¤النسب المبارك¤
هو أبو محمد الحسن بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، ويلقب بالرضا؛ كان عليه السلام مشهور الفضل، ظاهر النبل، يحكي في أفعاله نسبه العالي، وشرفه المنيف.
والده: هو سيد شباب أهل الجنة والإمام بعد أبيه بالنص النبوي الحسن بن علي عليهما السلام، سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته من الدنيا.
أمه: هي خولة بنت منظور بن سيار الفزاري.
¤زوجته وأولاده¤
زوجه عمه الحسين بن علي ابنته فاطمة في الطف، وكانت تشبه بالحور العين من جمالها، ثم إنه عليه السلام بنى بها في المدينة بعد معركة كربلاء بحوالي سنة وثلاثة أشهر، وهي أم أولاده: عبدالله الكامل ، وإبراهيم الشِّبه ، والحسن المثلث، وأم كلثوم، وزينب، وله من غيرها: داود، وجعفر، وغيرهم.
¤توليه صدقات الرسول¤
كان الإمام الحسن الرضا عليه السلام يلي صدقات رسول الله صلّى الله عَلَيْهِ وآله وسَلّم وأوقاف أمير المؤمنين علي عليه السلام؛ وكان الحجاج بن يوسف قال له يوماً - وهو يسايره في موكبه بالمدينة والحجاج يومئذ أميرها-: أَدْخِلْ عمك عمر بن علي معك في صدقة علي فإنه عمك وبقية أهلك.
فقال الحسن عليه السلام: لا أغيَّر شرط علي، ولا أدخل فيها من لم يدخل.
قال الحجاج: إذن أُدْخِلُه معك.
فشكاه الحسن عليه السلام إلى عبدالملك بن المروان، فكتب له عبدالملك كتاباً إلى الحجاج ينهاه عن ذلك.
ولما مات الإمام الحسن الرضا عليه السلام ولي هذه الصدقات والأوقاف ولده عبد الله بن الحسن بن الحسن حتى حازها الدوانيقي لما حبسه وقتله في حبس الهاشمية مع من قتل منهم.
¤جهاده في الطف¤
حضر الإمام الحسن بن الحسن الطفَّ، وكانت له مواقف عظيمة بين يدي عمه الحسين عليه السلام بكربلاء، وكان فارساً، وعمره يومئذ 20 سنة، وقيل: 19 سنة، وقتل تسعة عشر من جنود الضلالة، وأصابته ثماني عشرة جراحة حتى ارْتَث ووقع في وسط القتلى، فحمله خاله أسامة بن خارجة الفزاري، ورده إلى الكوفة وداووا جراحه، وبقي عنده ثلاثة أشهر حتى عوفي وسلم، وانصرف إلى المدينة.
¤بيعته¤
كان قيامه عليه السلام في أيام عبد الملك بن مروان، وكان بداية أمره، وسبب قيامه أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ولاَّه الحجاجُ سجستان، فسار إليه في جيش عظيم حتى اجتمع له ثلاثون ألفاً، فخلع عبد الملك والحجاج، وهّمَّ بأن يدعو لنفسه، فقال له من معه من علماء الكوفة والبصرة: هذا أمر لا يلتئم إلاّ برجل من قريش، فراسلوا علي بن الحسين زين العابدين والحسن بن الحسن، فأما علي بن الحسين فامتنع، وأما الحسن بن الحسن فقال: مالي رغبة عن القيام بأمر الله، ولا زهد في إحياء دين الله ولكن لا وفاء لكم تبايعونني ثم تخذلونني، فلم يزالوا به حتى أجابهم.
وورد عليه كتاب عبد الرحمن بن الأشعث هو والذين معه بالبيعة وأيمانهم المغلظة وأنهم لا يخالفونه فبايعهم، وخرج إليه منهم ابن أبي ليلى وأبو البحتري الطائي والشعبي وأبو وائل شقيق، ومن أهل البصرة محمد بن سيرين، والحسن البصري وحريش بن قدامة، وسموا الحسن بن الحسن "الرضا"، وغيرهم.
وفي بيعته عليه السلام يقول بعضهم:
أبـلــغ أبـا ذبـــان مخلـوع الـرسن .... أن قد مضت بيعتنا لابن الحسن
ابن الرسول المصطفى والمؤتمن .... مـن خيـر فتيـان قريـش ويـمـن
والحجـة القـائـم فـي هـذا الـزمـن
ثم خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث حتى وافى فارس، وجمع الناس من العرب والعجم والموالي حتى اجتمع له مائة ألف، ووافى البصرة واستقبله الحجاج بن يوسف واشتد القتال بينهم، ثلاث سنين حتى كان بينهما سبعون وقعة أو خمس وسبعون وقعة، كل ذلك على الحجاج سوى وقعتين، وقتل بينهما خلق كثير، وتَقَوَّى أمر ابن الأشعث ودخل الكوفة، واجتمع إليه حمزة بن المغيرة بن شعبة، وقدامه الضبي وابن مصقلة الشيباني في جماعة الفقهاء والقراء، فقالوا له: أظهر اسم الرجل فقد بايعناه ورضينا به إماماً ورضاً، فلما كان يوم الجمعة خطب عليه، حتى إذا كان يوم الجمعة الثانية أسقط اسمه من الخطبة.
¤حرب الجماجم¤
قدم الحجاج بن يوسف إلى الكوفة، فكانت حرب الجماجم الملحمة الكبرى التي انهزم فيها ابن الأشعث، ومضى في جماعة أصحابه، فثبت عبد الله بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان على خيل ابن الأشعث داعيةً للحسن بن الحسن وهو حَدَث السنِّ، فقاتل الحجاجَّ حتى هزم ولحق بابن الأشعث بفارس، ثم مضيا جميعا إلى سجستان.
تواري الإمام الحسن
بعد حرب الجماجم اضطر الإمام الحسن الرضا للتواري بأرض الحجاز وتهامة حتى مات عبد الملك بن مروان، وتولى ابنه الوليد بن عبدالملك.
¤استشهاده¤
لما تولى الوليد بن عبد الملك الحكم ألحَّ في طلب الحسن بن الحسن عليهما السلام حتى دسَّ إليه من سقاه السم، وحُمل إلى المدينة ميتاً على أعناق الرجال، وله من العمر ثماني أو سبع وثلاثون سنة ودفن في البقيع.
وفي الرواية أن امرأته فاطمة بنت الحسين ضربت فسطاطاً على قبره، وأقامت سنة، وكانت تقوم الليل وتصوم النهار، فلما كان رأس السنة قوَّضت الفسطاط وقالت لمواليها: اذهبوا حتى يظلم الليل قليلاً، فلما أظلم سمعت صوتاً بالبقيع؛ هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا فانقلبوا.
وفي رواية: أنها لما قوَّضت الفسطاط تمثلت بقول الشاعر:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبكِ حولاً كاملاً فقد اعتذر
فصلاة الله وسلامه على الإمام الحسن الرضا يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا.