¤النسب المبارك¤
هو ريحانة المصطفى، وسيد شباب أهل الجنة, الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام؛ ويكنى بـ "أبي محمد".
والده: أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام، هارون هذه الأمة، وأخو رسولها صلى الله عليه وآله وسلم، وصهره، وابن عمه؛ من سماه الله سبحانه وتعالى في كتابه "نفس رسول الله"، "ومولى المؤمنين".
أمه: هي بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيدة نساء العالمين, فاطمة الزهراء البتول عليها السلام؛ تكنى بـ"أم أبيها"؛ قال فيها الرسول الكريم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم:((إنما ابنتي فاطمةُ بِضْعَةٌ منِّي يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها))، وقال لها صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنَّ الله عز وجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك)).
¤تاريخ ومكان الميلاد¤
وُلِدَ الإمام الحسن بن علي عليها السلام بالمدينة المنورة، في النصف من رمضان في السنة الثانية للهجرة، بعد غروة أحد، فعَقَّ عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كبشاً في اليوم السابع من مولده، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحلق رأسه، وتصدق بوزنه فضة على المساكين.
وقد رُوي أنه ﻟﻤﺎ ﻃﻠﻘﺖ فاطمةُ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ عليه اﻟﺴﻼﻡ ﺃُﺧﺒﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ﻋﻤﻴﺲ ﻭﺇﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻭﻗﺎﻝ: ((اﻧﻄﻠﻘﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ، ﻓﺈﺫا ﻭﺿﻌﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﻓﺎﻗﺮءا ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺁﻳﺔ اﻟﻜﺮﺳﻲ، ﻭﺁﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﺤﺸﺮ، ﻭﻗﻞ ﻫﻮ الله ﺃﺣﺪ، ﻭاﻟﻤﻌﻮﺫﺗﻴﻦ، ﻭأﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﺑﻤﺎ ﻭﺿﻌﺖ))، ﻓﻔﻌﻠﺘﺎ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻌﺜﺘﺎ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺄﺫﻥ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻪ اﻟﻴﻤﻨﻰ، ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻪ اﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻭﻟﺒﺎﻩ ﺑﺮﻳﻘﻪ ﻓﺤﻨﻜﻪ، ﻭﻗﺎﻝ: ((اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﻋﻴﺬﻩ ﺑﻚ ﻭﺫﺭﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ اﻟﺮﺟﻴﻢ)).
¤تسميته بالحسن¤
لمَّا ولدت فاطمة عليها السلام بولدها الأول الحسن، قالت لعلي عليه السلام: "سمه"؛ فقال الإمام علي عليه السلام: "وكنت رجلاًً أحب الحرب، فأحببت أن أسميه حرباً، ثم قلت: ما كنت لأسبق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باسمه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل له: سمه، فقال: ((ما كنت لأسبق ربي عزَّ وجلَّ)) فأوحى الله إلى جبريل أنه ولد لمحمد ابنٌ فاهبط وأقرئه السلام، وهنئه، وقل له: إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون، فهبط جبريل عليه السلام فهنَّأه من الله تعالى، ثم قال: إن الله يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون، فقال: وما كان اسمه؟ قال: شبر، قال: لساني عربي. قال: فسمه الحسن؛ فسماه الحسن".
¤صفته¤
كان الإمام الحسن عليه السلام يُشبَّه بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من رأسه إلى سرته، وكان أبيض اللون، ﺣﺴﻦ اﻟﻮﺟﻪ، ﻋﻠﻰ ﺭﺗﺔ ﻓﻲ ﻟﺴﺎﻧﻪ، ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ((ﺃﺗﺘﻪ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺟﺪﻩ ﻣﻮﺳﻰﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ)).
وكان عليه السلام سيداً حليماً ذا سكينة ووقار، جواداً، كريماً، من أعبد أهل زمانه، وأزهدهم وأكثرهم علماً؛ روي أنه عليه السلام حجَّ (25) مرة ماشياً على قدميه، ﻭﻗﺎﺳﻢ ﻣﺎﻟﻪ ﺭﺑَّﻪَ ﻣﺮﺗﻴﻦ، وأنه كان إذا توضأ ارتعدت مفاصله واصفر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: "حقٌّ على كل مؤمن وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله".
¤أولاده¤
للإمام الحسن عليه السلام أربعة عشر ابناً، وثمان بنات؛ أشهرهم: الحسن بن الحسن، وهو الحسن المثنى، وزيد بن الحسن، وعقبه منهما فقط، وفاطمة بنت الحسن.
¤نشأته¤
نشأ الإمام الحسن وترعرع في أطهر بيوت عرفها التأريخ، وأطيب حجور أقلَّتها البسيطة، فعاش طفولته متنقلاً بين حجر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورعاية أمِّه الزهراء وأبيه علي عليه السلام، وحنان وطيب أخيه الحسين عليهم السلام.
فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحمله على عاتقه، وهو يقول:((اللهم إني أحبه فأحبه))، ورآه رجل وهو يحمله هو وأخوه الحسين على رقبته، فقال: نعم الفرس تحتكما، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((ونعم الفارسان هما)).
فتربى الإمام الحسن عليه السلام التربية الصالحة، ونشأ النشأة الكريمة، في البيت الطاهر؛ فطابت أخلاقه، وكرمت شمائله؛ وما أصدقه عليه السلام، وأعظم شأنه حين يحكي عن نفسه؛ إذ افتخر عليه ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﺑﻄﺤﺎء ﻣﻜﺔ، ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﺃﻏﺰﺭﻫﺎ ﺟﻮﺩاً، ﻭﺃﻛﺮﻣﻬﺎ ﺟﺪﻭﺩاً، ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﻣﻦ ﺳﺎﺩ ﻗﺮﻳﺸﺎً ﻓﻀﻼً ﻧﺎﺷﺌﺎً ﻭﻛﻬﻼ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ: "ﺃعليَّ ﺗﻔﺘﺨﺮ ﻳﺎ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ؟! ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﻋﺮﻭﻕ اﻟﺜﺮﻯ، ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﻣﺄﻭﻯ اﻟﺘﻘﻰ، ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﻣﻦ جاء ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ، ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﻣﻦ ﺳﺎﺩ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ، ﻭاﻟﺠﻮﺩ اللاﺋﻖ، ﻭاﻟﺤﺴﺐ اﻟﻔﺎﺋﻖ، ﺃﻧﺎ اﺑﻦ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻣﻌﺼﻴﺔ اﻟﻠﻪ، ﻓﻬﻞ ﻟﻚ ﺃﺏ ﻛﺄﺑﻲ ﺗﺒﺎﻫﻴﻨﻲ ﺑﻪ؟ ﻭﻗﺪﻳﻢ ﻛﻘﺪﻳﻤﻲ ﺗﺴﺎﻣﻴﻨﻲ ﺑﻪ؟ ﻗﻞ ﻧﻌﻢ ﺃﻭ ﻻ؟!"، ﻗﺎﻝ: ﺑﻞ ﺃﻗﻮﻝ ﻻ، ﻭﻫﻲ ﻟﻚ ﺗﺼﺪﻳﻖ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ:
اﻟﺤﻖ ﺃﺑﻠﺞ ﻣﺎ ﻳﺨﻴﻞ ﺳﺒﻴﻠﻪ ... ﻭاﻟﺤﻖ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺫﻭﻭا اﻷﻟﺒﺎﺏ
¤بعض من فضائله¤
الإمام الحسن عليه السلام هو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنص القرآن، وسبطه وحبيبه، قال فيه جده صلى الله عليه وآله وسلم:
1- ((اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺣﺒﻪ ﻓﺄﺣﺒﻪ ﻭﺃﺣﺐ ﻣﻦ ﻳﺤﺒﻪ)).
2- ((ﺇﻥ اﺑﻨﻲ ﻫﺬا ﺳﻴﺪ، ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺒﻨﻲ ﻓﻠﻴﺤﺐ ﻫﺬا ﻓﻲ ﺣﺠﺮﻱ)).
3- ((الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا)).
4- ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)).
¤بيعته¤
بعد استشهاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بُويع للإمام الحسن عليه السلام في مسجد الكوفة، وكانت البيعة يوم الاثنين 22 رمضان سنة 40هـ, ثم وردت عليه بيعة أهل مكة والمدينة وسائر الحجاز والبصرة واﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﻭاﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻭاﻟﻌﺮاﻗﻴﻦ، وكتب إلى عمال أبيه علي عليه السلام يُقِرُّهم في أعمالهم، فاستقامت له النواحي إلاّ الشام والجزيرة ومصر، وبسط العدل في البلاد.
ﻭﺯاﺩ الإمام الحسن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻴﻌﺔ له ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺎﺋﺔ، ﻓﺘﺒﻌﻪ كل من تولى الخلافة ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﺃﺻﻞ ﻣﺎ سمّي فيما بعد بـ "ﻣﺎﻝ اﻟﺒﻴﻌﺔ".
¤الصلح مع معاوية¤
كان الإمام الحسن بن علي عليه السلام قد عزم على حرب معاوية، وأعد لذلك العدة، فخرج إلى الشام لمواجهته، بعد أن عسكر في منطقة خارج الكوفة تعرف بـ "النخيلة", واستنفر الناس للحرب، وادعاهم إلى الجهاد في سبيل الله, ووجه جيشه إلى حرب معاوية بن أبي سفيان, ولكن سرعان ما تشتت أصحاب الإمام الحسن عليه السلام عنه، وتخاذلوا عن الجهاد معه؛ وذلك بحيل استخدمها معاوية كفأه الله، ودعايات كاذبة نشرها وروج لها, فاضطر عند ذلك الإمام الحسن عليه السلام للمصالحة مع معاوية، مقابل شروط اشترطها على معاوية؛ منها:
• أن لا يُتبع أحد بما مضى.
• ولا ينال أحد من شيعة علي عليه السلام إلا بخير.
• وأن تصير الخلافة بعد معاوية إلى الحسن إن كان حياً وإلا فالحسين ثم بعد ذلك في ذريتهما.
¤أسباب الصلح مع معاوية¤
قال الإمام مجدالدين المؤيدي عليه السلام في كتاب التحف شرح الزلف, ما لفظه:
"ولما غدرت به الأمة الغادرة، ونكثت عهده الجبابرة، ورفضت قول أبيه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلامه: ((الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما))، اضطَّر إلى مهادنة بني أمية، وصَعِدَ المنبر فقال - بعد حمد الله، والثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم -: (أيها الناس والله ما بين جَابَلَق [بلد بأقصى لمشرق] وجابَلَص [بلد في أقصى المغرب] ابن بنت نبي غيري وغير أخي، فليكن استماعكم لقولي على قدر معرفتكم بحقي، أيها الناس إنَّا كنا نقاتل وفينا الصبر والحمية، فقد شيب الصبر بالجزع، وشيبت الحمية بالعداوة، وإنكم أصبحتم اليوم بين باكيَيْن: باكٍ يبكي لقتلى صفين خاذل، وباك يبكي لقتلى النهروان ثائر، وإنكم قد دعيتم إلى أمر ليس فيه رضى ولا نصفة، فإن كنتم تريدون الله واليوم الآخر حاكمناهم إلى ظِبَّاتِ السيوف، وأطراف الرماح، وإن كنتم تريدون الدنيا أخذنا لكم العافية).
قال في كتاب "الشافي" - عند ذكر هذه الخطبة -: فتنادى الناس من جوانب المسجد: البقية البقية."
¤استشهاده¤
ﻟﻤَّﺎ اﺳﺘﺜﻘﻞ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ بن أبي سفيان ـ كافأه الله ـ ﺣﻴﺎﺓ الإمام اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ وخاف منه, انطلق يحيق المؤامرات والمكائد لقتل الإمام عليه السلام, وآخر تلك المؤامرات اتفاقه مع إحدى زوجات الإمام واسمها "جعدة بنت الأشعث" على وضع السم في طعام الإمام عليه السلام، وبذل معاوية كافأه الله لها مقابل ذلك مائة ألف درهم، ووعدها بتزويجها من ولده يزيد، فسقت "جعدة بنت الأشعث" الإمام الحسن عليه السلام السمَّ؛ فلما حضر الإمام الحسن عليه السلام الموت, قال: "لقد سقيت السمَّ ثلاث مرات, ما منهن بلغت منِّي ما بلغت هذه، لقد تقطعت كبدي".
فاستشهد ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، سنة 50 هجرية، ﻭﻟﻪ من العمر (46) ﺳﻨﺔ.
وعن عمر بن بشر الهمداني: قلت لأبي إسحاق: متى ذَلَّ الناس؟ قال: حيث مات الحسن بن علي، وادُّعي زياد، وقُتل حجر بن عدي.
فسلام الله على الإمام الحسن عليه السلام يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا.