شهادة أمير المؤمنين علي عليه السلام
كان النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر الإمام عليا عليه السلام إنه سينال الشهادة على يد أشقى الآخرين كما في الرواية (ﺃﺷﻘﻰ اﻷﻭﻟﻴﻦ ﻋﺎﻗﺮ ﻧﺎﻗﺔ ﺛﻤﻮﺩ، ﻭﺃﺷﻘﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻗﺎﺗﻠﻚ ﻳﺎ ﻋﻠﻲ) لذا كان الإمام علي عليه السلام يتحسس الشهادة وكانت تتمثل أمام عينيه، يرى في المنام رسول الله مرات عدة يبشره أنه قريب اللحاق به فكان يعد العدة للوقوف بين يدي الله ويتهيأ للقاء الأحبة رسول الله وصحبه. وفي بداية الشهر الكريم رمضان من سنة 41 للهجرة الشهر الذي لحق الامام علي عليه السلام فيه بالرفيق الأعلى ﻛﺎﻥ الإمام عليه السلام ﻳﻔﻄﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺴﻦ ﻟﻴﻠﺔ، ﻭﻋﻨﺪ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ، ﻭﻋﻨﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﻟﻴﻠﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ ﻟﻘﻢ فكان يقال له في ذلك، فيقول: ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻨﻲ ﺃﻣﺮ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻧﺎ ﺧﻤﻴﺺ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﻟﻴﻠﺘﺎﻥ . وروي عن الإمام الحسن ﻗﺎﻝ : ﺧﺮﺟﺖ ﻭ ﺃﺑﻲ ﻳﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻘﺎﻝ لي: ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺇﻧﻲ ﺑﺖ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺃﻭﻗﻆ ﺃﻫﻠﻲ ﻓﻤﻠﻜﺘﻨﻲ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻓﺴﻨﺢ ﻟﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ فقلت: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺫا ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻚ ﻣﻦ اﻷﻭﺩ ﻭ اﻟﻠﺪﺩ ﻓﻘﺎﻝ لي: اﺩﻉ ﻋﻠﻴﻬﻢ فقلت: اﻟﻠﻬﻢ ﺃﺑﺪﻟﻨﻲ ﺑﻬﻢ ﺧﻴﺮا ﻣﻨﻬﻢ ﻭ ﺃﺑﺪﻟﻬﻢ ﺑﻲ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺷﺮ ﻣﻨﻲ .
ليلة التاسع عشر من شهر رمضان
لم تتغير عادة الإمام علي عليه السلام في كل الأوقات فهو الرجل الزاهد العابد الخاشع الذي يذوب حبا في الله ويتوق شوقا إليه وهنا تحدثنا ابنته أم كثلوم كيف قضى عليه السلام ليلته التي ضرب فيها ، ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ: ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻗﺪﻣﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﻋﻨﺪ ﺇﻓﻄﺎﺭﻩ ﻃﺒﻘﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﺮﺻﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﺒﺰ اﻟﺸﻌﻴﺮ ﻭﻗﺼﻌﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺒﻦ ﻭﻣﻠﺢ، ﻓﻠﻤﺎ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ اﻷﻣﺎﻡ ﻭﺗﺄﻣﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻲ: ﺑﻨﻴﺘﻲ ﺃﺗﻘﺪﻣﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻚ ﺇﺩاﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﻃﺒﻖ ﻭاﺣﺪ ﺃﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﻮﻝ ﻭﻗﻮﻓﻲ ﻏﺪا ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ أحد ﻃﺎﺏ ﻣﻄﻌﻤﻪ ﻭﻣﺸﺮﺑﻪ ﻭﻣﻠﺒﺴﻪ ﺇﻻ ﻃﺎﻝ ﻭﻗﻮﻓﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ اﻟﻠﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﺇﻥ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺣﻼﻟﻬﺎ ﺣﺴﺎﺏ ﻭﻓﻲ ﺣﺮاﻣﻬﺎ ﻋﻘﺎﺏ، ﻭﻓﻲ اﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻋﺘﺎﺏ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻻ ﺁﻛﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻓﻌﻲ ﺃﺣﺪ اﻹﺩاﻣﻴﻦ. ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ: ﻓﺄﺭﺩﺕ ﺃﻥ اﺭﻓﻊ اﻟﻤﻠﺢ ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ، ﻓﺮﻓﻌﺖ اﻟﻠﺒﻦ ﻓﺄﻛﻞ ﺛﻼﺙ ﻟﻘﻢ ﺛﻢ ﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﻼﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺳﻼﻡ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻭﻗﺎﻋﺪا، ﺭاﻛﻌﺎ ﻭﺳﺎﺟﺪا، ﻣﺒﺘﻬﻼ ﻭﻣﺘﻀﺮﻋﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺛﻢ ﻗﺮﺃ ﺳﻮﺭﺓ (ﻳﺲ) ﻭﺭﻗﺪ ﻫﻨﻴﺌﺔ، ﻭاﻧﺘﺒﻪ ﻣﺮﻋﻮﺑﺎ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ: ﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ.
وفاز الإمام عليه السلام
في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان خرج أمير المؤمنين إلى مسجد الكوفة لصلاة الفجر وكان عبدالرحمن بن ملجم المرادي قد دخل مع رفيقيه المسجد ثم ﺃﻗﺒﻞ عبدالرحمن بن ملجم ﻳﻤﺸﻲ في المسجد ﺣﺘﻰ ﻭﻗﻒ ﺑﺈﺯاء اﻹﺳﻄﻮاﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ اﻹﻣﺎﻡ ﻳﺼﻠﻲ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﺄﻣﻬﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﻭﻟﻰ ﻭﺭﺟﻊ ﻭﺳﺠﺪ اﻟﺴﺠﺪﺓ اﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺭﻓﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﺃﺧﺬ اﻟﺴﻴﻒ ﻭﻫﺰﻩ ﺛﻢ ﺿﺮﺏ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻮﻗﻌﺖ اﻟﻀﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﺿﺮﺑﺔ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻭﺩ اﻟﻌﺎﻣﺮﻱ، ﻭﻧﺰﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺠﻮﺩﻩ ﻓﻮﻗﻊ اﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺮاﺏ ﻭﻗﺪ ﺧﻀﺐ اﻟﺪﻡ ﺷﻴﺒﺘﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻠﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﺰﺕ ﻭﺭﺏ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺛﻢ ﺻﺎﺡ ﻗﺘﻠﻨﻲ ابن ﻣﻠﺠﻢ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﻔﻮﺗﻨﻜﻢ اﻟﺮﺟﻞ .
وصية الإمام للناس في المسجد
بعد أن وقعت الضربة على رأس الإمام عليه السلام اﺳﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ اﺳﻄﻮاﻧﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭاﻟﺪﻣﺂء ﺗﺴﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺒﺘﻪ،واﻟﻨﺎﺱ يضجون في اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﻬﻴﺌﺔ ﻳﻮﻡ ﻗﺒﺾ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺎﺑﺘﺪﺃ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﻓﻘﺎﻝ- ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭاﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻛﻞ اﻣﺮﺉ ﻣﻼﻕ ﻣﺎ ﻳﻔﺮ ﻣﻨﻪ، ﻭاﻷﺟﻞ ﺗﺴﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻨﻔﺲ، ﻭاﻟﻬﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﻣﻮاﻓﺎﺗﻪ ﻛﻢ اﻃﺮﺩﺕ اﻷﻳﺎﻡ اﺑﺤﺜﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﻜﻨﻮﻥ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﺄﺑﻰ اﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺳﺘﺮﻩ، ﻭﺇﺧﻔﺎءﻩ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎ. ﺃﻣﺎ ﻭﺻﻴﺘﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: ﻓﻼ ﺗﺸﺮﻛﻮا ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﻣﺤﻤﺪا ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻼ ﺗﻀﻴﻌﻮا ﺳﻨﺘﻪ، ﺃﻗﻴﻤﻮا ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻌﻤﻮﺩﻳﻦ، ﺣﻤﻞ ﻛﻞ ﺃﻣﺮﺉ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﺠﻬﻮﺩﻩ، ﻭﺧﻔﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﺠﺰﺓ ﺭﺏ ﻛﺮﻳﻢ ﺭﺣﻴﻢ، ﻭﺩﻳﻦ ﻗﻮﻳﻢ، ﻭﺇﻣﺎﻡ ﻋﻠﻴﻢ، ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻲ ﺇﻋﺼﺎﺭ ﻭﺫﺭﻭ ﺭﻳﺎﺡ، ﺗﺤﺖ ﻇﻞ ﻏﻤﺎﻣﺔ اﻇﻤﺤﻞ ﺭاﻛﺪﻫﺎ، ﻟﻴﻌﻈﻜﻢ ﺧﻔﻮﺗﻲ ﻭﺳﻜﻮﻥ ﺃﻃﺮاﻓﻲ، ﺇﻧﻪ ﻷﻭﻋﻆ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﻧﻄﻖ ﺑﻠﻴﻎ. ﻭﺩﻋﺘﻜﻢ ﻭﺩاﻉ اﻣﺮﺉ ﻣﺮﺻﺪ ﻟﻠﺘﻼﻕ، ﻏﺪا ﺗﺮﻭﻥ ﺃﻳﺎﻣﻲ، ﻭﻳﻜﺸﻒ ﻟﻜﻢ ﻋﻦ ﺳﺮاﺋﺮﻱ، ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ اﻟﻠﺰاﻡ، ﻛﻨﺖ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ، ﻭﺃﻧﺎ اﻟﻴﻮﻡ ﻋﻈﺔ ﻟﻜﻢ، ﻭﻏﺪا ﺃﻓﺎﺭﻗﻜﻢ ﻓﺈﻥ ﺃﺑﻖ ﻓﺄﻧﺎ ﻭﻟﻲ ﺩﻣﻲ، ﻭﺇﻥ ﺃﻓﻦ ﻓﺎﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻴﻌﺎﺩﻱ، ﻋﻔﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻲ ﻭﻋﻨﻜﻢ.
معاملة الإمام علي عليه السلام ابن ملجم
بعد أن أمسك الناس ابن ملجم ﺃﺧﺬ ﻭﺃﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ فكان ﻳﻘﻮﻝ: أطعموه ﻭاﺳﻘﻮﻩ ﻭﺃﺣﺴﻨﻮا ﺇﺳﺎﺭﻩ، ﺇﺫا ﻣﺖ ﻣﻦ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﻓﺎﺿﺮﺑﻮﻩ ﺿﺮﺑﺔ ﺑﻀﺮﺑﺔ ﻭﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ ﻓﺈﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ صلى الله عليه وآله وسلم ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭاﻟﻤﺜﻠﺔ ﻭﻟﻮ ﺑﺎﻟﻜﻠﺐ اﻟﻌﻘﻮﺭ.
وصية أمير المؤمنين
بعد أن جمع الإمام علي عليه السلام أهل بيته ﺩﻋﺎ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺼﺤﻴﻔﺔ ﻭﺩﻭاﺓ ﻭﻛﺘﺐ ﻭﺻﻴﺘﻪ: ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﻪ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪا ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻭﺩﻳﻦ اﻟﺤﻖ ﻟﻴﻈﻬﺮﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﺮﻩ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﺻﻠﻮاﺕ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻥ ﺻﻼﺗﻲ ﻭﻧﺴﻜﻲ ﻭﻣﺤﻴﺎﻱ ﻭﻣﻤﺎﺗﻲ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺃﻣﺮﺕ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻭﻝ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻭﺻﻴﻚ ﻳﺎ ﺣﺴﻦ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﻭﻟﺪﻱ ﻭﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻲ ﻭﻣﻦ ﺑﻠﻐﻪ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻫﺬا ﺑﺘﻘﻮﻯ اﻟﻠﻪ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺭﺑﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﻤﻮﺗﻦ ﺇﻻ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭاﻋﺘﺼﻤﻮا ﺑﺤﺒﻞ اﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻭﻻ ﺗﻔﺮﻗﻮا ﻓﺈﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺻﻼﺡ ﺫاﺕ اﻟﺒﻴﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺇﻥ اﻟﻤﺒﻴﺮﺓ ﺣﺎﻟﻘﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺇﻓﺴﺎﺩ ﺫاﺕ اﻟﺒﻴﻦ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻧﻈﺮﻭا ﺇﻟﻰ ﺫﻭﻱ ﺃﺭﺣﺎﻣﻜﻢ ﻓﺼﻠﻮﻫﺎ ﻳﻬﻮﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ اﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻷﻳﺘﺎﻡ ﻓﻼ ﺗﻐﻴﺮﻥ ﺃﻓﻮاﻫﻬﻢ ﺑﺠﻔﻮﺗﻜﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺟﻴﺮاﻧﻜﻢ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻭﺻﻴﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ (ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ) ﻓﻤﺎ ﺯاﻝ ﻳﻮﺻﻴﻨﺎ ﺑﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻮﺭﺛﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻼ ﻳﺴﺒﻘﻨﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻏﻴﺮﻛﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﻤﺎﺩ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺈﻧﻪ ﺟﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎﺩ ﺑﺄﻣﻮاﻟﻜﻢ ﻭﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺯﻛﺎﺓ ﺃﻣﻮاﻟﻜﻢ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻄﻔﺊ ﻏﻀﺐ ﺭﺑﻜﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﻧﺒﻴﻜﻢ ﻓﻼ ﻳﻈﻠﻤﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻇﻬﺮﻛﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻧﺒﻴﻜﻢ ﻓﺈﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ (ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ) ﺃﻭﺻﻰ ﺑﻬﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮاء ﻭاﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻓﺄﺷﺮﻛﻮﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻳﺸﻜﻢ ﻭاﻟﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺁﺧﺮ ﻭﺻﻴﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ (ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ) ﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻀﻌﻴﻔﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ﺛﻢ اﻟﺼﻼﺓ اﻟﺼﻼﺓ ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮا ﻓﻲ اﻟﻠﻪ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ ﻳﻜﻔﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﻐﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﻣﻦ ﺃﺭاﺩﻛﻢ ﺑﺴﻮء ﻗﻮﻟﻮا ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺴﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮﻛﻢ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺗﺘﺮﻛﻮا اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﻓﻴﺘﻮﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮﻛﻢ ﻭﺗﺪﻋﻮﻥ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻭاﻟﺘﺒﺎﺫﻝ ﻭاﻟﺘﺒﺎﺭ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭاﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ﻭاﻟﺘﺪاﺑﺮ ﻭاﻟﺘﻔﺮﻕ ﻭﺗﻌﺎﻭﻧﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮ ﻭاﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﻻ ﺗﻌﺎﻭﻧﻮا ﻋﻠﻰ اﻹﺛﻢ ﻭاﻟﻌﺪﻭاﻥ ﻭاﺗﻘﻮا اﻟﻠﻪ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻌﻘﺎﺏ ﺣﻔﻈﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﻭﺣﻔﻆ ﻓﻴﻜﻢ ﻧﺒﻴﻜﻢ اﺳﺘﻮﺩﻋﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻜﻢ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﺭﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﻗﺎﻝ: ﻫﻞ ﺣﻔﻈﺖ ﻣﺎ ﺃﻭﺻﻴﺖ ﺑﻪ ﺃﺧﻮﻳﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ ﻗﺎﻝ: ﻓﺈﻧﻲ ﺃﻭﺻﻴﻚ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻭﺃﻭﺻﻴﻚ ﺑﺘﻮﻗﻴﺮ ﺃﺧﻮﻳﻚ ﻟﻌﻈﻢ ﺣﻘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻼ ﺗﻮﺛﻖ ﺃﻣﺮا ﺩﻭﻧﻬﻤﺎ. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ - ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ - ﻟﻠﺤﺴﻨﻴﻦ ﺃﻭﺻﻴﻜﻤﺎ ﺑﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﺷﻘﻴﻘﻜﻤﺎ ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻴﻜﻤﺎ ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻤﺎ ﺃﻥ أباكما ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺒﻪ.
ورحل الإمام في ليلة 21 ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺳﻨﺔ 40 للهجرة فاضت روح الإمام عليه السلام إلى بارئها وعمره 64 سنة ﻭﻭﻟﻲ ﻏﺴﻠﻪ اﺑﻨﻪ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻋﺒﻴﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺎﺱ، ﻭﻛﻔﻦ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺛﻮاﺏ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻤﻴﺺ، وأمت حشود المؤمنين المكلومين برحيله عليه السلام جثمانه يتقدمهم ولده السبط الحسن عليه السلام، والذي كبر على والده في صلاته ﺧﻤﺲ ﺗﻜﺒﻴﺮاﺕ، ثم دفن صلوات الله عليه ﻋﻨﺪ ﺻﻼﺓ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﺒﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺑﺎﺏ ﻛﻨﺪﺓ من الكوفة ثم رأى أولاده ومحبوه أن ينقل جسده الطاهر ﺇﻟﻰ اﻟﻐﺮﻱ فنقل ليلا إليه ومن ذلك الزمان إلى يوم الدين يقصد قبره في أرض الكوفة المئات من المسلمين الذين تحدو بهم المحبة الخالدة والولاء الصادق وبذلك استطاعت أيدي الكفر والضلال أن تفتك بروح الإمام علي عليه السلام لكنها ما استطاعت أن تمحو اسمه ولا أن تميت فضله ولا أن تخفي أثره لأن صلوات الله عليه من البشر الذي يحيون بموتهم ويخلدون باستشهادهم ومع رحيلهم يخلفون مشاعل النور ويضيؤن آفاق الوجود .