الشاعر: الحسن بن علي الهبل
الآنَ باحَ بِمُضْمَرِ الأَسْرارِ
إذ أزمَعَ السَّفرَ الفريقُ السَّاري
صبٌّ يُعلِّلُ بالقرارِ فؤادَهُ
يومَ الفراقِ ولات حينَ قرارِ
وَلْهَانُ هانَ عليهِ بيعُ رُقَادِه
لِخفوقِ برقٍ بالأُبَيْرقِ شاري
ضُرِبتْ به في الحُبّ أمثالُ الهوى
حتَّى غَدَا خَبراً مِنَ الأخبارِ
حُيِّيتَ يا طَلَلَ النَّقا وسُقِيت يا
دَارَ الأَحبّةِ بالنّقا مِن دارِ
لا يَبْعُدَنْ عَيْشٌ بِرَبْعِكَ نِلتُه
والدَّهرُ من حِزْبِي ومن أنْصاري
تِلكَ اللّيالِي إذْ يُكفّرُ لِي الصِّبا
ما في خَلاعَاتِ الهوى مِنْ عارِ
فالآن آنَ لِيَ النُّزوعُ عَنِ الهوى
حقًّا وحَانَ عنِ الْغَوَى إِقْصاري
لا كنتُ إن مَلك الغرامُ مقادتِي
أو هَدَّ ركْنَ سكينتي وَوقَاري
كم ذَا أطيعُ النَّفسَ فيما لَم أَفُزْ
مِنهُ بغيرِ ضلالةٍ وخَسَارِ؟!
أسْرفْتُ في العصيان إلا أنَّني
راجٍ لِعَفْوِ مُسَامحٍ غفّارِ
حَسْبي جميلُ الظَّنِّ فيهِ وسيلة
وَوِدَادُ آلِ المصْطفى الأَطهارِ
لَمّا رأيتُ النّاسَ قد أضحْوا عَلى
جُرُفٍ مِنَ الّدينِ الملَفّقِ هَارِ
تابَعتُ آلَ المصْطفى مُتيقّنا
أنَّ اتّباعَهمُ مرادُ الباري
وَقَفَوتُ نَهجَ أبِي الحسين مُيَمِّماً
منه سبيلاً واضِحَ الأَنوارِ
خيْر البريّة بعدَ سَبْطَيْ أحمدٍ
مختارُ آل المصْطفَى المختارِ
وحبيبُ خير المرسلين ومن غَدا
في آل أحمدَ دُرَّةَ التِّقْصارِ
مُقري الرّماح السَّمهريةِ والظُّبا
إذ ما لَهُنَّ قِرىً سِوى الأَعمارِ
والباذلُ النّفسَ الكريمة رافعاً
لِمَنارِ دينِ الواحدِ القهّارِ
ليثُ الشّرى حَيْث الصَّوارم والقَنَا
تَسْعَى بكأَسٍ لِلْمنونِ مُدارِ
يُشْجيهِ ترجيعُ القُرانِ لديهِ لا
نَقْرَ الدّفوف ورنَّةُ الأوتارِ
أَأَبا الْحُسَين دُعاء عبدٍ مُخلصٍ
لكَ ودَّهُ في الجهْرِ والإِسرار
طوراً يصوغُ لكَ المديحَ وتارةً
يَبْكي عليكَ بمدْمعٍ مِدْرارِ
هَيْهات أقصرُ عن مديحكَ دائماً
ما العُذرُ في تركي وفي إقْصاري؟
ودِّي على طُولِ المدَى متُجدّدٌ
وفرائدُ الأَشعارِ فيكَ شِعاري
فاشفَعْ بفَضلِك في القِيامةِ لِي وقُلْ:
هذا الفَتَى في ذمّتي وجوارِي
مَا ضَرَّنا أن لاَ ثرىً فنزورها
إذْ أنتَ بينَ جوانح الزُّوارِ
إن الأُلَى جاروكَ في أمدِ العُلَى
خلَّفتَهم في حلْبةِ المِضمارِ
قَدحوا زنادَ المجدِ حين قدحْتَهُ
فرجَعْتَ دونَهمُ بزندٍ واري
حُزتَ العُلَى وسَبَقْت أهلَ السَّبق في
ميدانِها وأمِنتَ كلَّ مُجاري
فإذا سَلَتْ عَنْها الكرامُ وأصبْحتْ
عنها عواري فهيَ منك عواري
وحميتَ سرحَ الدين منك بعزمةٍ
تغنيكَ عن حملِ القنا الخطَّارِ
شَقِيتْ "أميَّةُ" سَوفَ تَلْقى رَبَّها
يومَ القِيامةِ خُشّعَ الأَبصارِ
ماذَا لآلِ "أُميَّةٍ" عُصَبِ الشَّقا
عِندَ النبيِّ "محمَّدٍ" مِنْ ثارِ؟
ظَفِرتْ بقتْلِ ابْنِ النّبيِّ وإنّما
ذَهَبتْ بخزيٍ ظاهرٍ وبوارِ
يا عُصَبةَ النَّصب الَّتي لَم يُثنِها
عَنْ قتل أَهْلِ البيْت خوفُ الباري!
حتَّى مَتَى آلُ النبيِّ محمّدٍ
تُمنَى بقَتْلٍ مِنْكُمُ وإسارِ؟
أحرقتمُ بالنّارِ ظُلماً نجل مَنْ
قَدْ جاءَ يُنْذِرَكُمْ عذابَ النّارِ
وضربتمُ بعد الحريقِ رمادَهُ
وذريْتموهُ في الفراتِ الجاري
أسَفي عليه كم أواري دَائِماً
مِن كرْبِ أَنفاسٍ وَحُرِّ أُوارِ؟
صَلَّى وسلَّم ذُو الجلالِ عليه بَعْـ
ــدَ محمَّدٍ والعُتْرةِ الأطهار