حديث علي مع الحق
اعتراض ابن تيمية
قال ابن تيميّة: ((إنهم رووا جميعاً ـ في سياق الحديث عن قول النبي " علي مع الحق " ـ من أعظم الكلام كذباً وجهلا، فإنّ هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف)) [منهاج السنة ج: 3 ص: 238] .
الرد على ابن تيمية
حاولنا هنا أن نبحث عن مدى مصداقية الشيخ ابن تيمية في قوله السالف الذكر، ((لم يروه أحد ... لا بإسناد صحيح ولا ضعيف)) وهنا نحن سنورد لكم بعض رواة الحديث ومن أمهات الكتب المعتمدة عند الشيخ ونترك لكم التعليق
الأول:
عن أبي ثابت - مولى أبي ذر - قال : دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي ، وتذكر عليا ، وقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : علي مع الحق ، والحق مع علي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض يوم القيامة
تاريخ بغداد 6/ 313 .
الثاني:
عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام، وأخرجه عنه الترمذي في باب مناقبه رقم الحديث (3714) بلفظ "رحم الله عليا اللهم ادر الحق معه حيث دار" وكذا الحاكم في المستدرك برقم (4629) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
والثّالث:
سيّدتنا اُمّ سلمة وسعد بن أبي وقاص ، أخرجه عنهما الهيتمي في مجمع الزوائد [ج:٧ ص: 235] جاء في لفظه : ((أنَّ فلانًا دَخَلَ المدينَةَ حاجًّا فأتاه الناسُ يُسْلِمونَ عليه فدخلَ سعْدٌ فسلَّمَ فقال وهذَا لم يُعِنَّا علَى حَقِّنَا علَى باطِلِ غيرِنا قال فسَكَتَ عنْهُ [ساعَةً] فقال ما لَكَ لا تَتَكَلَّمُ فقال هاجَتْ فِتْنَةٌ وظُلْمَةٌ فقال لِبَعِيري إِخْ إِخْ فأَنَخْتُ حتَّى انجَلَتْ فقال رجُلٌ إنَّي قَرَأْتُ كتابَ اللهِ من أوَّلِهِ إلى آخرِهِ فلَمْ أرَ فيه إِخْ إِخْ [قال فغضِبَ سَعْدٌ] فقال أمَا إذْ قلْتَ ذاكَ فإِنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يقولُ: ((علِيٌّ مع الحقِّ)) أو ((الحقُّ مع علِيٍّ حيثُ كان)) قال مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ قال قاله في بيتِ أمِّ سلمَةَ قال فَأَرْسَلَ إلى أمِّ سَلَمَةَ فسأَلَها فقالَتْ قَدْ قالَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بيتِي فقال الرجلُ لسَعْدٍ ما كنتَ عندِي قطُّ ألْوَمُ منكَ الآنَ فقال ولِمَ قال لو سمعْتُ هذا من النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لم أزلْ خادِمًا لِعَلِيٍّ حتى أموتَ)).
والرابع:
وفي البداية والنهاية [ج: ٧ ص: 398]: ((وقد ورد عن أبي سعيد وأم سلمة أن الحق مع علي رضي الله عنه وفي كل منهما نظر، الله أعلم.))
والخامس:
أبو سعيد الخدري، أخرجه الهيثمي ، في مجمع الزوائد [ج: ٧ ص: 164] بلفظ ( كنا عندَ بيتِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في نفَرٍ من المهاجرينَ والأنصارِ فقال ألَا أُخْبِرُكُمْ بخيارِكُمْ قالوا بلَى قال خيارُكم الموفونَ المُطَيِّبُونَ إنَّ اللهَ يُحِبُّ الخفِيَّ التَقِيَّ قال ومرَّ علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ فقال الحقُّ مع ذا الحقِّ معَ ذَا) وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
شواهد للحديث
رغم أن ابن تيمية حاول ابطال الحديث وانكاره وقد تقدم واثبتنا صحته وعدم دقة كلام الشيخ ابن تيمية وهنا سنورد لكم بعض الشواهد التي تؤيد معنى الحديث وتدل على كون علي مع الحق ..
شاهد أول
عن أم سلمة هند بنت أبي أمية: ((عليٌّ مع القرآنِ، والقرآنُ مع عليٍّ، لن يفترِقا حتى يرِدا عليَّ الحوضَ)) حديث صحيح.
أخرجه السيوطي في جمع الجوامع حرف العين [ج: 1 ص: 14495] برقم (197) واخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (4880) وفي المعجم الصغير (ج 2 / ص 28) برقم (720) والحاكم في المستدرك (ج 4 / ص 217) برقم (4628).
شاهد آخر
[عن أبي ذر الغفاري:] ((يا عليُّ من فارقني فارق اللهَ، ومن فارقك يا عليُّ فارقني)) الهيثمي في مجمع الزوائد رقم (14771) [ج: ٩ ص: ٣5] وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
وأورده الشوكاني (١٢٥٥ هـ)، في در السحابة [ص: ١٦7] وقال: إسناده رجاله ثقات.
والحاكم في المستدرك (ج 10 / ص 431) رقم (4601) وقال: صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه وبرقم (4686) وفي النسخة بتعليق الذهبي رقم (4624) ورقم (4703) .
واخرجه ابن عدي في الكامل (ج 3 / ص 82) رقم (625) ورواه في فضائل الصحابة (ج 2 / ص 443) رقم (930) ورواه البزار في مسنده (ج 5 / ص 394) رقم (4066)
صالح بن أبي الاسود أخو منصور بن أبي الأسود
روى عن 1ـ الحسين ذ و الدمعة عليه السلام، وعن 2ـ ابنه عبيد الله، وعن 3ـ ابن أخيه جعفر، وعن 4ـ أبي المطهر الرازي، عن الأعشى الثقفي، وعن 5ـ علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة، وعن 6ـ أبي الجارود عن زيد بن علي ومحمد بن علي بن علي والأعمش، وعن 7ـ محفوظ بن عبد الله الحضرمي عن محمد بن يحيى، وعن 8ـ الأعمش أنظر تاريخ دمشق (ج 42 / ص 373) والمعجم الأوسط للطبراني (ج 11 / ص 104) وعن 9ـ صالح بن حسان أبو الحارث الأنصاري وعن 10ـ هاشم بن بريد وعن غيرهم
وعنه 1ـ محمد بن الحسن السلولي، و2ـ محمد بن عثمان بن بهلول، و3ـ مالك بن إسماعيل، و4ـ إسماعيل بن أبان، و5ـ يعقوب بن خليفة، و6ـ عبادة بن زياد، و7ـ يحيى بن سالم، و8ـ عبد العزيز بن الخطاب، و9ـ عبد الرحمن بن صالح، 10ـ أَرْطَأَةُ بْنُ حَبِيْبٍ الأَسَدِيُّ، وغيرهم
خرج له المرشد بالله في الأمالي الإثنينية أنظر (ج 1 / ص 567 و617) ومحمد بن سليمان الكوفي في المناقب أنظر (ج 2 / ص 294) والمؤيد بالله في شرح التجريد في فقه الزيدية أنظر (ج 3 / ص 47) والطبراني في المعجم الكبير أنظر (ج 3 / ص 110) وغير هذه الصفحة وغيره وأبو نعيم في حلية الأولياء أنظر (ج 1 / ص 66)
قال في الغارة السريعة لردع الطليعة (ج 1 / ص 340) ((قلت: ضعفه إن صح ينجبر بالأسانيد الأخر من غير طريقه)).
ترجم له ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج 6 / ص 382) وترجم به عبد الله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي في الجداول الصغرى مختصر الطبقات الكبرى (ج 2 / ص 21) فقال: ((صالح بن أبي الأسود الكوفي الحناط، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي ومحمد بن علي بن علي والأعمش، وعنه علي بن العباس ومحمد بن حفص وإبراهيم بن محمد بن ميمون، روى في تشريف الوصي فوهاه الذهبي)) انتهى. وترجم له الذهبي في الميزان رقم (3771) (ج 2 / ص 288) وقال عنه ابن عدي في الكامل (ج 4 / ص 66): ((صالح بن أبي الأسود الحناط كوفي وأحاديثه ليست بالمستقيمة)) والحمد لله أنه لم يطلق القدح إذ ساق له روايتين هي سبب القدح على حسب زعمه ثم أضاف ((وفي أحاديثه بعض النكرة وليس هو بذلك المعروف))
فقال: ((صالح بن أبى الاسود الكوفى الخياط عن الاعمش وغيره، واه؛ قال ابن عدى: أحاديثه ليست بالمستقيمة وليس بالمعروف.
وروي بطريق آخر في حديث طويل اخرجها الطبراني ، في المعجم الأوسط [ج: ٦ ص: ١٦٢].
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد [ج: ٩ ص: ١٣١] عن بريدة: بعَث رسولُ اللهِ عليًّا أميرًا على اليَمَنِ وبعَث خالدَ بنَ الوليدِ على الجَبلِ فقال إنِ اجتمَعْتُما فعلِيٌّ على النَّاسِ فالتقَوْا وأصابوا مِن الغنائمِ ما لَمْ يُصيبوا مِثْلَه وأخَذ عليٌّ جاريةً مِن الخُمُسِ فدعا خالدُ بنُ الوليدِ بُرَيدةَ فقال اغتنِمْها فأخبِرِ النَّبيَّ بما صنَع فقدِمْتُ المدينةَ ودخَلْتُ المسجِدَ ورسولُ اللهِ في منزِلِه وناسٌ مِن أصحابِه على بابِه فقالوا ما الخبرُ يا بُرَيدَةُ فقُلْتُ خيرٌ فتَح اللهُ على المُسلِمينَ فقالوا ما أقدَمَكَ قال جاريةٌ أخَذها علِيٌّ مِن الخُمُسِ فجِئْتُ لِأُخبِرَ النَّبيَّ قالوا فأخبِرْه فإنَّه يُسقِطُه مِن عينِ رسولِ اللهِ ورسولُ اللهِ يسمَعُ الكلامَ فخرَج مُغضَبًا وقال ما بالُ أقوامٍ ينتقِصونَ عليًّا مَن ينتقِصْ عليًّا فقد انتقَصَني ومَن فارَق عليًّا فقد فارَقني إنَّ عليًّا منِّي وأنا منه خُلِق مِن طِينتي وخُلِقْتُ مِن طِينةِ إبراهيمَ وأنا أفضَلُ مِن إبراهيمَ {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[آل عمران: ٣٤] وقال يا بُرَيدةُ أمَا علِمْتَ أنَّ لِعَليٍّ أكثَرَ مِن الجاريةِ الَّتي أخَذ وأنَّه وليُّكم مِن بعدي فقُلْتُ يا رسولَ اللهِ بالصُّحبةِ إلَّا بسَطْتَ يدَكَ حتَّى أُبايِعَكَ على الإسلامِ جديدًا قال فما فارَقْتُه حتَّى بايَعْتُه على الإسلامِ
شاهد آخر
عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال وسمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم, يقولُ لعمَّارٍ: يا عمَّارُ تقتلُك الفئةُ الباغيةُ وأنت مذ ذاك مع الحقِّ والحقُّ معك يا عمَّارَ بنَ ياسرٍ إن رأيتَ عليًّا قد سلك واديًا وسلك النَّاسُ واديا غيرَه فاسلُكْ مع عليٍّ فإنَّه لن يُدلِّيَك في رَكِيٍّ ولن يُخرِجَك من هدًى يا عمَّارُ من تقلَّد سيفًا أعان به عليًّا على عدوِّه قلَّده اللهُ يومَ القيامةِ وِشاحَيْن من دُرٍّ ومن تقلَّد سيفًا أعان به عدوَّ عليٍّ قلَّده اللهُ يومَ القيامةِ وِشاحَيْن من نارٍ قلنا يا هذا حسبُك رحِمك اللهُ حسبُك رحِمك اللهُ
أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية ٧/٣١٨
وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢/٤٧٢
و الخطيب في تاريخ بغداد ١٣/١٨٦
شاهد آخر
عن مالك بن جعونة قال سمعت أم سلمة تقول : كان علي على الحق من اتبعه اتبع الحق ومن تركه ترك الحق عهدا معهودا قبل يومه هذا.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير / 23 / 329
وهنا سنورد كلام الرازي وهو من العلماء المعتبرين عند السنة كرد على الشيخ ابن تيمية :
وقال الرازي في التفسير الكبير وهو يتحدث عن الجهر بالبسملة حيث قال : وأما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى والدليل عليه قوله عليه السلام اللهم ادر الحق مع علي حيث دار .
تفسير الرازي / 1 / 168
ومع كل ما سبق يتبين لكم خطأ ابن تيمية ومجانبته للحقيقة والحق في مقولته تلك أن حديث على مع الحق لم يورده أحد فقد أوردنا رواده وذيلناهم بشواهده والحمد لله رب العالمين