أبو خالد عمرو بن خالد القرشي الواسطي, صاحب الإمام زيد بن علي عليه السلام, وراوي مجموعيه الحديثي، والفقهي.
ﻫﻮ اﻟﺸﻴﺦ الفقيه اﻟﺤﺎﻓﻆ اﻟﻤﺤﺪﺙ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ، اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ ﺑﺎﻟﻮﻻء اﻟﻜﻮﻓﻲ الولادة، ﻛﺎﻥ ﺃﺻﻠﻪ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ، ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻭاﺳﻂ، ﺭﻭﻯ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﻴﻦ اﻟﺤﺪﻳﺜﻲ ﻭاﻟﻔﻘﻬﻲ ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭﻛﺬا ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻐﺮﻳﺐ وكتاب الحقوق ومنسك الحج والعمرة للإمام زيد بن علي عليه السلام, توفي في عشر الخمسين والمائة, وأجمع أهل البيت عليهم السلام على عدالته.
تلميذ الإمام زيد بن علي
ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ الواسطي ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻼﻣﻴﺬ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ عليه السلام ﻣﻼﺯﻣﺔ ﻟﻪ، ﻭﺃﺣﻔﻈﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﻭﺳﻌﻬﻢ ﺭﻭاﻳﺔ ﻋﻨﻪ, ﻗﺎﻝ اﻟﻤﺤﺪﺙ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺴﺎﻭﺭ: "ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﺃﻧﻪ ﺻﺤﺐ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﻗﺪﻭﻣﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻴﻦ".
وكل من ترجم للواسطي من الزيدية أومن أهل السنة لم يغفل عن تتلمذه على الإمام زيد عليه السلام.
ﻗﺎﻝ أبو خالد حاكياً عن تتلمذه على يد الإمام زيد عليه السلام: "ﻛﻨﺖ ﺃﻗﻴﻢ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺃﺷﻬﺮاً ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺠﺠﺖ ﻟﻢ ﺃﻓﺎﺭﻗﻪ، ﻭﺣﻴﻦ ﻗﺪﻡ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻗﺘﻞ ﺭﺣﻤﺔ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺷﻴﻌﺘﻪ، ﻓﻤﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﻋﻨﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺇﻻ ﻭﻗﺪ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻨﻪ ﻣﺮﺓ ﺃﻭ ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﻭﺛﻼﺛﺎً، ﻭﺃﺭﺑﻌﺎً، ﻭﺧﻤﺴﺎً، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ".
ﻭﻗﺎﻝ أيضاً: "ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻫﺎﺷﻤﻴﺎً ﻗﻂ ﻣﺜﻞ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻻ ﺃﻓﺼﺢ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﺃﺯﻫﺪ، ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ، ﻭﻻ ﺃﻭﺭﻉ، ﻭﻻ ﺃﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ، ﻭﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻻ ﺃﺷﺪ ﺣﺎﻻً، ﻭﻻ ﺃﻗﻮﻡ ﺣﺠﺔ، ﻓﻠﺬﻟﻚ اﺧﺘﺮﺕ ﺻﺤﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎﺱ".
شيوخ الواسطي
مع أن الواسطي صحب الإمام زيد عليه السلام، ولازمه، وروى عنه، فقد كان واسع الرواية عن غيره، وله مشائخ عدة، وقد روى عن جمع غفير من العلماء, قال اﻟﻤﺰﻱ في تهذيب الكمال: "ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻘﺮﺷﻲ ﻣﻮﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ، ﺃﺻﻠﻪ ﻛﻮﻓﻲ اﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻭاﺳﻂ، ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺣﺒﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺒﺔ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻭﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﺎﺑﺖ، ﻭﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻟﻪ ﻋﻨﻪ ﻧﺴﺨﺔ، ﻭﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻮاﻥ اﻟﻜﻠﺒﻲ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ اﻟﻔﺰاﺭﻱ، ﻭﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﻓﻄﺮ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺒﺎﻗﺮ، ﻭﺃﺑﻲ ﻫﺎﺷﻢ اﻟﺮﻣﺎﻧﻲ, ﻭﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﺮﻗﺎﻥ، ﻭﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ اﻟﻄﺎﺋﻲ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻭﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻫﺮاﺳﺔ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ، ﻭﺃﺑﻮ اﻷﻏﺮ اﻷﺑﻴﺾ ﺑﻦ اﻷﻏﺮ، ﻭﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ، ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺃﺑﺎﻥ اﻟﻐﻨﻮﻱ، ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺻﺒﻴﺢ اﻟﻴﺸﻜﺮﻱ، ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ، ﻭﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ اﻷﺣﻤﺮ، ﻭاﻟﺤﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﺃﺭﻃﺄﺓ، ﻭاﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ اﻟﺒﺠﻠﻲ، ﻭاﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺫﻛﻮاﻥ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺃﺧﻮ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺷﻴﺦ ﻟﻌﺜﻤﺎﻥ اﻟﺒﺮﻱ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ، ﻭﺷﻌﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺭاﺷﺪ، ﻭﻋﺒﺎﺩ ﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻤﺎﺩ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻭﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻜﻨﺪﻱ، ﻭﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺃﺑﻮ ﺣﻔﺺ اﻷﺑﺎﺭ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺩاﻭﺩ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺑﻦ ﻣﻴﻤﻮﻥ، ﻭﻣﺴﺮﻭﺡ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭﻫﺮﻡ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻫﺎﺷﻢ اﻟﺴﻤﺴﺎﺭ، ﻭﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺃﺳﺒﺎﻁ، ﻭﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﺑﻜﻴﺮ، ﻭﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻭﺭﻭﻯ ﻟﻪ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺪاﺭ ﻗﻄﻨﻲ أقول وروى له البيهقي وأحمد في المسند".
ثناء العلماء عليه
1- ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﺮﻗﺎﻥ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ سنة 183ﻫ ﺃﻧﻪ ﺳﺄﻝ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺴﺎﻭﺭ ﻋﻦ ﺃﻭﺛﻖ ﻣﻦ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻦ ﻳﻄﻌﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ ﻳﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﺯﻳﺪﻱ ﻗﻂ، ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻄﻌﻦ ﻓﻴﻪ ﺭاﻓﻀﻲ ﺃﻭ ﻣﻨﺎﺻﺐ.
2- ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻤﺤﺪﺙ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 363ﻫ: ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﺣدَّﺙ ﻋﻨﻪ اﻟﺜﻘﺎﺕ، ﻭﻫﻮ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﻤﻼﺯﻣﺔ ﻟﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬ ﺃﻛﺜﺮ اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻋﻨﻪ ﻣﺬﻫﺐ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺭﺟﺤﻮا ﺭﻭاﻳﺘﻪ ﻋﻦ ﺭﻭاﻳﺔ ﻏﻴﺮﻩ.
3- ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺻﺎﺭﻡ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻮﺯﻳﺮ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ سنة 914ﻫ: ﻭﻻ ﻳﻤﺘﺮﻱ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺪاﻟﺔ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﺻﺪﻗﻪ، ﻭﺛﻘﺘﻪ، ﻭﺃﺣﺎﺩﻳﺜﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻛﺘﺒﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎﻡ ﺑﻀﻌﺎً ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺣﺪﻳﺜﺎً، ﻭﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻟﻴﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً: ﻭﻫﻮ ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ، ﺑﺴﻨﺪ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﻩ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﻧﻮﻉ اﻟﻤﺴﻠﺴﻞ.
4- ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻣﻈﻔﺮ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ سنة 875ﻫ: ﻭﻋﺮﻓﺖ ﺗﻜﺮاﺭ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ اﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻭاﻷﺋﻤﺔ اﻷﻃﻬﺎﺭ، ﻓﻤﻦ ﺭاﻡ ﺟﺮﺣﻪ ﻓﻘﺪ ﻛﺬﺏ، ﻭاﻓﺘﺮﻯ ﻭﻇﻠﻢ، ﻭاﻋﺘﺪﻯ.
5- ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ سنة 990ﻫ ﻓﻲ اﻟﻨﺰﻫﺔ: ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻭاﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷﺧﻴﺎﺭ، ﻟﻢ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺪﺡ ﺇﻻ ﻟﻤﻜﺎﻥ ﺗﺸﻴﻌﻪ، ﻭﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻜﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻣﺎﻟﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻣﻊ اﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻟﻤﺤﻘﻘﺔ، ﻓﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺛﻴﻘﻪ ﻭﻋﺪاﻟﺘﻪ.
6- قال العلامة أحمد بن أبي الرجال في مطلع البدور: "ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺣﻤﻠﺘﻪ، ﺻﺎﺣﺐ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ - ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ - ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎﺕ ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﺎﺕ، ﻭاﺳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻟﺴﻼﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺳﻴﻮﻑ ﺃﻋﺪاء اﻟﻠﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺑﺎﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ".
8ـ قال العلامة عبد الله ابن الإمام الهادي القاسمي في الجداول الصغرى: "ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ اﻟﻘﺮﺷﻲ ﻣﻮﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ روى ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭاﻟﺒﺎﻗﺮ، ﻭاﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﺧﻠﻖ.. ﻭﻋﻨﻪ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﺮﻗﺎﻥ، ﻭﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻮاﻥ، ﻭﻋﻄﺎء ﺑﻦ اﻟﺴﺎﺋﺐ، ﻭﻋﻄﻴﺔ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ, ﻭﻭﻓﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺸﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻭاﻟﻤﺎﺋﺔ، ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، ﺿﻌﻔﻪ اﻟﻤﺎﻳﻠﻮﻥ ﻋﻦ اﻟﻌﺘﺮﺓ، ﻭﻭﺛﻘﻪ ﺁﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻬﻢ، ﻭكفى ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺗﺒﺔ ﻭﻓﺨﺮا".
9 ـ قال الإمام القاسم بن محمد الحسني عليه السلام: "أبو ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ ﻣﻮﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ - ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ - ﻭﺛﻘﻪ الإمام اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ما ﻣﻌﻨﺎﻩ: ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻭﻱ ﺇﻻ عن ﺛﻘﺔ ﺳﻤﻌﻪ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺛﻢ ﻋﻦ ﺛﻘﺔ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﻻ ﻳﺠﻴﺰ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮاءﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻴﺦ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻤﻦ اﺗﺼﻞ ﺑﻪ ﺳﻨﺪﻩ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ اﻟﺮاﻭﻱ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ, ﻭﻛﺬﻟﻚ وثقه اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻬﺎﺩﻭﻥ ﻣﻦ ﺁﻝ اﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﺧﺬﻭا ﻋﻨﻪ ﻭﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﻻ ﻟﻮﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻻ ﻷﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﺛﻘﺔ, ﻭﺭﻭﻯ ﻷﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ الواسطي ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺴﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ اﻟﻘﺰﻭﻳﻨﻲ.."[قلت: وكذلك روى له الدار قطني، والبيهقي، وأحمد]
10ـ قال السيد الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام في لوامع الأنوار: "ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ عمرو بن خالد القرشي الواسطي، مولى بني هاشم.. ﻣﻦ ﺃﻋﻼﻡ ﺃﺷﻴﺎﻉ ﻋﺘﺮﺓ ﺳﻴﺪ اﻷﻧﺎﻡ، اﺣﺘﺞ ﺑﺮﻭاﻳﺘﻪ ﺳﺎﺩاﺕ اﻷﺋﻤﺔ، ﻭﻫﺪاﺓ اﻷﻣﺔ، ﻛﺎﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ابن اﻹﻣﺎﻡ اﻷﻋﻈﻢ زيد (ع)، ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻮاﻥ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻠﺤﻖ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻭﺃﺧﻴﻪ اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ (ع), ﻗﺎﻝ ﻭاﻟﺪﻧﺎ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ: ﻭاﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻣﺘلقى ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ (ع)، ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ ﺟﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ.. أقول: وكذلك هو أول كتاب جمع في الحديث... ﻫﺬا ﻭﻭﻓﺎﺓ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ـ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ ﻓﻲ ﻋﺸﺮ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻭاﻟﻤﺎﺋﺔ".
الجارحون في أبي خالد ومزاعمهم فيه
في مساعٍ حثيثة للنيل من علماء الزيدية طعن بعض علماء الجرح والتعديل في أبي خالد الواسطي ظلماً وعدواناً؛ وهنا سنقف على بعض تلك الأقوال ونحاول أن نناقشها.
المروي أنه طعن في أبي خالد الواسطي ابنُ معين، وأبو زرعة، وابن راهويه وغيرهم؛ حيث زعموا أنه كان كذاباً، وحكُي ذلك الطعن عن وكيع بن الجراح، وأبي عوانة، وحبيب بن أبي ثابت، والروايات عنهم لا تصح عند النظر والتحقيق؛ كما نُقل الجرح لأبي خالد عن عدد من المتأخرين، وسنتكلم عن عدم قبول كلامهم فيه باختصار.
جاء في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ما معناه: عمرو بن خالد القرشي مولى بني هاشم الواسطي أبي خالد عن:
يحيى بن معين قال: عمرو بن خالد كذاب، ليس ثقة ولا مأمون.
إسحاق بن راهويه يقول : عمرو بن خالد يضع الحديث.
أبو زرعة قال: كان واسطياً، وكان يضع الحديث، وقال: اضربوا على حديثه.
هؤلاء الثلاثة صرحوا بالطعن فيه, أما الثلاثة الآخرون فقد حكُي عنهم الآتي:
عن وكيع بن الجراح أنه قال: (كان في جوارنا يضع الحديث فلما فُطِن له تحول إلى واسط).
وعن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: (أنه كان كوفياً, ليس بثقة).
وعن أبي عوانة أنه قال: ( أنه كان يشتري الصحف من الصيادلة ويحدث بها).
ﻗﺎﻝ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ [ﻣﻴﺰاﻥ اﻻﻋﺘﺪاﻝ]: "ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻘﺮﺷﻲ، ﻛﻮﻓﻲ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ، ﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻭاﺳﻂ، ﻗﺎﻝ ﻭﻛﻴﻊ: ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺟﻮاﺭﻧﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻠﻤﺎ ﻓﻄﻦ ﻟﻪ ﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻭاﺳﻂ. ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ: ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻳﺸﺘﺮﻱ اﻟﺼﺤﻒ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎﺩﻟﺔ ﻭﻳﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ".
الجواب على تلك المطاعن
بعد اﺳﺘﻌﺮاﺽ اﻟﻄﺎﻋﻨﻴﻦ ﻭاﻟﺠﺎﺭﺣﻴﻦ للواسطي، وكلامهم فيه، يتبين ﺃنه لم يكن ﻗﺪ ﻋﺮف ﺃﺑﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﺃﻭ التقى ﺑﻪ منهم ﻏﻴﺮ ﺛﻼﺛﺔ، ﻭﻫﻢ: ﻭﻛﻴﻊ بن الجراح، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﺎﺑﺖ، لأن وكيع ولد 129هـ وتوفي عام 197هـ, أما ﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ فقد ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ 176ﻫـ وكذلك ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﺎﺑﺖ ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ 117ﻫـ فإذا علمت أن أبا خالد توفي في 150هـ، علمت إمكانية أن يكون أبو عوانة وحبيب وكذا وكيع قد عرفوا الواسطي والتقيوا به دون الثلاثة المتقدمين، وهم أبو زرعة المتوفى ﺳﻨﺔ 264ﻫـ، ﻭاﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ المتوفى ﺳﻨﺔ 233ﻫـ، وابن راهويه الذي ولد عام 161هـ، أي بعد وفاة الواسطي بـ11 عاماً.
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ فطعن الثلاثة المتقدمين - من دون معرفة منهم للواسطي- غير مقبول, أما بقية الجارحين فهم متأخرون جداً، بما فيهم الذهبي، والطعون الموجهة منهم إليه مطلقة غير مفسرة، والجرح المطلق غير مقبول بالإتفاق, ويبقى أمامنا أن نناقش أمر الثلاثة الذين عرفوا الواسطي والتقوا به، وهم وكيع وأبو عوانة وحبيب بن أبي ثابت، مع أننا يجب أن نتنبه قبل ذلك أن ابن أبي حاتم في ترجمته للواسطي لم يذكر عن ثلاثتهم أنهم تكلموا عن أبي خالد بسوء, فبقيت الرواية عن هؤلاء الثلاثة في محلِّ نظر، كما سيتبين لك قريباً.
الرد على طعن وكيع
يجب أن نلاحظ هنا أن الرواية عن وكيع لم تأتِ بإسناد وإنما جاءت رواية مرسلة, هذا من جهة ومن جهة أخرى أن ابن أبي حاتم في ترجمته لوكيع صرح أن وكيع كان لا يذكر أحداً بسوء, قال السيد العلامة بدر الدين الحوثي:
"ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺘﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻋﺪاﺅﻫﻢ ـ ﺃﻱ ﺃﻋﺪاء ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻭﻧﺼﺮ ـ ﺭﻭاﻳﺔ ﻣﻦ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﻭﻛﻴﻊ ﺭﻭاﻳﺔ ﻣﺮﺳﻠﺔ ﺃﻧﻪ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ، ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺒﻌﺪﻫﺎ ﺃﻥ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻭﻛﻴﻊ جملاً ﻣﻔﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺣﻔﻈﻪ ﻭﻭﺭﻋﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ (ص223): حدثنا محمد بن ابراهيم بن شعيب نا عمرو بن علي قال: ما سمعت وكيعاً ذاكراً أحداً بسوء قط, ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ (ص224): ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﻛﻴﻊ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ ﺑﻨﺎﻗﻠﺔ اﻷﺧﺒﺎﺭ, ﻓﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﺤﺜﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻭﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺃﺻﻼً".
ثم إن وكيعاً كان زيدياً ولم يُرو عن طريق الزيدية أي كلام له في أبي خالد.
الرد على طعن حبيب بن أبي ثابت
أما ما نقل عن حبيب بن أبي ثابت من قوله عن الواسطي (كوفي ليس بثقة)، فقد رد عليه الباحث عبدالله بن حمود العزي في مقدمته على المجموع، فقال:
1- ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﻓﻀﻼء اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ، ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﻋﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻭﺇﺫا اﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاﺟﻢ ﻛﺘﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻭﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﺘﻬﺬﻳﺐ، ﻭاﻟﺘﻘﺮﻳﺐ، ﻓﻠﻦ ﺗﺠﺪ ﻋﻨﻪ ﺃﻱ ﻛﻼﻡ ﺣﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ، ﻭﻟﻢ ﺃﻧﻘﻞ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ، ﺇﻻ ﻷﻥ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺗﻮﻫﻢ ﺃﻥ اﻟﻜﻼﻡ ﻟﺤﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﺎﺑﺖ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﻨﺴﺎﺋﻲ، ﺣﻴﺚ ﺣﻜﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﻣﻴﺰاﻧﻪ ﻗﻮﻟﻪ: "ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ، ﻛﻮﻓﻲ ﻟﻴﺲ ﺑﺜﻘﺔ"، ﺃﻱ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﺎﺑﺖ، ﻭﻗﻮﻟﻪ: ﻛﻮﻓﻲ ﻟﻴﺲ ﺑﺜﻘﺔ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻻ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺣﺒﻴﺐ، ﻓﺘﺄﻣﻞ.
2ـ ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ (ﻛﻮﻓﻲ) ﺗﺮاﺩﻑ ﻛﻠﻤﺔ (ﺷﻴﻌﻲ) ﻭﻫﺬا ﻳﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺖ ﻗﺎﻋﺪﺗﻬﻢ اﻟﻤﺸﺆﻭﻣﺔ (ﺟﺮﺡ اﻟﺸﻴﻌﻲ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻭﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﻨﺎﺻﺒﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ) ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺿﺢ ﺑﻄﻼﻧﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (اﻟﻌﺘﺐ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﺮﺡ ﻭاﻟﺘﻌﺪﻳﻞ) ﻭﺃﻭﺿﺤﺘﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ (ﻋﻠﻮﻡ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﺪ اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻭاﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ)، ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺷﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﺘﺸﻴﻊ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺤﺒﺔ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬا، ﺃﻱ ﻣﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻳﻌﺪ ﻣﻘﺪﻭﺣﺎً ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ اﻟﻔﺎﺳﺪﺓ، ﻭﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﺟﺮﺡ ﻣﻦ ﻗﺪﻣﻪ ﻭﻫﻮ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ اﻟﺠﺎﻫﻠﻮﻥ، ﻭﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎً ﺟﺮﺡ ﻣﻦ اﻟﺘﺰﻡ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻭاﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻛﻌﻤﺎﺭ، ﻭاﻟﻤﻘﺪاﺩ، ﻭﺃﺑﻲ ﺫﺭ، ﻭﺳﻠﻤﺎﻥ، ﻭﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ، ﻭﺧﺰﻳﻤﺔ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ، ﻭﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ، ﻭﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺭﻗﻢ، ﻭﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻛﺄﻭﻳﺲ اﻟﻘﺮﻧﻲ، ﻭﺻﻌﺼﻌﺔ ﺑﻦ ﺻﻮﺣﺎﻥ، ﻭﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺻﻮﺣﺎﻥ، ﻭﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﺜﻮﺭﻱ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎً ﻗﺮﻧﺎء اﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻣﻌﺪﻥ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، ﻭﻣﻦ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺠﺮﺣﻮﻥ ﺑﻌﺾ ﻓﻀﻼء اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺗﺸﻴﻌﻬﻢ ﻭﺣﺒﻬﻢ ﻷﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، اﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺣﺒﻪ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺑﻐﻀﻪ ﻧﻔﺎﻗﺎً، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ: ((ﻻ ﻳﺤﺒﻚ ﺇﻻ ﻣﺆﻣﻦ ﻭﻻ ﻳﺒﻐﻀﻚ ﺇﻻ ﻣﻨﺎﻓﻖ))ﻭﻳﻮﺛﻘﻮﻥ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭاﻟﻔﺎﺳﻘﻴﻦ، اﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﺎءﻭا ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ، ﻛﻌﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﻗﺎﺗﻞ اﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺠﻠﻲ: ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ اﻟﻨﺎﺱ، ﺗﺎﺑﻌﻲ ﺛﻘﺔ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﻗﺘﻞ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺮﻭاﻥ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ اﻟﺬﻫﺒﻲ: ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺐ ﻋﻠﻴﺎً ﻛﻞ ﺟﻤﻌﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ: ﻣﺮﻭاﻥ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻪ ﺭﺅﻳﺔ، ﻓﻼ ﻳﻌﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﻋﻤﺮاﻥ ﺑﻦ ﺣﻄﺎﻥ ﻭﻫﻮ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﻣﺪﺡ ﻗﺎﺗﻞ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ:
يا ضربة من تقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوماً فأحسبه
أوفى البرية عند الله ميزانا
ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﺴﺎﺑﻮﻥ ﻋﻠﻴﺎً ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭاﻟﻤﺎﺩﺣﻮﻥ ﻟﻘﺎﺗﻠﻪ، ﻭاﻟﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﺣﺴﻴﻨﺎً ﻋﺪﻭلاً ﺛﻘﺎﺕ، ﺃﻣﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ اﻟﻠﻪ، ﺗﻐﻠﺐ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻭاﻟﺜﻘﺔ، ﻭﻳﻌﺎﻣﻞ ﺃﻋﺪاﺅﻫﻢ اﻟﻤﺤﺒﻮﻥ ﻋﻠﻴﺎً ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺘﻬﻮﻳﻦ ﻭاﻟﺠﺮﺡ؟
سبب التشيع ومحبة أهل البيت وهو ما عبر عنه في قوله المتقدم أنه كان كوفياً، وهم يقصدون بقولهم أنه كان كوفياً التشيع والمحبة لأهل البيت وهذا الطعن مرفوض؛ لكونه طعن بشيء شهد النبي على صاحبه بالإيمان بقوله في علي: "لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".
الرد على طعن أبي عوانة
ﺃﻣﺎ ﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ فيجب أن نتنبه هنا مفارقة في الرواية عن أبي عوانة, والتي رواها الذهبي عنه من طريق يعلى بن منصور, في حين أن ابن عدي قد رواها عن يعلى بن منصور نفسه, وهنا لا ندري أنعتمد على كلام ابن عدي فتكون العبارة من كلام يعلى بن منصور أم على كلام الذهبي فتكون من كلام أبي عوانة؟, وإذا علمت أن ابن عدي متقدم عن الذهبي بحوالي 300 سنة تقريباً إذ كان توفي ابن عدي في 365هـ بينما توفي الذهبي 748هـ فمن المحتمل أن يكون الذهبي نقلها من كتاب ابن عدي فأقحم اسم أبي عوانة لعلمه بتأخر يعلى بن منصور عن الواسطي, وأياً تكن فقد كان مستند ذلك الجرح ـ سواء صدر من أبي عوانة أو من يعلى بن منصورـ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺘﺮﻱ اﻟﺼﺤﻒ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎﺩﻟﺔ ﻭﻳﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ، ﻓﻨﻘﻮﻝ: أولاً هذا من الجرح المطلق وهو غير مقبول, أضف إلى أن الرواية مرسلة وهي غير مقبولة عند الجارحين, ثم ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ ﻟﻢ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻭاﻵﺛﺎﺭ, بالشكل الذي يجعل الواسطي يشتريها من الصيادلة ويحدث بها، وأيضاً يقول العزي في هذا الصدد: ﺃﻥ ﺻﺤﻒ اﻟﺼﻴﺎﺩﻟﺔ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻌﻄﻮﺭ، ﻭاﻷﺩﻭﻳﺔ، ﻭ(ﺣﺒﺔ اﻟﺒﺮﻛﺔ)، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﻭ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.
وفوق هذا فكلام الذين طعنوا في الواسطي مردود ومحجوج بكون أئمة أهل البيت (ع) وعلمائهم مجمعين على تعديل وتوثيق الرجل, أضف إلى ذلك أن جمعاً غفيراً من علماء الأمة كما ذكرهم اﻟﻤﺰﻱ ﻓﻲ ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ، قد رووا عن الواسطي ولم يروَ عنهم أنهم طعنوا فيه وهم أكثر خبرة واختصاصاً به, أضف إلى ذلك أنه قد أخرج له من علماء أهل السنة ومن الصحاح اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ, والدارقطني، والبيهقي، وأحمد بن حنبل.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن المطاعن جاءت من الخصوم، وكلام الخصم لا يقبل على خصمه، وهذا ما أشار إليه المولى العلامة بدر الدين بن أمير الدين الحوثي:
"ذلك اﻟﺠﺮﺡ ﻻ ﺣﻜﻢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﺼﻢ ﻣﺒﻐﺾ، ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺑﻌﻀﻪ ﻣﺮﺳﻞ، ﻭاﻟﺮاﻭﻱ ﻋﺪﻭ ﻣﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﺎﻣﻞ, ﻓﻬﻞ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﺼﻒ ﺟﺮﺡ ﻋﺪﻭ ﻟﻌﺪﻭﻩ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺠﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ؟!"
ومن المهم هنا أن نسجل في هذا الصدد شهادة الدكتور الشيخ محمود سعيد محمد ممدوح ـ وهو أحد علماء الحديث والجرح والتعديل المعاصرين، وهو من مصرـ في كتابه المسمى "الاتجاهات الحديثية في القرن الرابع عشر" حيث يقول:
"مسند الإمام زيد بن علي عليهما السلام صحيح النسبة له، والمتكلمون في راويه تكلموا لأسباب مذهبية، أو لجهل، أو لا يصح كلامهم لهم، وأقوى رد عليهم، هو اعتماد أئمة الثقل الثاني عليهم السلام له، وتخريج حديثه في كتبهم، والاعتماد عليه في فقههم، وهو ما اتفق عليه عدد كبير من علماء أهل السنة في القرن الفائت، وقرظوا شرحه الروض النضير".
تفرده برواية المسند
بقي من الأمور التي قدح بها في الواسطي انفراده برواية المسند الفقهي والحديثي عن الإمام زيد عليه السلام؛ وقد رد على هذا القدح فيه أئمة أهل البيت عليهم السلام وعلماؤهم، وسنكتفي هنا بذكر بعض هذه الردود.
قال المولى مجدالدين المؤيدي عليه السلام في لوامع الأنوار:
"ﻗﺎﻝ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﻬﺪﻱ ﻟﺪﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ (ع)، ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻬﺎﺝ اﻟﺠﻠﻲ: ﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﺮﻗﺎﻥ: ﺳﺄﻟﺖ ﺃﺑﺎ ﺧﺎﻟﺪ، ﻛﻴﻒ ﺳﻤﻌﺖ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﺯﻳﺪ (ع)؟ ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻗﺪ ﻭﻃﺄﻩ ﻭﺟﻤﻌﻪ، ﻓﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺯﻳﺪ (ع) ﻣﻤﻦ ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻌﻲ ﺇﻻ ﻗﺘﻞ ﻏﻴﺮﻱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ، اﻧﺘﻬﻰ.
ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻞ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﻣﺆﻟﻔﻪ، ﺇﻻ اﻟﻔﺮﺑﺮﻱ، ﻭﻧﻘﻠﻮا ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻌﻪ ﺗﺴﻌﻮﻥ ﺃﻟﻔﺎً اﻋﺘﺬﺭ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﺎﺗﻮا، ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻭﻏﻴﺮﻩ, ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻔﺘﺢ: ﻭﺫﻛﺮ اﻟﻔﺮﺑﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻌﻪ ﺗﺴﻌﻮﻥ ﺃﻟﻔﺎً، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ ﻳﺮﻭﻳﻪ ﻏﻴﺮﻩ. ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ: ﻭاﻟﺮﻭاﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺼﻠﺖ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﻋﺼﺎﺭ، ﻭﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ، ﻋﻦ ﺭﻭاﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻣﻄﺮ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺑﺸﺮ اﻟﻔﺮﺑﺮﻱ، اﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻣﻪ
ﻓﻘﺒﻞ اﻟﺨﺼﻮﻡ ﻋﺬﺭﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺪﺣﻮا ﺑﺘﻔﺮﺩﻩ، ﺑﻞ ﺟﻌﻠﻮا ﺭﻭاﻳﺘﻪ ﺃﺻﺢ اﻟﺮﻭاﻳﺎﺕ، ﻭﻗﺪﺣﻮا ﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﺩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺒﻠﻮا ﻋﺬﺭﻩ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺃﻭﺿﺢ ﻣﻦ ﺑﺮاﺡ، ﻓﺈﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻷﻋﻈﻢ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ـ ﻗﺪﺱ اﻟﻠﻪ ﺃﺭﻭاﺣﻬﻢ ـ اﺳﺘﺸﻬﺪﻭا ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﻣﺔ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﺄﻥ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺫﻟﻚ اﻟﻤﻴﺪاﻥ، ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﻬﻢ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﻡ، ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻄﻊ اﻟﻌﺪﺩ اﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺗﺠﺮ اﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﻧﻘﻄﺎﻉ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺩﻭﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﻗﺮﺏ اﻷﻋﻮاﻡ؛ ﻗﺎﺗﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﻬﻮﻯ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻨﻊ ﺑﺄﻫﻠﻪ!! ﻫﺬا ﻣﻊ ﺃﻥ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻣﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺘﻔﺮﺩﻳﻦ".
وقد رد على قدحهم بتفرده في رواية المسند الإمام اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ عليه السلام؛ حيث قال:
"ﻭﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﺎﺩﺡ؛ ﻷﻥَّ ﺃﻫﻞَ الصحاح واﻟﺴﻨﻦ ﺗﻔﺮﺩﻭا ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﺋﺨﻬﻢ, ﻭﺃﺧﺬﻭا ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﻔﺮﺩ ﺑﺎﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﻭا ﺫﻟﻚ ﻗﺪﺣﺎً، ﻫﺬا اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﻋﻦ ﻣﻦ ﺗﻔﺮﺩ ﺑﺎﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺮوِ ﻋﻨﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﻭاﺣﺪ ﻛﻤﺮﺩاﺱ اﻷﺳﻠﻤﻲ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﻨﻪ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ أبي ﺣﺎﺯﻡ، ﻭﺣﺮﺏ اﻟﻤﺨﺰﻭﻣﻲ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﻨﻪ اﺑﻨﻪ أﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﺮﺏ، ﻭﺯاﻫﺮ ﺑﻦ اﻷﺳﻮﺩ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﻨﻪ اﺑﻨﻪ ﻣﺠﺮاﻩ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﺯﻫﺮﺓ اﻟﻘﺮﺷﻲ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﻨﻪ ﺣﻔﻴﺪﻩ ﺯﻫﺮﺓ ﺑﻦ ﻣﻌﺒﺪ، ﻭﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﻌﻼ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﻨﻪ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ، ﻭﺧﻮلة ﺑﻨﺖ ﺗﺎﻣﺮ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ, ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ.
ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﺃﻳﻤﻦ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ: ﻛﻨﺎ ﻳﻮﻡ اﻟﺨﻨﺪﻕ اﻟﺨﺒﺮ ﺑﻄﻮﻟﻪ, ﻭﻛﻤﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﺃﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎﺱ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﺑﻦ ﻓﺮﻭﺥ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻝ: ﻟﻤﺎ حصر اﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﻫﻞ اﻟﻄﺎﺋﻒ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎً ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﺎ ﻗﺎﻓﻠﻮﻥ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ، اﻟﺨﺒﺮ ﺑﻄﻮﻟﻪ ﺭﻭاﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻭﻏﻴﺮﻩ".
وقال السيد العلامة بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه:
"ﻭﻇﺎﻫﺮ ﺟﺮﺡ ﻣﻦ ﺟﺮﺣﻪ ﺃﻧﻪ ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻊ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻳﻜﺬﺏ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ، ﻭﻟﻤﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﺑﻪ, ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﻪ ﺷﻮاﻫﺪ ﻣﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ اﻟﻤﺠﻤﻮﻉ، ﺃﻋﻨﻲ «اﻟﺮﻭﺽ اﻟﻨﻀﻴﺮ» ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﻣﻤﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﺑﻪ ﺇﻻ ﺳﺘﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺃﻭ ﻧﺤﻮﻫﺎ, ﻣﻊ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻜﺮﺓ ـ ﺃﻋﻨﻲ ﻻ ﺗﺨﺎﻟﻒ اﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻭ اﻟﺴﻨﺔ ـ ﻓﻈﻬﺮ ﺑﻬﺬا ﺃﻥ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺳﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ اﻟﺠﺮﺡ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺇﻣﺎﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺇﺫا ﺗﻔﺮﺩ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻻ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻔﺮﺩ، ﺑﻞ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺳﺒﺒﻪ ﺳﻌﺔ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﻛﺜﺮﺓ اﻃﻼﻋﻪ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻼ ﻳﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭاﻟﺒﺎﻗﺮ ﺃﺧﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ(ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ)ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻮﻡ، ﺑﻞ ﺗﻔﺮﺩا ﺑﻬﺎ ﻭﻭﺭﺛﺎﻫﺎ ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻬﻤﺎ، ﻓﻬﻢ ﺑﺤﺎﺭ اﻟﻌﻠﻢ ﻭﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻝ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺻﺎﺣﺐ اﻟﺒﻴﺖ ﺃﺩﺭﻯ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ.
ﻓﺈﺫا ﻭﻗﻊ ﻋﻨﺪ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺘﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ اﻧﻔﺮﺩ ﺑﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺗﺨﺎﻟﻒ اﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ـ ﻭﻫﻮ ﺗﻠﻤﻴﺬﻫﻤﺎ ـ ﻓﻬﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻷﻧﻪ ﻣﻈﻨﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬﻫﻤﺎ ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻈﻨﺔ ﻟﻠﻤﻔﺮﺩاﺕ".
وهذا كله إن سلم تفرد أبي خالد برواية المسند، وإلا فالواقع أنه لم يتفرد بروايته؛ يقول الباحث العزي في مقدمة المجموع: ﺃﻥ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻗﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻭﻗﺪ ﺫُﻛﺮ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺘﺮﺓ ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ: ﺇﻧﻚ ﺗﻘﺒﻞ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻢ ﺃﻗﺒﻞ ﺭﻭاﻳﺘﻪ اﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﻭاﻩ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻛﻤﺎ ﺃﻗﺮ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ.
روايته لأحاديث الفضائل
قال العزي: "ﻭﻗﺪ ﻗﺪﺣﻮا ﻓﻴﻪ ﻛﻌﺎﺩﺗﻬﻢ ﻟﺮﻭاﻳﺘﻪ ﻟﺒﻌﺾ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭاﻟﺘﻲ ﺭﻭﻭﻫﺎ ﻫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﺡ ﻭاﻟﻤﺴﺎﻧﻴﺪ ﻭاﻟﻤﻌﺎﺟﻢ ﻭاﻟﺴﻨﻦ، ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺮاﺡ اﻟﻤﺠﻤﻮﻉ، ﻭﻋﻀﺪﻭﻫﺎ ﺑﺸﻮاﻫﺪ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺎﺕ، ﻭﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻗﻞ ﻻ ﺃﺳﺄﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺟﺮا ﺇﻻ اﻟﻤﻮﺩﺓ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺑﻰ}[اﻟﺸﻮﺭﻯ: 23] ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻠﻪ ﻟﻴﺬﻫﺐ ﻋﻨﻜﻢ اﻟﺮﺟﺲ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻭﻳﻄﻬﺮﻛﻢ ﺗﻄﻬﻴﺮا}[اﻷﺣﺰاﺏ:33] ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻵﻳﺎﺕ ﻛﺂﻳﺔ اﻟﻤﺒﺎﻫﻠﺔ، ﻗﺎﻝ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ: ﻭﻣﻤﺎ ﻧﻘﻤﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺭﻭاﻳﺘﻪ ﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ، اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﻋﺎﺩﺗﻬﻢ، ﺇﻧﻬﻢ ﻳﻘﺪﺣﻮﻥ ﺑﻤﺠﺮﺩ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺣﻘﺎً، ﻭﻳﻌﺪﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﺭﻭﻯ ﻟﻬﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺳﻘﺎً، ﻓﺄﻋﺪﻭا ﺃﻭﻳﺴﺎً اﻟﻘﺮﻧﻲ ﻭﻫﻮ ﺳﻴﺪ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻔﺎء، ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻧﻈﺮ، ﻭﻋﺪﻟﻮا ﻣﺮﻭاﻥ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻭﻧﻈﺮاءﻩ ﻛﻤﻦ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﺫﻛﺮﻫﻢ، ﻭﺣﺮﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ، ﻭﻋﻨﺒﺴﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ اﻟﻌﺎﺹ، ﻭاﻟﺠﻮﺯﺟﺎﻧﻲ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮ".
ومن أوضح الأمثلة على قدحهم في كل متشيع مع أهل البيت، ومحب لهم، قدح ابن معين في الإمام الشافعي لمجرد أنه وجد فقه السير للشافعي مأخوذ عن الإمام علي, فقال هذا دليل على أن الشافعي شيعي رافضي غير ثقة, روى السبكي في طبقاته عن يحيى بن معين أنه قال: "الشافعي ليس بثقة لما كان يتشيع".
وروي عنه أيضاً أنه قال: "طالعت كتاب الشافعي في السير، فوجدته, لم يذكر إلا علي بن أبي طالب، فاستشهدت بذلك أن الشافعي رافضي".
وكذلك قالوا في شيخي الشافعي إبراهيم بن ﺃﺑﻲ ﻳﺤﻴﻰ، ﻗﺎﻟﻮا: ﻛﺬاﺏ ﻭﺿﺎﻉ ﻗﺪﺭﻱ، ﻛﻞ ﺑﻼء ﻓﻴﻪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺘﺮﻧﺠﻲ، ﺿﻌﻔﻮﻩ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ, ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺬﻫﺐ ﺣﺠﺞ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺗﺪﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮﺟﻠﻴﻦ.
وقد قدحوا بذلك على كثير من علماء الحديث، كما قال الإمام القاسم بن محمد عليه السلام: ﻭﻗﺪﺣﻮا ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺼﺪﻕ ﻣﻨﻬﻢ: ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ أﺑﺎﻥ، ﻭﺟﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺤﻤﻴﺪ، ﻭﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﺠﻠﺪ اﻟﻘﻄﻮاﻧﻲ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ أﺳﻮﻉ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻓﻴﺮﻭﺯ ﺑﻦ اﻟﺒﺤﺮﻱ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻦ ﻋﻔﻴﺮ، ﻭﻋﺒﺎﺩ ﺑﻦ اﻟﻌﻮاﻡ، ﻭﻋﺒﺎﺩ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮﺏ، وعبدالله ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ ﺑﻦ ﻫﻤﺎﻡ اﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ، وعبدالملك ﺑﻦ ﺃﻋﻴﻦ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﻌﻨﺴﻲ، ﻭﻋﺪﻱ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﻭﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺠﻌﺪ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ اﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﺩﻛﻴﻦ، ﻭﻗﻄﺮ ﺑﻦ اﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺤﺎﺩﺓ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻓﻀﻞ ﺑﻦ ﻏﺰﻭاﻥ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺃﺑﻮ ﻏﺴﺎﻥ، ﻛﻞ ﻫﺆﻻء جرحوا ﺑﺎﻟﺘﺸﻴﻊ ﻭﺭﻭاﻳﺘﻬﻢ ﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺁﻝ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﻛﺬﻟﻚ جرحوا ﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﺄﻥ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺃﺣﺼﻲ ﻭﻻ ﻳﺴﻌﻪ اﻟﻤﺼﺪﻭﺭ.
ﻋﺪﻡ ﻣﺨﺎﻟﻄﺘﻪ ﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﺼﺮﻩ
قال العزي: "ﻭﻣﻦ اﻷﻣﻮﺭ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻮﻫﺎ ﻗﺪﺣﺎً عليه ﻋﺪﻡ ﻣﺨﺎﻟﻄﺘﻪ ﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﺼﺮﻩ، ﻭاﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﺇﻟﻰ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻛﻮﻧﻪ ﻳﺮﻯ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻠﻤﺔ.
ﺇﻥ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻤﻨﺼﻒ ﻳﺴﺘﻐﺮﺏ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎﻗﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﺎﻟﺐ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﺟﺮﺡ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ، ﻭﻫﻲ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﺳﺎﺱٌ ﻣﻦ ﺃﺳﺲ ﺗﻮﺛﻴﻘﻪ، ﻭاﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻢ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺇﻻ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ اﻹﻧﺼﺎﻑ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﺩﻋﻮاﻫﻢ ﺑﻌﺪﻡ ﻣﺨﺎﻟﻄﺘﻪ ﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﺼﺮﻩ ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ اﻟﻤﺰﻱ ﻓﻲ ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺭﺩﻧﺎﻩ ﺁﻧﻔﺎ.
ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺬ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭاﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﺇﻟﻰ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﻠﻤﻪ، ﻭﻣﻦ اﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ اﺗﺒﺎﻉ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﻭاﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﻢ، ﻭﺇﻋﺎﻧﺘﻬﻢ ﻭﻣﻨﺎﺻﺮﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻣﻊ ﻇﻬﻮﺭ اﻟﺒﺪﻉ، ﻭﺗﻐﻴﻴﺮ اﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻭﺗﺒﺪﻳﻞ ﻗﻮاﻋﺪ اﻹﺳﻼﻡ، ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ، ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺇﻟﻤﺎﻡ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻹﺳﻼﻡ اﻟﻌﺰﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﻓﺴﺎﺩ اﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻋﺪﻡ اﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻨﻜﺮاﺕ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎﺕ اﻹﻳﻤﺎﻥ.
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻣﻘﺎﺭﻋﺘﻬﻢ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﻓﻤﻦ ﺃﻭﺟﺐ اﻟﻮاﺟﺒﺎﺕ، ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻟﺘﻜﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻣﺔ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﺨﻴﺮ ﻭﻳﺄﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ اﻟﻤﻔﻠﺤﻮﻥ}[ﺁﻝ ﻋﻤﺮاﻥ:104].
ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ اﻵﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﺎﻫﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، اﻟﻤﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﻔﻼﺡ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻘﺪﻭﺣﺎً ﻓﻴﻪ، ﻣﻊ ﺃﻥ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﻮاﺭﺩﺓ ﻓﻲ اﻟﺴﻜﻮﺕ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﻤﻠﻪ اﻟﻈﺎﻟﻤﻮﻥ ﻭﻋﺪﻡ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ، ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺒﻼﻁ ﻭاﻟﺴﻼﻃﻴﻦ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ: {ﻻ ﻳﻨﺎﻝ ﻋﻬﺪﻱ اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ}[اﻟﺒﻘﺮﺓ:124] ﻭاﻟﻌﻬﺪ ﻫﻮ اﻹﻣﺎﻣﺔ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻳﻔﺘﻲ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﻧﺼﺮﺓ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺣﻤﻞ ﺇﻟﻴﻪ اﻷﻣﻮاﻝ اﻟﻜﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ ﻭﻓﻀﻼﺋﻬﺎ."
ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻠﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ
قال الباحث العزي: "ﻛﻤﺎ اﺩﻋﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺘﻘﺪﻳﻦ ﻷﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺃﺳﻨﺪ ﺇﻟﻰ اﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﺃﻗﻮاﻝ ﻭﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﻭاﻟﻤﻌﻤﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺃﺋﻤﺔ اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺫﻟﻚ من ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ:
ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻠﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺐ اﻟﺴﻨﺔ، ﻛﺎﻟﺼﺤﺎﺡ، ﻭاﻟﺴﻨﻦ، ﻭاﻟﻤﺴﺎﻧﻴﺪ.
ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻠﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺐ اﻹﻣﺎﻣﻴﺔ.
ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﻌﻤﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺃﺋﻤﺔ اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ، ﻛﺎﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 246ﻫ، ﻭﺣﻔﻴﺪﻩ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 298ﻫـ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ.
ﻭاﻟﺠﻮاﺏ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻷﻭﻝ:
ﺃﻥ ﺩﻋﻮﻯ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻠﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺤﺔ، ﻷﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﻃﺎﺑﻘﻨﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻤﻮﻉ، ﻭاﻟﻤﺮﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻧﻴﺪ ﻭاﻟﺴﻨﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻫﺎ ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ، ﻭﻗﺪ ﻃﺎﺑﻘﻬﺎ ﺷﺮاﺡ اﻟﻨﻬﺞ، ﻗﺎﻝ اﻟﻤﺤﺪﺙ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻉ: "ﻓﻘﺪ ﺳﺒﺮﻧﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺨﺔ، ﻭﺭاﺟﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ ﻭاﻟﻤﺴﺎﻧﻴﺪ، ﻓﻮﺟﺪﻧﺎﻫﺎ ﻣﺴﻨﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺣﺴﻨﺔ"، ﻭﻗﺎﻡ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﺴﻴﺎﻏﻲ ﺑﺘﺨﺮﻳﺞ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (اﻟﺮﻭﺽ اﻟﻨﻀﻴﺮ)، ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎء ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻋﻮﻯ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ: "ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻮاﺯﻧﺔ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﺎﺱ اﻟﻀﺎﺑﻂ، ﻭﻗﺪ ﺭاﺟﻌﻨﺎ ﺷﺮﺡ اﻟﻤﺠﻤﻮﻉ اﻟﺬﻱ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻠﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﻭاﺯﻥ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻟﻤﺮﻭﻱ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﻟﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪاﺕ، ﻭﺇﻥ ﺧﺎﻟﻔﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻔﻖ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎﻥ ﻣﻊ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﻭﻣﻊ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺃﺋﻤﺔ اﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻷﺭﺑﻌﺔ" ﻭﺑﻬﺬا ﺑﻄﻠﺖ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ.
ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﺫا ﺛﺒﺖ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻧﻴﺪ ﻭاﻟﺼﺤﺎﺡ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻫﻢ.
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻭﻫﻮ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻠﻤﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻹﻣﺎﻣﻴﺔ ﻓﻐﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺃﺻﺢ، ﻗﺎﻝ اﻟﺴﻴﺎﻏﻲ ﻓﻲ (اﻟﺮﻭﺽ اﻟﻨﻀﻴﺮ) ﺣﺎﻛﻴﺎً ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﻬﺎﺭﻭﻧﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 411ﻫ: ﺇﻥ ﻗﻴﻞ ﺇﻥ اﻟﺒﺎﻗﺮ ﻭﺃﺧﺎﻩ ﺯﻳﺪاً ﺃﺧﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻬﻤﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﻭﻗﻊ اﻟﺨﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ؟
ﻭاﻟﺠﻮاﺏ ﺃﻥ اﻟﺮﻭاﺓ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻫﻢ ﻋﺪﻭﻝ اﻟﺰﻳﺪﻳﺔ، اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻃﻌﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭاﻟﺮﻭاﺓ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻗﺮ ﻫﻢ اﻹﻣﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻨﺎ ﻋﺪاﻟﺘﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻖ ﺃﺑﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻌﺾ اﻹﻣﺎﻣﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﻋﺪﻩ اﻟﻄﻮﺳﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺒﺎﻗﺮ، ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﻤﻲ.
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻟﺚ:
ﻭﻫﻮ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮﻭﻳﺎﺕ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻤﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ اﻷﺋﻤﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ، ﻓﻼ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻗﺪﺣﺎً ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ للأﺳﺒﺎﺏ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
ﺇﻥ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻬﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ، ﻭﺫﻭ اﺟﺘﻬﺎﺩ ﻣﻄﻠﻖ ﻭاﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻪ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺰﻳﺪﻱ، ﺑﻞ ﻳﺮﺟﺢ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮﻩ ﻭاﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭاﺟﺘﻬﺎﺩﻩ، ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺃﺑﺎ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﺳﻄﻲ، ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺑﻀﻌﺎً ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺣﺪﻳﺜﺎ.
لو ﻧﺎﻗﺸﻨﺎ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﺢ للإمام اﻟﻬﺎﺩﻱ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻫﺎ ﺛﻼﺛﺔ، ﻭﻫﻲ:
الحديث الأول: (ﺣﺪﻳﺚ ﺑﻴﻊ ﺃﻣﻬﺎﺕ اﻷﻭﻻﺩ):
ﻭﻫﻮ ﺃﻥ اﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻴﺰ ﺑﻴﻊ ﺃﻣﻬﺎﺕ اﻷﻭﻻﺩ، ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﺇﺫا ﻣﺎﺕ ﺳﻴﺪﻫﺎ ﻭﻟﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﺪ ﻓﻬﻲ ﺣﺮﺓ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻪ، ﻷﻥ اﻟﻮﻟﺪ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻘﺼﺎً، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻭﻟﺪ ﻟﻬﺎ ﺑﻴﻌﺖ، ﻭاﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻥ ﺃﺑﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﻟﻢ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﺭﻭاﻫﺎ ﻋﻨﻪ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻛﻌﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﻪ، ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪﺓ اﻟﺴﻠﻤﺎﻧﻲ ﻧﺤﻮﻩ، ﻭﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ، ﻭﺣﻜﻲ ﻋﻦ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﻤﺰﺓ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﺁﺧﺮ ﻗﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺟﻮاﺯ ﺑﻴﻊ ﺃﻣﻬﺎﺕ اﻷﻭﻻﺩ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺬﻫﺐ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺎﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻭاﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻭﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻭﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ، ﻭﻳﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ ﻛﺎﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﺒﺎﻗﺮ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻷﻃﺮﻭﺵ، ﻭاﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺰﻣﻮا ﺑﺘﺤﺮﻳﻢ ﺑﻴﻊ ﺃﻣﻬﺎﺕ اﻷﻭﻻﺩ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻨﺪﻭا ﺇﻟﻰ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﺑﻞ اﻋﺘﻤﺪﻭا ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻣﺮﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﻛﺤﺪﻳﺚ ﻋﺘﻖ ﻣﺎﺭﻳﺔ اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﻘﻬﺎ: ((ﺃﻋﺘﻘﻬﺎ ﻭﻟﺪﻫﺎ)) ﻭﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ.
اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ: (ﺣﺪﻳﺚ ﺯﻛﺎﺓ اﻹﺑﻞ):
ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ﺧﻤﺲ ﺷﻴﺎﺓ، ﻟﻢ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺃﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺮﻭاﻳﺘﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﺭﻭاﻫﺎ اﻟﻤﺤﺪﺙ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﺮاﺩﻱ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻟﻲ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﻪ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﻨﻪ اﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﺿﻤﺮﺓ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻤﺤﺪﺙ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ اﻟﻤﺮاﺩﻱ، ﻭاﻟﻤﺄﺧﻮﺫ ﺑﻪ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺲ ﻭاﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻨﺖ ﻣﺨﺎﺽ، ﻭﺣﻜﻰ اﻟﻤﺤﺪﺙ ﺻﺎﺭﻡ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻮﺯﻳﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﺪﻭاﺭ: ﻭﻓﻲ اﻟﻨﻴﺮﻭﺳﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻭاﻟﻤﺮﺷﺪ ﻋﻦ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻋﻤﻼ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺮﻭاﻳﺔ، ﻭﻗﺎﻻ: ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺧﻤﺲ ﺷﻴﺎﻩ، ﻭﻗﺪ ﺗﺄﻭﻟﻬﺎ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﺷﺮﻳﻜﻴﻦ، ﻷﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﺸﺮ ﻭللآخر خمس ﻋﺸﺮﺓ.
اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ: (ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ اﻟﻮﻟﺪ ﻟﻮاﻟﺪﻩ ﺇﻻ اﻟﺤﺴﻦ ﻭاﻟﺤﺴﻴﻦ):
ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﻛﺜﺮ اﻟﻌﺘﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺷﻬﺎﺩﺓ اﻟﻮﻟﺪ ﻟﻮاﻟﺪﻩ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺰﺧﺎﺭ، ﻭاﻟﺮﻭﺽ اﻟﻨﻀﻴﺮ، ﻭﻗﺪ ﺣﻤﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻫﺬﻩ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﻬﺎ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺷﻬﺪ ﻟﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ، ﻓﺘﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﻟﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﺷﻮاﻫﺪ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺎﺕ ﺗﻌﻀﺪ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺧﺎﻟﺪ، ﻛﻘﺼﺔ اﻟﺪﺭﻉ اﻟﺬﻱ ﺗﻘﺎﺿﻰ ﻓﻴﻪ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮﺩﻱ، ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻰ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻴﺔ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺠﻮﺯﻱ ﻓﻲ اﻟﻮاﻫﻴﺎﺕ، ﻭاﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﺃﺧﺮﺟﻬﺎ اﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ.
وبعد كل ما سبق من البحث والحديث حول شخصية تلميذ الإمام زيد وراوي مجموعه أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي والتقصي لكلام جارحيه وشبههم ومناقشتها بالاسلوب العلمي الهادئ يتبين لنا عدالة الرجل ووثاقته وأن كل ذلك التحامل والجرح نابع من العداء المذهبي والذي نسأل الله تعالى أن يعافينا منه ويوفقنا لسبل الانصاف والعمل بالحق وتقبله بجاه محمد وآله الطاهرين.