الشاعر: الحسن بن علي الهبل
قَد آنَ أنْ تَلْوي العِنَانَ وتقْصرَا
أوَمَا كفاكَ الشّيبُ ويحك مُنْذِرا؟
كم ذا يُعيدُ لكَ الصِّبا مَرُّ الصَّبا
مَهْمَا سَرى والبَرقُ وَهْناً إن شَرَى؟
حَتّام لاَ ينفكُّ قلبُكَ دَائِماً
لِهوَى الغَوانِي مَوْرِداً أوْ مَصْدرَا؟
وإلامَ يَعْدلكَ المناصِحُ مُشْفِقاً
فتقول: دَعْني ليسَ إلاّ ما تَرى؟
وإلى مَتى تَزدادُ مِن مُقَلِ الظِّبا
وخدودِهنّ تَدَلُّهاً وتحيُّرا
ولَكْم تَذوبُ تَشَوّقاً وصَبَابةً
وتَظَلّ تُجْري من عيونِكَ أَنْهُرا؟
أضحَى حديثُ غديرِ دَمعِكَ شهرةً
يحكي "حَديثَ غدير خُمٍّ" في الورى
أكرمْ بهِ من مَنزلٍ في ظلِّه
نَصَبَ المهيمنُ للإمامةِ حَيْدَرا
نصَّ النبيُّ بِها إذاً عن أمرِه
في حَيدرٍ نصًّا جليًّا نيّرا
إذْ قام في لَفْح الهجيرة رافعاً
يدَه لأمْرٍ ما أقامَ وهجرا
صِنوُ النّبي محمدٍ ووصيُّه
وأبو سليليْهِ "شبير" و"شبّرا"
مَن ذا سواهُ مِنَ البريّة كلّها
زكّى بخاتمه ومَدَّ الخنْصُرا؟
مَنْ غيرهُ رُدّتْ لَه شمسُ الضّحَى
وكفاهُ فضلاً في الأَنامِ ومَفخرا؟
مَنْ قَامَ في ذَات الإِلَه مجَاهداً
ولِحَصْدِ أعداءِ الإِلَه مُشمِّرا؟
مَنْ نامَ فوقَ فراشِ "طه" غيرُه
مُزَّمِّلاً في برْدِهِ مُدَّثِّرا؟
مَنْ قطَّ في "بَدْرٍ" رؤوس حُماتِها
حَتّى علا بدرُ اليَقين وأسفرا؟
مَن قدَّ في أُحدٍ وُرودَ كُماتِها
إذ قَهْقَر الأسدُ الكميّ وأدبرا؟
مَنْ في حُنَينٍ كانَ ليثَ نِزالِها
والصِّيدُ قدْ رَجَعتْ هناكَ إلى الورى؟
مَنْ كانَ فاتحَ خيبرٍ إذ أدْبرتْ
عَنْها "الثلاثةُ" سَلْ بذلك خيبرا؟
مَن ذَا بِها المختار أعَطَاه اللّوا
هَلْ كان ذلك حيدراً أو حَبترا؟
أَفَهَلْ بَقى عُذرٌ لِمَنْ عَرفَ الهدى
ثُم انْثَنَى عَنْ نَهجهِ وتغيّرا؟
لاَ يُبعدِ الرَّحمن إلاّ عصبةٌ
ضلّتْ وأخطأتِ السَّبيل الأنورا
نبذُوا كتابَ الله خلْف ظهورِهم
لِيخالفُوا النَصَّ الجليَّ الأَظْهرا
واللهِ لو تركُوا الإِمامةَ حيثما
جُعِلَتْ لما فَرَعَتْ "أميّةُ" منْبَرا
بَلْ أهملُوا نَصَّ الإمامةِ وارتَدوا
حُلَلَ الإمامةِ نَخْوَةً وتَجَبُّرا
واحتَال في يوم الخَميس دلامُهم
في دفعِ تأكيدِ الوصيَّة واجتَرا!
إذْ قالَ مَهْلاً إنّمَا هُوَ هَاجِرٌ
حَاشَا لعقلِ محمَّدٍ أنْ يَهجُرَا
تَبًّا لكم أَكذَا يُقَالُ لأحمدٍ؟
حَاشَاهُ مِنْ ذَاك الكلام المُفتَرا
يا جاهلاً ما أحدَثُوا في الدّينِ سَلْ
يَومَ "السَّقيفَة" مَا الّذي فِيه جَرا؟
نَقَضُوا العُهُودَ وأخَّرُّوا مَنْ قَدَّم الـ
ـهَادِي النّبي وقَدَّمُوا مَن أخَّرا
سلبُوا الوصيّ مِنْ الإمامة ما بِه
ردَّاهُ خير المُرسَلينَ وأزَّرا
جعلوهُ رابعَهُم وكانَ مُقَدّماً
فيهمْ ومأموراً وكانَ مؤمّرا!
وتعَمَّدوا مِن غَصْب نِحْلةِ فَاطمٍ
وَسِهَامِها الموروث أمراً مُنكَرا
يا مَنْ يُريدُ الحقَّ أَنْصِتْ واسْتمِعْ
قولي وكُنْ أَبَداً لَهُ مُتَدَبِّرا
إِرْبَأ بِنَفْسِك أَنْ تَضِلَّ عَنِ الهدى
وتَظَلَّ في تِيهِ الْهوَى مُتَحيّرا
أَنَا نَاصحٌ لَكَ إنْ قَبِلتَ نَصِيحَتي
خَلِّ الضّلالَ وخُذْ بحجْزةِ حيدرا
مَنْ لَمْ يكُنْ يأْتي الصِّراطَ لَدَى القضا
بجوازِهِ مِنْ حَيْدَرٍ لَنْ يَعْبُرا
والَيتُهُ وبَرِئْتُ مِنْ أَعْدائِهِ
إذ لاَ ولاءَ يكونُ مِن دُون البرا
قُلْ لِلنَّواصِبِ: قَدْ مُنِيتُمْ مِن شَبَا
فِكْري بِمَشْحُوذِ الْجوانب أَبْتَرا
كَمْ ذا إلى أبناء أحمدَ لم يِزَلْ
ظُلماً يدبُّ ضريركُمْ دَبَّ الضَّرى؟
أنَا مَنْ أَبا لِيَ بغضَ آلِ محمّدٍ
مَجْدٌ أنافَ على مُنيفَاتِ الذُّرى!
غرسٌ نَما في المجدِ أورقَ غُصنُهُ
بِوِدادِ أبناءِ النبيِّ وأثمرا
شرفي العظيم ومفخري أنّي لَهُمْ
عبدٌ وحُقّ بِمثلِ ذا أَن أَفخرا
لَن يعتريني في اقتفاء طريقِهم
ريبٌ يصدُّ عن اليقينِ ولا امْتِرَى
هذي عقيدتيَ الّتي ألْقَى بِها
ربَّ الأَنام إذا أتيتُ المحشرا
إنّي رجوت رِضَى الإِله بحبّهمْ
وجعلتُه لي عندهم أقوى العُرى
يا أيّها الغادي المجدّ بجَسْرةٍ
يَطْوي السَّباسِبَ رَائِحاَ ومُبكّرَا
جُزْ بالغريّ مُسلّماً متَواضعاً
ولِحُرّ وجْهك في ثراهُ معفِّرا
حيثُ الإِمامةُ والوصايةُ والوزارةُ
والهُدى لا شكَّ فيه ولا مِرا
والْممْ بقبرٍ فيهِ سَيدة النّسا
بأبِي وأمِّي ما أبرَّ وأَطهرَا
قبِّلْ ثراها عَن مُحبٍّ قلبُهُ
ما انفك جاحمُ حُزنِه مُتسعِّرا
مُتَلهِّفٌ غضبانُ مِمّا نالَها
لا يَستطيعُ تجلّداً وتَصبّرا
ذَهبَتْ بِنحلتها البُغَاةُ وأظْهروا
سرًّا لَعَمْرِي كان قدماً مُضمَرا
وأفِضْ إلى نَجل النبيِّ محمَّدٍ
والسّبط مِنْ رَيحانَتَيْهِ الأكْبَرا!
مَن طلّق الدنيا ثلاثاً واغْتدى
للضرّةِ الأُخرى عليها مُؤْثرا
مُسْتَسْلِماً إذ خانَه أَصحابُهُ
وعراهُ من خُذلانِهم ما قد عرا
واستعجل الرجسُ ابنُ هندٍ موتَهُ
فسَقَاه كأساً لِلْمنيّةِ أعفرا
وقُلِ التحية مِنْ سميِّك مَن غدا
بكمُ يُرجَي ذنبَهُ أن يُغْفرا
وبكَرْبلا عَرّجْ فإنّ بِكَربلا
رِمَماً منعْنَ عيونَنا طَعْمَ الكَرى
حيث الّذي حَزنَتْ لمصرعِه السَّما
وبكَتْ لمقتلِه نجيعاً أحمرا
فإذا بلغتَ السُّؤلَ من هذا وذَا
وقضيْتَ حقّا لِلّزيارةِ أكبرا
عُجْ بالكُناسةِ باكياً لِمصارعٍ
غُرٍّ تذوب لها النفوس تَحَسُّرا
مَهما نسيتُ فلَسْتُ أنسى مَصْرعاً
لأبِي الحُسين الدَّهرَ حَتى أقبرا
ما زلتُ أسألُ كلّ غادٍ رائحٍ
عن قبره لم أَلْقَ عنهُ مُخَبِّرا
بأبِيْ وبِي بَلْ بالخلائِق كلِّها
مَنْ لاَ لَهُ قبرٌ يُزارُ ولا يُرَى
مَن لو يُوازَنُ فضلُه يوماً بفَضْلِ
الخلْقِ كانَ أتمَّ منهُ وأوفرا
مَنْ قامَ لِلرَّحمن ينصرُ دينَهُ
ويحوطُه من أن يُضامَ ويُقهرَا
مَن نابذَ الطَّاغي اللّعينَ وقادَها
لِقتالِه شُعْثَ النَّواصي ضمّرا
مَنْ باعَ من ربِّ البريّة نفسَهُ
يا نِعْمَ بائِعِها ونِعْمَ مَنِ اشترى
مَنْ قامَ شاهرَ سيفِه في عُصْبَةٍ
زيديّة يَقّفُو السَّبيلَ الأنورا
مَن لا يسامي كُلُّ فَضْلٍ فَضْلَهُ
مَن لا يُدانَى قَدْرُه أنْ يُقْدرا
مَن جاء في الأخْبارِ طيبُ ثنائِه
عن جدّه خيرِ الأَنام مُكرّرا
مَنْ قالَ فيهِ كقولِه في جدّه
أَعْني عَليًّا خيرَ مَنْ وطأَ الثرى
مِنْ أنَّ مَحضَ الحقّ معْهُ لم يكن
متقدّماً عنهُ ولا متأخِّرا
هو صفوةُ الله الَّذي نَعشَ الهدى
وحبيبُهُ بالنصِّ من خير الورى
ومُزَلْزلُ السَّبعِ الطّباق إذا دهَا
ومُزعزعُ الشُمِّ الشوامخِ إن قَرا
كلٌّ يقصِّرُ عن مَدَى ميدانِه
وهو المجلَّى في الكرامِ بلا مِرا
بِالله أَحلِفُ أنّه لأجَلُّ مَن
بعد الوصيِّ سِوَى شَبير وشبَّرا
قد فاق سادةَ بيتهِ بمكارمٍ
غرّاءَ جَلَّتْ أن تُعَدَّ وتُحصَرا
بسماحةٍ نَبَويّةٍ قَد أخْجَلَتْ
بِنوَالِها حتّى الغمامَ الممطِرا
وشجاعةٍ علويّةٍ قد أَخْرسَتْ
ليثَ الشّرى في غابهِ أنْ يَزأرا
ما زالَ مُذْ عَقَدَت يداه إزارَهُ
لم يَدْرِ كذْباً في المقال ولا افْتِرا
لَمَّا تكامَلَ فيه كلُّ فضيلةٍ
وسرَى بأفقِ المجدِ بدراً نَيّرا
ورأى الضَّلالَ وقد طغَى طوفانُهُ
والحقّ قد ولَّى هُنالكَ مُدْبرا
سلَّ السيوفَ البيضَ من عزماتِه
ليؤيّدَ الدينَ الحَنيفَ ويَنْصرا
وسرَى على نُجب الشهادة قاصداً
دَارَ البقا يا قرب ما حَمِدَ السُّرى
وغدا وقد عقَد اللّوا مُسْتَغْفِراً
تحتَ الّلِوا ومُهَلّلاً ومُكبّرا
للهِ يحمدُ حينَ أكملَ دينَه
وأَنَالَهُ الفضلَ الجزيلَ الأوفرا
يُؤلي أليَّةَ صادقٍ لو لَمْ يكنْ
لي غير "يحيى" ابْني نصيراً في الورى
لم أثنِ عزمي أو يعودُ بِي الهدى
لاَ أَمْتَ فيه أوْ أموت فَأُعذرا
ما سَرَّنِي أنِّي لقيتُ محمَّدا
لَمْ أُحْيِ مَعْروفاً وأنكر مُنكرا
فأتوا إليهِ بالصّواهِل شُزَّباً
وبيعْملات العيس تَنْفخ في البُرَى
وبكلّ أبيض باترٍ وبكلّ أزرق نـ
ـافدٍ وبكل لَدْنٍ أسمرا
فغدَتْ وراحتْ فيهمُ حَمَلاتُه
وسقاهُمُ كأسَ المنيّة أحمرا
حتّى لقد جَبُنَ المشجّعُ مِنهُم
وانْصَاعَ ليثهُم الهصور مُقَهْقِرا
سَهماً فشقّ بهِ الجبينَ الأزهرا
فهناكَ فوقَ كافِرٌ من بينهمْ
تركوه مُنْعَفِر الجبين وإنّما
تركوا به الدّين الحنيفَ معفّرا
عَجَباً لَهُمْ وهُمُ الثّعالبُ ذِلّةً
كيفَ اغتدى جَزْراً لهم أسَدُ الشّرى؟
صلبوه ظُلماً بالعراءِ مجرداً
عَنْ بُرْدِهِ وَحموه مِنْ أنْ يُسترا
حتّى إذا تركوه عرياناً علَى
جذعٍ عتوّاً منهمُ وتجبُّرا
نَسَجتْ عليهِ العنكبوتُ خوطَها
ضِنَّا بعَوْرته المصونةِ أن تُرى
ولِجَدِّه نسجَتْ قديماً إنّها
لَيَدٌ يحقّ لمثلِها أن تُشكرا
ونَعَتْهُ أطيارُ السماء بواكياً
لَمّا رأتْ أمراً فظيعاً مُنكرا
أكذَا حبِيبُ الله يا أهل الشقا
وحَبيبُ خير الرسْلِ يُنْبذُ بالعرا؟
يا قُربَ ما اقْتَصَّيتمُ منْ جدّه
وذكرتمُ بدراً عليه وخَيْبَرا!
أمَّا عليك "أبا الْحُسَينِ" فلَمْ يزلْ
حُزنِي جديدَ الثّوب حتّى أُقبرا
لم يَبْقَ لي بَعدَ التجلّد والأسى
إلاّ فنائي حسرةٌ وتفكُّرا
يا عُظم ما نالَتهُ مِنك مَعَاشِرٌ
سُحقاً لهم بين البرية معشرا
قادوا إليكَ المُضْمَرات كأنَّما
يغزون كِسْرى - وَيْلَهُمْ- أو قيصرَا
يَا لَوْ دَرَتْ مَنْ ذَا لَهُ قيدَتْ لَمَا
عَقَدَتْ سَنابكُها علَيْها عِثيرا
حتّى إذا جرَّعْتهم كأسَ الرَّدى
قتلاً وافْنَيتَ العديدَ الأكثرا
بَعَثَ الطّغاةُ إليكَ سهماً نَافذاً
مَن راشَه شُلَّت يَداهُ ومَن بَرى
يا لَيتني كنتُ الفِداءَ وإنَّهُ
لم يجرِ فيك من الأعادي ما جرى
باعوا بقتلِكَ دِينَهم تَبَّا لَهُمْ
يا صفقَةً في دِينهم ما أخْسَرا
نَصَبوك مَصْلوباً على الجذع الّذي
لَوْ كانَ يدْري مَنْ عليه تكَسَّرا
واسْتَنزلوكَ وأضرموا نيرانَهمْ
كيْ يُحرقوا الجسْمَ المصونَ الأَطْهَرا
فَرموكَ في النّيرانِ بُغْضاً مِنهمُ
لِمُحمَّدٍ وكراهةً أن تُقبَرا
ولَكَادَ يُخفيك الدُّجى لو لَمْ يَصِرْ
بجَبينِك الميمونِ صُبحاً مُسْفِرا
وَوَشَى بتُرْبتِكَ الّتي شَرُفَتْ شَذىً
لولاهُ ما علمَ العدوّ ولا درى
طيبٌ سَرَى لكَ زائراً مِن "طَيْبَةٍ"
ومن "الغَريّ" يخالُ مِسْكاً أَذْفرا
وذروا رمادَكَ في "الفرات" ضلالَةً
أتُرى دَرَى ذاري رمادكَ ما ذَرى؟
هَيهات؛ بل جَهلوا لطِيب أَريجهِ
أرمادَ جسمكَ ما ذَروْا أم عَنْبَرا؟
سَعُدَ الفراتُ بقرْبه فَلو انَّه
ملْحٌ أُجاجٌ عادَ عَذباً كوثرا
هذا جزاءُ أبيك أحمد مِنْهمُ
إذ قامَ فيهمْ مُنْذراً ومُبَشّرا
وجزاء نُصحِكَ حينَ قمتَ بأمِره
وسَرَيتَ بدراً في الظلام كما سَرَى
فاسْعَدْ لَدَى "رِضْوان" بالرِّضوانِ منْ
ربِّ السماءِ فما أَحقَّ وأَجْدرا
يهنيك قد جاورتَ جدّك أحمدا
وأنالكَ اللهُ الجزاءَ الأَوفَرا
أهوِنْ بِهذي الدَّارِ في جنْبِ الّتي
أَصْبحتَ فيها لِلنّعيمِ مُخيَّرا
لو كانَ للدُّنيا لَدى خَلاّقها
قَدْرٌ لَخوّلكَ النّصيبَ الأكثرا
بَلْ كنتَ عِندَ الله جلَّ جلالُهُ
مِن أن يُنيلكَها أجلّ وأخطرا
يا ليتَ شعري هل أكون مجاوراً
لكَ؟ أم تردَّنِيَ الذّنوبُ إلى الوَرا؟
أَأُذادُ عنكمْ في غدٍ؟ وأنا الّذي
لِي مِن وِدَادِكَ ذِمةٌ لَنْ تُخفَرا
قُلْ: ذا الفَتى حَضَر اللِّقا مَعنا وإنْ
أَبْطَا بِه عنَّا الزّمانُ وأخَّرا
يا خيرَ مَن بقيامِه ظَهَرَ الهُدى
في الأَرضِ وانهزَمَ الضَّلالُ وقَهْقرا
عُذراً إذا قَصرتْ لديكَ مدائحي
فيحقّ لِي - يا سيّدي- أن أعْذَرا
لم أجْرِ في مَدْحِيكَ طِرفَ عبارةٍ
إلاّ كبا مِن عَجزه وتَقَطّرا
أَتخالني لِمدَى جَلالِكَ بالغاً؟
اللهُ أكبرُ ما أجلَّ وأكبرا
ماذّا الّذي الْمعصومُ دونَكَ حازَه؟
إذْ لم تزلْ مِما يشينُ مطهَّرا
صلَّى عليكَ الله بعد محمدٍ
ما سارَ ذِكرُكَ مُنْجداً أو مُغْورا
والآل ما حَيّا الصَّبا زَهْرَ الرُّبَى
سَحراَ وعَطّرَ طيبُ ذِكرك منبرا