بالرغم من أن حديث الغدير قد فاق غيره من الأحاديث تواتراً، وفاض عليهن طرقاً وإسناداً، إلا أننا نجد من يشكك في مصداقية هذا الخبر النبوي، متجاهلاً لكل أسانيده الجليلة عدداً، والرفيعة قدراً، وغاضاً بصره عن حجم رواته ومخرجيه؛ ومن أولئك ابن حزم الذي يقول: وأما ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) فلا يصح من طريق الثقات أصلاً.[ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج4/ ص116].
وهناك من ذهب إلى ما ذهب إليه ابن حزم؛ وإذا قرأ الباحث المنصف كلامهم وتضعيفاتهم، سيجدهم يتعللون بعلات تنمُّ عن تعصب أو جهل، كنظرهم إلى بعض طرق الحديث الضعيفة وتعميمهم الحكم بالضَّعف عليه، متغافلين عن طرق الحديث الأخرى والكثيرة الصحيحة، أو تعللهم بأن الحديث لم يرد في صحيح البخاري ومسلم، مع أنه قد ورد في غيرهما من الصحاح والكتب المعتمدة وأن العلماء لا زالوا ينوهون أن البخاري ومسلم لم يستوعبا كل الأحاديث الصحيحة.
ومن أجل هذا فإننا هنا - زيادة على ما تقدم- سنذكر بعض علماء الحديث المشهورين والمعتمدين في هذا الجانب، ونورد نصوصهم على صحة الحديث، وردود بعضهم على من ضعفه؛ ليرى المنصف أن ما قاله أولئك لم يكن إلا لتعصب أو جهل وتقصير في تتبع طرق الحديث؛ وإلا فإن حديث الغدير من أكثر الأحاديث تواتراً عند جميع المسلمين، بل قل أن يُنقل حديث كنقل حديث الغدير؛ وإليكم كلام بعض علماء أهل السنة في تصحيحه:
1) الترمذي
(هذا حديث حسن صحيح).[الترمذي، سنن الترمذي ج5/ ص633].
2) الحاكم الحسكاني
صحح عدة طرق في المستدرك، منها حديث بريدة الأسلمي وزيد بن أرقم، وقال فيه كل واحد منهما: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. [الحاكم الحسكاني، المستدرك على الصحيحين، ج4/ ص195، ص196].
3) ابن حجر الهيتمي
وبيانه أنه حديث صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته كما مر وسيأتي وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقول بعضهم إن زيادة اللهم وال من والاه الخ موضوعة مردود فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيرا منها.[ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة، ج1/ ص106].
4) شمس الدين الذهبي في عدة مواضع
قال: وقال غندر: حدثنا شعبة، عن ميمون أبي عبد الله، عن زيد بن أرقم، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه ». هذا حديث صحيح.[الذهبي، تاريخ الإسلام، ج3/ ص629].
وقال: وقد جمعتُ طرق حديث الطير في جزء، وطرق حديث: (من كنت مولاه) وهو أصح.[الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج17/ ص169].
وذكره بطرق شتى في تلخيص المستدرك وصحح غير واحد منها.[التلخيص ضمن المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج3/ ص613].
5) الألباني
قال: إسناده صحيح على شرط البخاري.[الألباني، السلسلة الصحيحة، ج4/ ص331].
وقال: فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية، قد ضعف الشطر الأول من الحديث، و أما الشطر الآخر، فزعم أنه كذب! و هذا من مبالغته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها.[الألباني، السلسلة الصحيحة، ج4/ ص249].وفي عدة مواضع أخرى منه.
6) ابن كثير
قال في عدة مواضع: قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديث صحيح.
وقال: إسناد جيد رجاله ثقات على شرط السنن، وقد صحح الترمذي بهذا السند حديثاً في الريث.[ابن كثير، البداية والنهاية ج5/ ص209، ص212].
7) ابن حجر العسقلاني
وأما حديث: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) فقد أخرجه الترمذي والنسائي، وهو كثير الطرق جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، وقد روينا عن الإمام أحمد قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب.[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ج7/ ص74].
ورواه في تهذيب التهذيب في مواضع بعدة طرق وقال وقد جمعه بن جرير الطبري في مؤلف فيه أضعاف من ذكر وصححه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس بن عقدة فأخرجه من حديث سبعين صحابيا أو أكثر.[ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج7/ ص339].
8) النووي
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" فحديث صحيح.[النووي، فتاوى النووي، ص252].
9) ابن حبان
أخرجه في صحيحه.[ابن حبان، صحيح ابن حبان، ج15/ ص375].
10) الشوكاني
قال: إسناده رجاله ثقات.[الشوكاني، در السحابة، ص145].
11) الحافظ نور الدين الهيثمي
في عدة مواضع فقال: رواه البزار، ورجاله ثقات.[نور الدين الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج9/ ص107].
وقال في ص104: ورجال أحمد ثقات.
رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة، وهو ثقة.
______________________________________________
12) علي القاري
والحاصل أن هذا حديث صحيح لا مرية فيه، بل بعض الحفاظ عده متواتراً؛ إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثلاثون صحابياً.[الملا على القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج9/ ص3937].
وقال أيضاً في ص3944: وأقل مرتبته أن يكون حسنا فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث، وأبعد من رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم.
13) القسطلاني
قال: وطرق هذا الحديث كثيرة جداً، استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان.[القسطلاني، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، ج2/ ص684].
14) ابن المغازلي
قال: قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة.[ابن المغازلي، مناقب علي لابن المغازلي، ج1/ ص71].
15) السمناني
قال: وهذا حديث متَّفق على صحَّته.[علاء الدين السمناني، العروة لأهل الخلوة، ص422].
16) الألوسي
قال: وكذا رواه النسائي بإسناد جيد قوى رجاله كلهم ثقات، وروي بإسناد آخر تفرد به، وقال الذهبي: إنه صحيح.[الألوسي، روح المعاني، ج3/ ص360].
17) ابن شاهين
قال: وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحو مائة نفس، وفيهم العشرة، وهو حديث ثابت، لا أعرف له علة. تفرد علي بهذه الفضيلة، لم يشركه فيها أحد.[ابن شاهين، شرح مذاهب أهل السنة، ص103].
18) الطحاوي
قال: وقد وجدنا بحمد الله ونعمته في ذلك حديثا صحيح الإسناد يخبر أن ذلك القول الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بغدير خم إنما كان في رجوعه إلى المدينة من حجه لا في خروجه منها إلى حجه.[الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ج5/ ص16].
قال أبو جعفر: فهذا الحديث صحيح الإسناد, لا طعن لأحد في أحد من رواته.[الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ج5/ ص18].
19) ابن عبد البر
قال بعد ذكر حديث المؤاخاة وحديثي الراية والغدير: هذه كلها آثار ثابتة.[ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج3/ ص1100].
20) الكنجي الشافعي
قال بعد ذكر الحديث من طرق أحمد: أقول، هكذا أخرجه في مسنده وناهيك به راويا بسند واحد وكيف وقد جمع طرقه مثل هذا الإمام. وروى بإسناده عن المحاملي ثم قال: قلت: هذا حديث مشهور حسن روته الثقات، وانضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض حجة في صحة النقل.[الكنجي الشافعي، كفاية الطالب، ص15].
21) الحوت
حديث: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصححوه، وروي بلفظ: " من كنت وليه فعلي وليه "، رواه أحمد والنسائي والحاكم، وصححه.[الحُوت، أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب، ص285].
22) ابن الجزري
قال: هذا حديث حسن صحيح من وجوه كثيرة.
وقال أيضاً: رواه الجمّ الغفير عن الجم الغفير، و لا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم.[ابن الجزري، أسنى المطالب، ج1/ ص39].
23) المَلَطي، جمال الدين
قال: يؤيده الحديث الصحيح أنه كان هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغدير خم في رجوعه إلى المدينة من حجه.[المَلَطي، المعتصر من المختصر من مشكل الآثار، ج2/ ص301].
24) نور الدين الحلبي
قال: وهذا حديث صحيح ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته.[نور الدين الحلبي، السيرة الحلبية، ج3/ ص384].
25) ميرزا محمد البدخشي
هذا حديث صحيح مشهور، ولم يتكلم في صحته إلا متعصب جاحد لا اعتبار بقوله، فإن الحديث كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نص الذهبي على كثير من طرقه بالصحة، ورواه من الصحابة عدد كثير.[ميرزا محمد البدخشي، نزل الأبرار، ص21].
26) الصبان الشافعي
بعد رواية الحديث: رواه عن النبي ثلاثون صحابياً، وكثير من طرقه صحيح أو حسن.[الصبان الشافعي، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار، ص153].
27) أحمد محمد شاكر
قال في تعليقه على الحديث في مسند أحمد: وأما متن الحديث فإنه صحيح ورد من طرق كثيرة.[أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج2/ ص56].
28) الأرنؤوط
قال في تعليقه على الحديث في مسند أحمد: لكن متن الحديثِ صحيح ورد من طرق كثيرة تزيد على ثلاثين صحابياً، قال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ص8/ ج335: متنه متواتر.[أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج2/ ص71].