الشاعر: الحسن بن علي الهبل
حيَّاك ؛ حيَّاك واكفُ الدِّيمِ
يا دار "سلمى" بسفح ذي "سلَمِ"
نداء صبٍّ لا يستجاب له
وغير مُجدٍ نداءُ ذا صممِ
أين الأُلى أقفروكَ وارتحلوا
وأوحشوا الرَّبع بعد أُنسهِمِ؟
كانوا وشملُ الوصال مُنتظمٌ
فاصبحوا وهو غير متنظمِ
أنأتهم عنك أنيقٌ رُسُمٌ
مالِي وما للأيانق الرُّسُمِ؟
سَرَت بمن لو بدت لبدرِ دُجىً
في تِمّهِ لاستجَنَّ في الظلمِ!
مريضة الجفن لحظُ مقلتها
يُحِلُّ صيدَ القلوب في الحرَمِ
كَتَمتُ منها خوف الوشاة هوىً
أصبح بالدمع غير منكتم
وجاهلٍ بي يلومني سَفَهاً
ولو درى ما أُجِنُّ لم يلمِ
أوقفني ما رآه مِن غزلي
ومن نسيبي مواقف التُّهمِ
أستغفر الله لم يكن أبداً
سلوك وادي الغرام من شيمي
وقد أقول النّسيبَ مفتتحاً
مدحاً وليس النَّسيب من هِمَمي
هيهات قلبي ما دام يصحبني
بغير آل النبيِّ لم يَهمِ
لا كنتُ لا كنتُ إن جرى أبداً
بمدح قومٍ سواهمُ قلمي
إن قلتُ مدحاً ففيهمُ وإذا
أقسمتُ يوماً فإنَّهمْ قسمي
حسبهمُ أن يكون فضلَهمُ
في الناس فضلُ الشِّفا على الألَمِ
قد عدَل الله في بريته
والله في العدْل غير مُتَّهمِ
إذ خصَّ خيرَ الورى وعترتَه
من كلِّ فضلٍ بأوفر القِسَمِ
لو قُلتُ ما قُلتُ فيهمُ قَصُرَتْ
عن عُشْرِ معشار فضلِهمْ كَلِمي
وحقَّهم ما أبرَّهُ قَسَماً
وما أُحيلا وحقَّهم بفمي
لا حُلت عن ودِّهم ولو تَلِفَتْ
روحيَ في ذاك أو أريق دمي
حبهمُ شيمتي ومعتقدي
ومذهبي في الورى ومُلتزمي
وهو جوازي على الصِّراط إذا
زلَّتْ بما قد جَنيتُهُ قَدمي
لا يُبْعدُ الُله غيرَ زِعْنفةٍ
من كل رجسٍ عن الرَّشاد عَمِي
قد كتموا مِن سَنَا فضائلهم
ما لم يكن نوره بمنكتمِ
وأسَّسُوا ظُلمهم فكم هُتكت
من حُرَمٍ للنّبيِّ في الحَرَمِ
واستوجبوا من عِقَابِ خالقِهم
ما أُوعدوا في قطيعة الرَّحِمِ
وحلَّلوا عقد عهدِ أفضلَ من
وصّى بحفظِ العُهود والذِّممِ
وزحزحوا مَنْصب الإِمامةِ عن
مَعْدنِ فصلِ الخطاب والحِكمِ
وقدموا ضلَّةً "ثلاثتَهم"
من غير سبق لهم ولا قدمِ
أكان من لم يسجُد إلى صنمٍ
أولى بميراث سيد الأمم؟
أم الذي ما انحنى لخالقه
حتى انحنى في السجود للصنمِ؟
أفٍّ لها إمرةً مضت عجلاً
دامت مرارتها ولم تَدُمِ
ذاك متاعُ الغرورِ حينَ مضى
مضى بلا توبةٍ ولا نَدمِ
وعارضٌ أقْشَعَت سحابتُهُ
كأنما أبصروه في الحُلُمِ
نفسي فداء الغريّ إنّ به
خير إمامٍ مشى على قدم
نفسي فداءُ الغَريّ إنّ به
من لا يُسامَى في القَدْر والعِظَمِ
نفسي فداء الغريّ إنَّ به
جلاءَ هَمّي والبرءُ من سقمِي
نفسي فداء الغريّ مِنْ بَلدٍ
ما ضَمَّ من سُؤددٍ ومن كرمِ
نفسي فدى من ثوى به فلقد
ثوت به المكرمات عن أَمَمِ
يا تربةً قد حوت له رِمَماً
بُوركِتِ من تربةٍ ومن رَممِ
ليس سوى "طيبة" تفوقكِ في الفـ
ـضل فتيهي ما شِئتِ واحتكمي
ففيكِ كشّافُ كل نازِلةٍ
عن البرايا وفارجُ الغُمَم
ومن إذا الحرب أَضْرَمت لهباً
لم يتأخر عنها ولم يخِمِ
قطب رحاها إذا الكُماة بها
بينَ قتيلٍ وبين مُنهزمِ
من نام في مرقد النبيّ دُجى
وأَعْيُن المشركين لم تَنَمِ
فَدَاهُ بالنَّفس لم يخفْ أبداً
ما دبَّروا مِن عَظيم كيدِهمِ
يا سيد الأوصياء دعوةَ مَنْ
إن هَامَ شوقاً إليكَ لم يُلَمِ
أنت ملاذي في كل نائبةٍ
أنت عياذي وأنت مُعْتَصَمي
بك استقام الهدى وقام ولو
لا أنت لم يستقمْ ولم يَقُمِ
وسابِق العالمين أنت إلى
كلّ محلٍ في الفضل لم يُرَمِ
ونفس خيرِ الأنامِ أنتَ فَمَنْ
مِثلكَ في العالمين كلّهم؟
كم رُتبةٍ في الفخار سَاميةٍ
بَلغتَها قبل مَبْلغِ الحُلمِ
فكيف يخفى ما فيك من كرمٍ
ومِن خلالٍ غرٍّ ومِن شيم؟
وكيف أُخِّرْتَ عن زعانفة
وجودهم في الفخار كالعدمِ؟
وخالفوا النص فيك وهو سنىً
كالبدر يجلو حنادس الظلمِ
وستروا مِن عُلاك ما عَلِمُوا
وهي لعمرْي نارٌ على عَلَمِ
راموا انتقاماً بالثار مِنكَ كما
قَتَلْتَ منهم في الله كُلَّ كمِي
فَحينَ لا ناصرٌ لجأتَ إلى
خير عزيزٍ وخيرِ منتقمِ
سَيُنْصِفُ اللهُ مِنْ عِداك ومَا
أعْدَل ربِّ العِبادِ مِنْ حَكمِ