يحاول بعض الناس أن يشنع على من يقيمون الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف, زاعماً أن ذلك من البدع، ويقيم الدنيا ولا يُقعدها، ويجعل إحياء الموالد سبباً لتضليل الآخرين، واتهامهم بمخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهنا سنحاول أن نناقش هذه المسألة، من خلال حوارٍ عفوي هادئ بين شخصيتين افتراضيتين(أحمد وخالد)، سائلين المولى عز وجل أن يبصرنا ويرشدنا إلى أقوم سبيل.
((الحوار))
* خالد: إنَّ الاحتفال بالمولد النبوي بدعة.
- أحمد: ولماذا بدعة؟
* خالد: لأنَّ الرسول(ص) لم يحتفل به، ولم يأمر بالاحتفال به، وكذلك الصحابة والتابعون من بعده.
- أحمد: هل تستطيع أن تُعرِّف لي البدعة؟
* خالد: نعم فالبدعة هي إحداث أمر لم يفعله الرسول(ص) مع تمكنه من فعله.
- أحمد: الرسول (ص) لم يكن يمتلك الكثير من الثياب، ولم يَبنِ القصور، ولم يفعل الكثير من الأشياء التي نفعلها اليوم مع تمكنه من فعلها.
فهل شراؤنا للكثير من الثياب، وبناؤنا للقصور بدعة؟
* خالد: لا لا.. أنا لم أقصد أن البدعة فعل ما لم يفعله الرسول (ص) في أمور الدنيا، وإنما قصدتُ أنها فعل ما لم يفعله الرسول (ص) في الأمور المتعلقة بالدين الإسلامي.
- أحمد: إذا كان ذلك قصدك، فيلزم منه أن من اعتمر 7 مرات فقد ارتكب بدعة لأن النبي لم يفعلها مع قدرتها على ذلك, فهل تقول أن ذلك بدعة؟
ثم أخبرني هل استخدام الميكرفون في المساجد بدعة؟!
وهل استخدام القنوات التلفزيونية أو الإذاعية؛ لنشر تعاليم الإسلام بدعة؟!
* خالد: لا.. أنا لم أقل أن هذه الأمور بدعة.
- أحمد: ولكن هذه الأمور لم يفعلها الرسول(ص) ولا الصحابة ولا التابعون، وهي مستخدمة في أمور الدين.
* خالد: إذاً فأخبرني ما هي البدعة؟
- أحمد: البدعة هي ما نسب من الأقوال أو الأفعال إلى السنة النبوية وليس منها, وهذا المعنى للبدعة هو ما دل عليه الحديث النبوي "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد", مثال ذلك: أن تقول أن استعمال التلفون من السنة, فهذا القول بدعة, لأننا أحدث أمراً ونسبناه إلى الشرع وهو ليس منه.
* خالد: إذاً فالمولد ليس بدعةً؛ لأننا لا ندعي أنه من السنة؟!
- أحمد: نعم. وأعظم من ذلك فإنَّ إحياء المولد النبوي موافق لأمر الشارع جلَّ وعلا.
* خالد: وكيف ذلك؟
- أحمد: يقول الله سبحانه وتعالى عن نبيه الكريم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ركز على كلمة "رحمة"
ويقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، فأمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نفرح برحمته، ورسول الله (ص) رحمة للعالمين كما في الآية السابقة، ولا شك أن من أعظم الفرح به إقامة الاحتفالات بمناسبة مولده الشريف.
- خالد: وهل توجد فائدة من الاحتفال بالمولد النبوي غير الفرح بولادة الرسول (ص)؟
* أحمد: بالتأكيد، فنحن عندما نحتفل بالمولد النبوي نقوي ارتباطنا ونجدد انتماءنا للرسول (ص)، ونحاول الاقتداء به والاحتذاء بحذوه وذلك من خلال ذكر نُبَذٍ من سيرته وشمائله، وما كان عليه من الخلق العظيم، وذلك تطبيقاً لقول الله سبحانه وتعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
"فنحن إنما نُحيي المولد لنحيا به"
وأيضاً فللمولد أصل في الشّرع، فإنّه قد أثِر عن النّبي صلوات الله عَليه وعلى آله أنّه قالَ وقد سُئلَ عن صيامِ يوم الاثنين، فقال: (ذَلك يَومٌ وُلدتُ فِيه وَأنزِلَ عَليّ فِيه) رواه الإمَام المرشد بالله في الأمالي الخميسيّة (ج2/ ص72)، و مسلم في صحيحِه (ج2/ ص818) ومسند أحمد (ج5/ ص296)
*خالد: أشكرك كثيراً أخي أحمد على هذا التوضيح، وجزاك الله خيراً بما بينت لي
-أحمد: العفو؛ وأسأل الله أن يوفقنا لمعرفة الحق وأهله آمين ربِّ العالمين.