أما رأيت ثلا في نصب قامتـه ... يبدي لنا عن حضيض الأرض تكميشا
كأنه طـــــــائر هيَّا قوادمـــــه ... لئــن يطــير ... ولمَّا ينــشر الرِّيشـــــا
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺛُﻼ
ﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﺣﻴﺚُ ﻳﻌﻮﺩ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﺒﺔ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺣِﻤﻴَﺮ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﺗﻢّ ﺇﺩﺭﺍﺟﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻻﺋﺤﺔ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ "ﺍﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ" ﻓﻲ ﻳﻮﻟﻴﻮ (2002م)، ﻓﻲ ﻓﺌﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ.
الموقــــــع
تقع مدينة ثلا في الشمال الغربي من مدينة صنعاء على بعد حوالي (50) كم، ﻭﻫﻲ ﺟُﺰﺀ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻤﺮﺍﻥ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﺇﺩﺍﺭﻳّﺎً، ﺃﻣّﺎ ﻋﺪﺩ ﺳﻜّﺎﻧﻬﺎ ﻓﻴﺒﻠﻎ (74620) نسمة، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ﻓﻲﻋﺎﻡ 2004)م).
يحدها من الشرق مديريتا عيال سريح وهمدان، ومن الغرب مديرية مسور، ومن الشمال عمران وعيال يزيد، ويحدها من الجنوب مديرية شبام كوكبان.
التسمية
ﻳُﺮﺟّﺢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴّﻦ ﺃﻥّ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺛﻼ ﺳُﻤّﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺴﺒﺔ ﻟـ (ﺛﻼ ﺑﻦ ﻟﺒﺎﺧﺔ ﺑﻦ ﺃﻗﻴﺎﻥ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺮ ﺍﻷﺻﻐﺮ)، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥّ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻣُﺸﺘﻖٌّ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺛﻠِﺊ؛ ﺃﻱ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﺛﻢّ ﺗﻢّ ﺗﺪﺍﻭﻟﻬﺎ ﺑﺜﻼ، ﻭﻋُﺮﻓﺖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ﺣﺘّﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ.
تاريخ بنائها
لم يتمكن الباحثون من التحديد الدقيق لتاريخ اختطاطها أو لاسم من قام بإنشائها؛ لقلة التنقيبات الأثرية، شأنها في ذلك شأن بقية المدن اليمنية القديمة, والتي نجدهم يمزجون في تأريخها الحقيقة بالأساطير, فيعزون بناءها إما إلى النبي سليمان عليه السلام الذي كان يسخر الجن في بنائها، وإما إلى القدماء من التبابعة أو عاد أو ثمود، وكذا نجد الحال في مدينة ثلا, فينقل الدكتور عبدالرحمن جار الله في كتابه "ثلا إحدى حواضر اليمن في العصر العباسي" عن ابن المجاور: "أن حصنها بناه مشائخ من بني معحر"، وفي موضع "روى أنها من الحصون التي بناها تبع" [جار الله, ثلا إحدى حواضر اليمن, ص12]، كما قال جار الله: "ويورد الهمداني أن مدينة ثلا قد سكنت من قبل المرانيين من همدان ولكنها في زمن الهمداني كانت تسكن من قبل "أوزاع من همدانيين ومرانيين وغيرهم".[جار الله, ثلا إحدى حواضر اليمن, ص13].
ويرجع بعض خبراء الآثار اليمنيين المعاصرين تأريخ بنائها إلى منتصف القرن الأول قبل الميلاد أي إلى ما قبل (2500) سنة, ويستندون في ذلك إلى قراءتهم للنمط المعماري, ومن خلال النقوش الموجودة, والتمائم السبئية التي عثروا عليها مؤخراً.
بينما ذكر ابن أبي الرجال نصين يفيدان أن الأمير الحسن بن إبراهيم هو أول من حصن ثلا: "وبنى ابن عمه الحسن بن إبراهيم بن سليمان بن القاسم بن علي جبل (ثلا)، وهو أول من بناه" [ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج3/ ص371]، وذكر في موضع آخر "أن الأمير الحسن بن إبراهيم بن سليمان بن الإمام القاسم العياني هو من حصن ثلا ".[ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج3/ ص361], وهذا الأمير عاش في القرن الخامس الهجري, ومن هذين النصين التاريخيين الذين أوردهما ابن أبي الرجال يتبين أن الأمير الحسن بن إبراهيم المذكور هو أول من حصن ثلا.
ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ
ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ من أهمها: ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻏﺮﺏ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻴﺪ ﻓﻲ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ، ﻭﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆﺓ، ﻭﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﻄﻠﺢ، ﻭﻫﻲ ﺃﻗﺪﻡ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺜﻼ، وﺣﻲ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ الواقع ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ، وكان يقطنه قبل نكبة فلسطين عدد من اليهود.
دورها التاريخي
كان لمدينة ثلا العديد من الأدوار الهامة على مر العصور, وبالرغم من أنها غابت عن سطور التاريخ في فترات زمنية متقطعة, وخاصة بعد دخول اليمنيين الإسلام, إلا أن قدوم الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع) إلى اليمن في سنة(284هـ), أعاد لها دورها التاريخي, وبدأت تظهر بقوة في التاريخ اليمني, فكان لها الدور البارز والمحوري في أغلب وأصعب مراحل التاريخ, ولا أعظم من الدور التي تجشمته في مواجهة الغزاة وبالخصوص الغزو التركي الأول على اليمن, فكانت في كل جولة من جولات النزال عصية على كل غازٍ ومحتل مهما تدرع بالعدة والعتاد.
إن الموقع الاستراتيجي لمدينة ثلا, خولها أن تكون منطلقاً لدعوة عدد من أئمة أهل البيت (ع) وقادتهم, فلقد دعا منها الإمام المهدي أحمد بن الحسين القاسمي المعروف بأبي طير سنة (646هـ)، وفيها وفد إليه الفقيه العلامة الأديب الفرضي محمد بن منيع البهري البغدادي, قال بن أبي الرجال في ترجمته: "من بني بهر نشأ ببغداد، ودرس في المدرسة النظامية، وكان شافعي الفروع عدلي الأصول محباً لآل محمد المختار صلى الله عليه وعليهم، ولما وصل إلى ديار اليمن صار يبحث عن علماء أهل البيت ومن يرجى فيه القيام بأمر الإمامة، فأقام سنين ينظر، فلما وردت دعوة الإمام أحمد بن الحسين إلى صنعاء وصل إلى الإمام إلى ثلا، ورأى كمال الإمام في صفات الإمامة، وبايع وأقام أياماً وأحسن إليه الإمام، ومن شعره في الإمام:
الله أكبر هذا كاشف الكرب ... في كل قطر من الدنيا عن العرب
هذا الإمام الذي اختالت بسيرته ... مراسم العدل في أثوابها القشب"[ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج2/ ص142].
وكذلك الإمام الناصر محمد بن يوسف بن صلاح سنة (879هـ), واتخذها بعضهم عاصمة لدولته, كالإمام شرف الدين وولده المطهر, بينما اتخذها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة سنة (594هـ), والإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى [صاحب الأزهار] سنة (802هـ) مقراً لهما فترة من الزمن.
وهذا يكشف أن ثلا كسائر المناطق اليمنية كانت جلية الولاء والمحبة لأهل البيت(ع), ويكفي في هذا المقام أن نورد حال فقيه ثلا وعالمها يوسف بن أحمد عثمان اليماني الذي حكاه العلامة المؤرخ ابن أبي الرجال, قال في ترجمة الفقيه المذكور: "يقال: إن مسكن سلفه صرم بني قيس بقرب المصنعة ببلاد خبان، لكنه استشار إمام زمانه الإمام الناصر، فرجح له الطلوع إلى هذه الديار لمقاصد، ولذلك كان الفقيه ضياء الدين كبير التلهف على الإمام، وكان يقول لأهل حضرته قوموا لنبك جميعاً على الإمام، وكان يجل الإمام المهدي أحمد بن يحيى، ولما جاءه البشير بخروجه من السجن سجد سجدة أدمى وجهه - رضي الله عنه –"[ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج4/ ص300].
تسبب الدور الكبير التي لعبته مدينة ثلا في مواجهة الغزاة, في تعرضها للخراب عدة مرات؛ ففي سنة (870هـ) خرب جزءاً منها عامرُ بن طاهر "أحد ملوك الدولة الطاهرية", وكما قام القائد الأيوبي "سنقر" بخراب جانب منها وأحرق مزارعها سنة (608هـ), وكذلك هاجم الرسوليون المدينة وأحرقوا مزارعها سنة (666هـ), وفي سنة (1007هـ) هاجمها العثمانيون ونهبوها, ومع كل تلك الحملات والخراب, عاد أولئك من على أبواب المدينة خائبين، ولم يتمكنوا من دخولها.
وفي خلال تلك الفترات تعرضت لأكثر من حصار بغرض إخضاعها واستسلامها, فلم تنكسر بل كَسَرَت، ولم تخضع بل أخضعت، وهكذا ظلت عصية شامخة بشموخ أهلها وشواهق حصونها، تتلاشى عندها أطماع الغزاة وتتبخر آمالهم.
ولعل أهم أدوارها التاريخية ذلك الدور البارز والعصي في مواجهة الغزو التركي الأول على اليمن في فترة الإمام شرف الدين, وابنه القائد الشجاع المطهر بن يحيى والتي أذاق فيها اليمنيون الأتراك الغزاة ويلات العذاب, وسقوهم جرعات النكال, وذلك في القرن العاشر الهجري.
أهم معالم مدينة ثلا
تعد مدينة ثلا من المدن الأثرية الهامة في اليمن؛ إذ أنها تحتوي على آثار قديمة تعود إلى ما قبل الإسلام, وبعضها يعود إلى عصور الإسلام المتعاقبة، على أن أهم ما يميزها آثارُها الإسلامية المتمثلة في مبانيها، من مساجد، ومدارس، وأضرحة، وقباب، ومصلى عيد، ولقد ظلت مدينة ثلا محافظة على طابعها القديم سواء المباني الدينية أو المدنية في كل عصورها، ومن أهم معالمها:
الحصن
حصن ثلا يطلق ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺛﻼ ﺍﺳﻢ "ﺣﺼﻦ ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ"، وهو ﺃﺑﺮﺯ معلم أثري في المدينة, ويرجع بعض المؤرخين وعلماء الآثار بناءه إلى العصور ﺍﻟﺤِﻤﻴَﺮﻳّﺔ، بينما يذكر المؤرخ اليمني ابن أبي الرجال أن الأمير الحسن بن إبراهيم هو أول من حصن ثلا: "وبنى ابن عمه الحسن بن إبراهيم بن سليمان بن القاسم بن علي جبل (ثلا)، وهو أول من بناه" [ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج3/ ص371]، وذكر في موضع آخر "أن الأمير الحسن بن إبراهيم بن سليمان بن الإمام القاسم العياني هو من حصن ثلا ".[ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج3/ ص361], وللجمع بين الروايتين اللتين أوردهما المؤرخ ابن أبي الرجال, وبين ما ذكر علماء الآثار, نرجح أن الحصن كان قد تهدم وأن الأمير الحسن بن إبراهيم هو من أعاد تشييده.
ﻭﻳﺮﺗﻔﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺼﻦ ﺍﻟﻤﻨﻴﻊ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺣﻮﺍﻟﻲ (2960) ﻣﺘﺮﺍً، وهو عبارة عن جبل وعر يتميز ﺑﺸﻜﻠﻪ ﺍﻟﻤﺨﺮﻭﻃﻲ ﻭﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، وهو شديد الانحدار من جميع الجهات مما يصعب الترجل في صخوره صعوداً إلى نهاية الجبل, كما يصعب الصعود إلى أعلاه إلا عبر طريق وحيد, مبني بعضه بالحجر وبعضه منحوت في الصخر.
ﺃﻫﻤﻴﺔ الحصن الاستراتيجية والأثرية
ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺤﺼﻦ ﺃﻫﻤﻴﺔ اﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺮﻑ ﺃﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﻴﻌﺎﻥ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺒﺔ, ومما يتميز به الحصن وجود ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺍﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻦ ﺍﻟﺠﺒﻞ, وفي التنقيبات الأخيرة التي أجراها فريق من اليمنيين اكتشف وجود البوابة السبئية والتي تتكون من ﺃﺑﺮﺍﺝ ﻭﺃﺳﻮﺍﺭ ﻭﻣﻤﺮﺍﺕ ﺿﻴﻘﺔ ﻣﺘﻌﺮﺟﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﺭﺿﻴﺎﺕ ﻣﺮﺻﻮﻓﺔ ﺑﺎﻷﺣﺠﺎﺭ، ﻭﻣﺪﺍﺧﻞ ﻭﺃﻧﻔﺎﻕ ﺳﺮﻳﺔ ﻭﺑﻮﺍﺑﺎﺕ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﺗﺮﺑﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻤﺮﺍﺕ ﺑﺒﻌﺾ، ﻭﻃﺮﻳق ﻣﻌﺒﺪ ﺻﺎﻋﺪ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﺼﻦ.
ولما يتمتع به الحصن من المنعة التي يصعب معها أن يصل إليه الأعداء, أو يتمكنوا من إخضاع من تحصن فيه، اتخذه اليمنيون في عهد الأئمة عليهم السلام منطلقاً لمواجهة الغزو التركي, والغزو الرسولي, وغيرهم من الغزاة, وشنوا منه حملاتهم التحررية.
السور
حيث وأن السور كان من العلامات البارزة في عمارة المدينة اليمنية القديمة ومن أهم مقوماتها، وثلا تعتبر من المدن اليمنية القديمه الهامة، فقد جاء سور ثلا على شكل دائري، بطول يصل إلى حوالي (1162) متراً, ويشتمل على (26) برجاً.
جاء سور ثلا بشكل دائري, وهو سور جزئي حيث بُني السور في المناطق التي يسهل الدخول إليها, وهي الجهة الشرقية والجنوبية وجزء من الجهة الشمالية, أما الجهة الغربية والجزء المتبقي من الجهة الشمالية فهي محصنة طبيعياً.
ﻳُﺬﻛﺮ ﺃﻥّ ﻫﻨﺎﻙ ثمانية أبواب ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻮر، وهي: ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺸﺮاﻕ، ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﺿﺔ، ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ، ﻭالباب ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ بني عامي (1977م ـ1978 م)، ﻭﺑﺎﺏ المحاميت, باب المياح, وباب الحصن.
ويذكر الدكتور جار الله: أنه كان للمدينة في سنة (1883م) أربعة أبواب فقط, استناداً إلى رواية جلازر "Glaser" في زيارته للمدينة في تلك السنة في شهر ديسمبر. [جار الله, ثلا إحدى حواضر اليمن, ص19]
المساجد
تشتهر مدينة ثلا بعدد من المساجد الأثرية، والتي منها:
الجامع الكبير
يقع الجامع الكبير في وسط المدينة على تلٍّ مرتفع ضمن جبل حصن ثلا، وتعددت مراحل إنشائه؛ إذ بُني على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تتمثل في القسم الجنوبي الشرقي, ويرجع بناؤه إلى سنة (721هـ)، والمرحلة الثانية تتمثل في القسم الجنوبي الغربي، ولا يعرف تأريخ إنشائه، والمرحلة الأخيرة تتمثل في القسم الشمالي الذي يرجع بناؤه إلى الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم فيما بين (1054هـ -1087هـ).
ويشمل الجامع بيتا للصلاة، وصحنا مكشوفا، وإيوانا للتدريس، ومساكن لطلبة العلم، وقبة، وسبيلاً، بالإضافة الى حمامات وخزانات للمياه, ومأذنة في الركن الجنوبي الشرقي.
وللجامع الكبير ثلاثة مداخل، وهي المدخل الجنوبي الشرقي، والمدخل الجنوبي الغربي، والمدخل الغربي, ويتميز القسم الجنوبي عن بقية أقسام الجامع في كونه أشبه بمسجد صغير مستقل بذاته داخل المساحة الرئيسية للجامع, كما أنه يحتوي على عدد من القباب البالغ عددها (25) قبة.
مسجد قبة محمد بن الهادي
ويقع مسجد قبة محمد بن الهادي بن يحيى بن حمزة في قرية اللؤلؤة، في الجزء الجنوبي الشرقي من مدينة ثلا بالقرب من باب الهادي، وقد أنشأه محمد بن الهادي بن الإمام يحيى بن حمزة في سنة (849هـ)، ويتكون من قبة كبيرة للصلاة ملحق بها بناء مكشوف، بالإضافة إلى حجرات التدريس، ومساكن الطلبة، وحمامات، ودورة مياه.
مسجد سعيد
يقع مسجد سعيد في الجانب الجنوبي من مدينة ثلا، في حي يعرف باسم قرية الطلح، بناه الفقيه سعيد بن منصور بن على الشهابي، ويتكون من مسجدين، وقبة ضريحية، وإيوان، ودورات مياه، وبركة، والمسجد على شكل مستطيل يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويطل على الشارع بثلاث واجهات جنوبية وغربية وشمالية.
مسجد المحاميت
يقع هذا المسجد في الجزء الشرقي من مدينة ثلا، وهو قريب من سور المدينة من الناحية الشرقية، ويتكون من بيت للصلاة، وصحن مكشوف، وبركة، ودورات مياه، ويرجع الدكتور جار الله تسميته بالمحاميت إلى احتمالين: إما إلى شخص اسمه المحاميت هو من بناه كما هو المتداول، أو ربما أنه سمي باسم أحد أبواب المدينة (باب المحاميت)؛ نتيجة لقربه من هذا الباب. [جار الله, ثلا إحدى حواضر اليمن, ص179]
مسجد نبهان
يقع مسجد نبهان في نهاية شارع الخدر، بالقرب من باب المياح، في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة، وهو ملاصق لسور المدينة.
جامع الغرزة
يقع هذا الجامع في قرية الطلح بمدينة ثلا, وهذا الجامع صغير متواضع التخطيط يتكون من بيت صغير للصلاة، وصحن، وبركة منفصلة عنه.
مسجد بن حمدين
يقع في شارع عيسى المؤدي إلى الجامع الكبير، وتحيط به المنازل من جميع الجهات، وينسب هذا المسجد إلى داود بن حمدين المدفون في نفس المسجد.
مسجد الجليلي
وهو قريب من الباب الجديد الذي يعتبر المدخل الرئيسي للمدينة، أما من بناه فلا يعرف بالتحديد، لكن الثابت أن المرحلة الاخيرة من المسجد تنسب للإمام المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد المتوفي (1092هـ)، ويتكون المسجد من بيت للصلاة، وصحن مكشوف وبركة، وحمامات.
مسجد المشراق
يقع هذا المسجد أسفل حصن ثلا خارج المدينة من الناحية الشمالية الغربية، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى المدخل الغربي للمدينة (باب المشراق).
مسجد عمار
يقع مسجد عمار في الجزء الشمالي من المدينة، بالقرب من مسجد بنهان، وهو من المساجد الصغيرة، ويتكون من بيت للصلاة، وصحن، وبركة، ودورات المياه.
مسجد ابن علوان
هناك احتمالان في من هو ابن علوان الذي ينسب إليه هذا المسجد:
الاحتمال الأول: أن يكون منسوباً إلى الشيخ الصوفي أحمد بن علوان، وهنا مرجحات لهذا الاحتمال, منها أن بعض الباحثين المعاصرين يرجع موطن الشيخ ابن علوان الذي ولد فيه إلى مدينة ثلا, ومنها أن كتب التاريخ تذكر أن بعض العامة في ثلا كانوا يعتزون إلى الشيخ أحمد بن علوان, فيذكر في كتاب بهجة الزمن (ص402) أنه في سنة (1085هـ) وقعت حادثة تشير إلى تواجد هؤلاء المعتزين إلى الشيخ بن علوان في ذلك الزمان, وعلى هذا فقد يكون من بنى هذا المسجد ليس الشيخ ابن علوان وإنما أحد محبيه وأسماه باسمه.
الاحتمال الثاني: أن ينسب إلى السلطان أحمد بن علوان بن بشر بن حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل اليامي, والذي تذكر بعض المصادر ومنها (مطلع البدور) أن السلطان ابن علوان دخل حصن ثلا في القرن السابع الهجري, فقد يكون المسجد منسوب إليه, ويضعف هذا الاحتمال أن بقاء ابن علوان فيها لم يدم إلا أياماً.
ويقع مسجد ابن علوان في الجانب الغربي من مدينة ثلا أسفل حصن ثلا، وهو عبارة عن مسجد صغير يتكون من بيت للصلاة، وصحن به بركة ماء.
المدارس
اشتهرت اليمن بالمدارس العلمية, والتي كانت تعرف بهجر العلم، والتي تعنى بالمعنى المعاصر جامعات متخصصة لتدريس العلوم الشرعية المختلفة، وتتخذ نمط التدريس الداخلي، فتبنى فيها مساكن للطلبة الوافدين من خارج البلاد تعرف "بالمنازل"، وتوقف لها الأوقاف، وتجعل فيها خزنات الكتب، وقد كان لمدينة ثلا نصيب من هذه المدارس العلمية, حيث حظيت بكبار الأئمة والعلماء الذي استوطنوها كالإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة, والإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى حيث استقر بها ما يقارب (14) عاماً, وفي تلك الفترة ألف كتابه الموسوعي "البحر الزخار", ومن بعده الإمام شرف الدين والعلامة الفقيه المجتهد يوسف بن عثمان اليماني, وهم لا شك أسسوا مدارس علمية تخرج منها العلماء والأئمة والمجتهدون, ومن أشهر المدارس العلمية في مدينة ثلا "مدرسة الإمام شرف الدين".
مدرسة الإمام شرف الدين
تقع مدرسة الإمام شرف الدين على شمال مدخل الهادي في الجزء الجنوبي من مدينة ثلا، وهي ملاصقة لسور المدينة من جهة الجنوب، وقد قام بإنشائها الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي، وتتكون هذه المدرسة من بيت للصلاة، وقبة ضريحية، وإيوان للتدريس، وبركة، ودورات مياه، ومساكن للطلبة.
القباب الضريحية
قبة صلاح التي تقع خارج سور مدينة ثلا في الجانب الغربي، وهي عبارة عن فناء واسع يضم بداخله قبة ومسجداً صغيراً في الجانب الجنوبي الشرقي من الفناء، ويوجد بها ضريح صلاح بن شمس الدين المتوفى بتاريخ (971هـ), وقبة أخرى في الركن الشمالي الشرقي، وبركة، وحمامات، ويحيط بكل ذلك سور فيه مدخلان أحدهما في الركن الشمالي الغربي والآخر في الركن الجنوبي الشرقي.
قبة الإمام شرف الدين التي بجوار قبة صلاح, وتقع هذه القبة خارج السور في الناحية الغربية.
قبة الإمام محمد بن يوسف بن صلاح بن المرتضى, وتقع بجوار مسجد سعيد الواقع جنوب مدينة ثلا, وتضم قبر السيد الإمام محمد بن يوسف المتوفي (893هـ).
وقبة الإمام شرف الدين الواقعة جوار مدرسته العلمية, وفيها قبر القائد السيد المطهر بن شرف الدين, وزوجة الإمام شرف الدين كما أن هذه القبة وسعها الإمام شرف الدين وكانت معمورة سلفاً، وفيها قبر العالمة الفاضلة الدهماء بنت يحيى المرتضى.
قبة بنت المنصور، وتنسب إلى بنت المنصور يحيى بن عبدالله بن الإمام المهدي محمد بن الهادي المتوفية (976هـ) والمدفونة فيها, وتقع هذه القبة بجوار مصلى العيدين، وتطل القبة على مصلى العيدين بالواجهة الجنوبية.
الحياة العلمية في مدينة ثلا
تعد مدينة ثلا إحدى مراكز الفكر الإسلامي الهامة، ومدرسة من مدارس العلوم العريقة على مستوى اليمن وخارجها, يدل على ذلك وجود عدد من المدارس العلمية, ووجود عدد كبير من كبار علماء المسلمين الذين سكنوا ودَرَّسوا ودَرَسُوا في مدينة ثلا.
وتعتبر ثلا من أشهر الهجر العلمية التي كانت ملجأ لأئمة أهل البيت(ع) ومأوى لمشاهير الفكر الإسلامي؛ إذ كانوا يلجؤون إليها عند الشدائد والأزمات, وهذا ما خولها أن تكون مقصداً للعلماء والمتعلمين من مختلف المناطق اليمنية؛ فانعكس ذلك عليها حضوراً وشهرة في الساحة الإسلامية العلمية والفكرية.
أزهى عصور مدينة ثلا
إن أزهى عصور مدينة ثلا هي فترة دولة الإمام شرف الدين وولده المطهر، أي بعد سنة (923هـ)، واستمر هذا الازدهار حتى بعد وفاته سنة(980هـ)، فقد أصبحت مقراً للحكم، وعاصمة سياسية تصدر منها الأوامر العسكرية، وتوضع فيها الخطط الحربية، فصارت بذلك مثار اهتمام كل اليمنيين الذين يتطلعون لزيارتها للإلتقاء بإمامهم الثائر ضد الغزو التركي.
ونتيجة لذلك أصبحت ثلا مجمعاً للعلماء والمتعلمين، وهذا أدى- بالطبع- إلى ازدهار الحياة العلمية والتعليمية فيها بشكل كبير، فقد قصدها المشائخ والمدرسون للسكن فيها والتدريس بمساجدها ومدارسها, وطلبة العلوم الشرعية لطلب العلم واكتساب المعارف، ومن المؤكد أن الحركة العلمية كانت موجودة قبل ذلك كما أشرنا سابقاُ, فقد سكنها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة, ومن بعده الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى, وأخته الدهماء والفقيه يوسف بن أحمد محمد عثمان اليماني العالم النبراس والعلم المشهور والمتفرد بجميع العلوم, وغيرهم من الأئمة والعلماء الذين سوف نأتي على المشهورين منهم في تراجم مشاهير ثلا, وهؤلاء لا شك أنهم قد قاموا بحركة علمية, وأسسوا مدارس وجامعات مختلفة.
مشاهير علماء مدينة ثلا
ومن أشهر الأئمة والعلماء الذين دّرسوا ودرسوا وتلقوا علومهم في مدينة ثلا إما بشكل دائم أو بصورة منقطعة:
1- الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة (561هـ-614هـ)، وله العديد من المؤلفات، من أشهرها (الشافي), (العقد الثمين في سنن أحكام الأئمة الهادين) [مطبوع ويوجد منه نسخة محفوظة في برلين 210/1 ميوبنج]، ( الردود الكافية لأهل العقول الوافية )، (الرسالة القاهرة بالأدلة الباهرة)، وغيرها من الكتب.
2- الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين المكنى بأبي طير(612هـ -656 هـ)، وكان إماماً فاضلاً عالماً عاملاً حسن السيرة، دعا لنفسه باﻹمامة بثلا سنة (646هـ)، وقد استجاب لدعوته وبلغت دولته مكة والمدينة وأطاعه كافة بني الحسن والحسين، بالحجاز والمدينة، وبلغت دعوته جيلان وديلمان، ونواحي العراق، ولم يبق في اليمن عالم من علماء أهل البيت وشيعتهم إلا دخل في ولايته، وامتثل لإمامته، وله العديد من المؤلفات من أشهرها: (المفيد الجامع لما نظمت غرائب الشرائع)، (الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة).
3- داود بن حميدين, من أعلام المائة الثامنة، عالم عارف، وقد توفي بثلا في نحو سنة(739هـ)، ودفن في فناء مسجده.
4- أحمد محمد عثمان, عالم محقق انتقل من بلدته إلى ثلا، واشتغل فيها بالعلم، وكانت وفاته فيها سنة(750هـ)، ودفن في مكان يعرف باسم قسم الصليحي في أسفل ثلا.
5- الإمام المهدي علي بن محمد بن علي بن منصور(705هـ/ 774هـ)، دعا إلى نفسه باﻹمامة في ثلا سنة (750هـ).
6- يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان اليماني الزيدي ( ـ 832هـ)، المصنف الشهير، الفقيه، العالم، الفاضل، الورع الكامل، رأس علماء الزيدية في عصره، وقد بلغ من كثرة الطلبة وازدحامهم ما أورده ابن أبي الرجال: "وكان مستقره بهجرة العين من بلاد ثلا مأوى للطلبة يأتون إليه من كل فج عميق حتى أنه لكثرة الزحام كان بعض الطلبة لا يستمعون إلا من الكوى ورحاب المسجد، وخلف الجدارات".[ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج4/ ص300]
وقد تصدر للتدريس في الجامع الكبير بثلا، وكان من المبرزين في سائر العلوم لا سيما الفرائض والفقه، وله العديد من المؤلفات أهمها: (الزهور المشرقة والنفحات العبقة)، (الرياض الزاهرة لمعاني التذكرة الباهرة)، (الجواهر والغرر في كشف أسرار الدرر)، (الثمرات اليانعة في تفسير آيات الأحكام)، وغيرها.
7- دهماء بنت يحيى المرتضى, أخت الإمام المهدي أحمد بن يحيى، عالمة محققة لاسيما في فروع الفقه وأصوله، وكذا شاعرة وأديبة، كانت قراءتها على أخيها الإمام المهدي والسيد العلامة الهادي بن يحيى، وقد أرسل إليها الإمام المهدي لتترك ثلا وتذهب إليه، ولكن أهل ثلا قد كتبوا إلى الإمام يستشفعونه في بقاء الشريفة (دهماء) بثلا فوافقهم، وقد ظلت في ثلا تقوم بالتدريس حتى وفاتها في غرة ذي القعدة سنة (837هـ)، ودفنت فيها في قبة قام بتوسيعها الإمام شرف الدين وضم إليها جامعاً عظيماً جنوب مسجد سعيد، ولها مؤلفات منها) :الأنوار في شرح الأزهار في فقه الأئمة الأطهار لأخيها يحيى بن المرتضى في أربعة مجلدات)، (شرح منظومة الكوفي في الفقه والفرائض)، (شرح مختصر المنتهى في أصول الفقه)، (الجواهر في علم الكلام)، وغيرها.
8 - الشريف العلامة محمد بن الهادي بن الإمام يحيى بن حمزة, وهو من أهل الفضل والعلم والعمل، له معرفة بكثير من العلوم، وكان متصوفاً، قدم من حوث إلى ثلا وسكن بها، وعمر فيها قبة فريدة في بنائها وزخرفها، بناها له أحمد بن محمد الغزالي الشيرازي، وقد أوقف عليها أرضاً كثيرة، توفي سنة (849هـ).
9- سيبويه بن صالح الثلائي, ويرجع نسبه إلى آل ذي حوال الحميري، وهو عالم مبرز في علوم العربية لا سيما النحو، وكان أديباً وشاعراً، يأتيه الطلبة من كل مكان للأخذ عنه والاستفادة من علمه، توفي بثلا سنة (881هـ).
10- الفقيه سعيد بن منصور بن علي الشهابي, عالم محدث في الفقه، وكان من علماء الشريعة وفضلاء أهل الطريقة، تتلمذ على يد إبراهيم الكينعي، بلغ من الزهد غايته، كان يتردد بين مكة وصعدة، ثم انتقل إلى ثلا وبنى مسجداً كبيراً، كان يجمع حجارة على ظهره وزاد فيه مئذنة، وقد توفي بثلا في نحو سنة (900هـ)، ودفن في فناء مسجده الذي بناه بيده هناك والمعروف بمسجد سعيد.
11- الإمام الناصر محمد بن يوسف بن صلاح بن المرتضى الحسني الهدوي, (المدفون في القبة التي بناها بجوار مسجد سعيد)، وقد دفن في الإيوان المقابل لقبته أخوه السيد العلامة صلاح، وكان من المحققين في علم الكلام، وقد أخذ عنه العلامة أحمد بن يحيى الضياني، توفي العلامة صلاح في شوال سنة (901هـ).
12- فاطمة بنت عبدالله بن الإمام المطهر بن محمد بن سليمان بن حمزة, زوجة الإمام شرف الدين الأولى، تميزت في علوم الفقه والكلام، فقرأت( كتاب النكت)، وبعض كتب أصول الدين، وشرح ابن هطيل في النحو، وكانت تقرأ في الأسبوع خمسين جزءاً من القرآن، توفيت سنة (910هـ).
13- القاضي العلامة عبدالله بن يحيى بن محمد بن الناظري, كان إماماً بارزاً في الفقه، قرأ معيار التحدي على الإمام شرف الدين، وشيخه في شرح الأزهار وغيره مصنفه ابن مفتاح]إبراهيم بن القاسم-طبقات الزيدية الكبرى ج2/ص[76، تولى القضاء للإمام شرف الدين، وكان من كبار المحققين في علم العربية، سكن ثلا وتوفي بها سنة (925هـ)، وقبره عند مدرسة الإمام شرف الدين بجانب المسجد من جهة الغرب، وله مؤلفات أهمها (شرح الكافية لابن الحاجب).
14- الإمام المتوكل على الله شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي أحمد بن يحيى، كان مولده في شهر رمضان سنة (877هـ)، تلقى العلم في كل من ظفير حجة وصنعاء على أكابر العلماء في اليمن، ومنهم والده شمس الدين بن الامام المهدي، دعا لنفسه بالإمامة سنة (912هـ) من ظفير حجه، توفي سنة (965هـ)، ودفن في قبته التي بناها لنفسه بقرب قبة جده المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، وله مؤلفات عديدة منها (الأثمار في فقه الأئمة الأطهار).
15- السيد العلامة فخر الدين عبدالله بن الإمام شرف الدين, وهو من العلماء المحققين في عدة ميادين، كان مولده سنة (918هـ)، وتوفي بثلا سنة (993هـ)، ومن أهم من مؤلفاته ( كتاب في أصول الدين)، (شرح مقدمة الأثمار لوالده)، وغيرها.
16- الحسين بن محمد بن علي بن محمد بن غانم المسوري, عالم محقق، توفي بمدينة ثلا في ربيع الأول سنة (983هـ)، قال ابن أبي الرجال: "وقبره في جربة صلاح العريجي غربي المصلى". [ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج2/ ص216]
17- الحسين بن علي بن صالح بن سليمان الأكوع, من أعلام المائة الحادية عشر الهجرية، عالم محقق في الفقه، من ساكني ثلا من آل الأكوع، توفي سنة (1020هـ).
18- أحمد شائع اللوزي, من العلماء المؤرخين، سكن مدينة ثلا ودرس بمدرستها، قال ابن أبي الرجال: "الفقيه العارف، الناسك العابد، أحمد بن شايع اللوزي - رحمه الله تعالى - كان عابداً، وكان يسكن مدينة ثلا، منزله قريباً من المدرسة، وكان ورعه شحيحاً .... وصنَّف سيرة تشتمل على أيام الإمام الناصر الحسن بن علي بن داود عليه السلام". [ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج1/ ص226]
19- عثمان بن علي بن الإمام شرف الدين, عالم غلب عليه معرفة علوم العربية، توفي بثلا سنة (1047هـ).
20ـ عبد الهادي بن أحمد بن صلاح بن محمد بن الحسن الثلائي (المعروف بالحسوسة), كان منقطع القرين في علومه، يُملي من صَدره ما لا تسعُه الأوراق, تولى القضاء بصنعاء، ثم انتقل إلى ثلا وتوفي بها سنة (1048هـ).
21- علي بن محمد بن علي بن صالح الأكوع, عالم جليل، توفي بثلا في سنة (1077هـ).
22- القاضي العلامة المهدي بن عبد الهادي بن أحمد بن صلاح بن محمد الحسوسة الثلائي, أخذ عن أبيه الإمام الكبير عبد الهادي الحسوسة، توفي بثلا بعد سنة (1100هـ).
23- السيد العلامة التقي القاسم ابن الإمام المتوكل على الله إسماعيل ابن الإمام المنصور بالله الحسني اليمني الضوراني المولد والنشأة، سكن مدينة ثلا، وكان عاملاً عليها وعلى كحلان عفار.
24- القاضي العلامة التقي يوسف بن عبد القادر بن علي البدري اليلائي اليمني, أخذ عن أبيه في فنون العلم، توفي قبل والده سنة (1160هـ).
25- عبد القادر بن علي البدري الثلائي, ولد سنة (1070هـ)، وأخذ العلم عن جماعة من أكابر العلماء كالعلامة المقبلي، تولى القضاء بمدينة ثلا، وكان من المشتغلين بالتدريس والتأليف، توفي سنة (1160هـ)، ومن أهم مؤلفاته (رسالة في تحريم التحلي بالذهب).
26- الفقيه الفاضل التقي مقبل بن صلاح الطيار الثلائي, كان من ساكني ثلا ومن المحبين للسكن فيها، اشتغل بالعلم، توفي قبل سنة (1200هـ).
27- أحمد عبدالقادر الورد الثلائي, خطيب مدينة ثلا، أخذ العلم عن إمام العلوم عبد الرحمن بن يحيى الحيمي، وعن العلامة صالح بن المهدي المقبلي، وقد توفي في ثلا ودفن فيها.
28- الفقيه العلامة الزاهد البليغ الشاعر أحمد بن حسن الزهيري الثلائي, نشأ في ثلا وتلقى علومه فيها، اشتغل بالحديث وطالع كتب الأدب، وتصدر للوعظ بجامع صنعاء، وكانت وفاته سنة (1214هـ).
29ـ شمس الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبدالواحد بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن أبي القاسم بن علي المحلي الصنعاني, قال ابن أبي الرجال في ترجمته: "والد الفقيه الإمام العلامة حميد بن أحمد، كان الفقيه شمس الدين عالماً كبيراً، وجهه الإمام المنصور بالله- عليه السلام- إلى بلاد "قاعة"- كما ذكره بعض أولاده- لمناظرة الباطنية، وقبره- رحمه الله - "بثلا" خارج باب المياح من مدينة ثلا، ويقال: قد سمعت تلاوة القرآن من قبره. [ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج1/ ص313]
30ـ العلامة الورع الزاهد صلاح بن علي المضواحي العلوي, قال ابن أبي الرجال: "كان عالماً فاضلاً زاهداً متقنعاً ........، وقرأ عليه سيدنا صارم الدين إبراهيم بن يحيى الشجري وغيره، وكان شيخ الأصولين، وله شرح على مقدمة الأزهار، سماه مرقاة الأنظار، وله موضوع في أصول الفقه، وموضوع في أصول الدين، وله غير ذلك، وقبره بجميمة "ثلا" في رأس عقبة الحمَّام.[ابن أبي الرجال, مطلع البدور, ج2/ ص447]
المصادر/
التحف شرح الزلف7
بهجة الزمن
ثلا إحدى حواضر اليمن في العصر الإسلامي
النبذة المشيرة
مآثر الأبرار
مطلع البدور
مدينة ظفير حجة
هي المدينة التاريخية العريقة والهجرة العلمية الشهيرة والحصن العسكري المنيع.
موقعها:
تقع مدينة ظفير حجة على بعد ١٥-١٧ كم الى الشمال من مدينة حجة وتتبع في التقسيم الإداري مديرية مبين وتقع الى الشمال الشرقي من مركز المديرية على سفح جبل بركاني شاهق وهذا الجبل هو أعلى مرتفع في شرق المديرية ومعظم جوانبه جرداء قاحلة يأخذ في شكل إنحدار شديد من جهته الشرقية والشمالية اما من جهة الغرب والجنوب فهي تطل على بعض السهول الزراعية .
مساحتها:
يبلغ مساحة سفح جبلها حوالي« ٣ »كم٢ والمدينة هي الجزء الأكبر من سفح الجبل.
عدد سكانها:
نتيجة لكثرة المساجد التي بها فإن عدد سكانها ليس بالقليل فهي مبنية في أماكن مختلفة وبمساحة كبيرة يدل على كثافة السكان رغم صغر الحجم.
تأريخها :
يعتبر تأريخ المدينة قديم وأثري ويدل على ذلك المساجد العامرة والمتهدمة التي بنيت من قديم الزمان وسورها وسدودها ومنازلها الأثرية البالغة القدم الا أن اعظم الأيام في تاريخها هي أيام الإمام المهدي وأولاده وأحفاده وهي القرنين التاسع والعاشر الهجري.
الدول التي تعاقبت عليها:
كانت الحصن المنيع للإمام شرف الدين وأولاده ولبعض أئمة الزيدية من بعدهم وخضعت للحكم العثماني أيام ضعف الدولة الزيدية وحكم الأئمة عليهم السلام.
الدور الثقافي والسياسي والإجتماعي والديني والإقتصادي والتجاري للمدينة :
على الرغم من صغر حجمها الأ أنها لعبت دورا مهما على جميع المستويات ففي الجانب الثقافي والديني والسياسي كانت هجرة علمية شهيرة يأتي اليها العلماء وطلاب العلم من مختلف النواحي كما هي عادة الهجر العلمية يتم فيها تدريس مختلف العلوم الدينية وكتب الأئمة عليهم السلام وتراثهم العريق وان قلت انها عاصمة علمية شهيرة فهي كذلك بل وهي عاصمة دينية وسياسية حيث سكن بها الأئمة واتخذوها حصنا ومقرا لتدبير أمور الدولة وشئونها
وبالنسبة للدور الإجتماعي فقد كانت الألفة بين سكانها والأخوة عامة للجميع فسكن بها الكثير من الأسر والأنساب المختلفة وخصوصا تلك الأسر التي كانت رحى البلاد تدور عليها.
اما الدور التجاري والإقتصادي الذي لعبته فقد كان بها العديد من الأسواق داخل المدينة ويظهر أنها كانت لتحقيق الرفاه الإقتصادي والمعيشي لسكانها إضافة الى أنها كانت مستكفية ذاتيا سوى بعض الكماليات
معالمها :
المساجد:
وبها العديد من المساجد سبعة مساجد عامرة وسبعة متهدمة الأبرز فيها جامع الإمام المهدي الذي بني في عهد ولده شمس الدين في القرن التاسع الهجري ووسعه حفيده الإمام شرف الدين في القرن العاشر ولا يزال الى اليوم مسجدا للصلاة والزيارة يؤتى اليه من مختلف اصقاع اليمن ونواحيها وبجوار الجامع ثلاث قباب قبة الإمام المهدي ومشهده المشهور المزور وبجانبه قبة حفيده الإمام شرف الدين والثالثة قبة حفظ الدين بن المطهر بن شمس الدين
وجدد سقف الجامع مؤخرا مع زيادة يسيرة من جهة القبلة 1982مـ
وفي المدينة ايضا جامع الحويت المدرسة العلمية المشهورة وبجانبه القبة وهي قبة الفقيه مسعود بن محمد الحويت من أعلام القرن الثامن الهجري
وفي المدينة جامع ابو طير وبجوراه قبة القاضي جعفر بن تاج الدين الظفيري.
سورها وحصونها:
اما بالنسبة لسورها فهو سور قديم قد تهدم معظمه ولم يبق فيه الا شيء يسير في جهاتها الأربع حمي السور المدينة من غائلة الأعداء اضافة الى ثلاث قشلات بهذا السور وبعض النوب بنيت القشلات في عهد العثمانيين في القرن الرابع عشر الهجري لزيادة الحماية والحراسة
المنازل:
اما منازل المدينة فلم يتبق من معظم منازلها القديمة الا القليل والباقي أطلال لانها تعرضت لنكبات كثيرة أيام الحروب مع العثمانيين وآخر النكبات حرب ثورة 1962مـ
الحواجز والخزانات المائية:
ومما يميزها البرك الكبيرة والصغيرة ثلاث برك داخلها وثلاث خارجها ، وهي برك عامة للاهالي .
كما توجد تسع عشرة بركة خاصة بعضها اعاد الأهالي استخدامها وبعضها مردومة.
المخازن:
يوجد بها مخازن الحبوب التي يقدر عددها خمسة وستين مدفنا.
ويظهر من ذلك حرص سكانها القدامى على تأمين وتوفير الماء والحبوب لهم اثناء الحصار والحرب فكانت حصنا منيعا عصيا على جميع الإعداء والغزاة.
إضافة الى الأحواد والكهوف والمغارات التي كانت بمثابة الملاجئ الحربية
أعلامها:
-الإمام المهدي وحفيده الإمام شرف الدين: اشتهرت الظفير وتشرفت بقدوم الإمام المهدي الجهبذي المؤلف النحرير والعالم الخطير أحمد بن يحيى المرتضى ولد سن764هـ، ت840هـ الذي اتخذها مقرا وسكنا في آخر أيامه لتصبح عاصمة علمية أنتجت وأثمرت العديد من العلماء والمتعلمين والدعاة والمجاهدين وسكن بها أحفاده الذين أكملوا مشواره في التعليم والجهاد ومنابذة الظالمين حيث انتقل اليها حفيده الإمام شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي عليهم السلام مولده سنة 887 هـ ووفاته 965هـ بظفير حجة .
وقد ملك اغلب اليمن وخضعت له جبالها وسهولها وطبق شرع الرحمن وأحيا سنة النبي وأمات بدعة الشيطان
وفي عهدهم كانت أفضل الأيام في تاريخ الظفير مكانة وعلما وشهرة وحصنا
-القاضي مسعود بن محمد الحويت توفي في اوائل المائة الثامنة صاحب المدرسة المشهورة وقبره في جامعه وبجواره السيد احمد بن محمد بن المنتصر العياني وجده جعفر بن القاسم
-ومن الأعلام الذين سكنوا الظفير ودفنوا بجوار قبة المهدي السيد الأجل قائد جيوش الإمام القاسم بن محمد السيد المجاهد ابراهيم بن المهدي جحاف الذي يتصل نسبه الى الإمام القاسم العياني وعالم العربية النحرير السيد لطف الله بن محمد الغياث المتوفي سنة 1035هـ
-القاضي عبدالوهاب الشماحي توفي ٢٤ شعبان ١٣٥٧هـ
-الحسن بن علي بن صلاح العبالي ت١٠٥٦
-الحسين بن علي بن صلاح العبالي ت١٠٨٠ هـ
-جعفر بن تاج الدين الظفيري ت١١٠9هـ
وبالنسبة لمن سكنوا بها ولكن وفاتهم ليست فيها فاشهرهم
الحسين بن الإمام القاسم بن محمد مولده ٩٩٩هـ وتوفي بذمار ١٠٥٠
-الإمام إسماعيل بن أحمد الكبسي المعروف بالمغلس دعا لنفسه من الظفير سنة ١١٢١هـ ثم أخرج منها ت١٢٤٣هـ
-الإمام الهادي شرف الدين بن محمد عشيش أعلن دعوته من الظفير في صفر سنة١٢٩٦هـ وجرت بينه وبين العثمانيين حروب متفرقة ت ١٣٠٧هـ
-محمد بن محمد عبدالله جحاف توفي في الأهنوم ١٣٥٩هـ
المراجع
-طبقات الزيدية للسيد العلامة ابراهيم بن القاسم بن الإمام -المؤيد بالله محمد بن القاسم
-هجر ومعاقل العلم في اليمن للقاضي إسماعيل الأكوع
-المدنية والحربية لمدينة الظفير رسالة الدكتوراه والماجستير للدكتور يحيى لطف العبالي
-كتيب التراث العلمي لظفير حجة