.
 
21-45-2020

الشاعر: الحسن بن علي الهبل

 

الآنَ باحَ بِمُضْمَرِ الأَسْرارِ

إذ أزمَعَ السَّفرَ الفريقُ السَّاري

 

صبٌّ يُعلِّلُ بالقرارِ فؤادَهُ

يومَ الفراقِ ولات حينَ قرارِ

 

وَلْهَانُ هانَ عليهِ بيعُ رُقَادِه

لِخفوقِ برقٍ بالأُبَيْرقِ شاري

 

ضُرِبتْ به في الحُبّ أمثالُ الهوى

حتَّى غَدَا خَبراً مِنَ الأخبارِ

 

حُيِّيتَ يا طَلَلَ النَّقا وسُقِيت يا

دَارَ الأَحبّةِ بالنّقا مِن دارِ

 

لا يَبْعُدَنْ عَيْشٌ بِرَبْعِكَ نِلتُه

والدَّهرُ من حِزْبِي ومن أنْصاري

 

تِلكَ اللّيالِي إذْ يُكفّرُ لِي الصِّبا

ما في خَلاعَاتِ الهوى مِنْ عارِ

 

فالآن آنَ لِيَ النُّزوعُ عَنِ الهوى

حقًّا وحَانَ عنِ الْغَوَى إِقْصاري

 

لا كنتُ إن مَلك الغرامُ مقادتِي

أو هَدَّ ركْنَ سكينتي وَوقَاري

 

كم ذَا أطيعُ النَّفسَ فيما لَم أَفُزْ

مِنهُ بغيرِ ضلالةٍ وخَسَارِ؟!

 

أسْرفْتُ في العصيان إلا أنَّني

راجٍ لِعَفْوِ مُسَامحٍ غفّارِ

 

حَسْبي جميلُ الظَّنِّ فيهِ وسيلة

وَوِدَادُ آلِ المصْطفى الأَطهارِ

 

لَمّا رأيتُ النّاسَ قد أضحْوا عَلى

جُرُفٍ مِنَ الّدينِ الملَفّقِ هَارِ

 

تابَعتُ آلَ المصْطفى مُتيقّنا

أنَّ اتّباعَهمُ مرادُ الباري

 

وَقَفَوتُ نَهجَ أبِي الحسين مُيَمِّماً

منه سبيلاً واضِحَ الأَنوارِ

 

خيْر البريّة بعدَ سَبْطَيْ أحمدٍ

مختارُ آل المصْطفَى المختارِ

 

وحبيبُ خير المرسلين ومن غَدا

في آل أحمدَ دُرَّةَ التِّقْصارِ

 

مُقري الرّماح السَّمهريةِ والظُّبا

إذ ما لَهُنَّ قِرىً سِوى الأَعمارِ

 

والباذلُ النّفسَ الكريمة رافعاً

لِمَنارِ دينِ الواحدِ القهّارِ

 

ليثُ الشّرى حَيْث الصَّوارم والقَنَا

تَسْعَى بكأَسٍ لِلْمنونِ مُدارِ

 

يُشْجيهِ ترجيعُ القُرانِ لديهِ لا

نَقْرَ الدّفوف ورنَّةُ الأوتارِ

 

أَأَبا الْحُسَين دُعاء عبدٍ مُخلصٍ

لكَ ودَّهُ في الجهْرِ والإِسرار

 

طوراً يصوغُ لكَ المديحَ وتارةً

يَبْكي عليكَ بمدْمعٍ مِدْرارِ

 

هَيْهات أقصرُ عن مديحكَ دائماً

ما العُذرُ في تركي وفي إقْصاري؟

 

ودِّي على طُولِ المدَى متُجدّدٌ

وفرائدُ الأَشعارِ فيكَ شِعاري

 

فاشفَعْ بفَضلِك في القِيامةِ لِي وقُلْ:

هذا الفَتَى في ذمّتي وجوارِي

 

مَا ضَرَّنا أن لاَ ثرىً فنزورها

إذْ أنتَ بينَ جوانح الزُّوارِ

 

إن الأُلَى جاروكَ في أمدِ العُلَى

خلَّفتَهم في حلْبةِ المِضمارِ

 

قَدحوا زنادَ المجدِ حين قدحْتَهُ

فرجَعْتَ دونَهمُ بزندٍ واري

 

حُزتَ العُلَى وسَبَقْت أهلَ السَّبق في

ميدانِها وأمِنتَ كلَّ مُجاري

 

فإذا سَلَتْ عَنْها الكرامُ وأصبْحتْ

عنها عواري فهيَ منك عواري

 

وحميتَ سرحَ الدين منك بعزمةٍ

تغنيكَ عن حملِ القنا الخطَّارِ

 

شَقِيتْ "أميَّةُ" سَوفَ تَلْقى رَبَّها

يومَ القِيامةِ خُشّعَ الأَبصارِ

 

ماذَا لآلِ "أُميَّةٍ" عُصَبِ الشَّقا

عِندَ النبيِّ "محمَّدٍ" مِنْ ثارِ؟

 

ظَفِرتْ بقتْلِ ابْنِ النّبيِّ وإنّما

ذَهَبتْ بخزيٍ ظاهرٍ وبوارِ

 

يا عُصَبةَ النَّصب الَّتي لَم يُثنِها

عَنْ قتل أَهْلِ البيْت خوفُ الباري!

 

حتَّى مَتَى آلُ النبيِّ محمّدٍ

تُمنَى بقَتْلٍ مِنْكُمُ وإسارِ؟

 

أحرقتمُ بالنّارِ ظُلماً نجل مَنْ

قَدْ جاءَ يُنْذِرَكُمْ عذابَ النّارِ

 

وضربتمُ بعد الحريقِ رمادَهُ

وذريْتموهُ في الفراتِ الجاري

 

أسَفي عليه كم أواري دَائِماً

مِن كرْبِ أَنفاسٍ وَحُرِّ أُوارِ؟

 

صَلَّى وسلَّم ذُو الجلالِ عليه بَعْـ

ــدَ محمَّدٍ والعُتْرةِ الأطهار

;

21-42-2020

الشاعر: الحسن بن علي الهبل

لحيدرةَ الفضلُ دون الورى

على أقرب النّاسِ والأبعدِ

 

فَدِنْ بمحبته إنَّ مَنْ

يَدِنْ بمحبته يرشدِ

 

أخو المصطفى وخدينُ الهدى

وهادي البريّةِ والمهتدي

 

إذا ما دجت ظُلَمُ المشكلاتِ

جَلّى دُجى ليلها الأسودِ

 

ومهما يُنادَى لأُكرومَةٍ

فناهيك بالعَلَمِ المفردِ

 

وحسبُك من فضله أنّه

لغير المهيمن لم يَسجُدِ

 

وأنّ مَنِ المصطفى صنوهُ

لَفِي ذروةِ الشَّرفِ الأَتلدِ

 

أبِنْ ليَ مَن فَازَ دون الورى

بنصِّ الإِمامة منْ أحمدِ؟

 

حباهُ الإِمامةَ من بعدِه

وكانَا مِن النّاسِ في مشهدِ

 

ومَنْ ذا سواه يُرى قائماً

عَلَى الحوض يَسْقي الوَرى عن يَدِ؟

 

ومن ذا غدا حبُّه في الورى

دليلاً على شرفِ المولِدِ؟

 

ونفس الرَّسول بنصِّ الكتاب

وما النّفسُ كالصَّاحب الأبعدِ

 

ومن نام في مرقد المصطفى

وعَينُ أولي الغدر لم ترقد

 

وأهوى العُقابُ إلى نَعْلِه

لِيَدْفَعَ عنه أذى الأَسْودِ

 

وفي "الصوح" من شبّ نار الوغى

وقد أحجَمَ النّاس مِنْ عن يدِ

 

وَعَمْروٌ غداةَ دَعَا لِلّقا

"أتَيمٌ" لَهُ برزت؟ أم "عَدِي"؟

 

أبينوا لنا ويلكُم إنّني

أرى الحقّ أبلجَ لِلْمهتدي

 

حَسَدتمْ عليًّا على فضلِه

ومَنْ نالَ ما نَالَهُ يُحْسَدِ

 

وخالفتموه بأهوائكمْ

خِلافَ العبيدِ على السيِّدِ

 

وأنكرتمو مِنْ سَنَا فضلِه

ضياءً أَنَافَ على الفرقِدِ

 

ولا عارَ للشمس إن أنكرتْ

سَنا ضوئها مُقْلةُ الأرمدِ

 

فَهَلاَّ وقَدْ رُمْتمُو شأوَهُ

سَبقتم إلى غايةِ السُّؤددِ؟

 

وهَل جُنُبٌ مِنكمُ غيرهُ

أُحِلَّ لَهُ اللّبثُ في المسْجدِ؟

;

21-33-2020

الشاعر: الحسن بن علي الهبل

 

قَد آنَ أنْ تَلْوي العِنَانَ وتقْصرَا

أوَمَا كفاكَ الشّيبُ ويحك مُنْذِرا؟

 

كم ذا يُعيدُ لكَ الصِّبا مَرُّ الصَّبا

مَهْمَا سَرى والبَرقُ وَهْناً إن شَرَى؟

 

حَتّام لاَ ينفكُّ قلبُكَ دَائِماً

لِهوَى الغَوانِي مَوْرِداً أوْ مَصْدرَا؟

 

وإلامَ يَعْدلكَ المناصِحُ مُشْفِقاً

فتقول: دَعْني ليسَ إلاّ ما تَرى؟

 

وإلى مَتى تَزدادُ مِن مُقَلِ الظِّبا

وخدودِهنّ تَدَلُّهاً وتحيُّرا

 

ولَكْم تَذوبُ تَشَوّقاً وصَبَابةً

وتَظَلّ تُجْري من عيونِكَ أَنْهُرا؟

 

أضحَى حديثُ غديرِ دَمعِكَ شهرةً

يحكي "حَديثَ غدير خُمٍّ" في الورى

 

أكرمْ بهِ من مَنزلٍ في ظلِّه

نَصَبَ المهيمنُ للإمامةِ حَيْدَرا

 

نصَّ النبيُّ بِها إذاً عن أمرِه

في حَيدرٍ نصًّا جليًّا نيّرا

 

إذْ قام في لَفْح الهجيرة رافعاً

يدَه لأمْرٍ ما أقامَ وهجرا

 

صِنوُ النّبي محمدٍ ووصيُّه

وأبو سليليْهِ "شبير" و"شبّرا"

 

مَن ذا سواهُ مِنَ البريّة كلّها

زكّى بخاتمه ومَدَّ الخنْصُرا؟

 

مَنْ غيرهُ رُدّتْ لَه شمسُ الضّحَى

وكفاهُ فضلاً في الأَنامِ ومَفخرا؟

 

مَنْ قَامَ في ذَات الإِلَه مجَاهداً

ولِحَصْدِ أعداءِ الإِلَه مُشمِّرا؟

 

مَنْ نامَ فوقَ فراشِ "طه" غيرُه

مُزَّمِّلاً في برْدِهِ مُدَّثِّرا؟

 

مَنْ قطَّ في "بَدْرٍ" رؤوس حُماتِها

حَتّى علا بدرُ اليَقين وأسفرا؟

 

مَن قدَّ في أُحدٍ وُرودَ كُماتِها

إذ قَهْقَر الأسدُ الكميّ وأدبرا؟

 

مَنْ في حُنَينٍ كانَ ليثَ نِزالِها

والصِّيدُ قدْ رَجَعتْ هناكَ إلى الورى؟

 

مَنْ كانَ فاتحَ خيبرٍ إذ أدْبرتْ

عَنْها "الثلاثةُ" سَلْ بذلك خيبرا؟

 

مَن ذَا بِها المختار أعَطَاه اللّوا

هَلْ كان ذلك حيدراً أو حَبترا؟

 

أَفَهَلْ بَقى عُذرٌ لِمَنْ عَرفَ الهدى

ثُم انْثَنَى عَنْ نَهجهِ وتغيّرا؟

 

لاَ يُبعدِ الرَّحمن إلاّ عصبةٌ

ضلّتْ وأخطأتِ السَّبيل الأنورا

 

نبذُوا كتابَ الله خلْف ظهورِهم

لِيخالفُوا النَصَّ الجليَّ الأَظْهرا

 

واللهِ لو تركُوا الإِمامةَ حيثما

جُعِلَتْ لما فَرَعَتْ "أميّةُ" منْبَرا

 

بَلْ أهملُوا نَصَّ الإمامةِ وارتَدوا

حُلَلَ الإمامةِ نَخْوَةً وتَجَبُّرا

 

واحتَال في يوم الخَميس دلامُهم

في دفعِ تأكيدِ الوصيَّة واجتَرا!

 

إذْ قالَ مَهْلاً إنّمَا هُوَ هَاجِرٌ

حَاشَا لعقلِ محمَّدٍ أنْ يَهجُرَا

 

تَبًّا لكم أَكذَا يُقَالُ لأحمدٍ؟

حَاشَاهُ مِنْ ذَاك الكلام المُفتَرا

 

يا جاهلاً ما أحدَثُوا في الدّينِ سَلْ

يَومَ "السَّقيفَة" مَا الّذي فِيه جَرا؟

 

نَقَضُوا العُهُودَ وأخَّرُّوا مَنْ قَدَّم الـ

ـهَادِي النّبي وقَدَّمُوا مَن أخَّرا

 

سلبُوا الوصيّ مِنْ الإمامة ما بِه

ردَّاهُ خير المُرسَلينَ وأزَّرا

 

جعلوهُ رابعَهُم وكانَ مُقَدّماً

فيهمْ ومأموراً وكانَ مؤمّرا!

 

وتعَمَّدوا مِن غَصْب نِحْلةِ فَاطمٍ

وَسِهَامِها الموروث أمراً مُنكَرا

 

يا مَنْ يُريدُ الحقَّ أَنْصِتْ واسْتمِعْ

قولي وكُنْ أَبَداً لَهُ مُتَدَبِّرا

 

إِرْبَأ بِنَفْسِك أَنْ تَضِلَّ عَنِ الهدى

وتَظَلَّ في تِيهِ الْهوَى مُتَحيّرا

 

أَنَا نَاصحٌ لَكَ إنْ قَبِلتَ نَصِيحَتي

خَلِّ الضّلالَ وخُذْ بحجْزةِ حيدرا

 

مَنْ لَمْ يكُنْ يأْتي الصِّراطَ لَدَى القضا

بجوازِهِ مِنْ حَيْدَرٍ لَنْ يَعْبُرا

 

والَيتُهُ وبَرِئْتُ مِنْ أَعْدائِهِ

إذ لاَ ولاءَ يكونُ مِن دُون البرا

 

قُلْ لِلنَّواصِبِ: قَدْ مُنِيتُمْ مِن شَبَا

فِكْري بِمَشْحُوذِ الْجوانب أَبْتَرا

 

كَمْ ذا إلى أبناء أحمدَ لم يِزَلْ

ظُلماً يدبُّ ضريركُمْ دَبَّ الضَّرى؟

 

أنَا مَنْ أَبا لِيَ بغضَ آلِ محمّدٍ

مَجْدٌ أنافَ على مُنيفَاتِ الذُّرى!

 

غرسٌ نَما في المجدِ أورقَ غُصنُهُ

بِوِدادِ أبناءِ النبيِّ وأثمرا

 

شرفي العظيم ومفخري أنّي لَهُمْ

عبدٌ وحُقّ بِمثلِ ذا أَن أَفخرا

 

لَن يعتريني في اقتفاء طريقِهم

ريبٌ يصدُّ عن اليقينِ ولا امْتِرَى

 

هذي عقيدتيَ الّتي ألْقَى بِها

ربَّ الأَنام إذا أتيتُ المحشرا

 

إنّي رجوت رِضَى الإِله بحبّهمْ

وجعلتُه لي عندهم أقوى العُرى

 

يا أيّها الغادي المجدّ بجَسْرةٍ

يَطْوي السَّباسِبَ رَائِحاَ ومُبكّرَا

 

جُزْ بالغريّ مُسلّماً متَواضعاً

ولِحُرّ وجْهك في ثراهُ معفِّرا

 

حيثُ الإِمامةُ والوصايةُ والوزارةُ

والهُدى لا شكَّ فيه ولا مِرا

 

والْممْ بقبرٍ فيهِ سَيدة النّسا

بأبِي وأمِّي ما أبرَّ وأَطهرَا

 

قبِّلْ ثراها عَن مُحبٍّ قلبُهُ

ما انفك جاحمُ حُزنِه مُتسعِّرا

 

مُتَلهِّفٌ غضبانُ مِمّا نالَها

لا يَستطيعُ تجلّداً وتَصبّرا

 

ذَهبَتْ بِنحلتها البُغَاةُ وأظْهروا

سرًّا لَعَمْرِي كان قدماً مُضمَرا

 

وأفِضْ إلى نَجل النبيِّ محمَّدٍ

والسّبط مِنْ رَيحانَتَيْهِ الأكْبَرا!

 

مَن طلّق الدنيا ثلاثاً واغْتدى

للضرّةِ الأُخرى عليها مُؤْثرا

 

مُسْتَسْلِماً إذ خانَه أَصحابُهُ

وعراهُ من خُذلانِهم ما قد عرا

 

واستعجل الرجسُ ابنُ هندٍ موتَهُ

فسَقَاه كأساً لِلْمنيّةِ أعفرا

 

وقُلِ التحية مِنْ سميِّك مَن غدا

بكمُ يُرجَي ذنبَهُ أن يُغْفرا

 

وبكَرْبلا عَرّجْ فإنّ بِكَربلا

رِمَماً منعْنَ عيونَنا طَعْمَ الكَرى

 

حيث الّذي حَزنَتْ لمصرعِه السَّما

وبكَتْ لمقتلِه نجيعاً أحمرا

 

فإذا بلغتَ السُّؤلَ من هذا وذَا

وقضيْتَ حقّا لِلّزيارةِ أكبرا

 

عُجْ بالكُناسةِ باكياً لِمصارعٍ

غُرٍّ تذوب لها النفوس تَحَسُّرا

 

مَهما نسيتُ فلَسْتُ أنسى مَصْرعاً

لأبِي الحُسين الدَّهرَ حَتى أقبرا

 

ما زلتُ أسألُ كلّ غادٍ رائحٍ

عن قبره لم أَلْقَ عنهُ مُخَبِّرا

 

بأبِيْ وبِي بَلْ بالخلائِق كلِّها

مَنْ لاَ لَهُ قبرٌ يُزارُ ولا يُرَى

 

مَن لو يُوازَنُ فضلُه يوماً بفَضْلِ

الخلْقِ كانَ أتمَّ منهُ وأوفرا

 

مَنْ قامَ لِلرَّحمن ينصرُ دينَهُ

ويحوطُه من أن يُضامَ ويُقهرَا

 

مَن نابذَ الطَّاغي اللّعينَ وقادَها

لِقتالِه شُعْثَ النَّواصي ضمّرا

 

مَنْ باعَ من ربِّ البريّة نفسَهُ

يا نِعْمَ بائِعِها ونِعْمَ مَنِ اشترى

 

مَنْ قامَ شاهرَ سيفِه في عُصْبَةٍ

زيديّة يَقّفُو السَّبيلَ الأنورا

 

مَن لا يسامي كُلُّ فَضْلٍ فَضْلَهُ

مَن لا يُدانَى قَدْرُه أنْ يُقْدرا

 

مَن جاء في الأخْبارِ طيبُ ثنائِه

عن جدّه خيرِ الأَنام مُكرّرا

 

مَنْ قالَ فيهِ كقولِه في جدّه

أَعْني عَليًّا خيرَ مَنْ وطأَ الثرى

 

مِنْ أنَّ مَحضَ الحقّ معْهُ لم يكن

متقدّماً عنهُ ولا متأخِّرا

 

هو صفوةُ الله الَّذي نَعشَ الهدى

وحبيبُهُ بالنصِّ من خير الورى

 

ومُزَلْزلُ السَّبعِ الطّباق إذا دهَا

ومُزعزعُ الشُمِّ الشوامخِ إن قَرا

 

كلٌّ يقصِّرُ عن مَدَى ميدانِه

وهو المجلَّى في الكرامِ بلا مِرا

 

بِالله أَحلِفُ أنّه لأجَلُّ مَن

بعد الوصيِّ سِوَى شَبير وشبَّرا

 

قد فاق سادةَ بيتهِ بمكارمٍ

غرّاءَ جَلَّتْ أن تُعَدَّ وتُحصَرا

 

بسماحةٍ نَبَويّةٍ قَد أخْجَلَتْ

بِنوَالِها حتّى الغمامَ الممطِرا

 

وشجاعةٍ علويّةٍ قد أَخْرسَتْ

ليثَ الشّرى في غابهِ أنْ يَزأرا

 

ما زالَ مُذْ عَقَدَت يداه إزارَهُ

لم يَدْرِ كذْباً في المقال ولا افْتِرا

 

لَمَّا تكامَلَ فيه كلُّ فضيلةٍ

وسرَى بأفقِ المجدِ بدراً نَيّرا

 

ورأى الضَّلالَ وقد طغَى طوفانُهُ

والحقّ قد ولَّى هُنالكَ مُدْبرا

 

سلَّ السيوفَ البيضَ من عزماتِه

ليؤيّدَ الدينَ الحَنيفَ ويَنْصرا

 

وسرَى على نُجب الشهادة قاصداً

دَارَ البقا يا قرب ما حَمِدَ السُّرى

 

وغدا وقد عقَد اللّوا مُسْتَغْفِراً

تحتَ الّلِوا ومُهَلّلاً ومُكبّرا

 

للهِ يحمدُ حينَ أكملَ دينَه

وأَنَالَهُ الفضلَ الجزيلَ الأوفرا

 

يُؤلي أليَّةَ صادقٍ لو لَمْ يكنْ

لي غير "يحيى" ابْني نصيراً في الورى

 

لم أثنِ عزمي أو يعودُ بِي الهدى

لاَ أَمْتَ فيه أوْ أموت فَأُعذرا

 

ما سَرَّنِي أنِّي لقيتُ محمَّدا

لَمْ أُحْيِ مَعْروفاً وأنكر مُنكرا

 

فأتوا إليهِ بالصّواهِل شُزَّباً

وبيعْملات العيس تَنْفخ في البُرَى

 

وبكلّ أبيض باترٍ وبكلّ أزرق نـ

ـافدٍ وبكل لَدْنٍ أسمرا

 

فغدَتْ وراحتْ فيهمُ حَمَلاتُه

وسقاهُمُ كأسَ المنيّة أحمرا

 

حتّى لقد جَبُنَ المشجّعُ مِنهُم

وانْصَاعَ ليثهُم الهصور مُقَهْقِرا

 

سَهماً فشقّ بهِ الجبينَ الأزهرا

فهناكَ فوقَ كافِرٌ من بينهمْ

 

تركوه مُنْعَفِر الجبين وإنّما

تركوا به الدّين الحنيفَ معفّرا

 

عَجَباً لَهُمْ وهُمُ الثّعالبُ ذِلّةً

كيفَ اغتدى جَزْراً لهم أسَدُ الشّرى؟

 

صلبوه ظُلماً بالعراءِ مجرداً

عَنْ بُرْدِهِ وَحموه مِنْ أنْ يُسترا

 

حتّى إذا تركوه عرياناً علَى

جذعٍ عتوّاً منهمُ وتجبُّرا

 

نَسَجتْ عليهِ العنكبوتُ خوطَها

ضِنَّا بعَوْرته المصونةِ أن تُرى

 

ولِجَدِّه نسجَتْ قديماً إنّها

لَيَدٌ يحقّ لمثلِها أن تُشكرا

 

ونَعَتْهُ أطيارُ السماء بواكياً

لَمّا رأتْ أمراً فظيعاً مُنكرا

 

أكذَا حبِيبُ الله يا أهل الشقا

وحَبيبُ خير الرسْلِ يُنْبذُ بالعرا؟

 

يا قُربَ ما اقْتَصَّيتمُ منْ جدّه

وذكرتمُ بدراً عليه وخَيْبَرا!

 

أمَّا عليك "أبا الْحُسَينِ" فلَمْ يزلْ

حُزنِي جديدَ الثّوب حتّى أُقبرا

 

لم يَبْقَ لي بَعدَ التجلّد والأسى

إلاّ فنائي حسرةٌ وتفكُّرا

 

يا عُظم ما نالَتهُ مِنك مَعَاشِرٌ

سُحقاً لهم بين البرية معشرا

 

قادوا إليكَ المُضْمَرات كأنَّما

يغزون كِسْرى - وَيْلَهُمْ- أو قيصرَا

 

يَا لَوْ دَرَتْ مَنْ ذَا لَهُ قيدَتْ لَمَا

عَقَدَتْ سَنابكُها علَيْها عِثيرا

 

حتّى إذا جرَّعْتهم كأسَ الرَّدى

قتلاً وافْنَيتَ العديدَ الأكثرا

 

بَعَثَ الطّغاةُ إليكَ سهماً نَافذاً

مَن راشَه شُلَّت يَداهُ ومَن بَرى

 

يا لَيتني كنتُ الفِداءَ وإنَّهُ

لم يجرِ فيك من الأعادي ما جرى

 

باعوا بقتلِكَ دِينَهم تَبَّا لَهُمْ

يا صفقَةً في دِينهم ما أخْسَرا

 

نَصَبوك مَصْلوباً على الجذع الّذي

لَوْ كانَ يدْري مَنْ عليه تكَسَّرا

 

واسْتَنزلوكَ وأضرموا نيرانَهمْ

كيْ يُحرقوا الجسْمَ المصونَ الأَطْهَرا

 

فَرموكَ في النّيرانِ بُغْضاً مِنهمُ

لِمُحمَّدٍ وكراهةً أن تُقبَرا

 

ولَكَادَ يُخفيك الدُّجى لو لَمْ يَصِرْ

بجَبينِك الميمونِ صُبحاً مُسْفِرا

 

وَوَشَى بتُرْبتِكَ الّتي شَرُفَتْ شَذىً

لولاهُ ما علمَ العدوّ ولا درى

 

طيبٌ سَرَى لكَ زائراً مِن "طَيْبَةٍ"

ومن "الغَريّ" يخالُ مِسْكاً أَذْفرا

 

وذروا رمادَكَ في "الفرات" ضلالَةً

أتُرى دَرَى ذاري رمادكَ ما ذَرى؟

 

هَيهات؛ بل جَهلوا لطِيب أَريجهِ

أرمادَ جسمكَ ما ذَروْا أم عَنْبَرا؟

 

سَعُدَ الفراتُ بقرْبه فَلو انَّه

ملْحٌ أُجاجٌ عادَ عَذباً كوثرا

 

هذا جزاءُ أبيك أحمد مِنْهمُ

إذ قامَ فيهمْ مُنْذراً ومُبَشّرا

 

وجزاء نُصحِكَ حينَ قمتَ بأمِره

وسَرَيتَ بدراً في الظلام كما سَرَى

 

فاسْعَدْ لَدَى "رِضْوان" بالرِّضوانِ منْ

ربِّ السماءِ فما أَحقَّ وأَجْدرا

 

يهنيك قد جاورتَ جدّك أحمدا

وأنالكَ اللهُ الجزاءَ الأَوفَرا

 

أهوِنْ بِهذي الدَّارِ في جنْبِ الّتي

أَصْبحتَ فيها لِلنّعيمِ مُخيَّرا

 

لو كانَ للدُّنيا لَدى خَلاّقها

قَدْرٌ لَخوّلكَ النّصيبَ الأكثرا

 

بَلْ كنتَ عِندَ الله جلَّ جلالُهُ

مِن أن يُنيلكَها أجلّ وأخطرا

 

يا ليتَ شعري هل أكون مجاوراً

لكَ؟ أم تردَّنِيَ الذّنوبُ إلى الوَرا؟

 

أَأُذادُ عنكمْ في غدٍ؟ وأنا الّذي

لِي مِن وِدَادِكَ ذِمةٌ لَنْ تُخفَرا

 

قُلْ: ذا الفَتى حَضَر اللِّقا مَعنا وإنْ

أَبْطَا بِه عنَّا الزّمانُ وأخَّرا

 

يا خيرَ مَن بقيامِه ظَهَرَ الهُدى

في الأَرضِ وانهزَمَ الضَّلالُ وقَهْقرا

 

عُذراً إذا قَصرتْ لديكَ مدائحي

فيحقّ لِي - يا سيّدي- أن أعْذَرا

 

لم أجْرِ في مَدْحِيكَ طِرفَ عبارةٍ

إلاّ كبا مِن عَجزه وتَقَطّرا

 

أَتخالني لِمدَى جَلالِكَ بالغاً؟

اللهُ أكبرُ ما أجلَّ وأكبرا

 

ماذّا الّذي الْمعصومُ دونَكَ حازَه؟

إذْ لم تزلْ مِما يشينُ مطهَّرا

 

صلَّى عليكَ الله بعد محمدٍ

ما سارَ ذِكرُكَ مُنْجداً أو مُغْورا

 

والآل ما حَيّا الصَّبا زَهْرَ الرُّبَى

سَحراَ وعَطّرَ طيبُ ذِكرك منبرا

;

21-33-2020

الشاعر: الحسن بن علي الهبل

 

حَتّامَ عَنْ جَهْلٍ تَلُومُ

مَهْلاً فَإنَّ اللَّوم لُومُ

 

طَرْفي الَّذي يَشْكُو السُّهادَ

وقلْبيَ المضْنَى الْكَليمُ

 

إنَّ الشَّقا فيِ الحُبِّ عِنْدَ الـ

ـعَاشِقينَ هُوَ النعيمُ

 

مَا الحُبُّ إلاَّ مُقْلَةٌ

عَبْراءُ أو جِسْمٌ سَقيمُ

 

وبَلاَبلٌ بَينَ الجوانحِ

لا تَنَامُ ولا تُنيمُ

 

يا مَنْ أُكَتِّمُ حبَّه

واللهُ بي وبه عليمُ

 

ما لي وما لِلوائِمي

أَعَليكَ ذُو عَقْلٍ يلومُ؟

 

يا هَلْ تُراه يَعُودُ لِي

بكَ ذلكَ الزَّمن القديمُ؟

 

وهَنيُّ عَيْشٍ بالِلّوى

لَوْ أَنَّ عَيْشَ هنىً يَدُومُ

 

و"بِرَامةٍ" إذ نِلْتُ مِنْ

وَصْلِ الأحبّةِ مَا أَرومُ

 

يا حبّذا تِلكَ الرّبوعُ

وحبّذا تِلكَ الرسومُ

 

يا تَاركينَ بِمُهجتي

شرراً يذُوبُ لَه الجحيمُ

 

طَالَ المِطال ولم يهبَّ

لِصِدْقِ وعدِكمُ نَسيمُ

 

مَطْلُ الغَنيِّ غريمَهُ

حاشاكمُ خُلقٌ ذميمُ

 

أيَخافُ طُولَ المطْلِ مَنْ

أهْلُ الغَريِّ لَهُ غَريمُ؟!

 

بأبِي وبِيْ ذاكَ المحـ

ـلُّ ومَنْ بتُربَتِهِ مُقيمُ

 

يا ليتَ شعري هَلْ إلى

تلكَ المواطن لِي قدومُ؟

 

ومَتى أنالُ بِهنّ مِنْ

تَعْفير  خدّي ما أرومُ؟

 

ومَتَى أرَانِي خادِماً

بإزاءِ تُربتِه أقومُ؟

 

حيَّاك قبراً بالغَريّ

مِن الحيا هطلٌ سَجومُ

 

يا قبرُ فيك المرتضَى

والسيّدُ السَّندُ الكريمُ

 

فيكَ الوصيُّ أخو النّبي

المخْتَارِ والنَّبَأُ العظيمُ

 

فيكَ النَّجاةُ من الرَّدى

فيكَ الصِّراطُ المسْتَقيمُ

 

فيكَ المؤازرُ والمؤاخِي

والمواسي والحَميمُ

 

فيكَ الشَّجاعةُ والنَّدَى

والعِلْمُ والدّينُ القَويمُ

 

فِيكَ المكَارمُ والعُلاَ

والمجدُ والشرفُ الصميمُ

 

فيكَ الإِمامةُ والزَّعامـ

ـةُ والكرامة لا تَريمُ

 

فيكَ الذي يُشفى بتُربِ

نِعالِه الطَّرفُ السَّقيمُ

 

فيكَ الّذي لَو أنصفَتْ

لهَوتْ لِمَصْرعِهِ النّجومُ

 

فيكَ الّذي كانَتْ تُحـ

ـاذرُ بأسَهُ الصّيدُ القرومُ

 

فيكَ الّذي كانت تخفّ

لِهولِ موقفِهِ الحُلومُ

 

فيكَ الخصيمُ عَنِ المُهَيْـ

ـمنِ" يومَ تجتمعُ الخصومُ

 

لِمُحبِّهِ دارُ البَقا

ولِمَنْ يُعاديهِ الجحيمُ

 

مَنْ ذا سواهُ لِهَذه

وَلِتِلْكَ في الأُخرى قَسيمُ

 

عَجَباً لقومٍ أخَّرُوهُ

وقَدَّمُوا الِّرجْسَ اللئيمُ

 

صَرَفتهُ أرباب الشّقَا

عَمَّا حَبَاهُ بهِ العَليمُ

 

لَمْ تُرْعَ تِلكَ المكرماتُ

وذلك السَّبقُ القديمُ

 

خُذْها - أميرَ المؤمنين-

كما زَهَا الدرُّ النَّظيمُ

 

كالرَّوضِ باكرَه الحيا

وتَخطّرتْ فيهِ النّسيمُ

 

عَذراء لم يَفْتضَّها

أَهْل الحجازِ ولا تميمُ

 

مِن مُخْلِصٍ لكَ لم تُخالجـ

ـهُ الشّكوكُ ولا الوهومُ

 

واعْذِرْ فَكلَّ مُفَوَّهٍ

لَسِنٍ بحقّكَ لا يقومُ

 

مَنْ ذا يَفِي بعَظيم حَقِّـ

ـكَ؟ إنّهُ الحقُّ العَظيمُ

 

فأَجِزْهُ واقْبَلْ عُذرَهُ

فالعُذرُ يقْبَلُه الكريمُ

 

واشفعْ لَهُ إذْ لَيْسَ يَنْفَعُـ

ـهُ الصَّديقُ ولا الحميمُ

 

فَعَسَاه يَظْفَرُ مِنْ رِضى

رَبِّ الأَنام بِما يَرومُ

;

21-33-2020

الشاعر: الحسن بن علي الهبل

 

حيَّاك ؛ حيَّاك واكفُ الدِّيمِ

يا دار "سلمى" بسفح ذي "سلَمِ"

 

نداء صبٍّ لا يستجاب له

وغير مُجدٍ نداءُ ذا صممِ

 

أين الأُلى أقفروكَ وارتحلوا

وأوحشوا الرَّبع بعد أُنسهِمِ؟

 

كانوا وشملُ الوصال مُنتظمٌ

فاصبحوا وهو غير متنظمِ

 

أنأتهم عنك أنيقٌ رُسُمٌ

مالِي وما للأيانق الرُّسُمِ؟

 

سَرَت بمن لو بدت لبدرِ دُجىً

في تِمّهِ لاستجَنَّ في الظلمِ!

 

مريضة الجفن لحظُ مقلتها

يُحِلُّ صيدَ القلوب في الحرَمِ

 

كَتَمتُ منها خوف الوشاة هوىً

أصبح بالدمع غير منكتم

 

وجاهلٍ بي يلومني سَفَهاً

ولو درى ما أُجِنُّ لم يلمِ

 

أوقفني ما رآه مِن غزلي

ومن نسيبي مواقف التُّهمِ

 

أستغفر الله لم يكن أبداً

سلوك وادي الغرام من شيمي

 

وقد أقول النّسيبَ مفتتحاً

مدحاً وليس النَّسيب من هِمَمي

 

هيهات قلبي ما دام يصحبني

بغير آل النبيِّ لم يَهمِ

 

لا كنتُ لا كنتُ إن جرى أبداً

بمدح قومٍ سواهمُ قلمي

 

إن قلتُ مدحاً ففيهمُ وإذا

أقسمتُ يوماً فإنَّهمْ قسمي

 

حسبهمُ أن يكون فضلَهمُ

في الناس فضلُ الشِّفا على الألَمِ

 

قد عدَل الله في بريته

والله في العدْل غير مُتَّهمِ

 

إذ خصَّ خيرَ الورى وعترتَه

من كلِّ فضلٍ بأوفر القِسَمِ

 

لو قُلتُ ما قُلتُ فيهمُ قَصُرَتْ

عن عُشْرِ معشار فضلِهمْ كَلِمي

 

وحقَّهم ما أبرَّهُ قَسَماً

وما أُحيلا وحقَّهم بفمي

 

لا حُلت عن ودِّهم ولو تَلِفَتْ

روحيَ في ذاك أو أريق دمي

 

حبهمُ شيمتي ومعتقدي

ومذهبي في الورى ومُلتزمي

 

وهو جوازي على الصِّراط إذا

زلَّتْ بما قد جَنيتُهُ قَدمي

 

لا يُبْعدُ الُله غيرَ زِعْنفةٍ

من كل رجسٍ عن الرَّشاد عَمِي

 

قد كتموا مِن سَنَا فضائلهم

ما لم يكن نوره بمنكتمِ

 

وأسَّسُوا ظُلمهم فكم هُتكت

من حُرَمٍ للنّبيِّ في الحَرَمِ

 

واستوجبوا من عِقَابِ خالقِهم

ما أُوعدوا في قطيعة الرَّحِمِ

 

وحلَّلوا عقد عهدِ أفضلَ من

وصّى بحفظِ العُهود والذِّممِ

 

وزحزحوا مَنْصب الإِمامةِ عن

مَعْدنِ فصلِ الخطاب والحِكمِ

 

وقدموا ضلَّةً "ثلاثتَهم"

من غير سبق لهم ولا قدمِ

 

أكان من لم يسجُد إلى صنمٍ

أولى بميراث سيد الأمم؟

 

أم الذي ما انحنى لخالقه

حتى انحنى في السجود للصنمِ؟

 

أفٍّ لها إمرةً مضت عجلاً

دامت مرارتها ولم تَدُمِ

 

ذاك متاعُ الغرورِ حينَ مضى

مضى بلا توبةٍ ولا نَدمِ

 

وعارضٌ أقْشَعَت سحابتُهُ

كأنما أبصروه في الحُلُمِ

 

نفسي فداء الغريّ إنّ به

خير إمامٍ مشى على قدم

 

نفسي فداءُ الغَريّ إنّ به

من لا يُسامَى في القَدْر والعِظَمِ

 

 

نفسي فداء الغريّ إنَّ به

جلاءَ هَمّي والبرءُ من سقمِي

 

نفسي فداء الغريّ مِنْ بَلدٍ

ما ضَمَّ من سُؤددٍ ومن كرمِ

 

نفسي فدى من ثوى به فلقد

ثوت به المكرمات عن أَمَمِ

 

يا تربةً قد حوت له رِمَماً

بُوركِتِ من تربةٍ ومن رَممِ

 

ليس سوى "طيبة" تفوقكِ في الفـ

ـضل فتيهي ما شِئتِ واحتكمي

 

ففيكِ كشّافُ كل نازِلةٍ

عن البرايا وفارجُ الغُمَم

 

ومن إذا الحرب أَضْرَمت لهباً

لم يتأخر عنها ولم يخِمِ

 

قطب رحاها إذا الكُماة بها

بينَ قتيلٍ وبين مُنهزمِ

 

من نام في مرقد النبيّ دُجى

وأَعْيُن المشركين لم تَنَمِ

 

فَدَاهُ بالنَّفس لم يخفْ أبداً

ما دبَّروا مِن عَظيم كيدِهمِ

 

يا سيد الأوصياء دعوةَ مَنْ

إن هَامَ شوقاً إليكَ لم يُلَمِ

 

أنت ملاذي في كل نائبةٍ

أنت عياذي وأنت مُعْتَصَمي

 

بك استقام الهدى وقام ولو

لا أنت لم يستقمْ ولم يَقُمِ

 

وسابِق العالمين أنت إلى

كلّ محلٍ في الفضل لم يُرَمِ

 

ونفس خيرِ الأنامِ أنتَ فَمَنْ

مِثلكَ في العالمين كلّهم؟

 

كم رُتبةٍ في الفخار سَاميةٍ

بَلغتَها قبل مَبْلغِ الحُلمِ

 

فكيف يخفى ما فيك من كرمٍ

ومِن خلالٍ غرٍّ ومِن شيم؟

 

وكيف أُخِّرْتَ عن زعانفة

وجودهم في الفخار كالعدمِ؟

 

وخالفوا النص فيك وهو سنىً

كالبدر يجلو حنادس الظلمِ

 

وستروا مِن عُلاك ما عَلِمُوا

وهي لعمرْي نارٌ على عَلَمِ

 

راموا انتقاماً بالثار مِنكَ كما

قَتَلْتَ منهم في الله كُلَّ كمِي

 

فَحينَ لا ناصرٌ لجأتَ إلى

خير عزيزٍ وخيرِ منتقمِ

 

سَيُنْصِفُ اللهُ مِنْ عِداك ومَا

أعْدَل ربِّ العِبادِ مِنْ حَكمِ

;