¤واقعة الغدير¤
عزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الخروج للحج في السنة العاشرة من الهجرة النبوية المباركة، فأذن في الناس للحج، فسارع الناس يأتمون به في حجته تلك والتي تسمى بـ"حجة الوداع"، واجتمع إليه خلق كثير، فخرج صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة وسار معه أهل بيته، وعامة المهاجرين والأنصار؛ وكان الإمام علي عليه السلام لا يزال في اليمن، فلحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة ليحج معه. فحجَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحجَّ معه الناس، فبلغ عدد من حج تلك السنة 124 ألفاً، وقيل: 120 ألفاً، وقيل: غير ذلك. وعندما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مناسكه، انصرف راجعاً إلى المدينة، فلما وصل إلى غدير خم - وهو مكان قرب الجحفة، جنوب المدينة، تتشعب فيه طرق الحجاج، وكان ذلك يوم الخميس 18 من ذي الحجة، قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم بشهرين - نزل عليه جبرائيل عليه السلام بقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}.[المائدة:67] هنا أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحجاجَ الذين معه بالتوقف، وأمر بانتظار المتأخرين ورد من تقدم، حتى عاد الفائت ووصل المتأخر، فنادى بالصلاة جامعة، وكان يوماً شديد الحر يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت شجرتين، فصلى بالناس الظهر، ثم قام فيهم خطيباً، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ووعظ، وذكر، ثم قال: «أما بعد، ألا يا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل، فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله تعالى، واستمسكوا به» فحث على كتاب الله، ورغب فيه ثم قال: «وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)).[أحمد بن حنبل، مسند أحمد مخرجاً، ج4/ ص366]. ثم قال: «ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قالوا: بلى، قال: «ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟» قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي، فقال: «من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: «له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة».[أحمد بن حنبل، مسند أحمد مخرجا، ج4/ ص281]. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلغ الشاهد الغائب، وأقبل المسلمون يهنئون أمير المؤمنين علياً عليه السلام. عند ذلك نزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}.[المائدة:3] هنا نلاحظ أن حادثة الغدير قد اشتملت على عدة نصوص مهمة في آخر مراحل النبوة؛ من هذه النصوص: ¤ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بالثقلين كتاب الله وأهل بيته. ¤ أنه صلى الله عليه وآله وسلم خصص علياً بأنه مولى المؤمنين قائلاً: «من كنت مولاه، فعلي مولاه». ¤ الدعاء لمن ناصر علياً بالنصر ومن والاه بالتولي من الله. ¤ الدعاء لمن خذل علياً بالخذلان ومن عاداه بالمعاداة من الله