه، قال: ((إني أسأل الله أن يكفيك ذلك))[13].
وعن علي عليه السلام، قال: أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير فبعث بها إلي وقال: ((إني لم أبعثها إليك لتلبسها إني أكره لك ما أكره لنفسي ولكن اقطعها خُمرا واكسها فاطمة أمك وفاطمة ابنتي))[14].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام: ((يا علي لك أشياء ليست لي منها، لك زوجة مثل فاطمة وليست لي، ولك ابنان من صلبك الحسن والحسين وليس لي مثلهما من صلبي، ولك مثل خديجة أم أهلك وليس لي مثلها حماة، ولك صهرك مثلي وليس لي صهر مثلي، ولك أخ مثلي وليس لي أخ مثلي، ولك أخ في النسب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب، ولك أم مثل فاطمة بنت أسد الهاشمية وليس لي أم مثلها))[15].
وفاتها
عن علي عليه السلام قال: إنه لما ماتت أمي جئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقلت: إن أمي فاطمة قد ماتت.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) وأخذ عمامته ودفعها إليَّ وقال: ((كفنها فيها، فإذا وضعتها على الأعواد فلا تحدثن شيئاً حتى آتي)).
فأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المهاجرين وهم يمشون قدامه لا ينظرون إليه إعظاماً له حتى تقدم رسول الله فكبّر عليها أربعين تكبيرة، ثم نزل في قبرها فوضعها في اللحد، ثم قرأ عليها آية الكرسي ثم قال: ((اللهم اجعل من بين يديها نوراً، ومن خلفها نوراً وعن يمينها نوراً، وعن شمالها نوراً، اللهم املأ قلبها نوراً))، ثم خرج من قبرها.
فقال المهاجرون: يا رسول الله قد كبّرت على أم علي مالم تكبر على أحد!
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((كان خلفي أربعون صفاً من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة))[16].
وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم حفر اللحد بيده وأخرج ترابه بيده، وألبسها قميصه واضطجع في قبرها، فلما سئل عن ذلك، قال: ((إني إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة واضطجعت معها في قبرها ليهون عليها))[17].
وعن جابر لما توفيت فاطمة بنت أسد حزن عليها رسول الله حزناً شديداً، ثم قال: ((يرحمك الله يا أماه لقد كنت تشبعيني وتجوعين علياً وجعفراً وعقيلاً، يرحمك الله يا أماه لقد كنت تؤثريني على نفسك وولدك))[18].
وروي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب بالروحاء مقابل حمام أبي قطيفة[19] بالمدينة المنورة[20].
[1] المجدي في أنساب الطالبيين، ص30.
[2] الأمالي الاثنينية للمرشد بالله، ص 470.
[3] الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، ص21.
[4] المصابيح في السيرة، ص122.
[5] مقاتل الطالبيين، ص5.
[6] كنز العمال، ج12/ص147.
[7] الأمالي الاثنينية، ص470.
[8] مقاتل الطالبيين، ص5.
[9] تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين، ص201.
[10] تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين، ص201.
[11] المستدرك على الصحيحين، ج4/ص192.
[12] المعجم الكبير للطبراني، ج24/ص351.
[13] تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين، ص201.
[14] وفي كنز العمال "عن علي قال : أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم حلة مكفوفة بحرير إما سداها وإما لحمتها ، فأرسل بها إلي ، فأتيته فقلت : يا رسول الله ! ما أصنع بها ؟ ألبسها ، قال : لا ولكن اجعلها خمرا بين الفواطم".
[15] الشافي للإمام عبدالله بن حمزة، ج3/ ص475.
[16] المصابيح في السيرة، ص122؛ وفي المعجم الكبير للطبراني أنه حين اضطجع صلى الله عليه وآله وسلم في قبرها، قال: ((الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت أغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين)).
وروى في كنز العمال أنه صلى الله عليه وآله وسلم كبر عليها سبعين تكبيرة؛ وروي غير ذلك.
[17] مقاتل الطالبيين، ص5؛ وفي كنز العمال أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني ألبستها قميصي لتلبس ثياب الجنة، واضطجعت معها في قبرها لأخفف من ضغطة القبر، إنها كانت أحسن خلق الله صنيعاً إلي بعد أبي طالب)).
[18] تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين، ص201.
[19] مقاتل الطالبيين، ص5.
[20] المجدي في أنساب الطالبيين، ص11.